في مواجهة الزلازل القادمة: أي مشروع عربي وإسلامي مستقبلي؟
تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT
منذ معركة طوفان الأقصى إلى الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان وصولا لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد؛ يشهد العالم العربي والإسلامي تطورات سياسية سريعة أشبه بالزلازل السياسية والاستراتيجية، وهناك توقعات بأن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من هذه التطورات في ظل التهديدات الإسرائيلية للقيام بهجوم عسكري كبير على إيران، كذلك الحرب الأمريكية- البريطانية- الإسرائيلية على اليمن بسبب دوره في دعم الشعب الفلسطيني، إضافة لاحتمال تمدد التغييرات السياسية والشعبية إلى دول عربية أخرى بعد سقوط النظام السوري ووصول قوى إسلامية إلى الحكم.
وبانتظار وضوح صورة النظام السياسي الجديد في سوريا وإلى أين ستتجه التطورات السياسية والأمنية في هذا البلد العربي والمشرقي المهم، فإن تداعيات ما حصل دفع العديد من المفكرين العرب والقيادات الإسلامية والناشطين في بعض المنتديات الفكرية من أجل إطلاق ورش عمل لتقييم التطورات التي جرت، وانعكاساتها العربية والإقليمية والدولية، ومستقبل المقاومة والقضية الفلسطينية والعلاقات العربية- الإيرانية- التركية، وكذلك مستقبل الوحدة الإسلامية والمخاوف من العودة إلى إثارة الفتنة المذهبية ومرحلة ما قبل معركة طوفان الأقصى.
بانتظار وضوح صورة النظام السياسي الجديد في سوريا وإلى أين ستتجه التطورات السياسية والأمنية في هذا البلد العربي والمشرقي المهم، فإن تداعيات ما حصل دفع العديد من المفكرين العرب والقيادات الإسلامية والناشطين في بعض المنتديات الفكرية من أجل إطلاق ورش عمل لتقييم التطورات التي جرت، وانعكاساتها العربية والإقليمية والدولية
فما هي أبرز الخلاصات التي توصل إليها المشاركون في هذه اللقاءات؟ وهل يمكن بلورة مشروع عربي وإسلامي جديد ومستقبلي قادر على مواحهة التحديات الجديدة والزلازل التي حصلت أو التي قد تحصل في الأيام القادمة؟
هنا أبرز الخلاصات من عدد من اللقاءات والنقاشات الحوارية التي جرت في العاصمة اللبنانية بيروت، والتي قد يكون جرى ما يشبهها في عواصم عربية وإسلامية أخرى:
أولا: إن ما جرى في سوريا هو زلزال كبير وستكون له تداعيات على كل الأوضاع في المنطقة وعلى صعيد القضية الفلسطينية؛ لأنه أنهى نظاما سياسيا حكم سوريا لمدة 54 عاما وكانت له أدوار مختلفة، وأن الوضع في سوريا مفتوح على كل الاحتمالات في ظل الاستغلال الإسرائيلي للتطورات والعمل لتدمير القدرات العسكرية السورية واحتلال أراضٍ سورية جديدة، كذلك في ظل التحديات المختلفة التي يواجهها النظام الجديد داخليا وخارجيا.
ثانيا: هناك حاجة لمراجعة كل المشاريع العربية والإسلامية السابقة والتي برزت في العالم العربي والإسلامي خلال العقود السابقة، وضرورة الاستفادة من الأخطاء التي حصلت وعدم تكرار الأخطاء الماضية، سواء من قبل الأنظمة العربية والإسلامية أو من قبل الحركات والأحزاب العربية والإسلامية بمختلف اتجاهاتها.
ثالثا: أن القضية الفلسطينية هي القضية الأساس التي تجمع كل شعوب المنطقة، وأن ما حققته معركة طوفان الأقصى من نتائج إيجابية على صعيد تعزيز الوحدة الإسلامية وما تعرض له الكيان الصهيوني من تحديات وتعاون قوى المقاومة فيما بينها؛ ينبغي الحفاظ عليه وعدم السماح بالعودة إلى موجة الصراعات المذهبية أو الصراع القومي العربي- التركي- الإيراني، وأن المطلوب رؤية عربية- تركية- إيرانية جديدة لتعزيز التعاون الإقليمي، بدل الغرق في صراعات المصالح والتنافس فيما بين هذه القوى بما يخدم الأعداء والقوى الخارجية.
