يتم فى مصر إهدار ثروة بمليارات الجنيهات سنوياً بسبب سوء تخطيط بسيط يمكن تداركه لتوفير تلك المليارات للدولة التى تعانى موازنتها معاناة لا تقل عن معاناة رب الأسرة الذى لا يجد ما يؤكل به أولاده إلا بالدين الربوى من هذا وذاك، أقصد بتلك الثروة» النفايات»، وأكمل معكم حديث الأربعاء الماضي، وفقاً للإحصائيات الرسمية تنتج مصر سنوياً أكثر من 2 مليار طن من النفايات، نسبة إعادة التدوير لهذه المخلفات لا تتجاوز ١٦%، وهو ما يشكل عبئاً على البيئة للتخلص بصورة نهائية من باقى المخلفات فى مدافن بصورة آمنة لا تلوث البيئة ولا تضر بالصحة العامة فى ظل المتغيرات المناخية الخطيرة، وتزداد تلك المشكلة خطورة فى الريف والمناطق الشعبية بصورة أكبر.
المثير فى الأمر أن المواطن الذى يخالف تعليمات فصل القمامة يتم تغريمه من قبل مجلس المدينة فى الدول الأوروبية، ويتم التعرف عليه أولا من خلال فحص كيس القمامة، فقد يتم العثور على عنوان أو ورق يشير إلى صاحب القمامة، وإن تعذر ذلك يتم فحص الكاميرات الموجودة أمام البنايات السكنية والمنتشرة بالشوارع والأحياء، حتى يتم تحديد المواطن المخالف، ولان الغرامة تكون كبيرة، يتجنب المواطنون المخالفات أثناء التخلص من مخلفاتهم، فمن أمن العقاب أساء الأدب، أما المخلفات الكبرى كقطع الأثاث القديم والأجهزة الكهربائية، على المواطن أن يتصل أولاً بمجلس المدينة القسم الخاص بالبيئة والنظافة، ويخبرهم أن لدية مخلفات من هذا النوع، فيحددون له موعدا ليضع مخلفاته فى الشارع بجانب حاويات القمامة، وليتم على الفور فى نفس اليوم قدوم سيارة ضخمة لحمل تلك المخلفات أيضا للإستفادة بها وإعادة تدويرها، ولا يتم الأمر كما يحدث فى بلدنا الحبيب، حيث يتم إلقاء كل شيء مع كل شيء وفى أى وقت وفى أى مكان من الشارع، فى فوضى مذرية تلوث البيئة، وتهدر مليارات على الدولة.
والمخلفات العضوية التى نستهين بها ونتخلص منها مع مواد اخرى خطرة تؤدى لتلفها، تعد ثروة لا يستهان بها فى تصنيع السماد للأراضى الزراعية وصناعة الغاز الحيوى الصديق للبيئة، وفى توليد الكهرباء. لذا نجد أن أول خطوة للإستفادة الكاملة من المخلفات فى مصر بدلا من إستيرادها من الخارج بالمليارات، هو وضع الحاويات المخصصة لكل نوع من المخلفات، نشر الوعى الإعلامى بين المواطنين بضرورة التخلص من قمامتهم على نحو مصنف، أن يتم تشجيع المواطنين بتوزيع أكياس للقمامة متعددة وفقا للتصنيفات على الأقل مرة كل شهر حتى لا يكسل المواطن فى تصنيف قمامته ويضعها كلها فى كيس واحد، أن يتم عمل غرامات مالية لمن يخالف تعليمات فصل القمامة، وهو بالطبع أمر سيثير غضب الكثيرين ضدى وسيقولون «هو كان ناقصنا غرامة قمامة» لكن الأمر بسيط هو التزام التعليمات التى تضعها الدولة فى هذا الإطار والتدريب والتعود على التعامل مع المخلفات على أنها ثروة للبلد. والخطوة المهمة فى هذا الأمر أن يتم إنشاء شركة وطنية لجمع وتصنيف القمامة، وألا يتم ترك الحابل على النابل للأباطرة المستفيدين من تلك الثروة دون أن تستفيد خزانة الدولة شيئا يذكر، أن يتم إغلاق مقالب وتجميع القمامة العشوائية فى القاهرة وكل المحافظات، أن يتم إقامة مقالب رسمية لتجميع وتصنيف القمامة ومعالجتها، ومن ثم إعادة تدويرها محليا أو تصديرها للخارج، فى أوروبا الدولة نفسها هى من تتولى هذا الأمر، بل يوجد مكتب فى الإتحاد الأوروبى اسمه « مكتب نفايات الإتحاد الأوروبي»، هو يتولى التعامل الرسمى مع دول الإتحاد فى هذا الإطار، حتى تعود ثروة تلك المخلفات إلى خزانة كل دولة، ولا تذهب إلى أفراد بعينهم أو إلى تجمعات عائلية بعينها.
