المعارضة الشيعية تنطلق نحو الدولة المدنية
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
كتب الدكتور هادي مراد في " نداء الوطن":تُواجه المعارضة الشيعية في لبنان حملة اتهامات ممنهجة تُحاول تصويرها بأنها حركة طائفية تنطلق من خلفية مذهبية. هذه الإتهامات تهدف إلى ضرب أي محاولة لإصلاح الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي وصل إلى حافة الانهيار تحت إدارة المنظومة الحاكمة.
الحقيقة مختلفة تماماً، فالمعارضة الشيعية، بما تضم من شخصيات وطنية مستقلة، ليست وليدة الطائفية، بل هي صوت صارخ باسم الهوية الوطنية الجامعة، التي ترفض التبعية والمحاصصة والهيمنة.
شهدت السنوات الأخيرة ازدواجية فاضحة في خطاب "حزب الله" تجاه الدولة والوطنية. فيما يدّعي اليوم أن الدولة هي الحل، نراه يخوض انتخابات نيابية عامي 2018 و2022 تحت شعارات تحريضية مثل "حرب تموز ثانية" ويمارس التهديد بالرصاص والسلاح لفرض نتائجه الانتخابية.
فكيف يُتهم المعترضون على هذا النهج بالطائفية، في حين أن من يرفع رايات العقيدة والتكليف الشرعي هو نفسه من يزجّ ببيئته في حروب إقليمية تحت شعارات مذهبية، مثل "لن تُسبى زينب مرتين"... أليست هذه ازدواجية تفضح ادعاءاته؟
يتهم "الحزب" المعارضة الشيعية بالطائفية بينما يقوم ببناء استراتيجيته السياسية والعسكرية والانتخابية على أسس طائفية صرفة. فقد وظّف العقيدة الدينية لتعزيز سلطته، واحتكر التمثيل الشيعي من خلال التضييق على أي صوت معارض.
في انتخابات عام 2022، تعامل مع المرشحين المعارضين وكأنهم أعداء خارجيون، وليسوا أبناء البيئة نفسها. لجأ إلى العنف والتهديد، مُعتبراً المعركة الانتخابية "حرب تموز جديدة".
وعلى الرغم من دعايته الإعلامية حول "النقاء التنظيمي"، كشفت التحقيقات الأمنية عن شبكة من العملاء داخل بيئته التنظيمية نفسها، ما يدل على حجم التصدع والفساد في داخله.
المعارضة الشيعية ليست حركة طائفية، بل هي حراك وطني جامع يسعى إلى بناء دولة مدنية حديثة، حيث القانون فوق الجميع والمؤسسات تحكم بالعدالة والشفافية. نرفض الزعامة الطائفية التي تُستخدم لتعزيز الهيمنة والاستبداد. خرجنا من بيئتنا لا لنُعزّز الانغلاق الطائفي، بل لنفتح الباب أمام العودة إلى الوطن، لا إلى العباءة الطائفية المقيتة التي أسّست لها المنظومة الحاكمة.
يُروّج "الحزب" وأتباعه بأن المعارضة الشيعية لا تملك الشعبية الكافية، متناسين أن الشعبية التي يتفاخرون بها قادت لبنان إلى الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي.
أطلقوا الوعود ببناء الدولة، فإذا بهم يُدمّرون مؤسساتها. زجّوا بالشباب في حروب إقليمية تنفيذاً لأجندات خارجية، ثم عادوا عاجزين عن إصلاح بيت أو تعويض ثمن نافذة في منازل مدمرة.
إن استغلال الشعبية لتمرير المشاريع التدميرية هو أسوأ ما يمكن أن تمارسه قيادة سياسية، وهو ما يدفعنا اليوم للقول بوضوح: "حزب الله" فشل في بناء الدولة ونجح فقط في ترسيخ المحاصصة الطائفية والفساد.
