قصور الثقافة تقيم حفل تأبين للروائي الراحل حمدي أبو جليل بالفيوم.. صور
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
كتب- محمد شاكر
استقبلت نقابة الزراعيين بالفيوم، أمس الخميس، حفل تأبين الروائي والكاتب الراحل حمدي أبو جليل، الذي نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، بحضور أسرة الأديب الراحل وكوكبة من الأدباء والمثقفين المبدعين.
في كلمتها قدمت لاميس الشرنوبي رئيس إقليم القاهرة الكبرى الثقافي عزاءها لأسرة أبو جليل، وعزاء رئيس الهيئة واعتزازه وتقديره للراحل الكبير ومسيرته الإبداعية، مشيرة إلى أنه كان عنوانا للتلقائية والبساطة، وكان كريم الخصال والسجايا، كما أكدت على أهمية دور الأدباء في الساحة الثقافية، ثم تم تكريم اسم الأديب الراحل.
وقال الشاعر عبده الزراع مدير عام الثقافة العامة إن الروائي حمدي أبو جليل ظل كما هو لم تتغير طبيعته، كان ساخرا كبيرا يكتب مثلما يتكلم، كان يمتاز ببساطته الشديدة في الكتابة، جريئا لا يحمل ضغينة لأحد، فهو اسم رنان في الحياة الثقافية حاضرا دائما بإبداعه.
ووجهت سماح كامل مدير عام ثقافة الفيوم الشكر لجميع الضيوف لحرصهم على الاحتفاء بقامة كبيرة، وأضافت أن الراحل تبرع بقطعة أرض كمقر ثقافي بقرية إطسا ونادت بضرورة السعي لتحقيق حلمه تخليدا وتكريما له.
قدم الحفل القاص عويس معوض ناعيا الأديب الراحل وقائلا أنه رحل جسدا فقط وبقيت أعماله، مشيرا إلى العفوية التي تحلى بها وتحلت بها أعماله أيضا، هذا البدوي الذي نشأ في بلد صخري استطاع أن يفر بنفسه من القرية إلى العاصمة ليصبح هذا الأديب العظيم، مضيفا أن أبا جليل سعى لتحرير العقل وانطلاق الرواية إلى آفاق بعيدة.
وطالب الأديب أحمد الجعفري أن يُطلق اسم أبو جليل على إحدى القاعات التابعة لقصور الثقافة في الفيوم، كما أضاف الأديب والمفكر عصام الزهيري في كلمته ممثلا عن أدباء الفيوم، أن الأديب الراحل كان يعلمنا كيف نختلف ونحب الجميع، كان متميزا ذو قيمة كبيرة، لا يعرف المهادنة في أحلامه ومبادئه.
خلال كلمته قدم الشاعر عبد الحافظ بخيت ممثلا عن أدباء إقليم وسط الصعيد خالص التعازي لأدباء الفيوم وجميع محبي الفقيد، موضحا في كلمته أن الأديب الراحل كان يهتم بالمهمشين و له خيط درامي يتميز به ، واستطاع أن يصنع صوتا روائيا خاصا به وأن يضيف إلى التاريخ، وأشار إلى مواقف وذكريات تجمعه بالفقيد الراحل.
ثم قدم الأديب الشاعر أشرف أبو جليل ممثلا عن عائلة الراحل كلمته حول رفيق الدرب منذ البداية، وتوالت مداخلات الحضور المحبين للراحل من المبدعين والمثقفين والتي استعرضت مواقف وذكريات جمعتهم به من ضمنهم الكاتب سعيد نوح، وأبو الفتوح البراعصي ممثلا عن قبيلة الرماح ناعيا الراحل بكلمات من تراث البادية.
أضاف أحمد عبد القوي زيدان أن رحيل أبو جليل كان في عز نصجه وقدرته علي الإبداع لذلك كان حزنا مضاعفا مؤكدا أن التراث الذي تركه لابد أن يلقى اهتماما من الأدباء والمثقفين والمبدعين، بينما أشار الروائي محمد جمال الدين إلى حمدي أبو جليل ذي البعد الإنساني والابتسامة الخصبة حيث كان رحلة متجذرة في الثقافة البدوية.
أعقبه محمد حكيم قائلا إن أبو جليل كان صوت المهمشين وأكثر صدقا والتصاقا بما كان يقدمه في كتاباته، مع استعراض لبعض أعماله، كما أكد د. نصر الزغبي عضو مجلس النواب الأسبق أن الأديب الراحل كان متسقا مع نفسه، مثقفا حقيقيا يشتبك مع قضايا مجتمعه بالفعل، شخصية إنسانية مدهشة، بينما أضاف الشاعر محمد شاكر في كلمته أن الراحل كان إنسانا ومبدعا حقيقيا، حكاء بشكل مدهش وفكاهي، واستعرض بعض الذكريات والمواقف مع الفقيد الراحل.
