ألقى الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، محاضرة بعنوان "التطرف وأثره على المجتمع"، بجامعة عين شمس، ضمن ندوة تثقيفية أقامتها الجامعة بحضور نخبة من القيادات الأكاديمية والطلابية.

مفتي الجمهورية: الرقابة ليست مجرد إجراءات إدارية بل هي التزام ديني

وقد استقبل الأستاذ الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس، فضيلة المفتي، مشيرًا إلى دَور دار الإفتاء المصرية في تعزيز القيم الإنسانية ونشر الوعي الديني الوسطي.

وأكد رئيس الجامعة أن الحوار هو السبيل الأمثل للقضاء على التطرف، وأن التعاون بين المؤسسات الدينية والأكاديمية ضروري لفهم هذه الظاهرة والتصدي لها. كما حضرت الندوة الأستاذة الدكتورة غادة فاروق، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، إلى جانب عدد كبير من عمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والإداريين  والطلاب.

وصرَّح الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بأن الحديث عن التطرف ليس من باب الرفاهية، بل هو من الأمور التي ينبغي أن تسير عليها المؤسسات، خاصة في ظل مواجهة المؤسسات الدينية باتهامات باطلة تربطها بالإرهاب. 

وأضاف أن التطرف ليس مقتصرًا على الدين فقط، بل هو مجاوزة الحد في الفكر، سواء كان ذلك بالتشدد أو بالتحرر المبالغ فيه، حيث يدعو البعض إلى تمييع الدين واجتزاء النصوص. كما أوضح أن الغلو في التمسك بأمور خارجة عن المألوف يُعَدُّ من أشكال التطرف التي يجب التحذير منها.

الحكم على الدين من خلال تصرفات المنتسبين إليه ظلم بيِّن

وأضاف المفتي أنه عندما نتحدَّث عن التطرف يجب التفرقة بين الدين نفسه وبين أتباعه، فالحكم على الدين من خلال تصرفات المنتسبين إليه ظلم بيِّن.

وأوضح فضيلته أن الدين جاء لتحقيق مجموعة من المقاصد، وإذا تمَّ الاعتداء على هذه المقاصد يكون ذلك تطرفًا فكريًّا واضحًا. فالمقاصد الكلية للدين إذا غابت، أدى ذلك إلى فساد الدنيا والدين معًا.

وأشار فضيلة المفتي إلى أن هناك بعضَ أصحاب الأجندات المختلفة الذين يسعون إلى تشويه صورة الدين وتقليل قيمة العقل والاستهانة بالدماء، مؤكدًا أنَّ الدين في جوهره رسالة إصلاحية تحقِّق الصلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، وتضع إطارًا للعلاقة بين الإنسان وربه. وأضاف أن هذا الدين العظيم لم يترك حتى العلاقات الإنسانية دون ضوابط دقيقة تنظِّمه، بل وضع أطرًا للتعامل مع الجميع.

وأكَّد فضيلة المفتي أنه من الخطأ الكبير إلصاق التشدد بالدين، موضحًا أن أسباب التطرف بعيدة كل البُعد عن جوهر الدين. وأوضح أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بُعث بالحنيفية السَّمحة التي تراعي حقوق الله والكون والبلاد والعباد دون إفراط أو تفريط. وأعرب فضيلته عن شُكره للمؤسسات التربوية والجامعات التي تهتمُّ بمثل هذه القضايا المهمة، لأن هذه المؤسسات تعدُّ من أهم الأماكن التي ينبغي أن تُعنى بتشكيل وعي الأجيال لمواجهة التطرف.

