دمشق تبسط “سجادها” لعلاقات “جديدة” مع العرب
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
شهدت سوريا خلال الساعات الأخيرة، سلسلة من الزيارات الدبلوماسية العربية المتتالية. وفد أردني، ثم قطري، فسعودي.
التقى القائد العام للإدارة الجديدة، أحمد الشرع، الأحد، وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ثم وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد الخليفي، ثم وفد سعودي “رفيع”.
ولم تكشف المعلومات بعد، عن طبيعة الوفد السعودي، أو أعضائه.
جاءت هذه الزيارات، بعد يوم من زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إلى دمشق.
رأى المحلل الاستراتيجي الأميركي، ريتشارد وايتز أن “السر وراء تسارع الدول العربية لمد جسور العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة، يأتي للتأكد من أنها (القيادة الجديدة) لا تدعم التطرف والجماعات الإرهابية التي تنتشر بالمنطقة وتهدد أمنها واستقرارها”.
وقال في مقابلة مع موقع “الحرة”: “أعتقد أن الدول العربية ولا سيما المجاورة لسوريا، مهتمة بأن تنأى القيادة الجديدة عن أي تنظيم متطرف”.
ويستبعد وايتز أن تكون المساعي العربية تهدف إلى “كبح” الدور التركي في سوريا الجديدة، وقال: “القيادة الجديدة لها علاقات قوية أيضا مع دول عربية مثل قطر، كما أن مصالح أنقرة قد لا تتقاطع مع المصالح العربية، لكنها ليست متناقضة معها”.
قال المحلل السياسي اللبناني حسن منيمنة، إن “زيارات الوفود العربية جاءت حينا لجس النبض وحينا آخر لبعث آليات التعاون الثنائية مع دمشق، بقصد مواجهة بعض القضايا التي تهم البلدين مثل التهريب والمخدرات وحتى الإرهاب”.
يذكر أن وزير خارجية الأردن، أكد أن التجارة والحدود والمساعدات والربط الكهربائي بين البلدين، من بين الملفات التي طرحت في المباحثات، بالإضافة إلى مناقشة الجانب الأمني.
عانى الأردن خلال السنوات الماضية بشكل مستمر من عمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدّرات من سوريا، لا سيّما “الكبتاغون”.
وتُعد سوريا المصدر الأبرز لمخدر “الكبتاغون” ما قبل اندلاع الحرب عام 2011. إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجا وأدى إلى ازدياد في تصديرها.
وأبدى الوفد القطري الذي حل بدمشق، استعداده للبدء في استثمارات واسعة داخل الأراضي السورية وفي شتى المجالات خاصة مجال الطاقة.
يرى منيمنة في هذه الجهود “أمرا طبيعيا” بعد سقوط نظام الأسد، وقال: “بعض الدول العربية تحاول جس النبض، بينما أخرى ترى بأن القيادة الجديدة تسير على نحو سليم حتى الآن، لذلك تحاول مساعدتها وتقطع بذلك أشواطا أخرى في علاقتها مثل ما يحدث مع قطر والأردن مثلا”.
وبحسب منيمنة، فإن الموقف القطري كان “موقفا ثابتا” منذ البداية، ومبني على معطيات تشير إلى أن “الواقع الجديد متقدم باتجاه سليم” كذلك حال الأردن، وفقا لقوله.
ووفقا لما يعتقد المحلل السياسي اللبناني، فإن الحاجة الأردنية إلى تفكيك شبكات تهريب السلاح والمخدرات، جعلتها تسارع لبعث سبل التعاون مع الإدارة الجديدة.
يشكل اللقاء بين مسؤولين من الرياض ودمشق، أول تواصل معروف بين الحكومة السعودية والإدارة الجديدة في سوريا، وذلك بعد أكثر من أسبوعين على سقوط نظام بشار الأسد فجر الثامن من ديسمبر الحالي.