ما جرى في سوريا هو زلزال كبير وستكون له تداعيات على كل الأوضاع في المنطقة وعلى صعيد القضية الفلسطينية؛ لأنه أنهى نظاما سياسيا حكم سوريا لمدة 54 عاما وكانت له أدوار مختلفة، وأن الوضع في سوريا مفتوح على كل الاحتمالات
رابعا: أن العدو الصهيوني يحاول اليوم تحقيق مكتسبات استراتيجية في المنطقة وإنهاء دور قوى المقاومة وإقامة شرق أوسط جديد واستغلال كل ما جرى من أجل فرض وقائع جديدة في فلسطين ولبنان وسوريا، إضافة لاحتمال سعيه لتغيير الأوضاع في العراق وإيران واليمن، وأن مشروع تقسيم وتفتيت المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية هو لصالح هذا العدو، ولذا لا بد من التركيز على مخاطر المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا، بدل الغرق قي صراعات قومية أو مذهبية أو قُطرية.
خامسا: أن خيار المقاومة يبقى هو الخيار الأقوى لمواجهة المشروع الصهيوني، لكن من المهم على قوى المقاومة تقييم ما جرى خلال المرحلة الماضية والاستفادة من دروسها المختلفة من أجل تطوير مشروعها وأدائها بما يحقق الهدف الأساسي، وهو مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وقيام دولة فلسطينية.
سادسا: هناك حاجة كبرى لحوار إسلامي- إسلامي وخصوصا بين القوى التي وصلت إلى الحكم وبقية القوى الفاعلة في المنطقة، وذلك للبحث في كيفية مواجهة التحديات المختلفة وعدم الغرق في الصراعات السابقة، وأن الاستفادة من تجربة الحركات الإسلامية السابقة مهم جدا وخصوصا ما جرى في مصر وتونس ودول أخرى، وضرورة تحديد الأولويات وتوضيح الموقف من المخاطر الكبرى التي تواجهها دول المنطقة كلها وليس بلد معين.
سابعا: أن قيام الدولة القوية والقادرة على تأمين حاجات الناس وحماية حقوق الإنسان والحريات والمشاركة في الحكم والتنمية والاقتصاد القوي؛ لا يتعارض مع اتخاذ مواقف واضحة من المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا.
هذه بعض الأفكار والطروحات التي يتم التدوال بها في الأوساط الفكرية العربية والإسلامية، ويبدو أن النقاشات والحوارات ستتواصل في المرحلة المقبلة، وأن هناك حاجة كبيرة لإطلاق مبادرات عملية وبلورة مشروع عربي وإسلامي مستقبلي قادر على مواجهة مختلف التحديات والزلازل التي حصلت أو التي قد تحصل في الأيام القادمة.
فهل يمكن تحويل التهديدات إلى فرص جديدة للتعاون ولتعزيز الوحدة، م اننا سنعود إلى زمن الصراعات المذهبية والقومية، وهذا ما يفيد العدو الصهيوني وينتظره؟
x.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العربي الفلسطيني سوريا مستقبل اللبنانية سوريا لبنان فلسطين اسلام عرب مقالات مقالات مقالات سياسة من هنا وهناك صحافة مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربیة والإسلامیة القضیة الفلسطینیة فی المنطقة فی سوریا على کل ما جرى من أجل
إقرأ أيضاً:
زخم دبلوماسي عربي تجاه إدارة سوريا الجديدة فما الدلالات والمآلات؟
في ظل زخم دبلوماسي إقليمي ودولي تجاه سوريا، شهدت العاصمة السورية حراكا عربيا ملحوظا خلال الأيام الأخيرة، تميز بتوافد مسؤولين لإجراء مباحثات مع القيادة السورية الجديدة، في أعقاب تفاعل دولي تضمن زيارات وفود أوروبية وأميركية.
وفي زيارة هي الأولى لمسؤول أردني منذ سقوط الأسد، التقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بالقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، حيث دعا عقب اللقاء إلى منح الإدارة الجديدة فرصة لإعادة بناء البلاد، مشددًا على أهمية استقرار سوريا كعامل أساسي لأمن الأردن والمنطقة.
كما أجرى وزير الدولة بالخارجية القطرية محمد الخليفي لقاء مع الشرع، بحث خلاله العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون، إضافة إلى تقديم دعم قطري لتشغيل مطار دمشق الدولي، وجاء ذلك غداة لقاء وفد حكومي سعودي بالشرع في أول تواصل بين الإدارة الجديدة والرياض بعد سقوط الأسد.
لكن الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، خلال مشاركته في برنامج "مسار الأحداث" يرى أن التحركات العربية تجاه سوريا جاءت متأخرة نسبيا مقارنة بالتحركات الدولية التي سبقتها.
وأوضح أن العرب، باستثناءات محدودة مثل قطر التي رحبت منذ البداية، اتسموا بالحذر في التعامل مع القيادة الجديدة، لافتا إلى أن هذا التوجس لم يكن فقط بسبب ماضي القيادة الجديدة وتصنيفها على قائمة الإرهاب الأميركية، بل أيضا نتيجة رهانات بعض الدول العربية على نظام الأسد الذي بقيت آمال البعض معلقة عليه حتى لحظاته الأخيرة.
