موقع 24:
2025-05-01@12:36:28 GMT

مخاوف.. وضرورات سوريا

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

مخاوف.. وضرورات سوريا

مرة أخرى، عادت سوريا إلى واجهة الحدث الإقليمي والدولي، بعد أن تحوّلت لسنوات إلى ملفّ شبه منسيّ، يدعو للتشاؤم، لكن سقوط نظام الأسد خلال أيام معدودات بعد عملية «ردع العدوان»، وما رافقها من انكشاف سريع لهزالة البنية العسكرية للجيش، وارتباك النظام السياسي السوري، ومن ثمّ فرار رأس النظام إلى روسيا، أعاد تسليط الضوء على البلد الذي يعدّ من نواحٍ عديدة، مهمّاً في الفضاء الجيوسياسي لكلّ المنطقة، وأعاد طرح العديد من الضرورات والمخاوف، ليس فقط لدى صناع القرار في المنطقة، بل في الأساس لدى قطاعات واسعة من المجتمع السوري.


ليس هيّناً أن يسقط نظام سياسي/ أمني، تاركاً البلاد في حالة كارثية، فالكثير من ذوي المعتقلين في سجن صيدنايا سيء الصيت والفروع الأمنية، كانوا يأملون بخروج أبنائهم، ليكتشفوا فجأة أن مصيرهم لا يزال مجهولاً، ما يعني لهم أن النظام قام بتصفية القسم الأكبر من المعتقلين خلال السنوات الماضية، وعلى مراحل، ومن بينهم سياسيون وحقوقيون بارزون، أمثال عبد العزيز الخير، ورجاء الناصر، وخليل معتوق، وهم من قادة العمل السلمي والحقوقي على مدار عقود.
وعلى الرغم من الفرح العارم الذي شهدته ساحات الاحتفال بسقوط النظام، سادت أجواء قلق في أوساط اجتماعية كثيرة، وطُرحت أسئلة كثيرة، حول طبيعة النظام السياسي الجديد لسوريا، خصوصاً فيما يتعلق بالدستور، وتنظيم الحريات السياسية والاجتماعية والفردية، ومكانة النساء حقوقياً، في مجتمع سوري متنوّع ثقافياً ودينياً واجتماعياً، وهي أسئلة مشروعة وملحّة، فالسوريون الذين عانوا من استبداد، ربما هو الأطول في تاريخ المنطقة، لا يريدون استبدال نظام استبدادي بآخر.
وفي واجهة التحدّيات الراهنة، هناك ملفّ الأوضاع الخدمية والاقتصادية والمعيشية للسكان، فبحسب المنظمات الدولية، هناك نحو 90% من السكان تحتّ خطّ الفقر، كما غابت خلال السنوات الأخيرة الكثير من الخدمات، أو أصبحت شبه غائبة، بسبب نقص المحروقات وحوامل الطاقة، والذي أسهم شحّها في إعدام القطاع الصناعي السوري، كما أسهم تقطيع المدن بين النظام السابق والمعارضة في تضييق قطر دائرة الإنتاج، وإضعاف التكامل بين حلقاتها، وهروب معظم رؤوس الأموال من البلاد، وهجرة الكفاءات إلى بلدان اللجوء، وتدهور مستوى اليد العاملة الماهرة.
سوريا التي عاشت في خمسينات القرن الماضي، بعد رحيل الانتداب الفرنسي، سنوات من الديمقراطية، والعمل السياسي العلني، والتنافس البرلماني، تأمل اليوم أحزابها بعودة هذا المناخ الحرّ، ليسهم في تقوية النسيج الوطني المتنوّع، بحيث يكون التنافس السياسي على البرامج التي تقدّمها الأحزاب في المجالات كافة، وترك الحكم للناخب، في صناديق الاقتراع، لكن هذا الأمر، سيكون مرهوناً بكيفية صياغة النظام السياسي، وكتابة الدستور الجديد، وقانون عصري للأحزاب.