يحاول البعض شيطنة المعارضة الشيعية عبر وصفها بالطائفية، متناسين أن هذه التهمة تأتي من جهات بُنيت سياساتها أصلًا على العقيدة والتكليف الشرعي، وليس على برامج سياسية واقتصادية واضحة.
إن من يحكم الناس بمنطق الولاء العقائدي لا يحق له اتهام الآخرين بالطائفية. المعارضة الشيعية خرجت لتُعيد ربط الطائفة الشيعية بامتدادها العربي والوطني، بعد أن قطع "الحزب" أوصالها بالعالم وأغرقها في عزلة قاتلة.
في مؤتمرنا الأخير، الذي حمل عنوان "نحو الإنقاذ"، أكدنا مراراً أننا معارضة وطنية تنطلق من هموم اللبنانيين كافة، وليس فقط من هموم الطائفة الشيعية.
نحن نؤمن بأن زمن الاعتراض الشيعي بصفته الطائفية قد ولّى، وأن الحل اليوم هو في العودة إلى الدولة المدنية. حتى الثنائي الحاكم أقرّ أخيراً بأن الدولة هي الحل بعد فشل كل المشاريع العقائدية التي تبنوها.
المعارضة الشيعية في لبنان ليست حركة طائفية، بل هي نداء وطني لإعادة بناء الدولة على أسس العدالة والشفافية.
ترفض المعارضة هذه الخطاب التحريضي الذي يُشيطن كل محاولة للتغيير، وتدرك أن بناء الدولة هو الخيار الوحيد للخروج من الأزمات المتلاحقة.
وإلى من يُهاجم المعارضة بحجة ضعف شعبيتها، فالمعيار لا يقاس بالشعبية، بل بالأداء والنتائج. الشعبية المزيفة أودت بالبلاد إلى الهاوية، وحان الوقت لاستبدالها بحلول وطنية تنقذ لبنان وتعيده إلى دوره الطبيعي.
نحن معارضة وطنية مستقلة، خرجنا من رحم هذه البيئة، لنُعيد أبناءها إلى الوطن، لا إلى زعامات عباءات الطائفية البالية.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
مسيرة «لنحيا» العالمية تنطلق بنسختها الرابعة في الشارقة
الشارقة (الاتحاد)
انطلقت، السبت، فعاليات النسخة الرابعة من مسيرة «لنحيا» في الشرق الأوسط، المبادرة العالمية التي تنظمها «جمعية أصدقاء مرضى السرطان» بالتعاون مع «الجمعية الأميركية للسرطان»، من الجامعة الأميركية في الشارقة تحت شعار «يستحق الحياة»، لتقديم الدعم المادي والمعنوي للمصابين به والناجين منه وعائلاتهم، وتعزيز روح الأمل والإيجابية والتفاؤل والتضامن المجتمعي، في باقة متنوعة من الأنشطة والفعاليات التوعوية والترفيهية والفنية على مدار 24 ساعة.
واستضافت المنصة الرئيسية حفل افتتاح أكبر فعالية لجمع التبرعات الرامية لدعم ومناصرة مرضى السرطان في العالم، والذي شهد مشاركة معالي الشيخة لبنى بنت خالد بن سلطان القاسمي، العضو المؤسس ونائب رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان، والشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، وسوسن جعفر، رئيسة مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان، وخولة السركال عضو مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان، ونخبة من كبار الشخصيات، وجمع من المشاركين والمتطوعين والصحفيين وممثلي وسائل الإعلام.
«لنحيا».. مسيرة الأمل
في كلمته خلال حفل الافتتاح، أكد الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، الدور المحوري الذي تلعبه مسيرة «لنحيا» في ترسيخ قيم الخير والعطاء، وقال: «تشكل قيم التكافل والتضامن أساساً راسخاً في مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، وإمارة الشارقة، فالمجتمع الذي تأسّس على قيم الاتحاد والوحدة، سيمد يد العون لجميع المحتاجين ويخفف عنهم أعباء الحياة».
