جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-24@11:22:22 GMT

عُمان والصين.. نحو مزيد من الشراكات

تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT

عُمان والصين.. نحو مزيد من الشراكات

 

محمد بن علي العريمي

mahaluraimi@gmail.com

 

تتمتع سلطنة عُمان بموقع جغرافي استراتيجي يُتيح لها الاستفادة من علاقاتها مع الصين؛ حيث تُعد عُمان الأسهل جغرافيًا بين الدول العربية في الوصول إلى الصين عبر المسار البحري، وهذا الموقع الجغرافي الفريد يُتيح لعُمان فرصًا كبيرة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الصين، خاصةً في ظل تنامي دور الصين كقوة اقتصادية عالمية وزيادة حجم التبادل التجاري بين الدولتين.

وفي هذا السياق، يُمكن لعُمان الاستفادة من موقعها لتعزيز شراكتها مع الصين في مختلف المجالات، مما يؤدي إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة وتنمية مستدامة. وتمتلك عُمان شبكة موانئ قوية مثل ميناء صلالة، ميناء الدقم، وميناء صحار، التي تتمتع بموقع استراتيجي على المحيط الهندي. ميناء صلالة وحده استقبل أكثر من 4.3 مليون حاوية نمطية في عام 2022، وهو ما يجعله من أبرز الموانئ الإقليمية. كما يُعتبر ميناء صحار من بين الموانئ المتطورة؛ حيث يحتوي على مرافق حديثة ويعد مركزًا رئيسيًا لاستيراد وتصدير البضائع. وفقًا لتقارير اقتصادية، بلغ إجمالي استثمارات تطوير الموانئ العُمانية حوالي 20 مليار دولار خلال العقد الماضي. هذه الموانئ قادرة على استقطاب البضائع الصينية العابرة إلى إفريقيا وأوروبا، مما يعزز موقع السلطنة كمركز لوجستي عالمي.

إضافةً إلى ذلك، يُمكن لعُمان الاستفادة من التكنولوجيا والخبرة الصينية في تطوير موانئها. على سبيل المثال، يُمكن التعاون مع شركات صينية رائدة مثل "تشاينا هاربور" و"تشاينا كوسكو" لتوسيع المرافق اللوجستية وزيادة الطاقة الاستيعابية؛ مما يدعم حركة التجارة المتزايدة. ومن خلال هذا التعاون، يُمكن للموانئ العُمانية أن تصبح جزءًا لا يتجزأ من مبادرة "الحزام والطريق" التي تهدف إلى تعزيز الربط التجاري بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.

التجارة البحرية بين عُمان والصين تشهد تطورًا ملحوظًا. في عام 2021، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 21.2 مليار دولار أمريكي؛ مما يجعل الصين الشريك التجاري الأكبر لعُمان. وعلى الرغم من أنَّ غالبية هذا التبادل تتركز في قطاع الطاقة، فإنَّ هناك فرصًا واعدة لتوسيع نطاق التعاون ليشمل الصناعات التحويلية والمنتجات الزراعية والسمكية. وتشير التوقعات إلى أنَّ تعزيز الاتفاقيات التجارية وتسهيلات النقل قد يؤدي إلى زيادة التبادل التجاري بنسبة 10% سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة.

ويمكن لعُمان استقطاب الاستثمارات الصينية في قطاعات مختلفة مثل البنية الأساسية، والصناعات الثقيلة، والطاقة المتجددة، والسياحة، والزراعة. وعلى سبيل المثال، تُعد منطقة الدقم الاقتصادية وجهة استثمارية مثالية.

عُمان تُعد شريكًا مثاليًا للصين في مجال الطاقة؛ حيث إنَّ الصين واحدة من أكبر مستوردي الطاقة في العالم. وفي عام 2021، صدّرت السلطنة حوالي 80% من إنتاجها النفطي إلى الأسواق الآسيوية، مع حصة كبيرة موجهة إلى الصين. وهذا التعاون يعكس تكاملاً طبيعيًا بين احتياجات الصين وموارد عُمان. إضافة إلى ذلك، يمكن تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وفقًا لتقارير منظمة الطاقة الدولية، تُعتبر الصين من أكبر المستثمرين في تقنيات الطاقة النظيفة، مما يوفر فرصة لعُمان للاستفادة من الخبرة الصينية في هذا المجال لتطوير مشاريع مستدامة داخل السلطنة.

وفي مجال السياحة، تُعد الصين سوقًا واعدة لعُمان، وفي عام 2019، زار السلطنة أكثر من 50 ألف سائح صيني، ومع استئناف حركة السفر العالمية، من المتوقع أن يرتفع هذا العدد بشكل كبير. وتُعد المواقع التاريخية في عُمان عوامل جذب رئيسية للسياح الصينيين، إضافة إلى الصحاري والشواطئ الجميلة التي توفر تجربة فريدة. وهنا يتعين تعزيز الجهود الترويجية وتنظيم حملات إعلامية على المنصات الصينية الشهيرة مثل "وي تشات" و"ويبو"، بما يساعد على زيادة أعداد السياح الصينيين.

كما إنَّ التبادل الثقافي بين عُمان والصين يُعد ركيزة أساسية لتعزيز العلاقات الثنائية. يمكن تنظيم مهرجانات ثقافية ومعارض فنية وبرامج تعليمية لتقريب الثقافات بين الشعبين. على سبيل المثال، يمكن إنشاء برامج لتدريس اللغة العربية للصينيين، واللغة الصينية للعُمانيين لتعزيز التواصل. علاوة على ذلك، يمكن إقامة فعاليات رياضية مشتركة تُبرز الترابط الحضاري بين البلدين.