وأردف فضيلةُ المفتي أن التطرف ليس ظاهرة حديثة، بل هو نتاج تراكمات اجتماعية وثقافية وتربوية وسياسية واقتصادية. قد تكون هناك أسباب دينية، لكنها ليست الأكثر تأثيرًا في نشأة التطرف وانتشاره. لذا، فإن مواجهة هذه الظاهرة تتطلَّب تكاتف جميع المؤسسات للعمل وَفْقَ رؤية واضحة وشاملة. وأكَّد فضيلته أن الدين هو طوق النجاة للأمم، حيث نجد أنَّ الحضارات التي ازدهرت ماديًّا شهدت في الوقت نفسه انحدارًا أخلاقيًّا وسلوكيًّا، وهو ما يعكس أهمية الحفاظ على القيم الدينية والأخلاقية.

كما أشار فضيلة المفتي إلى أن الله أيَّد الخلق بوحيين: الوحي المنظور وهو العالم الخارجي الذي نراه ونتأمله، والوحي المسطور وهو الكتاب السماوي. وبيَّن فضيلته أن هناك جوانب يتشابك فيها العلم مع الدين وجوانب أخرى تستقل كل منهما عن الآخر، وهذا يعكس التكامل بينهما لا التعارض. وأكَّد أن الإنسان يجب أن يُترك للبحث دون قيود، ولكن في إطار أخلاقيات البحث العلمي حتى لا نصل إلى مرحلة "نشتري الموت بأيدينا".

وشدَّد فضيلةُ المفتي على أن الإنسان قد غزا الفضاء، واستولى على البر والبحر، وحقَّق إنجازاتٍ عظيمةً ورفاهية غير مسبوقة، لكنه يبقى عاجزًا أمام سرِّ وجوده في الحياة الدنيا. وأشار إلى أنَّ العلم رغم تقدماته لا يمكنه تفسير كل شيء، وأن هذا يؤكد محدودية العلم. وأضاف فضيلته أن {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] هي حقيقة علمية تؤكِّد أن الإنسان لا يستطيع إدراك كل ما يتعلق بالوجود.

وتابع فضيلته قائلًا: إنه عندما يُقحم العقل في أمور ليست من مجاله، فإن ذلك يؤدِّي إلى الغلوِّ والتطرُّف. لذلك، يجب أن تسلط المناهج التربوية الضوءَ على محاسن الدين، الذي بدأ مع خلق الإنسان تحت شرائع مختلفة تدعو للتعايش والتسامح والتراحم. وأوضح أن الرسالات السماوية جاءت بالوصايا العشر التي يجب أن تكون جزءًا أصيلًا في المناهج التعليمية.

وأضاف فضيلةُ المفتي أنه على الرغم من وصولنا إلى القرن الواحد والعشرين، ما زلنا نواجه مشكلة الثأر، رغم أن أطراف النزاع قد يكونون من ذوي العلم والوجاهة. وقال إن العقلية التي تقول: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23] ما زالت سائدة في بعض البيئات التي تُحكم بالعادات أو الفهم الخاطئ لثقافة معينة، مما قد يُنتج تطرفًا فكريًّا.
مما يؤكد على دَور المورثات الخاطئة أيضًا في تفشي ظواهر التطرف لدى المجتمع.

الصحبة لها تأثير كبير في تكوين الفكر

كما أشار إلى أنَّ الصحبة لها تأثير كبير في تكوين الفكر، حيث إنَّ الكثير من العائدين من الجماعات الإرهابية أشاروا إلى أن الصاحب والصديق كانا البوابة الأولى للتطرف. لذلك، شدد فضيلة المفتي على ضرورة تحري الصاحب الصالح الذي يأخذ بيد صاحبه إلى الحق والثبات عليه.

وفي حديثه عن العوامل التي تؤدي إلى التطرف، ذكر فضيلة المفتي أن الفقر والجهل والمرض هي ثلاثة أضلاع خطيرة تهدد المجتمع، حيث إن الكثير ممن انضموا إلى الجماعات المتطرفة كانوا ضحية للفقر المدقع والجهل. وأضاف أن الإعلام قد يكون أداة بناء أو هدم، حيث يمكن أن يُسهم في نشر القيم السلبية من خلال الترويج لمسلسلات وأفلام تدعو للمثلية والانحلال الأخلاقي.