كان الحفل قد تضمن عرض بودكاست بعنوان ''أرض الخير'' وهو مقطع صوتي للأديب الراحل إخراج د. هادي حسان، ثم تم عرض فيلم تسجيلي للأديب الراحل بصوته حول روايته الأخيرة ''ديك أمي'' متضمنا صورا للراحل تجمعه بعائلته وأصدقائه.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: تنسيق الجامعات فانتازي الموجة الحارة انقطاع الكهرباء سعر الذهب أمازون الطقس سعر الدولار الحوار الوطني تمرد فاجنر أحداث السودان سعر الفائدة حفل تأبين حمدي أبو جليل قصور الثقافة حمدی أبو جلیل الراحل کان فی کلمته ممثلا عن
إقرأ أيضاً:
في تذكر ما تيسر من سيرة الراحل الكبير محجوب محمد صالح
حيدر المكاشفي
صادف يوم الثالث عشر من شهر فبراير الماضي، الذكرى السنوية الأولى لرحيل استاذ الاجيال وعميد الصحافة السودانية محجوب محمد صالح، وقد كان رحيله فاجعا على البلاد عامة والصحافة خاصة، فكليهما الوطن السودان والصحافة السودانية يفتقدان وجوده، فللراحل قيمة وطنية تتعدى الصحفيين ومهنة الصحافة لتشمل كل المجتمع السوداني وكل القضايا السودانية، بما يمتلك من معرفة موسوعية وقلب كبير يسع الجميع، فهو في المهنة مدرسة وقامة مهنية عالية وسامقة وسامية، فالراحل محجوب يعد أحد الأعمدة المؤسسة للصحافة السودانية، ومؤسس النهضة الحقيقية للصحافة السودانية، منذ الأربعينيات، والخمسينيات التي شهدت تأسيس صحيفة الأيام عام 1953وظل صامدا في هذه المهنة الصعبة أكثر من سبعين عاما حتى اخر لحظات حياته، ولم يوجد وأزعم أنه سوف لن يوجد من يهب مهنة الصحافة كل عمره وكل بذله مثله في المنطقتين العربية والافريقية، ولأن الناس في أزمان الأزمات والمحن والاحن يفتقدون الحكماء، فقد افتقدت البلاد في زمن هذه الحرب المهلكة اللعينة الاستاذ محجوب الذي كان يعد من آخر الحكماء الذين تبقوا لنا، وفي هذا الظرف العصيب والمنعطف الاخطر الذي يمر به السودان اليوم، ما كان أحوج البلاد لحكمته ونصحه ومساهماته التي لم تنقطع حتى آخر يوم في حياته الذاخرة بالعطاء، ونذكر في هذا الصدد تحذيره الذي لم يكف عن تكراره كثيرا وفي كل مناسبة من انزلاق البلاد نحو المجهول بسبب الاستقطاب الحاد، وهو ما حدث ويحدث حتى الان ويخلف مآسي كبيرة وفظيعة، ولكن عزاءنا أنه ان غادر هذه الفانية فقد ترك أثرا باقيا وممتدا على المستويين الصحفي والوطني..