خلاصة القول لا بد من وجود استراتيجية وطنية واضحة لجمع وتصنيف ومعالجة وتدوير وتصدير المخلفات تشارك فيها الوزارات المعنية وذات الصلة ايضا، كوزارات البيئة، الصناعة، التجارة، المالية، والإتصالات، للإستفادة الحقيقية والمثلى للمخلفات، ولا أعرف لماذا أشعر بأنى أضن بتلك الثروة على أفراد وجهات إستثمارية خارجية، وأرى أن خزانة الدولة أولى بعائد تلك الثروة، وأن تتولى الدولة من خلال شركة وطنية إدارة المخلفات والتعامل مع المصانع الخاصة التى تعتمد فى إنتاجها على المخلفات أو على الطاقة الناتجة عن تدويرها قبل التفكير فى تصديرها، فمصر أولى بالاستفادة من نفاياتها بدلا من إحتضان نفايات الدول الأخرى بالإستيراد، لا يعقل أن يكون لدينا مصدر ثروة نفرط فيها بالإهمال، ونشترى أخرى من الخارج بالمليارات، ولا اعرف لمصلحة من يتم هذا؟
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد البيئة تلک الثروة أن یتم
إقرأ أيضاً:
بلدية غزة تحذر من كارثة بيئية وصحية بسبب تراكم النفايات
حذّرت بلدية غزة، اليوم الاثنين، من كارثة صحية وبيئية خطيرة جراء تراكم نحو 170 ألف طن من النفايات في الشوارع والمكبات المؤقتة داخل المدينة.
وأوضحت البلدية، في منشور عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أن هذا التراكم يعود إلى منع الاحتلال لطواقمها من الوصول إلى المكب شرق المدينة، بالإضافة إلى تدمير الاحتلال لما يقارب 80% من آليات البلدية، مما فاقم الأزمة.
وفي محاولة لمواجهة هذه التحديات، أطلقت البلدية خطة طوارئ الأسبوع الماضي لإزالة النفايات المتراكمة في الشوارع والأحياء ومراكز الإيواء، وذلك في إطار جهودها للتخفيف من المخاطر الصحية والبيئية الناجمة عن الأزمة.
وأشارت البلدية إلى أن الخطة تعتمد على فرق عمل متخصصة تضم مشرفين وعمالاً وفنيين، إلى جانب استخدام آليات ومعدات متنوعة لجمع النفايات ونقلها، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، ومنظمة ACF، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والقطاع الخاص.
وأكدت البلدية أن تنفيذ المشروع سيستغرق من ثلاثة إلى أربعة أسابيع، بشرط توافر المعدات الثقيلة والموارد اللازمة. كما تتضمن الخطة تقسيم المدينة إلى قسمين، شرقي وغربي، والبدء بإزالة النفايات من الشوارع الرئيسية قبل الانتقال إلى الأحياء السكنية ومراكز الإيواء.