منذ تأسيس جماعة «الإخوان المسلمين» عام 1928، تماشت الجماعة مع نظام الملكية الدستورية الذي يضمن التعددية السياسية تحت مظلة الملك، وأنشأت مقرات لها في دول أخرى يديرها أبناء تلك الدول. ورغم كثرة التجاذبات السياسية، فإن الجماعة ظلت بعافيتها حتى بعد اغتيال مؤسسها عام 1949 وانتخاب حسن الهضيبي خلفاً له. وحتى بعد ثورة يوليو (تموز) 1952، تم استثناء جماعة «الإخوان» من قرار حل الأحزاب السياسية؛ إذ كان بين الضباط الأحرار من خلفية إخوانية مثل حسين الشافعي.
ولكن لاحقاً تطورت العلاقة بين نظام الرئيس عبد الناصر وبين جماعة «الإخوان» لتصبح صراعاً على السلطة، رأت فيه جماعة «الإخوان» أنها الشريكة الأقوى، والأحسن تنظيماً، والأرسخ جذوراً في البيئة المصرية، وفي هذا ما يؤهلهم للعمل على الصعود لأعلى هرم السلطة، أي تبديل نظام الحكم.
وقد امتدت هذه الثقافة لبقية فروع التنظيم في الدول العربية؛ حيث شكّلت مسألة إقامة الدولة الإسلامية على نظام الخلافة الأولويةَ في الفكر الحركي. بررت هذه الأولوية مسألة السعي إلى إسقاط الأنظمة السياسية في الدول الوطنية بهدف إقامة الدولة الإسلامية الجامعة التي يحكمها الخليفة أو من يقوم بمقامه. وقد أدى ذلك لصدامات كبيرة مع الأنظمة السياسية في المنطقة وعلى رأسها مصر وسوريا.
نتذكر في هذا الصدد شعار «الإخوان» في مصر «على القدس رايحين، شهداء بالملايين»، ولكن عندما وصلوا للحكم في مصر عام 2012، لم يتخذوا موقفاً حازماً من الدولة الإسرائيلية، ليس فقط على مستوى إبقاء العلاقات، ولكن حتى في ودية الرسائل البروتوكولية على غرار رسالة محمد مرسي لشمعون بيريز التي بدأت بـ«صديقي بيريز».
فشل «الإخوان» في مصر، ثم في تونس، وقد تورّطوا في نزاعات مسلحة في سوريا، ليس مع النظام المخلوع فحسب، بل حتى مع الفصائل الأخرى. كان القاسم المشترك على طول تاريخهم السياسي أنهم جماعة معارضة للسلطة لا تحسن توليها إن سنحت لها الفرصة. فنموذج الاصطدام في مصر، والتدرج في تونس لم يجعلهم قادرين على تمثيل الشارع الوطني نظراً لكونهم لم يخرجوا من فكرة الجماعة إلى فكرة المواطنة، فالوطن محدود جغرافياً وليس ممتداً ليكون دار إسلام مقابل دار الكفر.
على مدى تاريخهم اتخذوا سياسة التكتيك والانتهازية، فهم ينظرون للنزاعات ويتقربون للأقوى وإن اختلفوا معه بهدف الاستفادة من انتصاره على عدوهم الأكبر. ولنا في موقفهم من السعودية ودول الخليج خلال فترة الستينات والسبعينات خير مثال، فقد وقفوا مع الدول الملكية ضد حكومات الجمهورية ذات التوجه الثوري. وعندما انتهت تلك الصراعات كانوا دائماً في دور المزايد على علماء الدين السلفيين في مسألة التعاطي مع الدولة؛ وخير مثال على ذلك موقفهم في أزمة احتلال الكويت وتأليبهم الشارع على حكوماتهم بحجة استدعاء القوات غير الإسلامية لمواجهة جيوش صدام حسين.
خلاصة القول، إن تكتيك «الإخوان» أقرب لسلوك الضِباع التي تقتات على الجيف التي يصطادها الأسود. فالضبع - بالرغم من قوة فكه - لا يهاجم إلا الحيوانات الضعيفة التي يلتهمها من دون رحمة، ومن دون أن ينتظر الإجهاز عليها قبل قتلها. واليوم نجد أصواتهم في الفضاء الإعلامي بعد سقوط حكم البعث في سوريا؛ حيث تتعالى نداءات الانتصار وصيحات الأحلام بأن يمتدوا للدول الأخرى ليقيموا دولتهم المزعومة. فهم يمجّدون الدولة التي سقطت فيها آخر خلافة عابرة للحدود، بالرغم من علاقتها الوثيقة مع إسرائيل، بل لا يكترثون لكل ما تفعله إسرائيل في الأراضي السورية. وعندما يزايدون على الدول المعتدلة، فإنهم يتغافلون عن حقيقة أن دولة مثل المملكة العربية السعودية أدانت الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا في ظل صمت إخوان سوريا الذين دخلوا دمشق دخول الفاتحين.
ختاماً، إخوان سوريا مثلهم مثل بقية التنظيمات المتبنّية للفكر الإخواني، يُتقنون دور المعارض المزايد على الآخرين، وبمجرد وصولهم للحكم، فإنهم يركزون على الاستئثار بالسلطة على حساب المكاسب الوطنية، بل وحتى المبادئ التي يزايدون بشعاراتها. فهدفهم دائماً الوصول للسلطة في دول العالم الإسلامي، ولا تشكل قضية فلسطين أولوية في أجندتهم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات سقوط الأسد الحرب في سوريا فی مصر
إقرأ أيضاً:
إبراهيم عيسى: الشارع الآن ناضج فاهم .. يعي أن "الإخوان" جماعة فوضوية
قال الإعلامي إبراهيم عيسى، مقدم برنامج "حديث القاهرة"، إن الشارع المصري ناضج واعي فاهم ورغم الاحباط، إلا أن المجتمع على وعي ومعرفة وفهم بأن جماعة الإخوان هي إرهابية وفوضوية وتسعى لخراب مصر ولا سند أو استناد على الجماعة إلا لتدمير الوطن وكل الأوطان.