إعلان نضج سياسيويبدو أن "النضج السياسي والقدرة على التصرف بعقلية الدولة لا الثورة" التي أظهرتها القيادة الجديدة في دمشق -بحسب مكي- خلال الفترة الماضية، شجعا العديد من الدول على إعادة النظر في مواقفها.
كما أن زيارة باربرا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي إلى دمشق وما تبعها من تصريحات إيجابية تجاه القيادة السورية فتحت الباب أمام قبول دولي واسع لمن تولى زمام الأمور هناك، وفقا للمتحدث ذاته.
أما مسألة رفع هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب فـ"قد باتت مسألة وقت" كما يقول مكي، وأن هذا الأمر دفع بعض الدول العربية للإسراع في التعاطي مع القيادة الجديدة لتأمين مصالحها السياسية والاقتصادية في سوريا المستقبلية، مثل الأردن والخليج ولبنان.
لكنه في ذات الوقت حذر من رهان بعض الأطراف الإقليمية والدولية على فشل التجربة الجديدة في سوريا، سواء من خلال التأثير على الاستقرار الداخلي أو دعم أطراف متضررة مثل قوات قسد.
مفهوم الوصاية
ويرى مكي أن مفهوم الوصاية الذي كان حاضرا في السابق أثبت فشله في التعامل مع سوريا، لافتا إلى أن التجربة الديمقراطية في هذا البلد تمتد تاريخيًا إلى فترات بعيدة، وأن الشعب السوري -بما لديه من وعي- قادر على التكيف مع المرحلة الجديدة بعيدًا عن التطرف.
وعن الحضور التركي في سوريا، أوضح الباحث بمركز الجزيرة للدراسات أن تركيا كانت في طليعة المتفاعلين مع الثورة السورية منذ عام 2011، مما جعل حضورها في الانتصار الحالي أمرًا طبيعيًا.
بدوره، يرى الكاتب والباحث السياسي الدكتور مؤيد غزلان قبلاوي أن سوريا تحتاج إلى وقت للتعامل مع المعطيات الجديدة، لكنه أكد أن المبادرات الآنية التي قامت بها حكومة الإنقاذ كانت مطمئنة للوسط الإقليمي والدولي.
وأشار قبلاوي إلى أن القوى الدولية لاحظت استقرارا غير متوقع في دمشق، حيث كان هناك تخوف من الفوضى وغياب الأمن، لكن حكومة الإنقاذ أثبتت عكس ذلك.
إعلانوأضاف أن الأرضية الأمنية والرؤية السياسية المتعاضدة مع دول الإقليم أسهمت بهذا الاستقرار، إلى جانب المكاسب التي حققتها الثورة السورية، مثل قطع تجارة الكبتاغون العالمية التي أرهقت دول الجوار، وتأمين الأمن الإقليمي بإنهاء الهلال الشيعي وتحويله إلى "رماد أمني".
مكاسب عاجلةوأوضح الدكتور قبلاوي أن هذه المكاسب امتدت إلى لبنان الذي عاد إلى ساحة تنافسية بعيدا عن سيطرة حزب الله، وكذلك تركيا التي استفادت من تقليل سطوة "قسد" معتبرا أن هذه الإنجازات فشلت القوى الدولية في تحقيقها على مدار 15 عامًا.
ولفت إلى أن دول المشرق العربي كانت أسرع في الاعتراف بالتطورات الجديدة مقارنة بدول المغرب العربي التي لا تزال مترددة، مضيفا بأن من يتأخر عن الاعتراف بالسياسة الجديدة في دمشق سيتأخر عن الركب الدبلوماسي العالمي.
واعتبر قبلاوي أن هذا التردد يعود إلى حرص بعض الدول المغاربية، مثل الجزائر وبعض الأطراف الليبية، على استكشاف المرحلة القادمة، مرجحا أن تكون علاقاتها مع روسيا أثرت على تسريع هذا الاعتراف.
ورأى أن دول أوروبا، مثل فرنسا، أبدت رسائل إيجابية تجاه التطورات في دمشق، متوقعا أن تلحق الدول المغاربية بالركب الأوروبي قريبا، خاصة مع إدراكها أهمية المسار الاقتصادي والمصالحة الوطنية.
وأكد قبلاوي أن الوضع في سوريا يتجه نحو الأفضل، مع ملاحظة التعايش بين المكونات المختلفة وإجراءات تقاربية مع الدول العربية. وأعرب عن أمله في إعادة تعريف الإرهاب في المنطقة، مشيرًا إلى أن حتى الموالين للنظام السوري السابق لا يرغبون في عودة فلوله إلى المشهد.