حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
النبي محمد.. قالت دار الإفتاء المصرية إن علماء الأمة من المذاهب الأربعة وغيرها، أجمعوا على جواز واستحباب التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد انتقاله صلى الله عليه وآله وسلم، واتفقوا على أن ذلك مشروعٌ قطعًا ولا حرمة فيه، وهو ما ندين الله به؛ أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مستحبٌّ وأحد صيغ الدعاء إلى الله عز وجل المندوب إليها، ولا عبرة بمن شذ عن إجماع العلماء.
التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته
و أوضحت دار الإفتاء، مفهوم التَّوَسُّل وهو ما يُتَوَصَّلُ به الإنسان إلى الشيء ويُتَقَرَّبُ به، كما قال العلامة ابن الأثير في "النهاية" (5/ 185، ط. المكتبة العلمية).
وأكدت الإفتاء أن من رحمة الله بنا أن شرع لنا العبادات وفتح باب القربة إليه، ليتقرب المسلم إلى الله بشتى أنواع القربات التي شرعها الله عز وجل، والقرآن كله يأمرنا بالوسيلة إلى الله، أي بالتقرب إليه سبحانه.
وجاءت النصوص والأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة بمشروعية التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ذلك حاصل قبل مولده، وفي حياته الدنيوية، وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى ذلك اتفقت المذاهب الأربعة:
فمن الكتاب قوله تعالى يخبر عن حال أهل الكتاب قبل مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعثته: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: 89].
وقوله تعالى: ﴿ولو أَنَّهم إذ ظَلَمُوا أَنفُسَهم جاءوكَ فاستَغفَرُوا اللهَ واستَغفَرَ لهم الرسولُ لوَجَدُوا اللهَ تَوّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64].
وأما الأدلة من السنة النبوية المطهرة:
فحديث الأعمى الذي علَّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّد إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ» رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي وصححه جمع من الحفاظ، وفي بعض رواياته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «وَإِنْ كَانَ لَكَ حَاجَةٌ فَمِثْل ذَلِكَ»، وعند الطبراني وغيره أنَّ راوي الحديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه علَّم هذا الدعاء لمن طلب منه التوسط له في حاجة عند عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته، وفي ذلك طلب صريح للمدد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
وحديث الخروج إلى المسجد للصلاة: فعن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ؛ فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَأَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ» رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة، وهو حديثٌ صحيحٌ؛ أشار إلى صحته الحافظ ابن خزيمة عندما استدل به في العقائد؛ قال الحافظ البوصيري في "مصباح الزجاجة" (1/ 98، ط. دار العربية): [رواه ابن خزيمة في "صحيحه" من طريق فضيل بن مرزوق؛ فهو صحيح عنده] اهـ.
وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عند موت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما، وهو حديث طويل، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اللهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ ولَقِّنْهَا حُجَّتَهَا وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي، فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 67، ط. دار الحرمين)، و"الكبير" (24/ 351)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 121، ط. السعادة)، وغيرهما. قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 257): [رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه روح بن صلاح، وثقه ابن حبان والحاكم، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح] اهـ.
وورد عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يقول: "يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وآله وسلم على مشركي العرب -يعني بذلك أهل الكتاب- فلما بعث الله محمدًا صلى الله وآله عليه وسلم ورأوه من غيرهم، كفروا به وحسدوه".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التوسل بالنبي النبي النبي محمد النبي صلى الله عليه وسلم التوسل بالنبی صلى الله علیه وآله وسلم النبی صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنه
إقرأ أيضاً:
الأحداث التي وقعت في رحلة الإسراء والمعراج
الإسراء والمعراج.. في مثل هذه الأيام من كل عام تمر بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ذكرى محببة إلى قلوبهم هي: ذكرى الإسراء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام الذي أمر الله بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود إلى المسجد الأقصى الذي بارك حوله، وذكرى العروج من بيت المقدس في فلسطين العزيزة إلى سدرة المنتهى فوق السماوات.
ويظهرُ جليًّا أنه صلى الله عليه وآله وسلم أُسْرِيَ به يقظةً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وصلَّى فيه بالملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم عَرَجَ به صلى الله عليه وآله وسلم يقظةً من المسجد الأقصى إلى الرفيق الأعلى. وعُرِضَت عليه صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة المباركة الجنة؛ ليرى فيها ما أعدَّه الله له ولأحبابه من الثواب والنعيم ليطمئن ويبشر به المتقين، وكذلك عُرِضَتْ عليه صلى الله عليه وآله وسلم النار؛ ليشاهد فيها ما أعده الله تعالى لأعدائه من العذاب الأليم لينذرَ به الكافرين والمشركين، ليزداد طمأنينة وسرورًا، ورأى ما رأى من آياته ربه الكبرى؛ كصورة جبريل التي خلق عليها وله (600) جناح، والسدرة وما غشيها من أمر الله ما غشيها، وشاهد ربه جل وعلا عيانًا بغير ارتسام ولا اتصال شعاع، وكلَّمه شِفَاهًا بلا واسطة ولا حجاب: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: 10-11].
ولقد فرض الله سبحانه وتعالى عليه وعلى أمته صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة المباركة خمس صلوات في اليوم والليلة كلّ صلاة بعشر، أي: بثواب خمسين صلاة في اليوم والليلة، وخصَّه بمنح عظيمة لم تكن لأحد سواه من إخوانه الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء المحدثين والمتكلمين والفقهاء، وتواردت عليه ظواهر الأنباء الصحيحة، فلا ينبغي لأحد العدول عنه خصوصًا وقد نص على ذلك الكتاب والسنة، وأجمع عليه الصحابة وغيرهم، ولم يُنكِرُهُ إلا الملحدون المعارضون الذين ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف: 8]، وفقنا الله لما فيه الخير والنفع العميم، وهدانا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آمين، وصلاة وسلامًا على نبينا محمد أفضل الأنبياء والمرسلين من حَبَاه الله وأكرمه بالإسراء والمعراج وسلم تسليمًا كثيرًا.