بين مؤيّد ومُعارض تسارعت تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، بمختلف شرائحهم، بخصوص مقترحات تعديلات مدونة الأسرة التي كُشف عنها، صباح اليوم الثلاثاء.

وكان الملك المغربي، محمد السادس، قد دعا دعا حكومته إلى التواصل المُباشر مع المغاربة لشرح مضامين التعديلات على مدونة الأسرة (قانون الأسرة)، وذلك خلال ترؤسه بالقصر الملكي بالدار البيضاء، مساء أمس الاثنين، جلسة عمل لمراجعة مدوّنة الأسرة، عقب رفع الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة، تقريرها، للملك، بعد انتهاء مهامها.



وبحسب بيان للديوان الملكي، وصل "عربي21" نسخة منه، فإنّ: "تقرير هيئة مراجعة مدونة الأسرة تضمن أكثر من 100 مقترح تعديل على المدونة"، مردفا: "الملك -بصفته أميرا للمؤمنين- أحال التعديلات المرتبطة منها بنصوص دينية على نظر المجلس العلمي الأعلى، وهو أعلى هيئة دينية في المغرب، والذي أصدر بشأنها رأيا شرعيا".

أيضا، دعا الملك، المجلس العلمي الأعلى لـ"مواصلة التفكير واعتماد الاجتهاد البناء في موضوع الأسرة، عبر إحداث إطار مناسب ضمن هيكلته، لتعميق البحث في الإشكالات الفقهية (لم يحددها) التي تطرحها التطورات المحيطة بالأسرة المغربية، وما تتطلبه من أجوبة تساير متطلبات العصر".

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Al Aoula TV‎‏ (@‏‎al_aoula‎‏)‎‏
"تعدّد الزوجات" في الواجهة
في لقاء تواصلي، صباح اليوم الثلاثاء بالعاصمة المغربية، الرباط، كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن أبرز التعديلات المقترحة في إطار مراجعة مدونة الأسرة، التي عُقدت بخصوصها جلسة عمل ملكية، مساء أمس الاثنين.

وقال وهبي بخصوص "تعدد الزوجات"، فإنه سيتم العمل على: "إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج عليها من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط".

في حال غياب هذه الشروط، أكّد وهبي أنّ "المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد، سيصبح محصورا في: إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى يقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية". وهو ما خلّف موجة من تباين الآراء على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الأخيرة.




ماذا بخصوص الحضانة والإرث؟
خلال اللقاء التواصلي ذاته الذي تمّ بحضور الوزراء والمسؤولين الحكوميين ورؤساء هيئات دستورية ورئيسي مجلسي البرلمان، وأعضاء من المجلس العلمي الأعلى، تابع وهبي: "جعل النيابة القانونية حقا مشتركا بين الزوجين أثناء العلاقة الزوجية وبعد انفصالها". 

وأبرز وزير العدل المغربي: "في حال نشوء خلاف حول أعمال النيابة القانونية، فإنه سوف يتم الرجوع إلى قاضي الأسرة للبت فيه، وفق ضوابط ومعايير قانونية واضحة".

أما فيما يتعلّق بالحضانة، أكد وهبي: "اعتبار الحضانة حقا مشتركا بين الزوجين أثناء العلاقة الزوجية، مع إمكانية تمديد هذا الحق بعد الطلاق إذا اتفق الطرفان"، مضيفا كما تمّ: "تعزيز حق الأم المطلقة في حضانة أطفالها، حتى في حالة زواجها، وضمان الحق في سكن المحضون؛ مع تنظيم ضوابط جديدة لزيارة المحضون أو السفر به، بما يضمن مصلحة الطفل".

وفيما يتعلٍّق بالإرث، وهو ما كان يشكّل نقطة خلاف أساسية بين كافة الأطراف، أوضح وهبي: "تمّ اعتماد مقترح المجلس العلمي الأعلى بخصوص إرث البنات، الذي يتيح إمكانية هبة الأموال للوارثات قيد الحياة، مع اعتبار الحيازة الحكمية كافية".