ويشكّل تهريب المخدرات، أيضا، أحد أكبر مصادر القلق بالنسبة لدول خليجية، وخصوصاً السعودية التي باتت سوقاً رئيسية لحبوب “الكبتاغون” المصنّعة بشكل رئيسي في سوريا.
وضبطت السعودية خلال السنوات الماضية الملايين من أقراص “الكبتاغون” مصدرها لبنان، حيث اتهمت حزب الله، حليف الأسد، بالوقوف خلفها.
قطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفاراتها في فبراير 2012، احتجاجاً على استخدام القوة في قمع احتجاجات شعبية قامت العام 2011، وسرعان ما تحولت إلى نزاع مدمر.
وقدمت السعودية إلى جانب قطر ودول عربية أخرى، خصوصا في السنوات الأولى للنزاع، دعماً للمعارضة السياسية والمسلحة، ودعت إلى ضرورة تغيير النظام في سوريا، لكن تغييراً طرأ على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، وعادت الزيارات واللقاءات بين مسؤولي دمشق والرياض.
محرز مرابط – الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القیادة الجدیدة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
هل تنجح السلطة الجديدة في سوريا بدمج الفصائل في جيش واحد؟
مع انتهاء العمليات العسكرية الواسعة التي شنتها إدارة العمليات المشتركة تحت اسم "ردع العدوان"، تتجه الأمور في سوريا إلى إيجاد حالة تنظيمية تملأ الفراغ الذي خلّفه سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وبناء عليه تم الإعلان عن حكومة "تصريف الأعمال" برئاسة محمد البشير، وهو ذاته الذي كان يشغل منصب رئيس حكومة الإنقاذ في إدلب، المنبثقة عن "هيئة تحرير الشام"، المكوّن المركزي في إدارة العمليات العسكرية.
ووفق ما أكدته مصادر في حكومة تصريف الأعمال لموقع الجزيرة نت، فإن أولى أولويات الحكومة حاليا هي ضبط الأمن، وصهر الفصائل العسكرية في هيكل واحد.
وكان القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع -وهو قائد هيئة تحرير الشام– قد عقد لقاء مع الفصائل العسكرية للثورة السورية في دمشق السبت الماضي 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ناقش فيه شكل المؤسسة العسكرية الجديدة، وصرّح بأن هذه الفصائل ستدمج في مؤسسة واحدة بإدارة وزارة الدفاع في الجيش الجديد.
اجتماع الفصائلوأكدت مصادر موقع الجزيرة نت أن اجتماع الشرع مع الفصائل العسكرية، ركّز على ضرورة التعاون من أجل تشكيل وزارة دفاع، وأكد أن ضرورات المرحلة تتطلب اتخاذ هذه الخطوة من أجل إعادة تأسيس نواة للجيش السوري.
إعلانوقبل الاجتماع بيوم واحد، أعلنت حكومة تصريف الأعمال عن تسمية مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع، بعد أن شغل منصب قائد الجناح العسكري في هيئة تحرير الشام لسنوات طويلة.
وحضر اجتماع دمشق قادة فصائل ومجموعات تمثل شمال سوريا وجنوبها ووسطها، ومن أبرزها: حركة أحرار الشام، والجبهة الشامية، وصقور الشام، ومجموعات عسكرية من محافظة درعا، في حين رفض أحمد العودة قائد اللواء الثامن حضور الاجتماع رغم قدومه إلى دمشق، بحجة الإجراءات المعقدة وطول المدة قبل إتاحة المجال لقادة الفصائل بالدخول إلى الاجتماع مع الشرع.
والمعلومات التي حصل عليها موقع الجزيرة نت أشارت إلى وجود نوع من الحذر لدى باقي الفصائل من احتمالية وجود توجّه لدى تحرير الشام "لابتلاع الجميع"، وفق اعتقادهم، خاصة الفصائل والمجموعات العسكرية المنحدرة من محافظة درعا التي تتعامل بحذر شديد من خطوات الشرع.
