غرينلاند، الجزيرة التي كانت وما زالت محل اهتمام كبير من القوى الكبرى، تظل رمزًا للطموحات الأمريكية التي لا تنتهي، وبينما تبقى الجغرافيا والموارد الطبيعية حجر الزاوية في هذا الاهتمام، فإن العلاقات الدولية والمصالح الاقتصادية ستستمر في تشكيل مستقبل هذه الجزيرة القطبية، التي لا تقتصر أهميتها على موقعها الجغرافي بل تمتد لتشمل ما تحويه من ثروات ومعالم استراتيجية.

حيث أعادت تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بشأن رغبته في شراء جزيرة غرينلاند، الضوء على واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في تاريخ العلاقات الدولية، فهذه المرة كُشِف عن عرضٍ جديد يتجاوز الجغرافيا، ليطرح تساؤلات كبيرة حول الأطماع السياسية والاقتصادية التي تحيط بهذه الجزيرة الجليدية.

غرينلاند في قلب التاريخ الأمريكي:

لم يكن دونالد ترامب أول من فكر في شراء غرينلاند، ففي عام 1946، طرح الرئيس الأمريكي هاري ترومان فكرة شراء الجزيرة، وفي عام 1867 كان وزير الخارجية الأمريكي، ويليام سيوارد، قد درس الأمر أيضًا.

وتجسد هذه المحاولات التاريخية إيمانًا عميقًا لدى العديد من القادة الأمريكيين بأهمية غرينلاند بالنسبة للولايات المتحدة، وهي جزيرة ذات موقع استراتيجي هائل، حيث يقع فيها واحد من أبرز المواقع العسكرية الأمريكية في القطب الشمالي.

جزيرة هائلة ومغلفة بالجليد

غرينلاند، وهي أكبر جزيرة في العالم، تمتد على مساحة تزيد عن 800 ألف ميل مربع، إلا أن 20٪ فقط من هذه المساحة مأهولة بالسكان.

وتعد عاصمتها "نوك" المدينة الوحيدة التي تحتضن غالبية السكان، الذين يبلغ عددهم نحو 57 ألف نسمة.

ورغم كونها جزءًا من قارة أمريكا الشمالية، فإن غرينلاند تُعد منطقة ذاتية الحكم تابعة للدنمارك، التي تدير شؤونها الداخلية منذ أكثر من 200 عام.

كما أن الجزيرة تُعد من أغنى الأماكن في العالم بالموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط والمعادن النادرة مثل النيوديميوم والديسبروسيوم، مما يجعلها هدفًا مستمرًا للعديد من الدول الباحثة عن الطاقة والموارد.

كما أنها تحتضن قاعدة "ثول بيتوفيك" الأمريكية، التي تعتبر أحد المواقع الاستراتيجية المهمة لمهام الدفاع الصاروخي والمراقبة الفضائية.

الطابع الجغرافي الفريد للجزيرة

وتتمتع غرينلاند بظروف بيئية فريدة، حيث أن الشمس تشرق على الجزيرة لمدة شهرين كاملين سنويًا، ابتداءً من 25 مايو وحتى 25 يوليو.

وعلى الرغم من الحياة القاسية التي يفرضها المناخ القطبي، فإن غرينلاند تُعد مركزًا عالميًا للأبحاث الجيولوجية والمناخية.

ويقيم في الجزيرة شخص عربي واحد فقط من أصل لبناني يُدعى وسام الزقير، مما يضيف بُعدًا إنسانيًا نادرًا لهذه الجزيرة البعيدة.

الطموحات الأمريكية في غرينلاند

دونالد ترامب لا يعتبر غرينلاند مجرد جزيرة نائية تقع في أقصى شمال الأرض، بل يرى فيها جزءًا من أمن الولايات المتحدة القومي.

فإضافة إلى الموارد الطبيعية الهائلة، تعد غرينلاند نقطة استراتيجية هامة في مساعي الولايات المتحدة للهيمنة العسكرية والاقتصادية في المنطقة القطبية.

ويمثل اهتمام الولايات المتحدة بالجزيرة انعكاسًا للتحولات التي تمر بها المنطقة القطبية في ظل التغيرات المناخية، التي قد تجعل من هذه المنطقة مركزًا لجذب الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية في المستقبل.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: استثمارات استراتيجية الاقتصاد الاستثمارات الاقتصادية الرئيس الامريكي المنتخب الرئيس الأمريكي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب السياسية والاقتصادية السياسي الصاروخ العلاقات الدولية المحاولات المصالح الاقتصادية المعادن النادرة الموارد الطبيعية النفط والمعادن بالسكان تاريخ العلاقات تصريحات الرئيس تصريحات الرئيس الأمريكي جذب الاستثمارات جذب الاستثمار دونالد ترامب مثيرة للجدل وزير الخارجية غرينلاند جرينلاند

إقرأ أيضاً:

ماكرون يعتزم التوجه إلى الولايات المتحدة بمهمة شائكة.. ما هي؟

سلطت مجلة "لوبوان" الفرنسية الضوء على اعتزام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أنه يتوجه إلى واشنطن للقيام بمهمة شائكة وخطيرة.

وأضافت في تقرير ترجمته "عربي21"، فإنه يبدو أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفريقه بشأن أوكرانيا هي التي عجّلت بهذه الزيارة التي يعلق عليها الاتحاد الأوروبي آمالا كبيرة.