ومن أبرز المستجدات أيضا، التي كشف عنها وزير العدل المغربي، هي: "فتح المجال أمام الوصية والهبة بين الزوجين عند اختلاف الدين".


ماذا عن زواج القاصرين؟ 
بحسب وزير العدل المغربي، فإنه: تم تحديد سن الزواج في 18 سنة شمسية كاملة، مع استثناء يسمح بالزواج في سن 17 سنة إذا توفّرت شروط صارمة لضمان الحماية.

أيضا، تقرّر وفقا لما كشف عنه وهبي: "تعزيز الرقابة القضائية للتأكد من أن الاستثناء يبقى ضمن إطار الحالات الضرورية فقط". 

كذلك، نصت مقترحات التعديلات الرّاهنة، عن: إمكانية توثيق الخطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده من أجل إثبات الزواج كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة، بغية توثيق عقد الزواج.

أما بخصوص المغاربة المقيمين في الخارج، فتمّ السماح بإمكانية عقد الزواج، دون حضور الشاهدين المسلمين، في حال تعذر ذلك، وفقا لوزير العدل المغربي.

ماذا عن الطلاق؟ 
مقترحات التعديلات التي كشف عنها وهبي، والتي لن تسري إلا بعد مناقشتها والتصويت عليها في البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)؛ شملت كذلك، ما وصفه بـ"تقليص مدة البت في قضايا الطلاق والتطليق إلى ستة أشهر كحد أقصى، مع اعتماد وسائل إلكترونية من أجل توثيق العقود وتبليغ القرارات القضائية".

أيضا، تم إقرار تضمين مدونة الأسرة التي يتواصل النقاش بخصوصها، "إنشاء هيئات للوساطة والصلح لمعالجة النزاعات الأسرية قبل اللجوء إلى القضاء". فيما شدّد وهبي على أن "مضامين مراجعة مدونة الأسرة تسعى لتجاوز بعض النقائص والاختلالات التي ظهرت عند تطبيقها القضائي".

وتقرّر كذلك، وفقا لوهبي، تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل واعتباره مُساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية.

وسيتقرّر كذلك، اعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة من أجل التبليغ في قضايا الطلاق والتطليق مع قبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة.


مدونة الأسرة.. ُمراجعة جوهرية
بحسب وهبي، فإن المقترحات الجديدة، تهدف كذلك إلى "مواءمة تطور المجتمع المغربي وديناميته. وما تفرضه متطلبات التنمية المستدامة، وكذا ملاءمتها مع التطورات التشريعية، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا".

وأكد وزير العدل: "نحن اليوم أمام مراجعة جوهرية لنص مدونة الأسرة، تستجيب للمبادئ والمرجعيات كما حددتها الرسالة الملكية السامية، ووفق الضوابط والحدود التي وضعتها".

وختم بالقول إنّ: "غايتها إنجاز صيغة جديدة لمدونة الأسرة تناسب مغرب اليوم، قادرة على الاستجابة للتطورات المجتمعية التي يشهدها، في حرص شديد على أن تكفل مقتضياتها، في الآن ذاته، تعزيز مكانة المرأة وحقوقها، وحماية حقوق الأطفال، والمحافظة على كرامة الرجل".

 عشر قضايا وافق عليها المجلس العلمي 
في سياق النقاش نفسه، بخصوص مدونة الأسرة في المغرب، أوضح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أنّ عشر قضايا قد وافق عليها المجلس العلمي الأعلى كما اقترحتها اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة.

والقضايا بـ"بسن الزواج، وشهادة الشاهدين المسلمين في الخارج، والنيابة الشرعية المشتركة، واعتبار العمل المنزلي مساهمة في ثروة الزوج، ووجوب نفقة الزوجة بالعقد، والعمرة الإجبارية للسكنى للزوج الباقي حيا، ومرتبة ديون الزوجين المتعلقة بالأموال المكتسبة، وبقاء حضانة المرأة التي تزوجت، والمتعة للمرأة طالبة التطليق، والمساواة بين أبناء الأبناء والبنات في استحقاق الوصية الواجبة مهما نزلوا".

