مطران القدس: جهود مصر لوقف الحرب لم تتوقف.. ورسالة «الميلاد» هذا العام «انتصار المحبة»
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
أشاد يعقوب أفرام سمعان، مطران القدس للسريان الكاثوليك، بالدور الذى تقوم به مصر لإنهاء حرب الإبادة الجماعية المستمرة بحق الفلسطينيين، سواء على المستوى الدبلوماسى أو الإنسانى، وقال «يعقوب»، فى حوار مع «الوطن»، إن منطقة الشرق الأوسط، وفى القلب منها بلاد الشام، تعيش مفاجآت وأحداثاً سياسيّة متسارعة، أدّت إلى تفاقم معاناة شعوب المنطقة، وأضاف أنه لم يكد أن يخمد حدث ما، حتى تهب الصحف مجدداً بأخبار جديدة مؤلمة.
كيف يمكن لعيد الميلاد أن يحمل رسالة أمل ورجاء؟
- عيد الميلاد هو عيد المحبة والأخوّة الإنسانية الواحدة، وكما يوصى البابا فرنسيس جميعنا إخوة، مستشهداً بالآية المقدسة «ليكون الجميع واحداً» (يو 17: 21)، طفل المغارة الذى ولد فى مغارة متواضعة، علمنا أن المحبة وحدها ستنتصر، هذا الطفل العجيب سيدخل الفرح والسرور إلى قلوب الأطفال والأمهات، وكل فئات وأطياف المجتمع.
وكيف تأثر الفلسطينيون والأماكن المقدسة بما يحدث حالياً من إبادة وحرب؟
- أثرت تلك الحرب بشكل سلبى لا حدود له على دور العبادة، حيث انقطع الحجاج عن المجىء إلى الأراضى المقدّسة فى موسم الأعياد، أما على الصعيد الاجتماعى، فقد تضامن المسيحيون مع إخوتهم فى الإنسانية من مسلمين، ويشاركونهم الألم، ويدعونهم إلى إنهاء هذه الحرب العبثية التى لا فائدة منها للطرفين، لذلك اعتمد المسيحيون فى الأرض المقدسة على مبدأ اختصار مظاهر العيد والاحتفالات من إضاءة وزينة وأجراس ومسيرات فى الشوارع، تضامناً مع إخوتهم فى الإنسانية، كما دمرت تلك الحرب المنازل ودور العبادة والمدارس والمستشفيات والجامعات فى قطاع غزة، فأدّت إلى خسائر مادية مرعبة جداً، كما أن هذه الحرب أخلّت بالرباط الاجتماعى، الذى كان يربط بين المسلمين واليهود، حيث نرى بأم العين فقدان الثقة والاستنفار الأمنى فى كل بقعة، لا سيما فى مدينة القدس الشريف، حيث يعيش مجتمعان يختلطان يومياً فى الطرقات والأسواق، فالعربى يتنفس الغضب، والإسرائيلى يمسك بسلاحه ليشهره كيفما يحلو له، لا سيما بعد قرارات الحكومة الإسرائيلية بالسماح للمستوطنين بحمل السلاح بشكل علنى، وهذا ما يزرع الرعب والخوف فى نفوس المواطنين.
ماذا عن الوضع فى الضفة الغربية؟
- يعيش المواطن الفلسطينى فى حصار اقتصادى، حيث يتعذر عليه إيجاد العمل ليعول عائلته، بسبب إغلاق المعابر، وقد أصبحنا أمام مشهد نرى فيه سيدات فى الخمسين والستين والسبعين من العمر يعملن، بينما أولادهن الشباب عاطلون عن العمل، ناهيك عن آلاف المعتقلين من الشباب فى السجون الإسرائيلية، ولا بد أن أضيف هنا أن العديد من العائلات، لا سيما المسيحية، يعملون ضمن قطاع السياحة الدينية، وقد أدّت هذه الحرب إلى قطع موردهم المادى، خاصةً فى المدن الدينية الرئيسية، التى تعتمد على القطاع السياحى، مثل القدس وبيت لحم والناصرة.