ان ما احتازه وبناه الراحل الكبير محجوب محمد صالح من سيرة باذخة وعطاء ثر، لم يكن طريقه اليه معبدا ومفروشا بالورود، ولم يكن كل ما أصابه من نجاح سهلًا وفي متناول اليد، بل كان طريقا مليئا بالأشواك والعثرات والصخور والعقبات والمعاناة والمكابدة وبالتحديات والصعاب، ولكن بالعزيمة والاصرار وتوجيه كل طاقاته نحو ما خطط له من أهداف متجاوزا كل العقبات بنى تلك السيرة والمسيرة الباذخة، فقد حكى هو بنفسه في عدد من اللقاءات الصحفية عن نشأته الباكرة وبعض محطات مسيرة حياته العامرة بالبذل والعطاء، ومؤدى افاداته أنه لم يخرج إلى الدنيا ليجد طريقه ممهداً ومفروشاً بالورود، فهو ينحدر في الأصل من أب حرفته صيد الأسماك، نزح من أقصى شمال السودان قاصداً الخرطوم يحمل معه أدوات صيده وأحلام الاستقرار على إحدى ضفتي النيل، انتهت رحلة ذلك الصياد (والد محجوب) بمنطقة الخرطوم بحري، مضت السنوات على محمد صالح هناك وفي أحد أيام عام 1928م أنجبت له زوجته سعدية بنت الأمين طفلها الأول الذي أطلقت عليه اسم محجوب؛ ليكبر ذلك الطفل ويترعرع ويقضي كل سنين حياته في منطقة الخرطوم بحري. ومنذ سنوات الأستاذ محجوب الأولى في الحياة كانت التحديات تقف في طريقه دون أن ينحني أو يحيد أو ينكص، وظل يمضي في طريقه دون توقف، فارق والده الحياة باكراً تاركاً محجوب وإخوته الأربعة، وتمضي الأيام وتتعاقب السنوات دون أن يعلم أحد ما تخفيه، إلا أن العام 1940 بالتحديد حمل له الكثير وشكل نقطة تحول في حياة الأستاذ الطالب وقتها في المرحلة الوسطى عندما كتب أول مقال صحافي له في صفحة الطلاب بجريدة السودان بعد أن اختارته الصحيفة للمشاركة في تحريرها وهو في ربيع عمر الثاني عشر، ويقول الأستاذعن تلك الواقعة: انتقدت نظار المدارس في ذلك الوقت، وكان رد الفعل أن جلدني مديرالمدرسة (40) جلدة، ومنذ ذلك الوقت استمر جلدي حتى الآن، وبعد تسعة أعوام انتظره عقاب آخر وهو فصله مع أربعة آخرين من كلية غردون (جامعة الخرطوم لاحقا) بسبب تنظيمهم وخروجهم في مظاهرة ضد الحكم البريطاني، حينها كان الاستاذ ضمن طلاب الدفعة الأولى بكلية الآداب يحضر لنيل درجة البكالوريوس في جامعة لندن، ويشغل منصب سكرتير اتحاد الطلاب، غادرالأستاذ قاعات الدرس الجامعي بعد تلك الحادثة دون أن تغادره روح المثابرة والبحث عن الحرية والديمقراطية ونصرة المظلومين؛ ليلتحق في ذات العام بالعمل الصحافي متنقلا بين فنونه المختلفة، ومع كل ذلك ظل ارتباطه بالصحافة ارتباط رأي، بسبب نهج الصحافة السودانية في تلك الفترة ونشأتها الهادفة للتصدي لقضية التحرر الوطني وحض الناس على العمل من أجل نيل حريتهم، وهو ما ذكره ضمن وصفه لتلك الفترة رغم الخط التحريري القائم على الخبر في صحيفة (سودان ستاندرد الانجليزية) التي كانت أولى محطاته، وهو ما سيدفع بالأستاذ ورفيقي دربه بشير محمد سعيد ومحجوب عثمان بعد أربع سنوات من عمله في الصحيفة الإنجليزية (سودان ستاندرد) التي تمزج بين الرأي والخبر، لإصدار صحيفة الأيام في العام 1953م، والتي شغل منصب رئيس تحريرها حتى اخر يوم في حياته، مجسدا حالة نادرة من الصمود والجسارة والتصميم، ولا شك أن المتمعن والناظر بعمق لشخصية الأستاذ يجد فيها جملة زوايا للتأمل ولن يجد غير الوقوف بشموخ وصلابة وعدم الانحناء، فبعد فصله من جامعة الخرطوم خرج من الجامعة وأسس مدرسة صحفية أصبحت اليوم جامعة خرجت الأجيال اسمها الأيام (الكاتب أحد خريجيها)، وهو ما تؤكده حالة الاعتزاز بين كافة الصحافيين السودانيين ومحاولة إظهار انتمائهم إلى صحيفة الأيام بشكل مستمر، فالرجل له وزن في كافة الأوساط السودانية، فهو لا يحدثك مطلقاً عن نفسه ولا يزهو بما أنجز مهما عظم، فطوال بحث السودانيين عن صيغة منجية لوطنهم كان الأستاذ حاضراً بقوة ناصحا وموجها يقدم تجربته دون