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎2mtv‎‏ (@‏‎2mtv‎‏)‎‏
تجدر الإشارة إلى أنه بعد سنوات من توالي المطالب بإصلاح قوانين الأسرة في المغرب، كان الملك محمد السادس، قد وجّه الحكومة، إلى إعادة النظر في "مدونة الأسرة"، ومنحها ستة أشهر كمُهلة من أجل رفع المقترحات، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على البرلمان للمصادقة.

وفي وقت سابق، ذكر بيان الديوان الملكي المغربي أن الملك أرسل رسالة إلى رئيس الحكومة المغربية، عبد العزيز أخنوش، تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة، ورفع التوصيات إليه في غضون ستة أشهر، فيما أسند الملك المغربي "الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، وذلك بالنظر لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع".


ودعا الملك المغربي، خلال البيان الذي وصل "عربي21" نسخة منه، إلى أن "تشرك بشكل وثيق في هذا الإصلاح الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين".

إلى ذلك، إن آخر مدونة للأسرة، للمغرب، قد تم سنّها في عام 2004، وكانت آنذاك، قد أدخلت تغييرات كبيرة فيما يخص عددا من الأمور الرئيسية مثل الزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال. فيما كان قانون الأحوال الشخصية لعام 1958 يسمح للرجل بتعدد الزوجات دون اشتراط موافقة زوجته (أو زوجاته) الحالية، وكان حق المرأة في الطلاق مقيدًا بشدة، ولم يكن مسموحا للمرأة الزواج دون موافقة الوصي القانوني (الولي).

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المغرب مدونة الأسرة تعدد الزوجات المغرب تعدد الزوجات مدونة الأسرة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلس العلمی الأعلى مراجعة مدونة الأسرة وزیر العدل المغربی العلاقة الزوجیة عقد الزواج د الزوجات فی المغرب فی حال من أجل

إقرأ أيضاً:

عربي21 تستعرض تاريخ 80 عاما من العلاقة بين الإخوان والدولة في الأردن

أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية الأربعاء، حظر جماعة الإخوان المسلمين، بوصفها "جماعة منحلة"، وشدد على إغلاق كافة مقراتها، ومنع وسائل الإعلام من التعاطي مع ما يصدر عنها أو عن قياداتها.

وبين الفراية أنه سيتم "تسريع عمل لجنة الحل المكلفة بمصادرة ممتلكات الجماعة وفقاً للأحكام القضائية ذات العلاقة"، في إشارة إلى قرار صادر عام 2020 بمصادرة ممتلكات الجماعة، لكنه لم يُطبّق بشكل فعلي.

ولفت إلى "اعتبار الانتساب لما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة أمراً محظوراً"، كما تقرر "حظر الترويج لأفكار الجماعة تحت طائلة المساءلة القانونية".

إعلان الفراية الذي جاء بعد أيام من كشف جهاز المخابرات العامة عن خلايا كانت تعمل على "المساس بالأمن الوطني" وربط بعض أعضائها بـ"الإخوان المسلمين"، يمثّل المرحلة الأكثر سوءا في العلاقة بين الجماعة والدولة، والتي تعود إلى 80 عاما للوراء.

نستعرض في هذا التقرير العلاقة التاريخية بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين:

مباركة الملك المؤسس
تأسست جماعة الإخوان المسلمين في الأردن رسميًا في 1945، بعد موافقة السلطات الأردنية على تسجيلها كجمعية خيرية، وكان أول مراقب عام لها عبد اللطيف أبو قورة، حيث حظيت الجماعة حينها بمباركة الملك المؤسس عبد الله الأول الذي حضر إعلان إشهار الجماعة. (كان حينها أميرا لإمارة شرق الأردن).

ومنذ اللحظة الأولى، كانت العلاقة بين الجماعة والنظام تقوم على التحالف غير المعلن في مواجهة التيارات اليسارية والقومية.

