لبنان ٢٤:
2025-02-04@17:40:37 GMT

لبنان بحاجة إليك فلا تتأخر بالمجيء

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

عيد الميلاد هذه السنة مختلف عن السنوات الماضية، أقّله بالنسبة إلى اللبنانيين، الذين أفقدتهم الحروب بكل أشكالها فرحة العيد ومعناه الروحي الحقيقي. فمنذ 2024 سنة ولد المسيح في مزود حقير. لم يكن في ذاك الاسطبل الفقير لا نار تبعد عنه برد الشتاء القارس، ولا ثوب يستر عريه، بل أقمطة، تمامًا كما على الصليب. أتاه المجوس حاملين ذهبًا ومرًّا ولبانًا، وهو لم يطلب سوى الرحمة للعالمين.

سجد له الرعاة وهم يسبحّون "المجد لله في العلى". يوسف صفيّه واقف أمام العظمة الألهية مدهوشًا ومعقود اللسان. أمّا مريم ومذ وضعته فلم تكّف عن تسبيح من نظر إلى تواضع أمته، وتحفظ في قلبها ووجدانها ما تراه بعينين وسع الفضاء.    وحده هيرودس كان خائفًا ومرتعدًا من طفل صغير، فأمر أن يبيد جميع أطفال بيت لحم. ومذ ذاك التاريخ بدأت جلجلة فلسطين.    في مثل هذا اليوم ولد المسيح فكان نورًا للأمم، وفي مثل هذا اليوم لم يعد ما بعده كما ما قبله. أصبح ملء التاريخ. معه بدأ التاريخ الجديد، تاريخ الخلاص لمن رأى وآمن، ولمن لم يرَ وآمن أيضًا، وله أعطيت الطوبى. 
في مثل هذا اليوم تعمّ الفرحة ويسود السلام ويُمحّى البغض. في مثل هذا اليوم تُستعاد الذكرى، كل على طريقته، وإن احتلت المظاهر والبهرجات الخارجية مكان معاني العيد الحقيقية. ولكن القاسم المشترك بين الجميع هو الفرح والسرور والبهجة.
فمَن لم يختبر المعنى الخلاصي بحقيقته الايمانية لسر التجسد في حياته اليومية لن يستطيع أن يدرك أهمية هذا الحدث العظيم ببعض من التفسيرات، التي لم تستطع أن تتخطّى محدودية العقل البشري وحتى "الذكاء الاصطناعي". فالميلاد ببعده اللاهوتي والايماني هو أكثر من مجرد حدث زمني عابر مرّ عليه ردح من الزمن، وهو لم يُعطَ لغير الذين يعيشون العمل الخلاصي بعمقه الروحي والإنساني أن يفهموا تلك العلاقة المباشرة بين الله وكلمته والانسان.    بعد الميلاد لم يعد الانسان، أي انسان، في حاجة إلى أي وساطة بينه وبين خالقه بعدما صالح يسوع بتجسدّه الخلاصي الأرض مع السماء. فهو القائل "من رآني فقد رأى الآب". بالميلاد أصبحت علاقة الانسان بربه علاقة محبة. ما حدث قبل 2024 سنة في قرية وادعة من أرض فلسطين المثقلة بالأحزان، والتي تعاني اليوم الأمرّين، بدّل المفهوم الذي كان سائدًا في العهد القديم عن علاقة الانسان بخالقه، وهو الذي كلمه بلسان أنبيائه من إبراهيم إلى موسى، وهو الذي ناصر خائفيه والذين يتقونه، وأقام معهم عهدًا جديدًا عبر نوح بعد الطوفان الأول. 
فالميلاد الذي نعيشه اليوم هو غير الميلاد الحقيقي. فهو لا يشبهه بشيء لا من قريب ولا من بعيد. إنه الميلاد الذي شُوهّت معانيه. لقد أصبح ميلاد الزينة وعجقة الهدايا، ميلاد "بابا نويل".  ميلاد اليوم لا يشبه صاحبه، الذي لم يولد في القصور الدافئة، بل في مغارة باردة. لقد شوهّوا لنا العيد. أفرغوه من معانيه الروحية. جرّدوه مما حمله إلينا طفل المغارة من علامات ملء الأزمنة. فبدلًا من أن نتعمّق في هذا السر الخلاصي، تأملًا وصلاة وصمتًا وخشوعًا كصمت مريم ويوسف، وخشوع الرعاة والمجوس، ننصرف إلى البهرجة والضجيج والصخب. نتعلق بالقشور ونهمل الجوهر. نصرف معظم وقتنا لتزيين شجرة اعتدنا أن نطلق عليها تسمية "شجرة الميلاد". هي جميلة وتدخل الفرح إلى القلوب، ولكنها تبقى مجرد تعبير عن فرح خارجي فيما الفرح الحقيقي هو ذاك النابع من نور المغارة وبما ترمز إليه.    يحاول جميع الذين لم يتلقوا بشارة الخلاص بانفتاح، ومن بينهم حركات معادية للأديان السماوية، "وثننة" معاني عيد الميلاد، وتأطيره بكوادر تجارية بحتة، وقولبته بقوالب تتعارض مع المفاهيم الايمانية لعيد أصبح الحدّ الفاصل بين عهدين، قديم وجديد. فما بعد الميلاد لم يعد ما كان قبله. فالمفاهيم التي كانت سائدة تبدّلت. السلوك الايماني امتزج بأعمال الرحمة والأخوّة والتسامح. سقطت الشريعة وما فيها من فرائض بعدما حلّت مكانها محبة جامعة ومسكونية أوصى بها كلام الانجيل. "فإذا أحببتم من يحبونكم فأي فضل لكم". "أحبوا اعداءكم". "أحب قريبك كحبك لنفسك". "ما من حب أعظم من هذا وهو أن يبذل الانسان نفسه من أجل الذين يحبهم". هو ميلاد المحبة. "وهكذا يعرفونكم إذا كنتم تحبون بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم".
في هذا العيد المبارك لا يطلب اللبنانيون، جميع اللبنانيين، من صاحب العيد سوى أعجوبة واحدة، وهي أن يطرد "الهيروديسيين"، فينجو لبنان، كما نجا هو من "هيروديس"، ولا يكون مصيره كمصير يوحنا مقطوع الرأس.
في هذا العيد المجيد نطلب من طفل المزود ألا ينسى أطفال لبنان، والبائسين والمتعبين. وألا ينسى أن يزور هذا البلد الصغير لتحّل فيه السعادة والطمأنينة.
لبنان ينتظرك يا يسوع فلا تتأخر بالمجيء.     المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی مثل هذا الیوم