وأوضح "عيسى"، خلال تقديم برنامج "حديث القاهرة"، المٌذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن لم نتمكن من تفتيت قدرات جماعة الإخوان وهو ما يجعلنا أن نرى أولويات مصر في هذه المرحلة، مؤكدًا أن هناك هجمات من قبل التيار الإسلام السياسي، منوهًا بأن الدول والجهات التي كانت تعتقد أن الإسلام السياسي لابد مواجته بكل عنف في حالة مؤائمة مع الإسلام السياسي الآن وهو ما يصب ويضع مسئولية أكبر على كتف مصر؛ لأنه الدولة التي لها صواب كامل بشأن التعامل مع الإسلام السياسي وتظهر خطورة هذا التيار.
وتابع: "تيار الإسلام السياسي هو إرهابي ويريد تدمير وخراب الأوطان، لابد أن نستخلص أن التماسك والالتفاف الوطني ضرورة حتمية، في حاجة للاصطفاف والتماسك الوطني وفي حاجة للتنوع والاختلاف السياسي، وفي حاجة لتخفيف الأعباء عن المواطن المصري، وتجديد للفكر الديني ومحاربة فكر الإرهاب، وهي أولويات هذه المرحلة".
إبراهيم عيسى: نشهد حمى وسعار إخواني هائل لإحداث اضطراب بالشارعوأكد الإعلامي إبراهيم عيسى، أننا خلال الفترة الحالية أمام حمى إخوانية وسعار إخواني هائل انتاب الجماعة وهناك حملات متتالية مهووسة وتعتقد وتحلم وتتوهم وتتخيل أنها قادرة على إحداث اضطراب في الشارع المصري أو تحريض المواطن واختلاق فيديوهات وأخبار.
وشدد "عيسى"، خلال تقديم برنامج "حديث القاهرة"، المٌذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، على أن هناك حملة حمى كاملة من الإخوان تنتهز فرصة الاستناد الإرهابي والسطو المسلح على الحكم في سوريا من قبل جماعات الإرهاب، مؤكدًا أن هناك تصور ينتاب الجماعة لغبائه المتتالي والمتعارف عليه بأنها قادرة على إحداث الفوضى بالمجتمع.
ونوه بأن خطوات الإخوات هي تتسم بالغباء والغباء السياسي، مضيفًا: "يتصورون أن المجتمع يعيش ضغوط ويعتقدون أنها نقمة تتحول لفوضى وتخدم حساباتهم"، مشددًا على أن يريدون أن يجعلوا الوطن غنيهم للإخوان.
إبراهيم عيسى: سوريا حاليا تحت سيطرة وتسلط عثماني تركي إخواني إرهابي
أكد الإعلامي إبراهيم عيسى، مقدم برنامج "حديث القاهرة"، أن ما يحدث في سوريا هو شأن مصري محلي بسبب وجود عدد كبير من السوريين في مصر، وليس لأن الإخوان سيطروا على حكم سوريا وتسلطوا على الشعب السوري المغلوب على أمره والذي لا حولى له ولا قوة، موضحًا أنه مسجل من اللاجئين في مصر من السوريين هو 156 ألف لاجئ سوري فقط.
وشدد إبراهيم عيسى، على أن سوريا الآن إزاء سيطرة وتسلط عثماني تركي إخواني إرهابي، مؤكدًا أن هناك ملايين السوريين موجودين في مصر، متابعًا: "لابد أن نسأل أنفسنا أن هذا العدد من اللاجئين السوريين لهم حقوق ولا يمكن إلا أن نلتزم التزام صارم باحترام كل حقوقهم والالتزام ما تمليه هذه الحقوق على الحكومة والشعب المصري".
وأوضح إبراهيم عيسى أنه لدى الحكومة المصرية بيانات، مضيفًا: "السوريين في مصر على العين والرأس لو كانوا معهم إقامة أو مستثمرين أو فنانيين، المجتمع السوري في مصر نشأ على اكتافهم كثير من الشأن الفني المصري على مستوى المسرح والصحافة".
وقال الإعلامي إبراهيم عيسى، إنه سيتم تعديل دستور سوريا من أجل ترشيح أحمد الشرع المعروف بـ "أبو محمد الجولاني" في الانتخابات الرئاسية ليصبح رئيسا لسوريا.
وأضاف إبراهيم عيسى “لو الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب كلم الجولاني في التلفون هيحلق دقنه وهو على استعداد فعل أي شئ من أجل سلطة سوريا، .. مستعد يعمل اي حاجة، وليس لديه مشكلة أن يخلع أفكاره بشكل مؤقت”، مؤكدًا أنه لا يمكن لإرهابي أن يتحول لشخصية علمانية وهذا كذب وتهريج.
وأشار إلى أن الاستبداد السياسي لبشار الأسد ونظامه كما كل النظم العربية لا يجلب إلا الإرهاب والإرهابيين وحكم الإخوان وتسلط الإرهابيين أو الفوضى مع الإرهابيين.