وفاة يوسف ندا مؤسس إمبراطورية الإخوان الإرهابية المالية.. وخبير: الجماعة أصبحت «عارية»
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
رحل رجل الأعمال المصري والقيادي البارز في جماعة الإخوان، يوسف ندا، يوم الأحد 22 ديسمبر 2024، عن عمر ناهز 94 عامًا.
وعُرف ندا بأنه مؤسس الإمبراطورية المالية لجماعة الإخوان الإرهابية ووزير ماليتها غير الرسمي.
ولد يوسف ندا في الإسكندرية عام 1931 لعائلة ميسورة الحال تمتلك مزارع ومصانع للألبان، وتلقى تعليمه في مدارس حي الرمل، ثم تخرج في كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية في الخمسينيات.
وانضم لجماعة الإخوان المسلمين عام 1947، وشارك في أعمال مقاومة الاحتلال البريطاني بمنطقة قناة السويس عام 1951، وفي عام 1954، اعتُقل بتهمة محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، لكنه أُفرج عنه بعد عامين دون إدانة.
وبعد خروجه من السجن، بدأ ندا نشاطه التجاري في تصدير منتجات الألبان، لينتقل لاحقًا إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا، حيث أصبح "ملك الإسمنت في منطقة البحر المتوسط" في نهاية الستينيات، استقر في إيطاليا، حيث حصل على الجنسية الإيطالية وأقام حتى وفاته.
دوره الاقتصادي والسياسييوسف ندا كان أحد أبرز الشخصيات الاقتصادية لجماعة الإخوان، حيث أسس بنك فيصل الإسلامي بالتعاون مع الأمير محمد بن فيصل في سبعينيات القرن الماضي، وأطلق بنك التقوى الإسلامي في جزر الباهاما عام 1988، وهو أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية.
ولكن نشاطه الاقتصادي لم يكن خاليًا من الجدل؛ ففي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، اتهمته الحكومة الأمريكية بدعم الإرهاب، ووضعته على قوائم داعمي الإرهاب.
وفي 2009، شطب مجلس الأمن الدولي اسمه من القائمة بعد عدم توافر أدلة، بينما أبقت الإدارة الأمريكية على إدراجه.
وفي مصر، حُكم عليه غيابيًا بالسجن في 2008 خلال محاكمة عسكرية شملت 39 من قيادات الإخوان، ولكنه حصل على عفو رئاسي من الرئيس الراحل محمد مرسي في 2012، وأُعيد اسمه إلى قوائم الإرهاب المصرية في ديسمبر 2024، قبل وفاته بأسابيع قليلة.
تمويل الإخوان والمسؤولياتارتبط اسم ندا بتمويل أنشطة جماعة الإخوان المسلمين، ورغم نفيه في عدة مقابلات تمويل الجماعة بشكل مباشر، إلا أنه أكد استعداده لدعمها عند الحاجة، وُصف بأنه "خزينة الجماعة"، حيث أسس وأدار العديد من الشركات التي ساهمت في تمويل أنشطتها، وسائل الإعلام وصفته بأنه مؤسس الإمبراطورية المالية للجماعة.
من جانبه، قال المفكر السياسي، ثروت الخرباوي، إن جماعة الإخوان المسلمين تسعى لصناعة تاريخ موازٍ يمنحها قيمة وهمية وغير حقيقية، وأشار إلى أن القيادي الراحل يوسف ندا، الذي كان يمتلك عددًا كبيرًا من الشركات والبنوك، قد أصيب بمرض الزهايمر قبل وفاته.
وأضاف الخرباوي، خلال تصريحات له، أن إصدار أكثر من نعي من جناحي جماعة الإخوان بعد وفاة ندا يعد دليلًا واضحًا على الانقسام العميق الذي أصاب الجماعة.
وأوضح أن هذا الانقسام يأتي في وقت تمتلك فيه الجماعة إمبراطورية اقتصادية كبيرة ومخيفة، بينما يبدو صمتها الحالي محاولة لإعادة ترتيب البيت من الداخل.
وأكد الخرباوي أن جماعة الإخوان أصبحت “عارية من الأفكار والمبادئ والوطنية وحتى الهوية الدينية”، وانتقد من لا يدرك ذلك، معتبرًا أنهم “ليسوا في كامل وعيهم”، وأشار إلى أن محمود حسين، أحد قيادات الجماعة، متهم بسوء استغلال التبرعات المخصصة للشباب المصري في أنقرة، حيث استخدم الأموال لبناء فيلا فاخرة في تركيا وشراء سيارات فارهة.
وبرحيل ندا، يثار تساؤل حول مستقبل إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خاصة في ظل التضييق على أموالها داخل مصر واعتقال قياداتها.
وتشير تقارير إلى أن القيادي أسامة فريد عبد الخالق المقيم في لندن، يُعد المرشح الأبرز لتولي هذه المسؤولية.
وحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، فإن عبد الخالق يدير منذ فترة طويلة الأنشطة المالية للجماعة في أوروبا، ويُتوقع أن يواصل هذا الدور في المرحلة المقبلة، مستفيدًا من شبكة علاقاته الواسعة.
ويمثل رحيل يوسف ندا نهاية فصل هام في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، حيث يجسد قصة رجل جمع بين الاقتصاد والسياسة، وترك بصمته في مسيرة جماعة مثيرة للجدل على الصعيدين المحلي والدولي.
