اليمن الآن لا تحمي أمنها القوميّ فقط، لكنها تدافع عن كل الأمن القوميّ العربي.
هي الآن مركز الثّقل الوازن للخريطة العربية على امتدادها، وهي المعبّرة الآن عن صوت العرب، كلّ العرب، وتخوض إلى جوار غزة معركة الدفاع الأهمّ عن كلّ الأمة.
وعبر تاريخنا فلم تعدم الأمة مركز ثِقَل، بغداد كانت أم القاهرة، صنعاء، الجزائر، أو دمشق! يبقى أن ترفع بلادٌ لاءات الأمة في وجه المستكبرين، وتحمل لواء الفكر الأمميّ الجامع.
لا يتعلق الأمر بعد هذا بالمال، أو بالسلاح، ولكن قبلهما ومرتكزهما الفكر، والعقيدة!
والإدراك الذكيّ لحقيقة أن الأمن القوميّ لكلّ الأمة واحد.
وهذا يعني أن سقوط فلسطين يُضعف كل الأمة، تمامًا كما أن سقوط بغداد أو دمشق أو القاهرة. وإذا حركت من أقصى مغربها يدًا، فسوف تهتزّ بالتّبعيّة أجراس المشرق.
وصنعاء الآن تصنع من قلب الإحباط نصرًا مشهودًا، وتفرض رغم العالمين هيبة العرب، تثبت مكانة الإسلام العزيز، تكسر أميركا بواحا، وتصفع كيان القاذورات بالموقف قبل الصاروخ والمسيّرة، وقبل إسقاط الإف ١٨ فإنّها تُسقط هيبتها في أعماق البحر، وفي أرجاء السماء.
أميركا تفقد أمام اليمن وجهها، تعترف بعدها أننا أسقطنا الإف ١٨، أم نيران صديقة! فسيّان. إنه كبريائها المجروح يدفعها للتخبط، والإنكار، والإحباط، وقلّة الحيلة.
أرى موقفنا لا بعين اليمنيّ الفخور، ولكن بعين كلّ مسلمٍ يفخر بإسلامه، وكلّ عربيٍّ يعتزّ بعروبته. لتبقى الحدود بيننا محض فواصلٍ أنشأها عدو، فيما حدود قلوب الأحرار مفتوحة.
هذا ما يفسّر فخر كلّ عربيٍّ باليمن، وكل مسلمٍ تؤرقه على إسلامه غِيرة المؤمنين الأحرار! بنفس درجة فخرنا لو قامت الجزائر بنفس الدور، أو بغداد، أو حتى الرياض برغم ما كان بيننا.
وهذا يعني أننا نستنكر تخاذل الأمة من حرقة الأخ المحبّ إذ لا تعجبه أحوال أخيه، نقسو بطرحنا للأسباب ذاتها، ولأنها لا تعجبنا أحوال الأمة! ولا نشعر إلا أن كلّ أرجاء الأمة لكل أبنائها وطن!
وهذا إجابةٌ مفتوحةٌ لكل من يتسائل: ما شأنكم ببغداد، بدمشق أو بالقاهرة، بالقدس أو بالمحتلة يافا! لتبقى عاطفة كل جماهير الأمة شاهدةً- رغم الإلهاء وتأجيج الفتنويات والتعامي- على أن أمتنا برغم كل الحواجز المصطنعة البلهاء واحدة.
إن غزة أرضنا،
ونحبها بالفعل حبّنا لصنعاء، ونتألم على إخواننا لأنهم بالفعل إخواننا، تمامًا كما نفخر بمجاهديها في غزة ولبنان، وفي كل مكان.
لأنهم بالفعل إخواننا،
بضعةٌ منّا كما أننا منهم.
وبقدر محبّتنا لإخواننا فإننا نكره العدو،
ونعرف الدخيل، ونحتقر الخونة لأنه لا أحقر ممن يخون أخيه.
ولهذا فصنعاء اليوم عاصمة الأمة،
تمامًا كما أن غزة اليوم عاصمة الأمة.
وبالضبط كما أن فلسطين ليست شأن الفلسطينيين فقط، لكنها شأن كل الأمة.
وإذ يتوغّل العدو اليوم في سوريا، أو في لبنان، فإنه يتوغل في أرض كافة الأمة، ويقتطع من أكباد أبنائها أجمعين.
وكما أن أرض الأمة لا تتجزأ،
أو لا ينبغي بها هذا.