كما أكد على ضرورة مواجهة الفكر بالفكر والآلة بالآلة، واستخدام المحتوى الإعلامي والتربوي لنشر القيم الصحيحة. وأضاف أنَّ المؤسسات التعليمية والإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي يجب أن تتكاتف للتصدي للألعاب الإلكترونية التي تدعو للعنف والقتل وللحدِّ من تصدير الفكر المتطرف. وأشار إلى أن بعض القضايا قد تكون بسيطة، لكن بعض وسائل الإعلام قد تعمَّد إلى تضخيمها لتحقيق "الترند"، دون مراعاة للمآلات والآثار والنتائج؛ مما يستوجب من الإعلاميين تحرِّي المسؤولية في نشر الأخبار.
وتوجَّه فضيلتُه للإعلاميين قائلًا: أنتم على ثغر خطير من ثغور الدين والوطن، فاتقوا الله فيما وضعكم فيه.

وفي ختام كلمته، أشار فضيلة المفتي إلى أن الغلو والتشدد يؤديان إلى تضييق الحياة على الناس من خلال التكفير والتفسيق، مما يعطي مبررًا للتخريب بدلًا من الإعمار. وأكد أن العلم مفتاح التطور، ويجب الانفتاح على مختلف مجالاته، بما فيها علم الفلك، للاستفادة من أدواته لتحقيق التقدم والرقي.

وفي ختام الندوة تقدَّم رئيس الجامعة بالشكر لفضيلته مهديًا إليه درع الجامعة في لفتة تقدير وامتنان لما يبذله فضيلة المفتي من جهود لنشر الوعي والفكر الوسطي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء التطرف جامعة عين شمس القيادات الأكاديمية نظير عياد المؤسسات الدينية مفتی الجمهوریة فضیلة المفتی المفتی أن فضیلته أن وأضاف أن من خلال یجب أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

فوائد صيام شهر رمضان .. اغتنم 12 فضيلة للصوم وقيام الليل

ما هي فوائد صيام شهر رمضان ؟ شهر رمضان أنه فرصة عظيمة لمضاعفة الحسنات، وإقالة العثرات، وتكفير السيئات، وشهر رمضان موسم روحاني خالص يتطهر فيه المسلمون مما علق بنفوسهم طوال العام، والخاسر من حضره رمضان ولا يزال قائمًا على معصية مولاه، مضيعًا لحقوقه، الله تعالى لم يفرض الصيام لنجوع ولا لنعطش ولا لنتعب، وإنما لنزداد إيمانًا وتقوى، شهر رمضان له فضل عظيم وفوائد جليلة، لو تدبرها الإنسان وتأمل في معانيها لأدرك عظيم فضل الله عليه وعلى الناس أجمعين.

فوائد شهر رمضان

أولًا: يتعلم المسلم من خلال الصيام السيطرة على شهواته؛ فيتحكم بها ومن ثم يكون قادرًا على التحكم برغباته دون الإضرار بحاجاته الجسدية.

ثانيًا: الصوم مدرسة للجود؛ فيجود المسلم بماله للمحتاجين، فهو يشعر بجوعهم وحاجتهم، ويجود بوقته في مساعدة الآخرين ومد يد العون لهم.

ثالثًا: يُنمي الصيام في النفس حب عمل الخير، ويدربها على الإكثار منه وملازمته كلما أُتيحت الفرصة؛ فالعمل الصالح في هذا الشهر تتضاعف، الأمر الذي يُشجع المسلم على الإكثار من الأعمال الصالحة طمعًا في الأجر.

رابعًا: يساعد الصيام على الالتزام بالقواعد والقوانينواحترام الحدود المرسومة دون زيادة أو نقصان.