ومع وصول الملك الشاب حينئذ الحسين بن طلال إلى السلطة، وإصداره في 1953، قرارًا بتوسيع الحريات العامة، توسع نشاط الإخوان، رغم أن بعض نشاطاتهم أثارت حنق السلطات حينها، مثل احتجاجهم على "حلف بغداد" عام 1955، ما أدى إلى اعتقال عدد من قياداتهم في مقدمتهم المراقب العام حينها محمد عبد الرحمن خليفة.

وتزايد نشاط الإخوان وأسسوا جريدة "الكفاح الإسلامي" التي رأس تحريرها الراحل يوسف العظم، وشاركوا في مجلس النواب بعد فوزهم بأربعة مقاعد عام 1956، علما أنهم لم يشاركوا بقائمة منفصلة لوحدهم.


الوقوف مع الملك حسين

على مدار 47 عاما حكم خلالها الملك حسين الأردن (1952-1999)، شهدت العلاقة بين الإخوان المسلمين والدولة الأردنية تحولات عديدة، إلا أن الجماعة وقفت مع الملك حسين في المنعطفات الهامة والخطيرة.

ففي العام 1957، انحازت الجماعة إلى صف الملك حسين ضد محاولة الانقلاب عليه من قبل حكومة سليمان النابلسي، وحركة "الضباط الأحرار" الذين كان يقودهم علي أبو نوار.

وقبيل ذلك، استفادت "الإخوان" من كونها مصنفة كـ"جمعية خيرية" وبالتالي لم يتم شملها بقرار حظر الأحزاب السياسية عام 1957.

بعد نكسة حزيران 1967، سجّلت جماعة الإخوان المسلمين موقفا آخر إلى جانب الدولة الأردنية والملك حسين، حينما نأت بنفسها عن الصراع ضد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

ورفضت الجماعة المشاركة في أحداث أيلول 1970، واعتبرتها "فتنة بين طرفين مسلمين"، مع رفضها وجود "دولة داخل دولة" في إشارة إلى سيطرة الفدائيين على مدن أردنية.

بدوره، أشاد الملك حسين بجماعة الإخوان المسلمين عدة مرات، ووصفهم بأنهم "جزء من شعبه"، لكنه هاجمهم في مراحل لاحقة.

وشهدت فترة السبعينات نشاطا كبيرا للإخوان المسلمين، ودخلوا الحكومة عبر حقيبة وزارة التربية والتي شغلها الراحل إسحاق الفرحان، إضافة إلى نشاطهم الكبير في النقابات المهنية، إلى جانب العمل الخيري عبر "جمعية المركز الإسلامي" التي تأسست في 1963. 

إلا أن الدولة كانت تتعامل بحزم ضد الإخوان في بعض المحطات، كاعتقال عدد من قياداتها، ومنع آخرين من الخطابة، بسبب الاحتجاج على زيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى عمّان عام 1974.

كما تعرض مجموعة من كوادر وقيادات الإخوان إلى التضييق، والفصل من وظائفهم في الجامعات، ومؤسسات مختلفة في فترة الثمانينات.

ولوحق طلبة من "الإخوان" في الجامعات بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات الطلابية، وأبرزها أحداث جامعة اليرموك 1986.


تسيّد للبرلمان.. وتوتر متصاعد
ومع عودة الحياة البرلمانية إلى الأردن بالتزامن مع قرار فك الارتباط عام 1989، وبعد إلغاء الأحكام العرفية، حصد الإخوان 17 مقعدا من أصل 80 في الانتخابات، وأصبحوا يشكلون كتلة صلبة وترأسوا المجلس لثلاث دورات متتالية عبر الراحل عبداللطيف عربيات، مستفيدين من تنامي شعبيتهم وتزايد النفس الإسلامي بين الأردنيين مع انحسار التنظيمات والأحزاب اليسارية والقومية.

وشارك الإخوان في صياغة "الميثاق الوطني الأردني" الذي دعا إليه الملك الراحل الحسين بن طلال، وأعلنه رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات عام 1991، وبالتزامن عين رئيس الوزراء مضر بدران 5 وزراء من الإخوان في حكومته.