وأضاف: «تجسد مسيرة لنحيا قيم العطاء والعمل المشترك، التي لطالما حرصت الشارقة على غرسها في نفوس أبنائها، تحت رعاية وتوجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المؤسسة والرئيسة الفخرية لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، إذ أصبحت المسيرة مساحة مجتمعية تنبض بروح الأمل والتفاؤل، وتدعم المبادرات الإنسانية والمجتمعية، التي تهدف إلى تحسين حياة الآخرين».
من جانبها، شددت سوسن جعفر، رئيسة مجلس إدارة جمعية أصدقاء مرضى السرطان، على نجاح المسيرة في تقديم نموذج ملهم يعزز الوعي المجتمعي حول السرطان، ويزرع الأمل والتفاؤل في نفوس المصابين به، ويوحد الجهود الرامية لدعمهم في رحلة العلاج والتعافي، من خلال جمع ممثلي الهيئات والدوائر الحكومية، والشركات الخاصة، وجميع فئات المجتمع، لإحداث فرق جوهري في حياة المصابين بالسرطان.
وأضافت: «تؤكد مسيرة لنحيا التزام جمعية أصدقاء مرضى السرطان برؤية وتوجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المؤسسة والرئيسة الفخرية لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، والرامية لتجسيد روح الخير والعطاء، إذ قادت سموها المسيرة بنفسها وسارت معنا لإيمانها بأهمية هذه المسيرة، ومعاً سننجح في تحقيق المزيد من الإنجازات المشرفة في مكافحة السرطان والحد من انتشاره، انطلاقاً من الواجب الأخلاقي والوطني، وستبقى راية دولة الإمارات خفاقة في سماء العمل الخيري والإنساني».
جولات المحبة
توّج حفل الافتتاح بانطلاق «جولة الناجين»، أولى جولات مسيرة «لنحيا» الرابعة، والمخصصة للناجين والناجيات من السرطان ومقدمي الرعاية الصحية، من الأطباء والممرضين والمسعفين وغيرهم من الكوادر الطبية، مع جميع أفراد أسرهم، في مشهد مجتمعي بامتياز، شارك فيه المتحدثون وكبار الشخصيات، ومشى فيه الرجال والنساء والأطفال واليافعون والشيوخ، يداً بيد، تعبيراً عن دعمهم وتضامنهم مع مرضى السرطان.
وشهدت منطقة المسار إقبالاً جماهيرياً كبيراً في عدة جولات، منها جولة على إيقاعات الطبول ومزمار القربة التي تقدمتها فرقة العراضة الشامية، تلتها «جولة الأصدقاء» التي تعرّف فيها المشاركون على بعضهم بعضاً وكونوا صداقات جديدة، تلتها «جولة الأضواء»، التي خفتت فيها الإضاءة وأنار فيها المشاركون المسار بالقضبان والأساور المضيئة التي حملوها وارتدوها بسواعدهم، ثم «جولة سبيستون»، التي طلب خلالها المشاركون أغانيهم المفضلة من قناة سبيستون، واستمتعوا بالمشي على أنغامها.
أنشطة وفعاليات متنوعة
تضمنت الأمسية مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات، منها عرض للمواهب أداه طلاب وطالبات مدرسة الزهور الخاصة، وألعاب ومسابقات مع جوائز قدمتها «القيادة العامة لشرطة الشارقة»، وعرض فني مسرحي راقص قدمته مؤسسة «ربع قرن»، وفعالية «فوانيس لنحيا»، وجلسة «العلاج بالصوت»، وجلسات «اليوغا».
كما شمل برنامج الأمسية باقة متنوعة من الأنشطة العامة كشد الحبل، وسباق الأكياس، ولعبة «جينغا» المؤلفة من قوالب خشبية، وكرة قدم الطاولة، وهوكي الطاولة، إلى جانب ورش عمل تناسب جميع الفئات العمرية، في حين استمتع الأطفال الأصغر سناً بالقفز على القلاع المطاطية.