وما تقييمك لجهود الدولة المصرية فى تهدئة الأوضاع فى فلسطين؟
- نشيد بالعمل والدور الذى تقوم به جمهورية مصر العربية، فمنذ اليوم الأول للحرب لم تبخل مصر فى محاولاتها لإيجاد الحلول السلمية والعملية لإيقاف هذه الحرب الطاحنة، وعدم انتشارها خارج قطاع غزة، من خلال الدبلوماسية السياسية والأمنية، فقد شاهدنا مراراً تدخل حكومة مصر أمنياً وسياسياً، وعقدت المؤتمرات والجلسات، واستضافت الجميع، لا سيما الطرف الفلسطينى المتضرر، وسعت مصر، من خلال توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، إلى تقديم الإعانات الإنسانية المختلفة فى قطاع غزة، من دواء وطعام وأمور لوجيستية طبية ولإيواء النازحين، كما لا يمكننا أن ننسى التسهيلات التى قدّمتها مصر فى بداية الحرب، وفتحت الحدود أمام الغزاويين لعبورهم إلى خارج القطاع، خاصةً الذين يحملون جنسيات أخرى، للسفر من خلال أراضيها.
كيف تظهر الكنيسة تضامنها مع النزوح والفقر والتهميش؟
- الكنيسة تحملت عبئاً كبيراً فى هذه الحرب، فقد وقفت بجرأة إلى جانب المتضررين، فمدّت يد العون، وتحدت الظلم، ورفعت الصوت عالياً مجاهرة فى دفاعها عن المحتاج والضعيف، ولا يخفى على أحد تأثير الكنيسة فى إيصال المساعدات، وثقة الجهات الدولية بها لأمانتها، فالكنيسة فى قطاع غزة فتحت أبواب أديرتها وكنائسها بكل طوائفها لإيواء النازحين الذين افترشوا المكان حيث الصلاة، وسكنوا وناموا مطمئنين تحت سقف يحميهم، ووجدوا الدواء والطعام والمبيت، حيث الحضن الدافئ الآمن، وكذلك لا ننسى دور الكنيسة فى عمل المستشفيات التابعة لها.
ماذا عن الوضع فى سوريا؟
- أتابع الاتصال بشكل يومى من مدينة القدس، حيث مقرّ الأسقفية، مع الأساقفة والكهنة والإخوة السوريين فى دمشق وحمص وحلب وسائر المحافظات السورية، وتشير الأخبار حتّى الساعة إلى أن الحكومة التى تم تشكيلها مؤخراً هى حكومة قريبة من الأقليات، ومنفتحة على الجميع، ونتمنى فى المرحلة الزمنيّة القادمة أن تستطيع الحكومة السورية إجراء انتخابات شفافة، تمثّل جميع أطياف الشعب السورى، وأن تكون حكومة منفتحة على الأقليات والإثنيات المختلفة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: عيد الميلاد غزة لبنان بيروت هذه الحرب قطاع غزة لا سیما
إقرأ أيضاً:
ملاحظات نقدية حول مبادرة الشيوعي لوقف الحرب
بدءً أثمن عالياً هذه المبادرة التي أصدرها الشيوعي وأتمني من أسهامي هذا أن يثري النقاش حولها حتي تكتمل كل جوانبها وتكون نبراساً ورافعة لكل القوي المناهضة للحرب والمحبة للسلام والتي تنادي بأستعادة ثورة ديسمبر المجيدة . أطلعتُ كغيري من الكثيرين الذين يهمهم رأي الحزب الشيوعي فيما يدور في الساحة السياسية حول مبادرته لوقف الحرب وأستعادة الثورة في البيان الصادر من المكتب السياسي بتاريخ 9 ديسمبر 2024 . صاغ البيان توجيه واضح لأعضاء الحزب بضرورة العمل القاعدي بكل همة ونشاط في الأمساك بزمام "المبادرة" وتحويلها لعمل سياسي وهم يومي وكما جاء في الخطاب الداخلي المصاحب للبيان : نبدأ بالديمقراطيين ثم القوي السياسية والنقابية والمطلبية والأجتماعية ومنظمات المجتمع المدني .
نحمد للشيوعيين السودانيين في طرحهم هذه المبادرة علي الرغم من مضي حوالي العامين علي حرب قضت علي الأخضر واليابس بعد أن سبقتها في الساحة السياسية مبادرات من أفراد ومنظمات مجتمع مدني وتنظيمات سياسية مختلفة وعلي قول الفرنجه أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي .
