كأس الخليج ومهرجان صحار
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
د. خالد بن علي الخوالدي
تمثل الفعاليات الرياضية الكبرى أحد أبرز الأحداث التي تجمع بين الشعوب وتخلق أجواءً من التفاعل والإثارة؛ حيث يُصبح الحدث الرياضي أكثر من مجرد مباراة، بل هو فرصة للتواصل الثقافي والاجتماعي، وفي هذا السياق يتجسَّد نجاح مهرجان صحار في تقديم تجربة مُميزة ومتكاملة تعكس اهتمامه الكبير بتنوع الفعاليات التي تلبي جميع الأذواق والتوجهات، وفي نسخته الثالثة يُواصل المهرجان تقديم مثال رائع على كيفية الجمع بين الرياضة والفن والترفيه، حيث يُقام هذا العام في وقت يتزامن مع انطلاق بطولة كأس الخليج الـ26 في دولة الكويت الشقيقة.
ومهرجان صحار من أبرز الفعاليات الثقافية والترفيهية في سلطنة عُمان، حيث يسعى القائمون على المهرجان إلى خلق بيئة تجمع بين الأنشطة الثقافية، الرياضية، والفنية، التي تتناسب مع مختلف الفئات العمرية والاهتمامات، ولا يقتصر دور المهرجان على تقديم الفعاليات المحلية فقط، بل يتعداه إلى تغطية الأحداث الرياضية الكبرى التي تثير اهتمام الجماهير على مستوى الخليج والعالم العربي.
وفي النسخة الأولى من المهرجان، تم تغطية كأس العالم 2022 في قطر؛ حيث أُقيمت شاشات عرض عملاقة استقطبت آلاف المتفرجين لمتابعة مباريات البطولة في أجواء حماسية، أما في النسخة الثانية، فقد كان المهرجان على موعد مع تغطية كأس آسيا 2023، ما أضاف بُعدًا آخر من التفاعل الرياضي والثقافي، واليوم في النسخة الثالثة، يعود مهرجان صحار ليكون في قلب الحدث الرياضي الأهم في المنطقة، وهو بطولة كأس الخليج الـ26 التي تُقام في دولة الكويت الشقيقة.
وفي خطوة تعكس الاهتمام الكبير من قبل إدارة المهرجان بتوفير تجربة مشاهدة استثنائية، تمَّ تجهيز المهرجان بشاشة عملاقة ضخمة بمقاس 9 في 20 مترًا، إضافة إلى شاشتين جانبيتين لعرض أحداث البطولة بشكل مميز، هذه الشاشات الكبيرة توفر للمشاهدين فرصة متابعة المباريات من زوايا متعددة ودقة عالية، وهو ما يُعزز من متعة المشاهدة ويزيد من تفاعل الجماهير مع المباريات.
لا شك أنَّ تركيب هذه الشاشات العملاقة ليس مجرد رفاهية؛ بل هو تجسيد حقيقي للرؤية التي تبنتها إدارة المهرجان في تقديم أفضل تجربة ترفيهية للزوار مع وجود أكثر من 6000 مقعد في المدرجات، استطاع مهرجان صحار أن يستقطب أعدادًا ضخمة من الجماهير التي أتت لتشجيع منتخبها المفضل ومتابعة مباريات البطولة في جو من الحماس والتشويق.
لم يكن افتتاح بطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت مجرد حدث رياضي عابر، بل كان بمثابة احتفالية رياضية حيَّة شارك فيها الآلاف من العُمانيين وزوار مهرجان صحار، فقد كانت المدرجات مكتظة بالجماهير التي أظهرت حماسة كبيرة في تشجيع الفرق الخليجية، وهو ما يعكس العلاقة الوثيقة بين الرياضة والمجتمع العُماني، الذي يولي اهتمامًا بالغًا بدعم الرياضة على مستوى المنطقة.