وفي عام 1992 أسست الإخوان ذراعها السياسي المتمثل في "حزب جبهة العمل الإسلامي"، وكان يضم حينها شخصيات غير إخوانية، وبرزت الجماعة والحزب في رفض سياسات الحكومة الداخلية لا سيما فيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية.

وأخذت العلاقة بين الدولة و"الإخوان" منذ ذلك الحين منحى تصعيديا، وكان قرار "الصوت الواحد" في انتخابات 1993 مساهما في إضعاف حضور الجماعة في البرلمان، حيث اعتبره "الإخوان" موجها ضدهم.

وتلقت "الإخوان" ضربة كبيرة بتمرير التصويت على معاهدة وادي عربة "اتفاق السلام مع الاحتلال"، عام 1994، حيث صوت غالبية النواب بالموافقة.

ورفضت "الإخوان" المشاركة في انتخابات عام 1997 باعتبارها غير نزيهة، وتدار بتوجيه من الحكومة، والمفارقة حينها أن حركة "حماس" وعبر رئيس مكتبها السياسي حينها خالد مشعل، حاولت التوسط في إقناع الإخوان بالمشاركة في الانتخابات بحسب ما كشف نائب المراقب العام السابق زكي بني ارشيد، حيث كانت العلاقة بين الحركة والأردن جيدة، قبل التوتر اللاحق.


حقبة الملك عبدالله والربيع العربي

مع تولي الملك عبد الله الثاني العرش في 1999، بدأ الأردن في مسار جديد نحو الإصلاحات السياسية والاقتصادية، حيث سعى الملك إلى تحديث الاقتصاد وفتح المجال أمام المشاركة السياسية.

وشهدت العلاقة توترات ومحطات مثيرة، بدءا من إغلاق مكاتب حركة "حماس" وإبعاد قادتها خارج الأردن، ومواقف أخرى مثل اعتقال 4 نواب من "الإخوان" بسبب ذهابهم إلى بيت عزاء "أبو مصعب الزرقاوي" عام 2006، والنواب هم "محمد أبو فارس، وعلي أبو السكر، وجعفر الحوراني، وإبراهيم المشوخي".

كما تعرضت الجماعة لضربة قوية بعد حل الحكومة الهيئة الإدارية لـ" جمعية المركز الإسلامي" عام 2010، وتجميد أموالها.

ومع اندلاع ثورات الربيع العربي، شارك "الإخوان" بقوة في احتجاجات الشارع الأردني، إلا أن الجماعة كانت ترفض رفع سقف المطالب والهتافات، وكانت تدعو لعدم رفع شعار "إسقاط النظام"، مع مطالبتها بضرورة تنفيذ إصلاحات حقيقية تتمثل أولا في انتخابات برلمانية نزيهة تُتنج حكومة منتخبة.

واعتبرت الجماعة أن الوضع السياسي في الأردن غير صحّي، ورفضت المشاركة في انتخابات عام 2013.

وتعرضت الجماعة للتضييق مجددا، وكان اعتقال نائب المراقب العام حينها زكي بني ارشيد عام 2015 بتهمة الإساءة إلى الإمارات، مثالا على تردي العلاقة بين الإخوان والدولة.


الانشقاقات والإقصاء

شهدت جماعة الإخوان المسلمين تصدعا وانشقاقات كبيرة بالتزامن مع انحسار الحراك الشعبي في الأردن، و"الثورات المضادة" في مصر، وتونس.

وكان الانشقاق الأبرز المتمثل في الأمين العام السابق عبد المجيد ذنيبات، رفقة مجموعة من القيادات الذين تم فصلهم من الجماعة بسبب اتهامهم بمحاولة "الانقلاب" على "الإخوان" بالتنسيق مع السلطات.

في آذار/ مارس 2015، وجّهت الحكومة ضربة قاصمة للإخوان، بمنحها ترخيصا جديدا للمجموعة المنشقة بقيادة عبد المجيد ذنيبات تحت مسمى "جمعية جماعة الإخوان المسلمين"، واعتبارها الجماعة الأصلية غير مرخصة.