ومع وفاته، تظل الجماعة تواجه تحديات مصيرية، ليس فقط في الداخل المصري، ولكن أيضًا على الساحة الدولية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإخوان جماعة الإخوان ندا يوسف ندا المزيد جماعة الإخوان المسلمین یوسف ندا
إقرأ أيضاً:
هل تفعلها قطر في الأردن كما فعلتها في سورية؟
محمد الجوهري
أعلنت الأردن حظر جماعة الإخوان المسلمين في البلاد، لا لخطيئةٍ ارتكبته، وإنما لنصرة بعض شبابها للقضية الفلسطينية وانخراطهم في أنشطة داعمة لغزة، وهذا ليس جرماً، بل هو الشرف بذاته، لكن وضع إخوان الأردن يختلف عن وضع إخوانهم في سورية، فالنظام هناك كان معادية لـ”إسرائيل” وداعماً للمقاومة الفلسطينية، بينما الحال في الأردن يختلف، فالدولة بكلها عميلة، وهذا من سوء حظ الجماعة هناك.
وبما أن دولة قطر مولت جماعة الإخوان السورية على مدى عقد ونصف، وزودتها بمختلف الأسلحة حتى تسنى لها إسقاط الدولة، فإنها في الأردن، وبدافعٍ أخلاقي، مطالبة بنصرة الإخوان، سيما وهم جماعة مظلومة، وتتداعى على قمعهم الدولة الأردنية وحلفائها في السعودية والإمارات، كما أن نصرتهم من نصرة الشعب الفلسطيني، خاصة إذا تحركوا اليوم لإعلان الجهاد ضد النظام وضد الكيان الموالين له.
إنّ التجربة القطرية في دعم جماعة الإخوان السورية ليست سرًا، بل هي من أبرز تجارب التمويل السياسي-العسكري التي شهدها العقد الماضي في المنطقة. فقد تلقّت الجماعة في سورية دعمًا سخيًّا من الدوحة، شمل المال والسلاح والمنصات الإعلامية، حتى باتت الذراع الأبرز لها في المنطقة، ونجحت في إسقاط الدولة، بالتعاون مع الجماعات المتطرفة المنبثقة منها، كالقاعدة وداعش وتحرير الشام.
لكن رغم ذلك، فإن ذلك الدعم لم يكن مجرد انحياز سياسي، بل كان انعكاسًا لتقاطع مصالح بين قطر، وبعض القوى الغربية خدمةً لـ”إسرائيل”، ولو أن نظام الأسد أقام علاقات تطبيعية مع الكيان الغاصب لما سُلطت عليه جماعة الإخوان، مهما تعرضت له من القمع والحظر والملاحقة، كما هو حال نظرائهم في بعض الدول الخليجية، خاصة السعودية والإمارات.
أما في الأردن، فالصورة تختلف من حيث البيئة، لكن لا تختلف كثيرًا من حيث المظلومية. فالجماعة هناك لا تزال تحتكم إلى أدوات سلمية، ولم ترفع السلاح قط، بل اكتفت بالتحرك الشعبي والنقابي والبرلماني، وكانت شريكًا سياسيًا لبعض الحكومات. لكنّ ذلك لم يشفع لها، إذ تعرضت في السنوات الأخيرة لسلسلة من الإجراءات الاستئصالية، تمثلت في إغلاق مقراتها، وحظرها رسميًا، وتجفيف منابع تمويلها، لا لسبب إلا لمواقفها من العدوان على غزة، واحتضانها لأصوات شبابية ترى في فلسطين قضية الأمة المركزية.
والسؤال المطروح اليوم: ألا تستحق جماعة الإخوان في الأردن، دعمًا مماثلًا من قطر؟
خاصة وأن الدوحة قدّمت ذلك الدعم يومًا لجماعة رفعت السلاح في بلدٍ يقف ضد “إسرائيل”، فهل يُعقل أن تتخلى عن جماعة يُجرَّم أفرادها فقط لأنهم قالوا “لا” للتطبيع؟
إنّ دعم إخوان الأردن اليوم لا ينفصل عن دعم إخوان سورية، فالأردن، كما هو معلوم، يمثل عمقًا استراتيجيًا حساسًا للمشروع الصهيوني، وأي انتفاضة فيه أو تصدع داخلي يُربك حسابات تل أبيب وواشنطن، ويعيد خلط أوراق الصفقة الإقليمية التي تُطبخ على نار هادئة. كما أن الأردن هو إحدى بوابات غزة والضفة الغربية من جهة الشرق، وأي تغير في ميزان القوى فيه قد يُسهم في فك الحصار الجغرافي-السياسي المفروض على الشعب الفلسطيني.
لذلك فإن دعم إخوان الأردن اليوم هو استثمار في خيار وطني-قومي ، وهو خطوة في طريق دعم الشعب الفلسطيني، لا سيما إن تحولت الجماعة إلى حالة شعبية مقاومة، تضع النظام الأردني أمام لحظة الحقيقة: إما أن يكون مع الأمة، أو مع أعدائها.
لقد دعمت قطر إخوان سورية في لحظة مفصلية، وسواء أصابت أم أخطأت في رهاناتها، فإن اللحظة الحالية تتطلب منها إعادة النظر في موقعها من جماعة الإخوان الأردنية التي تقف اليوم في موقع الضحية فعلياً. فهل تفعلها قطر؟ وهل ترى في نصرة المظلوم فريضة، وفي إسقاط المؤامرة على فلسطين واجبًا؟
أم علينا الانتظار حتى يأتي طرف شريف في الأردن ويسقط الحكومة المطبعة، وعندها ستتحرك قطر ودول الخليج الأخرى في استخدام الإخوان لفتح جبهة عسكرية هناك ضد أبناء الشعب الأردني، كما سبق وفعلوا في اليمن؟!