بدأت المبادرة بالتشديد علي وحدة العمل الجماعي كشرط أساسي لنجاح ثورة ديسمبر مثلما كان في أبريل وأكتوبر ويناير 56 . كما أكدت أن حرب 15 أبريل كان الهدف منها تصفية الثورة بعد أن فشل أنقلاب 2021 في القضاء عليها . وهذه خطوة في الأتجاه الصحيح بعد أن بح صوتنا بتأكيد أن السبيل الوحيد لوقف الحرب يتطلب وحدة قوي الثورة ولا سبيل الي ذلك الأ ببناء جبهة للعمل الموحد تضم كل الفصائل والفئات من القوي والكيانات المناهضة للحرب . ومضت المبادرة في مطالبة القوي السياسية وسلطة الأنتقال وكافة قوي الثورة ليس بتقديم نقداً ذاتياً فحسب وأنما يجب أن يوازي النقد حجم القصور والخطأ الذي قاد الي هذه الحرب وأن تتصدي الجماهير لمنع الأنزلاق للحرب الأهلية . كما أشارت المبادرة الي أن الوضع الكارثي من جراء الحرب أدي الي تعويل بعض القوي السياسية والوطنية الي البحث عن حلول خارجية دون تسمية هذه القوي .
وبالتطرق للحلول الخارجية ، أري أنه في حالة نجاح وحدتنا كقوي داخلية وكعامل أساسي في وقف الحرب والدمار الشامل من الضرورة أن يتمخض عن هذا النجاح إرغام الطرفين علي الجلوس لطاولة مفاوضات . وللخروج بنتائج أيجابية من المفاوضات لا بد من الأستعانة بقوي أجنبية مسلحة لكي تفرض سيطرتها علي المتحاربين بالسلاح وتمنع التفلتات الأمنية و تشرف علي تطبيق معاهدة السلام وتضمن تنفيذها بنص أتفاقية الأمم المتحدة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الأندماج . الحرب أدخلت البلاد في نفق مظلم والكل يعلم التدخلات الدولية والأقليمية . فرض السلام علي المتحاربين بالضرورة أن يتبعه تدخل خارجي ولا مناصة من دور الدول التي دعمت المتحاربين بمالها وسلاحها وأرادتها . الشيئ الاساسي أن نمتلك قوة الأرادة والحذر لكي نحد من تدخل القوي الخارجية بعد أن فرطنا في الوطن وسيادته وساعدنا جميعاً في الأنزلاق الي هذه النهاية في أعقاب أنجازنا لثورة سلمية شهد لها العالم .
بعد هذه المقدمة التي وردت في المبادرة مع عدم التعرض بأستفاضة لأكبر كارثة أنسانية في هذا القرن من نزوح وتشريد ولجوء وأنتهاكات يشيب لها الوجدان وحق في الحياة والعيشة الكريمة ، وبدلاً من أن تشرع في الكيفية التي تقترحها لوقف الحرب بتفاصيل وآليات وخطة واضحة ومحددة في توحيد قوي ثورة ديسمبر التي أطاحت بالنظام البائد وحالة التشتت التي حاصرتها ، سارت المبادرة التي عنوانها وقف الحرب في خط دعائي يشرح برنامج الفترة الأنتقالية وأهداف ثورة ديسمبر والأعلان الموقع عليه في يناير 2019 علماً بأن الحرب جبتْ ما قبلها . بل نجد أن المبادرة في بعض من أجزائها تطابقت رؤياها مع ما تم طرحه من جانب قوي الأتفاق الأطارئ وأحزاب الحرية والتغيير وحتي ما تم طرحه من قبل الأمام الراحل . تسمية هذا التطابق أو الأعتراف بتشابه الأهداف بوضوح يساعد في ردم الهوة بين أطروحات الشيوعي وأطروحات القوي الأخري .