إن وصفة الدول والأنظمة السياسية الحديثة لا تحتاج إلى اختراع من جديد في تاريخ البشرية الحديث، فالمدخل الرئيسي هو تبني المواطنة المتساوية من دون أي تمييز على أساس قومي أو ديني أو طائفي أو جندري، وفصل السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، ومنع أي محاكمات خارج القضاء المدني المستقل والنزيه، وحرية الإعلام، لكن ما يثير مخاوف قسم كبير من السوريين أن تحدث عملية تجاهل لهذه الوصفة، تحت ذرائع ومبررات عديدة.
وفي مسائل السيادة الوطنية، فإن تحدّي إخراج الاحتلالات كافة من سوريا مسألة مهمة، وتمثل تحدياً كبيراً، لكن هذا التحدي، مرهون بإعادة بناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية جامعة، وتحت سقف الدستور، ورهن حدوث توافقات دولية وإقليمية، ورهن وعي السوريين بعدم الانجرار وراء سياسات المحاور، والدفع نحو علاقات جيدة مع المحيط، وخصوصاً المحيط العربي.
لقد كان واضحاً بالنسبة لقسم كبير من السوريين، وبالنسبة لدول الإقليم، أن النظام السوري زائل في نهاية المطاف، وأن إعادة تأهيله ليست ممكنة، على الرغم من المحاولات العديدة التي أبدتها دول عربية حريصة على سوريا، من أجل تطبيق القرار الأممي 2254، للحلّ السياسي، والتي اصطدمت بتعنّت النظام وتجاهله، ولئن كانت المرحلة الماضية قد طويت اليوم، فإن المطلوب دفع سوريا نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي والمعيشي، كخطوة على طريق بناء نظام أمن واستقرار في عموم المنطقة.
إن إعادة الحيوية للمجتمع السوري، مرهونة، من بين أمور كثيرة، بعودة العمل السياسي والمدني والنقابي، وإنهاء ثنائية الخارج والداخل، فلم يعد هناك أي مبرر سياسي لبقاء قيادات المعارضة السياسية خارج البلاد، فعودتهم السريعة ضرورية، لإحداث نوع من التماسك المجتمعي والسياسي، خصوصاً القوى الوطنية الديمقراطية، وإحداث توازن في المشهد السياسي الوطني العام، وإطلاق منصاتهم الإعلامية، والمشاركة في الفعاليات العامة، وانتقاد أي خطوات مضادة للديمقراطية والمواطنية، ومواجهتها بالعمل السياسي المنظم.
إن استحضار أرقام الكارثة السورية اليوم سياسياً واقتصادياً وإنسانياً قد يدعو للتشاؤم، لكن لا مفرّ أمام السوريين من إمساك زمام مصيرهم بيدهم، والعمل على منع عودة الاقتتال الداخلي، والخروج سريعاً نحو الأمان والاستقرار والازدهار، ومواجهة التحدّيات التي يطرحها الواقع، والعمل على حلّها، وإعادة سوريا لتشارك محيطها الإقليمي في صناعة مستقبل أفضل لعموم المنطقة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات سقوط الأسد الحرب في سوريا