لم تكتفِ الإدارة الأمريكية الجديدة بإجراء اتصالات مباشرة مع روسيا دون استشارة أو حتى إبلاغ كييف، بل ذهبت إلى حد شن هجوم خطابي ضد زيلينسكي الذي احتج على عدم الرجوع إليه في مفاوضات قد تقرر مصير بلاده.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث كرر ترامب الدعاية الروسية ضد الرئيس الأوكراني، واصفا إياه بأنه دكتاتور غير محبوب في بلاده، ومسؤول عن الحرب، ولم يفعل شيئًا لإنهائها.

علاوة على ذلك، وجد زيلينسكي نفسه مضطرًا للتوقيع على وثيقة بشروط مجحفة تقتضي تسليم نصف الموارد المعدنية لأوكرانيا إلى الولايات المتحدة كتعويض عن المساعدات التي تلقتها، والتي قدرت بثلاثة أضعاف قيمتها الحقيقية.

في مجموعة السبع كما هو الحال في الأمم المتحدة، رفضت واشنطن تصنيف روسيا كمعتدية في الحرب التي تخوضها ضد أوكرانيا، وفقا للتقرير.

اتصال دائم مع ترامب
بعد القمة التي عقدت بشكل عاجل في الإليزيه، لم يبق أمام الرئيس الفرنسي خيار غير التوجه إلى واشنطن لتجنب تحقق سيناريو تسليم أوكرانيا تحت ذريعة السلام إلى بوتين.

وبحسب المجلة الفرنسية، فإن ماكرون يدرك طبيعة ترامب، ذلك أنه جمعت بينهما العديد من اللقاءات المباشرة فضلا عن المحادثات الهاتفية. طوال السنوات الأربعة الماضية كان ماكرون من رؤساء الدول والحكومات القلائل الذين حافظوا على اتصال دائم مع دونالد ترامب، الذي يوصف بأنه شخص حساس ومتقلب، ويغضب بسهولة ثم يعلن عن استيائه علناً.


مع ذلك، مرت علاقتهما ببعض الأزمات، التي استطاع ماكرون التغلب عليها بفضل استراتيجيته، التي تقوم على تجنب الدخول في أي خلاف علني مع ترامب، بغض النظر عن التصريحات التي يدلي بها.

وفي الواقع، لا يراعي ترامب، الذي يفضل أن يكون صاحب القرار الأخير ويحقق أهدافه، المجاملة أو الحقيقة. وعليه، فإن مستقبل زيلينسكي أصبح مهددا، لأنه لم يلتزم بهذه القاعدة ولم يحذو حذو نظيره الفرنسي، الذي لم يرد على التصريحات الأخيرة للأمريكي، وفقا للتقرير.

"الأكاذيب"
أوردت المجلة أن أجواء المحادثات سيغلب عليها التوتر، حيث تقوم سياسة ترامب على عدم المشاركة بشكل فعلي في المحادثة والاكتفاء فقط بطرح فكرة أو فكرتين بسيطتين دون كلل. إضافة إلى ذلك، لا يعترف ترامب بفكرة التسوية وغالبا ما يتجاهل مصالح الدول الأخرى، حتى لو كانت حليفة له.

في هذا السياق، لا يعتمد نجاح ماكرون على محاولة تغيير رأي ترامب بشكل مباشر فقط، بل بإقناعه بأن مشاركة الأوروبيين ستساهم في نجاح اتفاقية السلام. ومع ذلك، تكمن الصعوبة في عجلة الأمريكيين في التوصل إلى اتفاق ورفض الروس أي وجود أوروبي.

وحسب المجلة، فإن الأسئلة التي قد يطرحها ماكرون تدور حول إمكانية إنشاء قوات تدخل أوروبية في بولندا ورومانيا كبديل عن تواجدها في أوكرانيا وماهية الشروط العسكرية والسياسية والقانونية التي ستجعلها قوة ذات مصداقية، فضلا عن كيفية مشاركة الولايات المتحدة فيها بشكل غير مباشر.

بعض طباع ترامب مثل الملل وميله إلى إنهاء المحادثات بسرعة عبر إعطاء موافقة قد ينساها في اليوم التالي صفات تشكل عقبة أمام ماكرون. وهكذا، قد يتحول النجاح الظاهري إلى وهم. لن تكون مهمة إيمانويل ماكرون سهلة لكنه الوحيد القادر على تنفيذها وتعلق عليها أوكرانيا وأوروبا  آمالا كبيرة.

مقالات مشابهة

  • ماكرون يعتزم التوجه إلى الولايات المتحدة بمهمة شائكة.. ما هي؟
  • ترامب: لن تسمح للمهاجرين غير الشرعيين باحتلال الولايات المتحدة
  • ترامب: لن نسمح للمهاجرين غير الشرعيين باحتلال الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تقترح قرارًا خاصًا في الأمم المتحدة بذكرى الحرب في أوكرانيا
  • أبرز الإقالات التي أجراها ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة
  • تركيا تساعد الولايات المتحدة على تجاوز الأزمة
  • شلقم: الولايات المتحدة قوة عسكرية وصناعية وعلمية غير مسبوقة
  • تفاصيل هدنة غير معلنة بين الولايات المتحدة والحوثيين
  • سفارة المملكة في الولايات المتحدة تحتفل بيوم التأسيس
  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان