“للجدران آذان"، عبارة تناقلها السوريون محذرين بعضهم بعضا من أن تكون عناصر المخابرات السورية متربصة في المقاهي وسيارات الأجرة وحتى في غرف المعيشة.

ولا يمكن للمرء معرفة إذا ما كان عامل النظافة في الشارع أو زميله المقرب في العمل، أو بائع الألعاب المبتسم أو حتى أحد أفراد العائلة مخبرا، فقد امتدت جذور الجهاز الأمني لتتوغل في كل جزء من حياة الناس.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2يديعوت أحرونوت: الحوثيون يتحدون أميركا والعالم ولا يمكن ردعهمlist 2 of 2تحقيق للوموند: أزمة عميقة تضرب النظام الدولي بسبب حرب غزةend of list

هكذا بدأ تقرير بصحيفة واشنطن بوست، راسما صورة الرعب الذي عاناه المجتمع السوري على مدار نحو 50 سنة تحت حكم حافظ الأسد ونجله المخلوع بشار الأسد، الذي دفع السوريين لابتداع لغة مشفرة للتواصل والتعبير عن آرائهم بحرية، واقتصر ذلك على أعضاء العائلة والأصدقاء الموثوق بهم.

واستعرض التقرير، الذي أعده الكاتبان بالصحيفة، محررتها للشؤون الخارجية روبي ميلين ومراسلها في بيروت محمد الشماع، أمثلة من تلك اللغة الرمزية ودلالتها، استنادا إلى شهادات سوريين وتجاربهم.

“خطهُ جميل"

وكشفت ميسون (49 عاما)، التي اشترطت عدم استخدام اسمها الكامل بالتقرير، خوفا من مناصري النظام، عن أن السوريين كانوا إذا شكوا بأن أحدهم مخبر، قالوا عنه إن "خطه جميل".

وفي هذا الصدد، أضافت الكاتبة السورية علياء مالك أن الشخص "لم يكن أبدا ليكتشف من يستمع إليه، بغض النظر عن المكان الذي هو فيه، إذ كان عناصر النظام حاضرين حتى في غيابهم، وبالتالي كان على السوريين استخدام لغة مشفرة للتواصل".

إعلان

وأخبرت ميسون الصحيفة أنها عاشت الخوف المستمر من "ذوي الخطوط الجميلة"، سواء داخل سوريا أو حتى عندما نزحت جراء الحرب للبنان مع عائلتها.

"هل عندك بقدونس؟"

ووفق ما نقله التقرير عن خبير الحاسوب ثابت بيرو (60 عاما)، كان تداول العملة الأجنبية يعاقب بالسجن لسنوات، إذ كان الأسد يريد السيطرة على سعر صرف الليرة السورية، وبالتالي لم يكن السوريون يجرؤون حتى على قول كلمة "دولار"، واستبدلوها بالـ "أخضر".

ولكن، أضاف بيرو -الذي يعيش الآن في دبي- أن السلطات سرعان ما كشفت مغزى تلك العبارة، فغيرها السوريون إلى مصطلحات أخرى تدل على اللون الأخضر مثل "البقدونس" أو "النعناع".

وعبّر بيرو عن سعادته بمقدرته البوح باسمه الكامل بعد سنوات من التعبير عن رأيه تحت اسم مستعار على الإنترنت، ولكنه شفع ذلك بقوله إن الكوابيس لا تزال تراوده "بأن الأمر برمته مجرد حلم، وأن المخابرات سيمسكونني في نهاية المطاف".

"فلان ذهب إلى منزل خالته"

وكان الخوف من الاعتقال هاجسا سائدا شغل بال معظم السوريين منذ أن كان حافظ الأسد في السلطة، وكانوا يشيرون إلى السجن بـ"بيت الخالة"، وفقا للصحيفة، فكان الناس يقولون "فلان في بيت خالته".

وحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تعرض أكثر من 110 آلاف معتقل للاختفاء القسري على يد النظام منذ 2011، وتوفي أكثر من 15 ألفا جراء التعذيب.

وتحدث عبد الوارث اللحام (45 عاما) عن اعتقاله لمدة يومين في يناير/كانون الثاني 2012، في أثناء مشاركته في مظاهرة مناهضة للحكومة ضمن الثورة السورية.