الجماهير لم تقتصر على مُتابعة المباريات فقط، بل تفاعلوا مع الأنشطة المصاحبة للمهرجان، مثل العروض الموسيقية والفنية والأنشطة الثقافية التي شهدها المهرجان في نفس الوقت، هذا التنوع في الفعاليات يبرز قدرة المهرجان على جذب جميع الفئات العمرية والمجتمعية، سواء كانوا من عشاق الرياضة أو محبي الثقافة والفن.
ما يُميز مهرجان صحار عن غيره من الفعاليات هو استدامة اهتمامه بتقديم تجارب متنوعة وشاملة ليس فقط لأنَّ المهرجان يواكب الأحداث الرياضية الكبرى مثل كأس الخليج، بل لأنه يدمج هذه الفعاليات مع عروض ثقافية وفنية تحاكي مختلف الأذواق، فمن العروض المسرحية إلى الفرق الموسيقية الحية، ومن الأنشطة للأطفال إلى الفعاليات المخصصة للكبار، يمكن القول إن مهرجان صحار يُعد منصة متكاملة تجمع بين الترفيه والرياضة والثقافة.
إضافة إلى ذلك، يعتبر المهرجان فرصة لتعزيز السياحة الداخلية، حيث يقصده العديد من الزوار من مختلف أنحاء عُمان وخارجها، ما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي وتعزيز صورة سلطنة عُمان كوجهة سياحية وثقافية رائدة في منطقة الخليج.
ونجاح مهرجان صحار في تقديم تغطية مميزة لبطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت، من خلال شاشات عرض عملاقة وجو احتفالي مُميز، يثبت قدرة المهرجان على الجمع بين الرياضة والترفيه بشكل مثالي، هذا المهرجان لا يقتصر على كونه مجرد حدث رياضي، بل هو تجسيد لرؤية شاملة تهدف إلى إثراء الحياة الثقافية والترفيهية في محافظة شمال الباطنة، وجعلها مركزًا لاستضافة الفعاليات التي تستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم.
وفي الختام.. يظل مهرجان صحار شاهدًا حيًّا على التطور الثقافي والرياضي في محافظة شمال الباطنة خاصة وسلطنة عُمان عامة، ويُؤكد على قدرة المحافظة على تنظيم فعاليات تجمع بين الحماسة الرياضية وروح الفلكلور الثقافي، لتكون الوجهة المثالية لكل من يسعى للاستمتاع بتجربة مُميزة توازن بين الرياضة والترفيه.
ودُمتم ودامت عُمان بخيرٍ.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الفنون الشعبية.. كرنفالات جوّالة في «مهرجان الشيخ زايد»
تامر عبد الحميد (أبوظبي)
يعيش زوار «مهرجان الشيخ زايد» الذي تقام فعالياته في منطقة الوثبة بأبوظبي، أجواءً مفعمة بالترفيه والموسيقى والعروض الفلكلورية والأهازيج الشعبية التي تقدم بين ساحاته وعلى مسارحه المختلفة. وتقدم فرق الفنون الشعبية باقات من أبرز العروض بأزيائها التقليدية في قالب تفاعلي، مما يرسخ مفهوم التناغم بين الدول المشاركة، ويؤكد على مكانة المهرجان كملتقى للثقافات والحضارات.
حضارات العالم
خصّص المهرجان ضمن أنشطته اليومية مجموعة من العروض الموسيقية والفلكلورية التي تستعرض الإبداعات من أنحاء العالم، وتقدمها أكثر من 10 فرق شعبية على مسارح المهرجان من دول مختلفة. وتتميز الفرق بطابعها الشعبي الأصيل وبالملابس الفلكلورية التي تعبر عن ثقافة كل دولة. ويعزف أعضاؤها بطرق فنية مختلفة تعبر عن حضارات العالم وأهمية الفن الشعبي لإظهار ثقافة الشعوب والتعبير عن مظهرها الحضاري.