أما فيما يتعلق بأخفاقات الفترة الأنتقالية لم تشر المبادرة من قريب أو بعيد للدور الذي لعبه الحزب الشيوعي بطرحه برنامج لا يتماشي مع الواقع التاريخي المعين بعد فوات الفرصة التاريخية للتغيير قبل إستلام اللجنة الأمنية لمقاليد الحكم علي الرغم من أن المبادرة في مقدمتها إفردت جملة علي أستحياء (لذا نري أن هنالك أهمية وضرورة لتقويم ونقد التجربة أنطلاقاً من أهداف ثورة ديسمبر 2018 ) . وهي بذلك أخرجتْ نفسها خروج الشعرة من العجين من كل العقبات والمتاريس التي وقفت أمام أنجاز مهام الفترة الأنتقالية بسلاسه و كانت فرصة لنقد الأداء والمنهج الذي صاحب الشيوعي أبان الفترة الأنتقالية بدءً من وضع العراقيل في تجمع المهنيين مروراً بقوي الحرية والتغيير ولجان المقاومة مع سبق الأصرار علي القفز فوق المراحل لتنفيذ برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وتجاهل القوي السياسية الأخري التي ساهمت مع الشيوعي جنباً الي جنب في أزالة النظام البائد . زاد من الألتباس وعدم وضوح الرؤيا طرح خيار التغيير الجذري الذي قسم المعارضة الي فسطاطين في وقت كان يستلزم وقوف كل القوي التي أسقطت النظام البائد في وجه تمدد قوي الثورة المضادة واللجنة الأمنية في برنامج حد أدني .
المبادرة في صفحتها السادسة وليس الأولي تعرضت لوحدة المعارضة وهي المعول الأساسي لوقف الحرب وأستعادة السير في خطي ثورة ديسمبر المجيدة حينما ذكرت ( أزاء هذا لا بد من وحدة أرادة كل القوي المؤمنة بالتغيير وتنظيم صفوفها لهزيمة المخطط الأجرامي علي السودان للحفاظ علي وحدته وسيادته وموارده وأراضيه وسواحله ) . توقع القارئ أن يتواصل الشرح في الخطوات العملية التي سيتبناها الشيوعي وعضويته لتحقيق الهدف الأساسي لوقف الحرب . ما هي الموجهات التي يطرحها في صحيفة الحزب للقواعد والقطاعات والفروع المختلفة لتبني هذا الرأي . وما هي المحاولات التي يتبناها لرأب الصدع فيما تم بينه والأحزاب السياسية الأخري ، مع العلم أن صحيفة الحزب الرسمية لا زالت تطرح تخوين الاحزاب المنضوية تحت لواء تقدم بدلا من النقد البناء للمتصارعين علي السلطة . ما هو رأي الحزب في تكوين الجبهة المشتركة هل سيقبل الدعوة للمشاركة وأبداء الرأي في الأجتماعات التي تدعو لها تقدم أم يواصل الرفض في تلبية الدعوات ؟ ما هي توجيهاته لعضويته في معسكرات النزوح سواء كانت في الداخل او الخارج لتنفيذ شعار وقف الحرب؟ ما هي الموجهات للحزبيين الذين يقفون في خندق ٍواحد في لجان الأحياء والمقاومة والتكايا مع بقية رفاقهم ذو التوجهات الحزبية المختلفة ؟ ما هو موقف الحزب أزاء المبادرات الأقليمية والدولية وتلك التي تمت الدعوه له للمشاركة و أبداء الرأي فيها ؟ هل اللجنة المركزية ومكتبها السياسي موحد حول هذه المبادرة حتي لا يتم خروج عن المركزية الديمقراطية ؟ هل هذه المبادرة دعوة لتكوين منبر موازي لتقدم او محاولة للانخراط فيما تم من تقدم ؟ رغم الثناء علي هذه المبادرة الأ أني أري أنها أفتقرت الي تفاصيل مهمة لانجازها حتي يتم تطبيقها علي أرض الواقع .
وأضافة أخيرة ، أن واقع وحقيقة تشرذم الحركة الأسلامية السودانية والمؤتمر الوطني يجعل من توقيت المبادرة للم الشمل فرصة مواتية أذا صاحبتها جدية وفعل من الحزب الشيوعي وهو قوة أساسية من قوي ثورة ديسمبر المجيدة لا ينكرها الأ مكابر.
حامد بشري
22 ديسمبر 2024
hamedbushra6@gmail.com