وقال اللحام للصحيفة إن الحراس ضربوه لساعات بالسياط والقضبان المعدنية، وأكد أنه فوجئ حقيقة "بمدى قدرة الجسم البشري على التحمل"، وبعد ليلتين قضاها بين الضرب والتعذيب في زنزانته، أُطلق سراحه وغادر السجن مذهولا بعد أن علم أنه سيستطيع رؤية زوجته وطفله مجددا، لكن شعورا "لا يمكن وصفه" راوده وهو يفكر فيمن تركهم وراءه ممن قد لا يرون أشعة الشمس مرة أخرى.

إعلان "هل تريد فنجانا من قهوة؟ أم كوبا من الشاي؟"

ولم تقتصر اللغة المشفرة على المدنيين، وفق الكاتبة السورية مالك، فقد كان لنظام الأسد "معجم شيطاني" يخصه.

وكانت المخابرات إذا أرادت أن تستدعي شخصا ما لاستجوابه أو معاقبته، دعته إلى "كوب من الشاي"، وأكد لحام ذلك مضيفا أن الدعوة كانت إلى "فنجان قهوة"، إذا كانت العقوبة أكثر حدة.

ومع انتقال سوريا إلى حكومة جديدة، ومقدرة السوريين أخيرا على الكلام بحرية، أصبح كثيرون يتوقون للعودة إلى منازلهم، ولكن حتى مع انهيار النظام، فإن عقودا من الخوف تركت آثارا يصعب محوها من قلوب السوريين وعقولهم وأجسادهم، وفقا لما جاء في التقرير.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع الأمريكي يهدد إيران: ستدفع ثمن دعمها للحوثيين في الوقت والمكان الذي تختاره واشنطن

هدد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث إيران إذا ما استمرت مساعداتها للحوثيين الذين يشنون هجماتهم على السفن الحربية الأمريكية في البحر الأحمر.

 

وقال هيغسيث -في تغريدة على موقع إكس، مخاطبا المسؤولين في طهران- إن الإيرانيين يعلمون ما يستطيع الجيش الأميركي فعله، مشددا على أن إيران ستدفع الثمن في الوقت والمكان الذي تختاره الولايات المتحدة، حسب تعبيره.

 

والثلاثاء قال البنتاغون في بيان إن الجيش الأمريكي ضرب أكثر من ألف هدف في اليمن منذ أن بدأت واشنطن حملتها الجوية المكثّفة ضد جماعة الحوثي في منتصف مارس/آذار.

 

وأضاف لمتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل في بيان أن "غارات للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية أصابت أكثر من ألف هدف وقتلت مقاتلين وقادة حوثيين ... وأضعفت قدراتهم".

 

وكانت القيادة أعلنت الأحد أنها ضربت أكثر من 800 هدف منذ منتصف الشهر الماضي.

 

وقالت القيادة إن هذه الضربات أسفرت عن مقتل مئات المقاتلين الحوثيين والعديد من القادة الحوثيين.

 

وتوعّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحوثيين الشهر الماضي، بـ"القضاء عليهم تماماً".

 

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، شنّت الجماعة عشرات الهجمات الصاروخية ضدّ إسرائيل، وضدّ سفن في البحر الأحمر يقولون إنها على ارتباط بها. وتردّ الولايات المتحدة على ذلك بغارات شبه يومية على مناطق الحوثيين.


مقالات مشابهة

  • واشنطن تتوعد طهران: ستدفعون ثمن دعم الحوثيين في الوقت والمكان الذي نختاره
  • الإمارات تعتقل قياديا بارزا في وزارة الدفاع السورية.. قائد جيش الإسلام
  • وزير الدفاع الأمريكي يهدد إيران: ستدفع ثمن دعمها للحوثيين في الوقت والمكان الذي تختاره واشنطن
  • واشنطن بوست: على أميركا التحرك لوقف الإبادة الجماعية في السودان
  • من هدوء المدينة إلى نار الاشتباكات والطائفية... ما الذي حدث في جرمانا السورية؟
  • كيف تفاعل السوريون مع نبش قبر حافظ الأسد؟
  • نبش قبر الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد بعد شهور على إحراقه (شاهد)
  • عودة 200 ألف سوري من تركيا إلى وطنهم منذ سقوط النظام
  • أردوغان يكشف أعداد السوريين العائدين بعد سقوط الأسد.. الهجرة شرف
  • ماذا وراء إفراج دمشق عن مسؤولين بنظام الأسد؟