في تفاعله مع الإعلان عن نتائج مرحلة استشارة المجلس العلمي الأعلى حول مشروع تعديل مدونة الأسرة، يثير المصطفى الرميد، وزير العدل سابقا، إشكالية التراجع “الخطير” لمعدل الخصوبة الذي كشف عنه الإحصاء العام الأخير للسكان، ويتساءل عما إذا كانت التعديلات التي سيتم إدخالها على مدونة الأسرة سوف تساهم أم لا في الحد من التدهور الخطير للمعدل الخصوبة أم لا.

ويقول، في تدوينة على حسابه الخاص على فيسبوك: إذا كانت مقترحات تعديل مدونة الأسرة ستسهم في الحد من الانحدار الديمغرافي فمرحى و ألف مرحى، أما إذا كانت ستكرس مزيدا من الانحدار والتراجع السكاني، فإنه ليس من الحكمة اعتمادها. وأضاف “لذلك أدعو إلى التأني الضروري في البلورة النهائية للتعديلات، واعتبار موضوع الاشكالية الديمغرافية أم المشاكل التي ينبغي التصدي لها بكافة الحلول الممكنة”. إليك نص التدوينة: السلام عليكم من حقنا- نحن المغاربة- ونحن نعيش في عالم قلق ومضطرب، أن ننوه بمثانة مؤسسات بلادنا، واستقرار أحوالنا، والرشد في منهجية مقاربة مشاكلنا. والدلائل على ذلك كثيرة، لعل أهمها، هو الطريقة التي عولج بها إلى حد الآن، موضوع تعديل مدونة الأسرة ، خاصة اعتماد القاعدة الذهبية التي تقول: ( لا أحل حراما، ولا أحرم حلالا) ، وهي القاعدة التي أكد عليها جلالة الملك مرارا وتكرارا، وجعلها لازمة من اللوازم الثابتة في خطبه المتعلقة بالموضوع. وهكذا، وبعد أن بلورت اللجنة التي أناط بها جلالته مهمة إعداد التعديلات المطلوبة، أمر بإحالة المقترحات على الرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، الذي قرر ماقرر ، على سبيل الاجتهاد، مما يمكن للمرء أن يتفق معه فيه أو يختلف، ولا ضير في ذلك، ولكن الكلمة الأخيرة هي للمؤسسات. وفي هذا السياق لا كلمة تعلو في القضايا الشرعية على كلمة المجلس المذكور، وهذا هو منطوق الدستور الذي لا محيد عنه. غير أن هذا لا يمنع من إثارة الانتباه إلى ما ينبغي، وما يجب، باعتبار أن المملكة قامت بإنجاز إحصاء عام للسكان والسكنى هذه السنة. (سنة 2024). وكان حريا التمعن الجيد في معطيات هذا الاحصاء، خاصة و أن من مقاصده: (تكوين قاعدة للمعاينة لإنجاز البحوث لدى الأسر). و إن مما يثير الخوف والقلق، المعطيات الاحصائية التي تفيد ما يلي: ▪︎ أولا، تواصل انخفاض معدل الخصوبة الكلي، حيث أن المتوسط الوطني كان سنة2004 في حدود 2،5%، وإذا به ينخفض سنة 2014 إلى نسبة 2،2 %، لينخفض مرة أخرى سنة 2024 إلى نسبة1،97%. وهو انخفاض ينذر بأوخم العواقب على المستقبل الديمغرافي للبلاد إن استمر في هذا المنحنى الصعب. ▪︎ ثانيا، إن هذا الانخفاض الحاد للخصوبة كان من تجلياته المباشرة انخفاض مستوى حجم الأسر، فبدل عدد : 5،3 فرد في كل أسرة سنة 2004، إذا بنا ننزلق إلى 4،6 سنة 2014، ثم إلى3،9 فرد سنة 2024. ▪︎ ثالثا، إن هذه المعطيات أدت إلى تباطؤ النمو السكاني، حيث كان هذا النمو بنسبة 1،38% مابين سنتي1994 إلى 2004، وبنسبة 1،25 % بين سنتي 2004 و 2014، ليصل إلى مستوى 0،85% مابين سنتي 2014و 2024. إن هذه المعطيات الديمغرافية الصاعقة، يبدو وكأنها لا تعني أي شيء، بدليل عدم فتح نقاشات عمومية واسعة حولها، وعدم قيام الفاعلين المعنيين بتقديم إجابات بشأنها. وللأسف، تأتي هذه المقترحات التعديلية لمدونة الأسرة، وكأن هذه الإحصائيات عادية، ولا تعني الأسرة من قريب أو بعيد. لذلك، فإن المؤكد أن مستقبل بلادنا مهدد ديمغرافيا، وعلينا أن نتساءل عن الأسباب والعلل، ونقارب كافة الاصلاحات الأسرية على ضوء هذه الأرقام المنذرة. وعلى هذا الأساس، فإنه إذا كانت هذه المقترحات ستسهم في الحد من الانحدار الديمغرافي فمرحى و ألف مرحى، أما إذا كانت ستكرس مزيدا من الانحدار والتراجع السكاني، فإنه ليس من الحكمة اعتمادها. لذلك أدعو إلى التأني الضروري في البلورة النهائية للتعديلات، واعتبار موضوع الاشكالية الديمغرافية أم المشاكل التي ينبغي التصدي لها بكافة الحلول الممكنة، ومنها الحلول التشريعية التي تهم الأسرة، دونما أي اعتبار جزئي كيفما كان نوعه وأهميته، إذا كان في النهاية سيؤدي إلى ضياع الاعتبارات الكلية. إن مما يثير الانتباه أيضا أن مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957 كانت تنص في أصلها على تعريف الزواج بأنه (ميثاق ترابط وتماسك … إلى أن تقول؛ غايته العفاف وتكثير سواد الامة، )هكذا كان وعي الرواد الأوائل بأهمية العامل الديمغرافي، وعلاقته بالأسرة، غير أن مدونة الأسرة لسنة 2004، استغنت على هذه المعطيات في تعريف الزواج، وبعد عشرين سنة يبدو واضحا أنه من الملائم أن نراجع حساباتتا، وأن نفكر عميقا، وبعيدا، في مستقبل المغرب، مغرب الأجيال القادمة التي لربما قد تضيع في أهم مقوماتها، بسبب حساباتنا الصغيرة، وقصور نظرنا، والله الموفق.