الفرق الإماراتية
الفرق الإماراتية للفنون الشعبية من أبرز الفرق جذباً للزوار، من خلال عروضها الجوالة بين ساحات المهرجان أو فقراتها على مسرح «نافورة الإمارات». وتقدم فلكلوراً تراثياً على وقع فنون العيالة والحربية والرزفة، التي تعكس روح الثقافة الإماراتية وموروثها الشعبي، ويستخدم أعضاء الفرق في هذه العروض أدوات موسيقية تقليدية مثل الطبول، مع أداء حركات جماعية منظمة تروي قصصاً من التراث.
حفظ الموروث
وحول مشاركة الفرق الإماراتية في «مهرجان الشيخ زايد»، قال مبارك العتيبة، مسؤول الفنون الشعبية ومؤدي «فن العيالة» في المهرجان: تشكّل فنون الأداء التقليدية المحلية جزءاً من ثقافة وتاريخ دولة الإمارات، وتتخذ الفرق الشعبية من المهرجانات الثقافية والتراثية والفنية، منصة لاستعراض هذه الفنون بين الفلكلور والأهازيج التراثية التي تتمثل في الأداء الشعبي الرصين، وتضيء جزءاً من ملامح الثقافة الإماراتية، بهدف الحفاظ على موروث الأجداد ونقله إلى الأجيال.
إقبال كبير
ومن بين الفرق الاستعراضية العربية التي تنال إقبالاً جماهيرياً كبيراً، فرقة «محظوظ» المصرية للفنون الشعبية التي تؤدي استعراضات فلكلورية مختلفة تحظى بشعبية كبيرة على مسرح الجناح المصري، حيث تجذب الفرقة زوار المهرجان من مختلف الجنسيات والأعمار، لما تقدمه من مزيج خاص يجمع بين الاستعراض والعزف على آلة المزمار، إلى جانب الاستعراضات الشعبية الأصيلة الأخرى من مختلف محافظات مصر، ومنها الزفة المصرية واستعراض التنورة والحصان الراقص.
تبادل ثقافات
وعن مشاركة الفرقة للمرة الأولى في «مهرجان الشيخ زايد»، قال عماد الزين رئيس «محظوظ» للفلكلور المصري: نتشرف بالمشاركة ضمن فعاليات «مهرجان الشيخ زايد»، الذي يجمع فنون العالم في منطقة الوثبة، وأصبح منصة مهمة للالتقاء مع الآخر وتبادل الثقافات واكتساب المعرفة حول فنون الدول الأخرى، بعدما بات حدثاً عالمياً يضم بين أجنحته مختلف الحضارات، مجسداً ثقافات الشعوب عبر مشاركة الدول العربية والعالمية، والتفاعل معها عن قرب.
موشحات أندلسية
أما فرقة «الشموخ» المغربية، فتؤدي على مسرح الجناح المغربي موسيقى مراكشية على أنغام الموشحات الأندلسية، ضمن فقرات فنية واستعراضات فلكورية على وقع الفنون المراكشية والعيساوية والموسيقى الأمازيغية والصحراوية والطقوقطة، برفقة آلات القرع، مثل الدف والطبل، وسط تفاعل كبير وحضور لافت من الزوار. وأعرب منصف بوبل رئيس فرقة «شموخ» للفنون الشعبية عن سعادته للمشاركة في فعاليات «مهرجان الشيخ زايد»، وقال: شرف كبير لنا المشاركة للمرة الأولى في المهرجان الثقافي الأضخم في المنطقة، والذي يجمع حضارات وفنون العالم تحت منصة واحدة، واستطاع من خلال أنشطته المتميزة وفعالياته المتنوعة جمع العائلات في منطقة الوثبة، للاستمتاع بالأجواء التفاعلية والترفيهية والتراثية الرائعة.
فرق دولية
يستقطب «مهرجان الشيخ زايد» فرقاً فنية دولية من مختلف دول العالم، حيث تقدم عروضاً للفنون الشعبية تمثل ثقافاتهم، مثل العروض الأوروبية التقليدية التي تُبرز الرقصات الشعبية الخاصة بكل بلد، منها أميركا والأرجنتين والمكسيك، والفلكلور الآسيوي الذي يشمل رقصات من الصين وتايلند.