ومن ناحية تطوير الصناعات المحلية، فإنَّ الصين سوق رئيسية للرخام العُماني؛ حيث بلغت صادرات الرخام العُماني إلى الصين حوالي 20 مليون دولار في عام 2020. وتعزيز هذه الصناعة وتوسيع قاعدة العملاء في الصين يمكن أن يزيد من إيرادات السلطنة بشكل كبير. إضافة إلى ذلك، فإنَّ المنتجات الزراعية مثل التمور والأسماك لديها إمكانيات كبيرة للدخول إلى السوق الصينية بفضل الطلب المتزايد في هذا القطاع. تُشير بيانات وزارة الزراعة والثروة السمكية العُمانية إلى أن صادرات الأسماك العُمانية إلى الصين زادت بنسبة 15% في السنوات الثلاث الأخيرة.

ويمكن القول إن أمام سلطنة عُمان والصين فرص استراتيجية يمكن استغلالها لتحقيق فوائد اقتصادية وتجارية واجتماعية كبيرة. ومن خلال التعاون المشترك واستقطاب الاستثمارات الصينية، تستطيع عُمان تعزيز مكانتها كمركز لوجستي وتجاري في المنطقة. ومشروع "الحزام والطريق" يُعد بوابة ذهبية للسلطنة لتنويع اقتصادها وتحقيق التنمية المستدامة؛ بما يخدم الأهداف الوطنية على المدى البعيد. التعاون الوثيق بين البلدين ليس فقط فرصة اقتصادية؛ بل إنه جسر ثقافي يُسهم في بناء علاقات مستدامة تعود بالنفع على الشعبين.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بـ"التمثيل الضوئي".. الصين تسجل أول إنتاج للأكسجين في الفضاء

استكملت الصين تجاربها على تقنية التمثيل الضوئي الاصطناعي خارج كوكب الأرض، والتحقق في المدار من كفاءة عمليات تحويل ثاني أكسيد الكربون وتجديد الأكسجين، وفقًا لما أعلنته المحطة الفضائية الصينية.
ويُعد التمثيل الضوئي الاصطناعي خارج كوكب الأرض عملية تُستخدم فيها الطاقة الشمسية لتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى أكسجين ومركبات تحتوي على الكربون، من خلال طرق فيزيائية كيميائية في بيئات خارج كوكب الأرض.
وتمكّن هذه الطريقة المبتكرة، القائمة على استخدام الموارد الموجودة في الموقع، من تحويل ثاني أكسيد الكربون وتجديد الأكسجين بكفاءة، وتنفذ هذه العملية في ظروف درجة الحرارة والضغط المحيطة.

مسارات تحويل الطاقة المتعددة

قالت وكالة الفضاء الصينية، إن هذا الاختراق يمكن أن يكون أساسًا تقنيًا لبعثات الصين لاستكشاف الفضاء السحيق المأهول في المستقبل، إذ تدعم الطريقة المبتكرة مسارات تحويل الطاقة المتعددة، مثل تحويل الطاقة الشمسية إلى كيميائية، وتحويل الطاقة الشمسية إلى كهربائية ثم إلى كيميائية، وتحويل الطاقة الشمسية إلى حرارية ثم إلى كيميائية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الصين تواصل تجاربها على تقنية التمثيل الضوئي الاصطناعي خارج كوكب الأرض - Xinhua
وأضافت الوكالة أن منتجات العملية المذكورة قد تشمل مواد الميثان أو الإيثيلين، والتي يمكن استخدامها كوقود، وكذلك حمض الفورميك، وهو مادة خام رئيسية لتخليق السكر.
وأشارت إلى أن هذه القدرة تحمل قيمة كبيرة للبقاء خارج الأرض على المدى الطويل، واستخدام الموارد الموجودة في الموقع مستقبلًا.

أخبار متعلقة أرقام قياسية.. حرائق المزارع بالبرازيل تقفز بأسعار القهوة عالميًانصفه مظلم.. التربيع الأخير لقمر شهر رجب يزيّن السماء الليلة12 تجربة في المدار

أجرت المعدات التجريبية على متن المحطة الفضائية الصينية حتى الآن 12 تجربة في المدار، ونجحت في إنتاج كل من الأكسجين والإيثيلين.
وسلطت وكالة الفضاء الضوء على حصولها على ثروة من البيانات التجريبية، من خلال عمليات التفاعل الفيزيائي الكيميائي متعدد المراحل، في ظل ظروف الجاذبية الصغرى، ما يوفر رؤى قيمة لتطوير أساليب جديدة لاستخدام الموارد خارج كوكب الأرض.

مقالات مشابهة

  • الملتقى الاستثماري القطري العُماني يناقش تعزيز الشراكات التجارية والاستثمارية
  • قنصل الصين يؤكد هذا العام شهد تطور كبير بين مصر والصين
  • مصر وباكستان يبحثان فتح مزيد من آفاق التعاون بين البلدين
  • جامعة قناة السويس توقع اتفاقيات تعاون جديدة مع «لانزو الصينية»
  • جامعة قناة السويس تعزز التعاون الأكاديمي مع نظيرتها الصينية لانزو
  • تعاون علمي وتقني بين مصر والصين في مجال الأرصاد الجوية
  • بكين: لا فائز في الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • بـ"التمثيل الضوئي".. الصين تسجل أول إنتاج للأكسجين في الفضاء
  • مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية في إدارة ترامب الثانية
  • على هامش «دافوس».. وزير الاستثمار يناقش الشراكات مع تركيا في الطاقة المتجددة