الشرع أكّد أن الفصائل ستتحد في جيش واحد يتبع لوزارة الدفاع (إدارة العمليات العسكرية) انفتاح على الحلفاءواستبقت تحرير الشام الاجتماع في دمشق باتخاذ سلسلة من القرارات التي تشير إلى رغبتها في إرضاء حلفائها التقليديين، حيث عيّنت الإدارة الجديدة التي شكلتها الهيئة عزام الغريب قائد الجبهة الشامية التي تقاربت مع الهيئة قبل أشهر من عملية "ردع العدوان"، محافظا لحلب التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا، وتأتي في درجة متقدمة تكاد توازي أهمية العاصمة الإدارية دمشق.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد سمّت الهيئة قائد فصيل صقور الشام أحمد عيسى الشيخ محافظا لإدلب، وقبلها كلّفت قائد أحرار الشام عامر الشيخ بمنصب محافظ ريف دمشق، وعيّنت حسن صوفان -الذي ساهم بتقارب الفصائل مع تحرير الشام قبل سنوات- نائبا لمحافظ اللاذقية التي تطل على البحر المتوسط، وفيها ميناء مهم، قبل أن تعيّن محمد عثمان المحسوب على حكومة الإنقاذ محافظا لها.
إعلانوتفيد المعلومات بأن هذه التعيينات أتت في سياق تطمين الحلفاء التقليديين وإقناعهم بالتفاعل مع مقترح دمج الفصائل ضمن وزارة الدفاع، كما أن لها أيضا طابعا أمنيا، إذ لا تزال مجموعات تتبع لقوات سوريا الديمقراطية منتشرة في بعض أحياء حلب، كما تنتشر في المدينة بعض عناصر المليشيات التي كانت تدين بالولاء للنظام السابق، ويقع على عاتق المحافظ الجديد "الغريب" مهمة ضبط الأمن من خلال الفصيل العسكري الذي يقوده وينحدر عناصره في غالبهم من ريف حلب.
في المقابل، فإن أمام صوفان تحديات كبيرة في اللاذقية التي ينتشر في ريفها الآلاف من عناصر الأمن والجيش السابقين، كما يوجد فيها قاعدة حميميم الجوية الروسية.
الدولة والتنظيموتحدث موقع الجزيرة نت مع قياديين اثنين في الجماعات المسلحة المعارضة المنتشرة في درعا وريف دمشق، اشترطا عدم ذكر اسميهما، لاستطلاع رأيهما بخصوص الخطوات التي تتخذها الإدارة الجديدة المنبثقة عن هيئة تحرير الشام، فأكدا على عدم تقبل غالبية الفصائل والجماعات العسكرية في درعا وريف دمشق لتنفيذ ما تطلبه الإدارة الجديدة، معبّرين عن اعتقادهم بأن تحرير الشام تعمل وفق عقلية التنظيم، ولم تخرج من هذه العباءة التي لا تناسب مرحلة إدارة الدولة.
في المقابل، فسّرت مصادر مقرّبة من تحرير الشام موقف بعض فصائل الجنوب بأنه ينطلق من مراعاة مصالح بعض الأطراف الإقليمية التي يبدو أنها غير مرتاحة للتطورات التي حصلت في سوريا، وتسعى لأن تدفع بعض الجماعات العسكرية التي لديها علاقات سابقة معها لعرقلة عمليات التنظيم التي لا تتم بموجب رؤية إقليمية ودولية.
غير أن هذا الملف يتوقع أن يشهد تقدّما إيجابيا مع سعي الهيئة لطمأنة دول الإقليم والمجتمع الدولي، وهو ما يبدو أنها تحقق فيه خطوات جيدة، خصوصا مع ما يرشح من اللقاءات العديدة التي يعقدها الشرع مع الوفود الدولية، والارتياح الإجمالي -الحذر أحيانا- التي تخرج به.