فكذلك شرفها، وكرامتها، وعزّتها.
هزائمها وانتصاراتها.. ودعكم بعدها من المنافقين الغثاء الأراذل.
إن ضمير الأمة الكامن في كلّ لحظةٍ فخرٍ يتوهج.
ولهذا فانتصارات اليمن لا تخصّها وحدها، لكنها انتصارات كلٌ مسلمٍ توّاقٍ للمعالي، وكلّ عربيٍّ ما زالت عروق عروبته تتنفس.
ومن يعتقد بخلاف هذا الأمر، فعليه بالتأكيد أن يقرأ أكثر، في تاريخ كلّ الأمّة.
وبالتأكيد فمن مقتضيات المقاومة ألا تفصل حدود سايكس بيكو؛ حتى بين قلوب أبناء الأمة، من يستشعرون حلاوة النصر في قلوبهم بعد كل بيانٍ للعميد، أو تجمعهم على المحجّة بيانات أبي عبيدة.
فاذكروا الله ذكرًا كثيرًا،
يا كلّ الأمة.
والحمدلله إذ تتجلّى أمام العالمين آيات قدرته سبحانه،
وتأييده لرجالٍ صدقوا، إذ شدّ ساعدهم ورمى!
ألا فسبحانه، هو الله.
وما كانت يا أميركا نيرانٌ صديقة!
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.
يبقى لنا حديث.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: کما أن
إقرأ أيضاً:
البيان الختامي لمؤتمر “خير أمة” يشدد على وجوب الاجتماع على الحق ومحاربة الغلو والتطرف والانحلال
أكد المشاركون في البيان الختامي للمؤتمر الدولي الثالث لدول آسيان “خير أمة”، الذي نظمته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، واستمر مدة يومين في العاصمة التايلندية بانكوك، أن أساس دين الإسلام هو تحقيق التوحيد والعبودية لله وحده وتجريد الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم، والحذر من الشرك والبدع، وأن الوسطية قائمة على هذا الأساس، ودعوة المسلمين إلى الوسطية والاعتدال وتحقيق خيرية الأمة، وأن يكون ذلك منهج حياة متكاملاً في العبادات والمعاملات والأخلاق لتحصين الأجيال، وضرورة أن يجتهد العلماء في إبراز صورة الإسلام السمحة التي كان عليها السلف الصالح والصحابة رضي الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان، وأن الإسلام دين الرحمة والإحسان والعدل والوفاء والتسامح، ويحرم كل أنواع الظلم والاعتداء والأعمال الإرهابية ويحفظ كرامة الإنسان ويحقق مبادئ العيش الآمن في المجتمعات دون النظر إلى معتقد أو لون أو عرق.
وشدد المشاركون على وجوب لزوم سبيل المؤمنين أصحاب النبي، ورد التنازع للكتاب والسنة لأن منهج السلف الصالح قائم على الاجتماع على الكلمة والحق، ومحاربة الغلو والتطرف والانحلال والجماعات المنحرفة التي اتخذت الدين سلمًا لتحقيق أغراضها الباطلة، وعلى العلماء العمل على تحقيق خيرية الأمة ونشر الوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف والتعصب والانحلال، وتصحيح الفهم الخاطئ للخطاب الديني بالّتي هي أحسن.
اقرأ أيضاًالمملكةقائد الإدارة السورية الجديدة يستقبل وزير الخارجية
كما نوهوا بضرورة الاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة وتسخير التقنية ووسائل التواصل في نشر منهج السلف الصالح وبيان خيرية الأمة وكشف الافتراءات والمغالطات من خلال الدراسات العلمية والأبحاث المتخصصة، وحث العلماء على العناية بالبرامج المتخصصة التي ترسخ في النشء قيم الإسلام العظيمة ومبادئه السمحة من خلال المحاضر التربوية والتعليمية وفق خطط استراتيجية تحقق الاستدامة.
وكان مؤتمر آسيان الثالث قد تناول أوراقًا بحثية مقدمة من علماء ومفكرين ومختصين في خيرية الأمة، ناقشها المشاركون بهدف بيان مصادر خيرية الأمة ومجالاتها ومحدداتها ومهدداتها، وتعزيز التواصل بين الشخصيات والمؤسسات الإسلامية فيما يحقق خيرية الأمة، ويعزز دورها في بناء الحضارة الإنسانية.