إقرأ أيضاً:

بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير منطقة تبوك يطلع على المشاريع التي تُنفّذها أمانة المنطقة

اطلع صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود بن عبدالله بن فيصل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة تبوك، على عدد من المشاريع البلدية والإسكانية التي تنفذها وزارة البلديات والإسكان بالمنطقة، وتنوعت ما بين مشاريع البُنى التحتية، وسفلتة الطرق، وتطوير الميادين، وأنسنة المدن، وتصريف مياه الأمطار، ودرء أخطار السيول، إضافةً إلى مشاريع إسكانية، واستثمارية، وبيئية، وبُنى تحتية مستقبلية تقدر تكلفتها الإجمالية بـ4.335 مليار ريال.
جاء ذلك خلال لقاء سموه مساء أمس بالقصر الحكومي المواطنين ورؤساء المحاكم والقضاة ومشايخ القبائل ومديري الإدارات الحكومية بالمنطقة. وبدأ اللقاء بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، ثم استُعرضت أبرز المشاريع البلدية والإسكانية والاستثمارية والخدمية، التي قدَّم أمين منطقة تبوك، المهندس حسام بن موفق اليوسف، عنها عرضاً موجزاً عبر الشاشات المرئية أمام سموه والحضور، تضمّنت أكثر من 43 مشروعاً يجري تنفيذ بعضها وترسية الأخرى، بقيمة إجمالية تصل لـ674 مليون ريال، في مجالات متعددة، شملت النقل العام بالحافلات، وسفلتة مخططات المنح، وتطوير الطرق الرئيسية بالمنطقة، إضافة إلى رفع كفاءة الطرق بإنشاء جسرين على تقاطع طريق الملك فيصل مع طريق الأمير فهد بن سلطان (دوار صحاري) وتقاطع طريق الأمير محمد بن سلمان مع طريق الملك فهد، وأنسنة المنطقة من خلال تطوير ساحات عدد من الجوامع، وتنفيذ شبكات تصريف مياه الأمطار، التي ستساهم في معالجة 32 نقطة تجمع صغيرة و3 أخرى كبيرة، ليصل مجموع ما تم معالجته من نقاط التجمع الكبيرة لـ 20 نقطة من أصل 24، وتنفيذ مشاريع لدرء أخطار السيول، ومشاريع مستقبلية تتجاوز تكلفتها التقديرية مليارين وستمائة مليون ريال.
وفي جانب الاستثمارات استعرض المهندس اليوسف المشاريع الاستثمارية الجاري تنفيذها، التي تجاوز عددها 48 مشروعاً بتكلفة إنشاء تقديرية تتخطى المليار ومائتي مليون ريال، تشمل قطاعات طبية وتعليمية ورياضية وترفيهية ولوجستية، بما يلبي احتياجات السكان والزوار، ويفتح آفاقاً جديدة لفرص العمل المباشرة وغير المباشرة. ومن بين هذه المشاريع: مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بسعة 200 سرير و100 عيادة طبية، ومركز ألفا الطبي الذي يضم أربع عيادات متخصصة وصيدلية وشققاً فندقية (90 غرفة)، ومركز رؤية الطبي الذي يحتوي على 18 قسماً ومركز غسيل كلى مجاني، إضافة إلى مشروع فندق المريديان الذي يضم 150 غرفة وجناحاً فندقياً، وكذلك مركز لإيواء أكثر من ألفي معدة ثقيلة لضمان عدم تعطّلها داخل الأحياء السكنية.
وفي الشأن البيئي تناول العرض مشروع المردم البيئي الجديد، الذي يمثل نقلة نوعية في إدارة النفايات بالمنطقة، حيث تم إنشاؤه بأكثر من 35 مليون ريال شرق مدينة تبوك، وبعكس اتجاه الرياح، وبمعدات أوروبية حديثة تضمن معالجة النفايات الصلبة بطريقة علمية متطورة. ويتضمن المشروع محطة طاقة استيعابية تصل إلى 80 طناً في الساعة، وخلايا هندسية عازلة لمنع تسرب العصارات، إلى جانب منظومة متكاملة لفرز النفايات وإعادة تدوير المواد القابلة للاستفادة، وتحويل المخلفات العضوية مستقبلاً إلى طاقة بديلة وسماد عضوي.
كما اطلع سموه والحضور على مجسم لواجهة فالي تبوك التي تقع على مساحة إجمالية تقدر بـ 778 ألف متر مربع، تتضمن 874 وحدة سكنية و4 مساجد وجوامع و5 حدائق ومنتزهات وعدد 5 مراكز تجارية ومجمعات تعليمية تحتوي على 5 مدارس.
وفي ختام اللقاء ثمّن سمو أمير منطقة تبوك جهود أمانة تبوك في تنفيذ هذه المشاريع الحيوية، مؤكداً أهمية استكمالها بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة، وتحقيق تطلعات سكان منطقة تبوك ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وقال سموه في تصريح صحفي: “إن هذه المشاريع ولله الحمد مشاريع مبشرة بالخير، وتصب في خدمة المواطن والمواطنة، وتوفر الخدمات اللازمة لهم”.
ونوه سموه بما توليه القيادة الحكيمة -أيدها الله- من اهتمام وعناية بكل ما يخدم الوطن والمواطن من المشروعات التنموية، ويسهم في رفع مستوى جودة الحياة، ويعزز النقلة الحضارية الكبيرة التي تعيشها المنطقة.
ودعا سموه المستثمرين ورجال الأعمال للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة التي تطرحها أمانة المنطقة والبلديات التابعة لها بالمحافظات.

مقالات مشابهة

  • الوزير الشيباني: إن أي دعوة للتدخل الخارجي، تحت أي ذريعة أو شعار، لا تؤدي إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، وتجارب المنطقة والعالم شاهدة على الكلفة الباهظة التي دفعتها الشعوب جراء التدخلات الخارجية، والتي غالباً ما تُبنى على حساب المصالح الوطنية، وتخدم أ
  • خبير إسرائيلي: نتنياهو يستخدم الدروز بسوريا أداة للهجوم السياسي وليس لحمايتهم
  • أردوغان: لن نسمح بفرض أمر واقع يهدد استقرار سوريا
  • منتدى الأمن العالمي بالدوحة يبحث مستقبل سوريا والعدالة الانتقالية
  • وزير الطوارئ والكوارث يناقش مع المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر التحديات التي تواجه الشعب السوري
  • نبش قبر الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بعد شهور على إحراقه (شاهد)
  • ‏وزير الخارجية السوري: العقوبات على سوريا تضعف قدرة البلاد على منع النزاعات
  • بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير تبوك يطّلع على المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة
  • بأكثر من نصف مليار ريال.. أمير منطقة تبوك يطلع على المشاريع التي تُنفّذها أمانة المنطقة
  • اليوم الثاني من الفعالية الثقافية صور من التراث السوري التي تنظمها وزارة الثقافة على مسرح دار الأوبرا بدمشق