بعيداً عن قاعدة البر، ووجوب أن يسعى الابن، لتحقيق الرضا الكامل من والديه، لينال تذكرة الدخول إلى الجنة، التي حصل عليها، بفضل الدعاء، والحب الناتج عن الطاعة لهما، وبصرف النظرعن أنواع الآباء والأمهات، وهل يصنَّف البعض منهم على أنه من الفئة المرنة السهلة الإرضاء، كما أشار عنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله :” رحم الله والدين أعانا ولدهما على برهما “، أم من الفئة الأخرى التي جعلت من البر أمر عسير -وهي فئة موجودة للأسف -، في كلا الحالتين، الإبن ملزم بالبر حتى يصل إلى مبتغاه الذي خلق من أجله، وهو الجنة، الأمر ليس في البر، بل نقطة أعمق، وسؤال قد يمرّ بأذهاننا جميعاً كآباء وأمهات، ألا وهو:هل أدينا دورنا على أكمل وجه؟ هل وضعنا أمام أعين أبنائنا الحياة بصورة تجعلهم يسيرون بمنهجية صحيحة على اختلاف قناعاتنا في النهج الذي نرمي إليه أو نرميهم إليه؟ سؤال لن نجد له إجابة واضحة، لأنه يتعلق بنفس بشرية تختلف باختلاف أصحابها، فكل ابن يختلف عن الآخر في التفكير، وفي القناعات، وحتى في الشكل، وإن جمعتهم بعض ملامح الاخوة التي تعود إلينا في الأصل.
حيرة ذلك السؤال، كفيلة بأن تجعل من تفكيرنا يدور في فلك دون هوادة، وانشغالنا بالبحث عن المنهج الصحيح، والآمن، يكفي لشعورنا بالقلق والتوتر، الذي يجعلنا نبتعد عن متعة عيش الحياة معهم، فلسنا على استعداد لتلقي استفسار آخر يؤرق منامنا.
لم يخطر في بالي أبداً أن أسأل نفسي السؤال الذي طرحته إحدى الضيفات في برنامج على اليوتيوب ألا وهو : ” هل أبناؤنا معجبون بنا؟
قناعتي بأن أمر وجودي في حياة أبنائي، ووجودهم في حياتي، حتمي لا يحتمل التغيير، فهو ليس من الأمور التي تؤخذ وفقاً للاختيار، بل لعلي أكثر حرية منهم في اتخاذ قرار وجودهم في الدنيا بعد إرادة الله دون اختيار أشكالهم ودواخلهم، إلا أن هذا القرار ليس من ضمن اختياراتهم، فإن كنّا لسنا مخيرين في اختيارنا لبعضنا البعض ، كيف يكون من حقهم أن نعجبهم، أو لا نعجبهم؟
لم يمرّ ذلك اللقاء مع الضيفة مرور الكرام عندي، بقي سؤالها ذاك يثير في نفسي الكثير من الهواجس، جعلتني أسترجع شريط حياتي مع كل ابن على حدى، مع رصد ردود الأفعال حتى أتعرف على مواطن الإعجاب منهم من عدمها، وفي كل مرة أشعر فيها بالشك من الموقف الذي جمعني بأحدهم أكرّر على نفسي :” هل بالضرورة أن أعجبهم؟ وإن لم أعجبهم ما العمل؟ وكيف سأعرف إن كنت أعجبهم أم لا؟ وإن اكتشفت أنني لا أعجبهم، هل سأغير من نفسي حتى أعجبهم؟، الأمر في هذه المرة تعدى مرحلة الرضا من جانبي، ليصبح مقياساً لرضاهم هم عنّي.
لن أفكر بنرجسية صاحب السلطة الأعلى وأقول: أعجبوا بي أم لم يعجبوا، فهم مرغمون على إرضائي، الرضا حالة تسليم. أما الإعجاب فهو حالة اختيار.
ألا نتمنى جميعنا أن يشعر أبناؤنا بالفخر نحونا؟
عن نفسي، عندي يقين أنهم لو أعجبوا بي، سيسعون لإرضائي،وسيكسبون بري. وبهذه النتيجة، سيصلون إلى غايتهم، وسأحصل على غايتي.
eman_bajunaid@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
طبيب نفسي عبر «بودكاست المتحدة»: نصائح «الشلة» قد تدمر الحياة الزوجية
قال الدكتور مهاب مجاهد، الطبيب النفسي والمستشار التربوي، إن نصائح «الشلة» في حالة الأولاد والبنات أو العروس الجديدة، غالبا ما تكون من شخصين أو 3 أو واحدة، مضيفا أن درجة القرب بين الزوجين وأصدقائهما صحية جدا، وأنه حريص على أن تظل العلاقة بالأصدقاء قائمة بعد الزواج.
الحذر من نصائح غير مختصةلكن حذر الدكتور مهاب، خلال بودكاست الشركة المتحدة «أرجوك بلاش»، برعاية البنك الأهلي، من تلقي النصائح المتعلقة بالعلاقة الزوجية من الأصدقاء الذين قد يكونون في وضع صعب، مثل أصدقاء لم يتزوجوا بعد أو من يمرون بمشكلات زوجية، موضحا: «أصحابك اللي على القهوة، بين من لم يتزوجوا وبين من تخاصموا مع زوجاتهم أمس، وبين من طلقوا، تأخذ نصائح من مين؟».
وأشار الطبيب النفسي، إلى أن هذه النصائح قد تكون سلبية أو مؤذية، مثل التصرفات «التوكسيك» أو نصائح غير مدروسة، موضحا: «قعد ينظر عليك طوال الليل، ادبح لها القطة، لازم ترسم الحدود، خدي بالك ده تصرف توكسيك!، يا جماعة يا ريت ما نفتحش علاقات بعض أمام الجميع».
النصائح الموجهة للأصدقاءوتابع: «أما إذا كان الأصدقاء الذين يطلبون النصيحة متزوجين، فيجب أن تُقدَّم لهم نصائح تعمِّر بيوتهم وتزيد من فرص نجاحهم، حتى إذا كانوا في بداية حياتهم الزوجية، ولو كنت تحبهم بجد، يا ريت تدلهم نصيحة تعمر بيتهم وتزيد فرص نجاحهم داخل البيت».
وأكد الدكتور مهاب مجاهد، أهمية تبني وجهة نظر الطرف الآخر في أي نزاع بين الزوجين، لافتا إلى أنه «دائما العدل حين يصدر من شخص محب يكون عن طريق تبني وجهة نظر الطرف الآخر، وهذه الجملة تعني أنه يجب أن نكون حريصين في النصيحة، ولا نقتصر على جانب واحد فقط».
الهدوء والحكمة في التعامل مع المشكلاتوختم «مجاهد» نصيحته بالتأكيد على ضرورة التعامل مع المشكلات الزوجية بهدوء وحكمة، مشيرا إلى أن الشخص قد لا يكون على دراية كاملة بما يحدث، وبالتالي يجب توجيه النصائح بعناية: «حين نتأكد أن أصحابنا يتعرضون لشيء من الأذى، نوجههم بهدوء ولطف».