خامسًا: يكسر الصيام الكِبَر في القلب؛ فيرى الصائم الأعداد العظيمة من المسلمين المقبلين على العبادات؛ فيقوم بدوره بالسعي إلى المزيد من العبادات ليلحق بمن سبقوه دون النظر إلى مكانتهم الاجتماعية.

سادسًا: يُشجع الصيام على السرية في أعمال الخير؛ فالصيام مبني على العلاقة بين العبد وربه دون تدخلات أو حاجة إلى أن يعرف الجميع بذلك؛ فيتصدق صمتًا في مساعدة الآخرين.

سابعًا: الصيام في رمضان يهدف إلى تجديد النية، وتنقيتها مما عَلِق بها، واحتساب هذه النية عند الله - تعالى-؛ لقول الرسول - عليه السلام-: (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا ، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ).

ثامنًا: تتجدد العلاقة بين المسلم وربه في رمضان، من خلال قراءة القرآن الكريم، والابتعاد عن المُحرّمات، وتطبيق السّنة النبويّة، والإقبال على صلاة التراويح وقيام الليل.

تاسعًا: تجتمع أركان الإيمان في الصيام: قول القلب الذي يكون بالتصديق والإيمان بالصيام، وعمل القلب الذي يكون بالاحتساب، وفعل الجوارح الذي يكون بالابتعاد عن المحرّمات.

عاشرًا: يساعد الصيام المسلم على التأقلم بسرعةعند تغير الظروف؛ فيصبح أكثر مرونة وتقبُّلًا لتقلبات الحياة السريعة.

أحد عشر: يزيد الصيام من روحانية المسلم، ونقاء روحه، وارتقائه عن الشهوات والحاجات الماديّة.

اثنا عشر: يُعلم الصيام المسلم فقه الأولويات؛ فيعرف أهمية الأعمال الصالحة ومستوياتها، فيرتبها حسب ذلك السُلم، كما يُربيه على فقه الاختلاف.

ما هي فضائل شهر رمضان؟ 22 مكافأة ربانية لمن صامه إيماناً واحتساباً
فضائل شهر رمضان

خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها:

أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
 

ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري (1904)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».

ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
 

رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
 

سادسًا: إن الصوم جنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
 

سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
 

ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».

ثالثًا:إنخلوف فم الصائمأطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».
 

رابعًا:إن الله أعد لأهلالصيامبابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

خامسًا:إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا»
 

سادسًا:إنالصوم جُنة«أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».
 

سابعًا:إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم ( 144 ) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
 

ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».

فضل شهر رمضان فضل شهر رمضان

أولًا: خص الصائمين بباب في الجنة يُسمى باب الريان، وحتى يحصل الأجر العظيم ينبغي للصائم اجتناب أعمال السوء كلها، والبعد عن الرفث والفسوق، مصداقًا لِما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ).

ثانيًا: فيه ليلة القدر: فقد فضّل الله -تعالى- شهر رمضان بأن جعل فيه ليلة عظيمة، تُغفر فيها الذنوب والآثام، وتتضاعف فيها الأجور، مصداقًا لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، بالإضافة إلى ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبِهِ).

ثالثًا: شهر العتق من النار، والعتق من النار أسمى أمنيات المسلم، لا سيما أن العتق يعني اجتناب عذاب النار، ودخول الجنة، ومن فضل الله -تعالى- ورحمته بعباده أنه يصطفي منهم في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار، مصداقًا لِما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ).

رابعًا: شهر نزول القرآن الكريم،من أعظم فضائل شهر رمضان المبارك أن الله -تعالى- اصطفاه من بين شهور العام وأنزل فيه القرآن الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، بل إن جميع الكتب السماوية نزلت في شهر رمضان، مصداقًا لِما رواه واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، وأُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، وأُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ).