المصدر: مملكة بريس

كلمات دلالية: تعدیل مدونة الأسرة من الانحدار فی الحد من إذا کانت

إقرأ أيضاً:

بنك مصر مواعيد تعديل سعر الفائدة بعد قرار البنك المركزي.. تفاصيل

أعلن بنك مصر أن لجنة الأصول والخصوم (الأليكو) ستعقد اجتماعها الأسبوع المقبل للنظر في أسعار العائد على شهادات الادخار.


وأشار البنك في بيان مقتضب له قبل قليل، أن عقد الاجتماع تطبيقا  بعد قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بخفض أسعار الإيداع والإقراض بمقدار 225 نقطة أساس في اجتماعها اليوم الخميس .

البنك المركزي: التضخم السنوي يهبط لأدنى مستوى منذ 3 سنوات في مارس 2025مفاجأة.. ماذا حدث في سعر الدولار بعد قرار البنك المركزي اليوم؟


كان البنك المركزي المصري قد قرر تخفيض سعر الفائدة علي المعاملات المصرفية بواقع 2.25% علي المعاملات المصرفية للمرة الأولى منذ أكثر من عام .


وبعد إعلان بنك مصر الحكومي من المقرر تقليص سعر الفائدة علي كافة المعاملات المصرفية بما في ذلك المنتجات الإدخارية كالشهادات ودفتر التوفير و الودائع و كذلك القروض والتمويل .

مقالات مشابهة

  • برلماني: ننتظر مقترحات الحكومة بشأن الإيجار القديم.. والحوار المجتمعي الحل (فيديو)
  • الرميد يعلق على عدم حضوره مؤتمر “البيجيدي”: تقاعدت.. ولم أعد معنيًا بالحزب وأنشطته
  • مقترحات لمواجهة الأزمة الاقتصادية في السودان في ظل ارتفاع سعر الدولار
  • بنك مصر مواعيد تعديل سعر الفائدة بعد قرار البنك المركزي.. تفاصيل
  • 140 مقترحاً بحثياً في الدورة الـ 6 لبحوث الاستمطار
  • مع الأغلبية.. ائتلاف المالكي يتنازل عن تعديل قانون الانتخابات
  • الصحة النيابية:تعديل لقانون مكافحة المخدرات لحظر المواد التي تدخل في صناعة المخدرات
  • المالية النيابية تحذر من عدم تعديل سعر برميل النفط في الموازنة
  • حزب المؤتمر يرفض مقترحات حظر سفر الأطباء ويعتبرها تقييد للحرية ومخالفة للدستور
  • وزارة الخارجية تعرب عن إشادة المملكة بالإجراءات التي اتخذتها الجهات الأمنية في الأردن لإحباط مخططات كانت تهدف إلى المساس بأمنه وإثارة الفوضى