انتظار شكر يطرحها في الغرف المغلقة أن تطلب الأمر ويكتبها علانية للجميع في أغلب الأحيان تحت زاويته الصحفية الاشهر(أصوات وأصداء)، ويصفه مجايلوه بأنه شخص مؤدب لا يمكن أن تسمع له صوت أو تعرف له خصومة، ورغم اتسامه بالهدوء والوقار على المستوى الشخصي، إلا أنه كان طوال فترة عمله التي تجاوزت نصف قرن بمثابة عاصفة هوجاء في وجه كل من سعى للنيل من حرية الصحافة، وعليه فإن كل شعرة بيضاء في رأس هذا الصحافي الملقب بجدارة بـ(عميد الصحافة السودانية) واستاذ الاجيال تحكي رحلة الشقاء والمعاناة والصبر الطويل على نكد المهنة وظلم ذوي القربى في بلد مر منذ استقلاله وحتى الآن بأربعة نظم عسكرية تبارت في كبت حرية الصحافة، ورغم أن الأستاذ دفع ثمنا غاليا منذ بداياته وحتى رحيله لكنه كان دائما ما يخرج منتصرا مرفوع الرأس ويجد الاحترام من كافة الأطراف في البلاد، فعلى مدى أكثر من 50 عاما من العمل في المهنة واجه كل أشكال القيود والتحرشات بما في ذلك الرقابة والمصادرة والحظر والإغلاق والتأميم والترهيب والسجن. وكل هذا الكفاح والنضال والمدافعة الصحفية أقنعت الاتحاد العالمي للصحف في سول بمنحه جائزة القلم الذهبي الحر لعام 2005، وقال الاتحاد العالمي للصحف في افتتاح المؤتمر العالمي للصحف الثامن والخمسين الذي تم فيه منحه الجائزة، إن الاستاذ محجوب محمد صالح كافح من أجل الصحافة الحرة والمستقلة في بلده مدة زادت على 50 عاما.
حيث بدأ حياته الصحفية في عام 1949 حينما كان السودان يرزح تحت الاستعمار البريطاني، ثم أنشأ بعد ذلك صحيفة الأيام بمعاونة اثنين من زملائه (بشير محمد سعيد ومحجوب عثمان) في عام 1953وكانت الصحيفة تنتقد بشكل متواصل أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة في السودان. وإذا كانت جائزة القلم الذهبي قد توجت مسيرة الاستاذ في حصد الجوائز، فإنها لم تكن الوحيدة، حيث حصد جوائز من جهات ومؤسسات عالمية أخرى، ولكن أعزها على قلبه، كما قال أحد المقربين منه هي تلك الجائزة السودانية التي حصل عليها عام 2012، من جامعة الأحفاد وكانت دكتوراه فخرية، والاحفاد جامعة أهلية سودانية لها مكانة وطنية تاريخية، وإسهام أساسي في تعليم السودانيات، منذ وقت مبكر من القرن الماضي وفي وطن غلبت على أهله حتى وقت قريب ثقافة الشفاهة، كان الاستاذ محجوب محمد صالح من رواد التفكير والتوثيق، حيث أصدرعدة كتب طوال مسيرته، تكشف مدى انخراطه في الهم الوطني السوداني، ومحاولة تقديم قضاياه الحرجة والملحة بمنظور وطني متقدم ومستقل وكانت هذه الكتب هي: تاريخ الصحافة السودانية التي أرخ فيها للصحافة السودانية ومعاركها، منذ بداية القرن، وكذلك أضواء على أهم قضايا السودان المركزية، وهي حرب الجنوب، وأيضا كتاب تحت عنوان مستقبل الديمقراطية في السودان، حيث استعرض التحديات التي تواجه معضلة التحول الديمقراطي في السودان، وبطبيعة الحال كان كتابه دراسات حول الدستور إدراكا رائدا منه حول مسألة تدشين عقد اجتماعي جديد في السودان وضروراته الدستورية. لقد قدم فقيد البلاد الكبير معارفه الموسوعية وخبراته التراكمية ليس فقط في في مجال الصحافة والإعلام بل في مختلف المجالات، وظل مرجعا يؤخذ منه الرأي والافادات والشهادات في كثير من القضايا الوطنية كما ظل مرجعا ومرشدا وهاديا لقيم وتقاليد وأخلاقيات المهنة.. وقد تجلت محبته وحفظ فضله من أهل الصحافة والمهتمين بمجالات العمل العام، في تلك المراسم التي انتظمت في العديد من دول العالم لتأبينه وامتدت لشهر كامل، في حدث لم يشهد تاريخ السودان المعاصر له مثيلا.. ألا رحم الله عميد الصحافة السودانية وأستاذ الاجيال محجوب محمد صالح، بأحسن مما قدم من عطاء، وبذل من مكارم، نسأل الله أن يجعلها في مثاقيل ميزانه الراجح يوم الجزاء الأوفى بإذن الله..
الوسومحيدر المكاشفي