خامسًا:من فضائل شهر رمضان أن فيه صلاة التراويح، لا سيما أن الإجماع انعقد على سنيّة قيام ليالي رمضان، وقد أكّد الإمام النووي -رحمه الله- أن المقصود من القيام يتحقق في صلاة التراويح، وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قيام رمضان مع التصديق بأنه حق، واعتقاد فضيلته، والإخلاص بالعمل لوجه الله تعالى، واجتناب الرياء والسمعة، سبب لمغفرة الذنوب، حيث قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).

سادسًا: اختص الله -تعالى- شهر رمضان بأن تُفتح أبواب فيه الجنة، وتُغلق أبواب النيران، وتصفّد الشياطين عند دخوله، كما ورد في الحديث الذي رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ).

سابعًا: شهر الجود في كل شيء،فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أجود ما يكون في شهر رمضان.

ثامنًا: رمضان من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، ويُكرم الله فيه عباده بالعديد من الكرامات، ويعطيهم المزيد من فضائل رحمته وعطياه؛ فصيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، حيث صامه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وأمر الناس بصيامه، وأخبرهم أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما حث فيه على المبادرة إلى التوبة من الذنوب والخطايا، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع الأخلاق التي تُرضي الله، وتُقرب العبد من ربه.

تاسعًا: العمرة في رمضان ثوابها مضاعف،وقد أخبر رسول الله أنّ العمرة في رمضان تعدل الحج في الأجر والثواب.

عاشرًا:الصدقة في رمضان أجرها عظيم، فقد كان رسول الله أجود الناس في رمضان.

أحد عشر: من فضائل الصيام أن الله -تعالى- قد أضافه إليه، فكل أعمال العباد لهم، إلا الصيام فهو لله وهو يجزي به، وقد قال العلماء في سبب اختصاص الصوم بهذه المزية أنّه من الأعمال التي لا يقع فيها الرياء، وقيل لأن الله هو فقط العالم بمقدار ثوابه ومضاعفة حسناته، وهو من أفضل الأعمال التي لا مساوي لها عند الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة الباهلي: (عليك بالصَّوم فإنَّه لا مثل له)، وهو وقاية من شهوات الدنيا، فيمنع صاحبه من الوقوع في الشهوات والمعاصي، وهو وقاية من عذاب الآخرة كذلك.

اثنا عشر: يحصل الصائم على أجر الصبر على طاعة الله، والصبر في البعد عن المعصية، والصبر على ألم الجوع والعطش والكسل وضعف النفس، وفيه يكفر الله الخطايا والذنوب، ويشفع لصاحبه يوم القيامة، ويدخله الجنة من باب الريان، ويعيش الصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، وإنّ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وقد بشّر رسول الله بأنّ دعوة الصائم من الدعوات المستجابة، فقال: (ثلاثُ دعواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائم، ودعوةُ المظلُوم، ودعوةُ المسافر).


 

مقالات مشابهة

  • فوائد صيام شهر رمضان .. اغتنم 12 فضيلة للصوم وقيام الليل
  • كيف يعمل النظام الانتخابي في ألمانيا؟ وما أبرز التعديلات الجديدة التي طرأت عليه هذا العام؟
  • مفتي الجمهورية يهنئ خادم الحرمين وولي العهد بذكرى تأسيس المملكة
  • مفتي الجمهورية يهنئ الملك سلمان وولي عهده والشعب السعودي بذكرى يوم التأسيس
  • رئيس الجمهورية “هذه هي الجزائر التي نحبها ويحبها جميع الجزائريين.. جزائر رفع التحديات”
  • أبرز الإقالات التي أجراها ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة
  • ما الحالات التي يباح فيها الفطر في رمضان؟ .. مفتي الجمهورية السابق يجيب
  • بعد خفوت العنتريات الفارغة…العالم الآخر يهرول مطأطأ الرأس للمصالحة مع إسبانيا خوفاً من العزلة
  • أموريم يصرّ على أن «اليونايتد» يتطور رغم النتائج السيئة
  • مفتي الجمهورية يلتقي رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية البحريني لبحث التعاون