إقرأ أيضاً:

الصحة الفلسطينية: 25 ألف مُصاباً ومريضاً بحاجة للإجلاء الطبي من غزة

قال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، اليوم الأحد، إن الاحتلال أخرج 27 مستشفى و82 مركزاً صحياً عن الخدمة خلال الحرب.

اقرأ أيضاً: صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

وأضاف :"نحتاج إلى إدخال الأجهزة الطبية والمستلزمات الصحية إلى مستشفيات القطاع لا سيما بعد أن دمرها جيش الاحتلال".

وتابع في تصريحاتٍ لشبكة القاهرة الإخبارية، :"25 ألف مصاب ومريض في القطاع بحاجة إلى الإجلاء الطبي لتلقي العلاج".

شهد القطاع الطبي في غزة تدميرًا واسعًا جراء العدوان الإسرائيلي المستمر، مما أدى إلى تدمير العديد من المستشفيات والمرافق الصحية، وزيادة الضغط على النظام الصحي المتعثر بالفعل. بعد كل حرب، تأتي الجهود الإنسانية لإعادة ترميم القطاع الطبي، حيث تتضافر جهود المنظمات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية والهلال الأحمر، بالتعاون مع السلطات الفلسطينية والحكومة المصرية لتقديم المساعدات العاجلة.

تتمثل أبرز هذه الجهود في إعادة بناء المستشفيات والمراكز الصحية التي تضررت، وتجديد المعدات الطبية التي فقدت أو دمرت، مثل أجهزة التنفس الصناعي وأسطوانات الأوكسجين. كما تم إرسال فرق طبية ومتطوعين لتقديم الرعاية الصحية الطارئة للجرحى، مع تخصيص حملات لتوفير الأدوية الأساسية التي شهدت نقصًا حادًا. من جهة أخرى، تسعى مصر إلى دعم غزة في إعادة تأهيل مستشفياتها، حيث أرسلت فرقًا هندسية وطبية للمساهمة في عمليات الإصلاح وتقديم الرعاية الصحية.

إلى جانب ذلك، قامت السلطات الفلسطينية بإطلاق برامج تدريبية للعاملين في القطاع الطبي لرفع كفاءتهم في التعامل مع الإصابات الحربية والمعقدة. ومع استمرار المعاناة في غزة، تظل جهود ترميم القطاع الطبي خطوة حيوية نحو تحسين الأوضاع الصحية في غزة وضمان تقديم الرعاية اللازمة للمتضررين من الحرب.

مقالات مشابهة

  • خطوات عرض شهادة الميلاد للأسر الحاضنة عبر أبشر
  • حدث في مثل هذا اليوم 100عام على ميلاد سعد الدين وهبه
  • حدث في مثل هذا اليوم.. 100عام على ميلاد سعد الدين وهبة
  • أوروبا تدعو ترامب لتفادي حرب تجارية «لا رابح» فيها
  • الأول بعد عيد الميلاد.. كل ما تريد معرفته عن صوم يونان
  • عاجل | لوبينيون الفرنسية عن رئيس الجزائر: مستعدون لتطبيع العلاقة مع إسرائيل في نفس اليوم الذي ستكون فيه دولة فلسطينية
  • من الذي اشعل حريق اليوم في مطار بيروت ..! 
  • رئيس مدينة مرسى علم يكرّم المشاركين باحتفال العيد القومي للبحر الأحمر
  • الصحة الفلسطينية: 25 ألف مُصاباً ومريضاً بحاجة للإجلاء الطبي من غزة
  • في مثل هذا اليوم.. 99 عاما على ميلاد سعاد محمد