وفي العام 2016، أغلقت السلطات الأردنية المقر الرئيسي للإخوان في عمان وبعض المكاتب الفرعية في محافظات أخرى، بحجة أن الجماعة تعمل بدون ترخيص قانوني بعد الاعتراف بالجمعية المنشقة، ليصدر قرار قضائي في 2020  بحل الجماعة ونقل ممتلكاتها إلى الجمعية، وهو ما لم يتم تنفيذه على أرض الواقع لغاية إعلان الفراية عن الإجراءات الجديدة.

وبدأت الحكومة بالتحقيق في الأصول المالية للإخوان، مما زاد من الضغوط الاقتصادية على الجماعة.

وواجهت الجماعة قيودًا متزايدة على تنظيم الفعاليات العامة، مثل المؤتمرات والمسيرات. كما تم منع بعض قيادات الإخوان من السفر أو الظهور الإعلامي.

كما ضيقت الحكومة على "جمعية المحافظة على القرآن الكريم" وجمدت العشرات من فروعها بحجة مخالفة بعض التعليمات.

واستخدمت الحكومة سلاح "الترخيص" ضد الذراع الإعلامي لحزب جبهة العمل الإسلامي المتمثل في قناة "اليرموك" التابعة لحزب جبهة العمل الإسلامي، حيث تم التضييق عليها ومنعها من العمل.

ما بعد حرب غزة
وبعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين أول/ أكتوبر 2023، اعتقلت السلطات الأردنية العشرات من كوادر وقيادات الإخوان، علما أن شعبية الجماعة أخذت بالاتساع، وحصدوا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة 2024 نحو نصف مليون صوت، ليصل 31 نائبا من الإسلاميين إلى البرلمان.

وخلال الشهور الماضية شنت وسائل إعلام وكتاب ومسؤولين سابقين في الأردن هجوما لاذعا على الإخوان، وطالبوا بحظرها، وهو ما تم بالفعل تنفيذا لقرار سابق.

وكانت دعوات "الإخوان" للتوجه نحو الحدود الفلسطينية، ومحاصرة سفارة الاحتلال في منطقة الرابية، عاملا هاما تردي العلاقة مع الحكومة الأردنية، رغم التصريحات المباشرة لأمين عام "الإخوان" مراد العضايلة بتهدئة الشباب، وإقناعهم بعدم جدوى محاولة تنفيذ أي عمليات داخل فلسطين المحتلة.

وقال العضايلة بعد عملية الشابين عامر أبو غزالة وحسام قواس في البحر الميت العام الماضي: "رسالتي لشباب الحركة الإسلامية بعد عملية البحر الميت هي ألا تتعجلوا، المعركة قادمة، ونحن في الأردن دولة، ولدينا جيش وقيادة".

مقالات مشابهة

  • مستعدة أن أكون الزوجة الثانية.. «ريم البارودي» تروُّج لـ تعدد الزوجات وهذا رأيها في الزواج العرفي
  • بدء مؤتمر حزب العدالة والتنمية المغربي.. فلسطين والغنوشي أبرز الحاضرين (شاهد)
  • المجلس القومي للمرأة بأسوان يواصل جلسات الدوار للتوعية المجتمعية
  • ريم البارودي: لست ضد تعدد الزوجات.. وأوافق أكون زوجة ثانية ورابعة
  • المجلس الدستوري السنغالي يرفض تعديل قانون العفو
  • هل فرض على الرجل الزواج أكثر من مرة؟.. الدكتورة دينا أبو الخير تجيب
  • فشل التوافق على تعديل قانون الانتخاب ومناصفة بيروت رهن الأتفاق الصعب
  • الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في معرض الفلاحة
  • «الكهرباء»: تعديل تعريفة الاستهلاك للأنشطة التي تتجاوز أحمالها 0.5 ميغاوات بدءًا من 15 مايو
  • عربي21 تستعرض تاريخ 80 عاما من العلاقة بين الإخوان والدولة في الأردن