سواليف:
2025-03-31@09:20:14 GMT

الحرية الفكرية

تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT

#الحرية_الفكرية
بقلم: د. #هاشم_غرايبه

عندما شاءت إرادة الله تعالى أن يخلق الإنسان، ميز هذا المخلوق عن الكائنات الأخرى بالعقل، ليمكنه التمييز بين الصالح والطالح بالأدوات المنطقية، من غير الحاجة الى الوسائل الحسية التي بدونها لا يتم الإدراك والتمييز عند باقي الكائنات.
لقد منح الله هذه الأداة الراقية أصلا لهدف جليل هو ادراك وجود الخالق المغيّب عن الوسائل الحسية، والإيمان به بقناعات عقلية، وبالتالي عبادته وطاعته باختياره، لذلك جعل لهذا الكائن المكرم (الإنسان) حياتين: الأولى يمتحن فيها على حسن استعمال العقل وباقي النعم (الإيمان والعمل الصالح)، والآخرة ليس فيها تكليف أو امتحان بل جزاء، فيثاب أو يعاقب فيها على إساءة الاستعمال.


لذا فمهمة العقل الأولى معرفة الله، والمهمة الثانوية هي تأدية مهمة استخلاف الله له في الأرض ليعمرها ويحفظ توازنات الأنظمة التي أوجدها الله منظمة وضابطة لعلاقات المخلوقات ببعضها.
ولما كان العقل لا يعمل بالقسر ولا بتقييده، لذلك كانت الحرية بمختلف أشكالها فطرة أساسية في الإنسان، فهو يخلق منذ الولادة مفطورا على حب الحرية وكراهية أي مقيد لها، فما أن يشب الطفل عن الطوق، ويستغني عن أمه في تلبية احتياجاته الأساسية، حتى يبدأ بالتمرد على تعليماتها وتوجيهاتها، ويحاول أن يتصرف وفق مدركاته الحديثة التشكل.
طالما أن الله منح الإنسان الخيار باتباع الفطرة الإيمانية أو مخالفتها، ولم يفطره على الطاعة المطلقة كالملائكة، فمن المنطقي ان يتيح له حرية التفكير والاعتقاد، ولذلك قال: “وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ” [الكهف:29]، فبعد أن أنزل عليه هديه، لم يعد لعقله من حجة بتغليب مغريات الهوى والضلال.
إذا فالإسلام يحترم الحرية الفكرية، ولا يقسر الناس قسرا على اعتناقه، بعكس ما يشيعه معادو منهج الله.
أما ما يعتقده المتشددون من أن الله كلف أمته بنشر الدين بالسيف، مستشهدين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ” فهو استدلال خاطئ، فالناس هنا ليس المقصود بهم العالمين، بل المشركين والكفار المقيمين في الجزيرة، فجاء هذا الحديث من وحي فهم أمر الله تعالى وتنفيذا له: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً” [التوبة:123]، فقد حدد الكفار الواجب مقاتلتهم أنهم المجاورون من القاطنين في أرض الجزيرة، الى أن يسلموا، وأهل الكتاب الى أن يرضخوا للدولة الاسلامية بأن يعطوا الجزية: “حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ” [التوبة:29]، وذلك لأن الله أراد لهذه البقعة من الأرض أن تكون مهدا للدعوة ومنطلقا الى سائر بقاع الأرض، فيجب أن يستتب الأمر فيها للدين، فلا يجتمع معه عقيدة زائغة: “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ..” [الأنفال:39]، ومن فهمه صلى الله عليه وسلم لهذه الآية جاء الحديث: “لا يجتمع في جزيرة العرب دينان”.
ولما أن البعض قد يتخوف من عاقبة ذلك على خسران عائد تجاري أو نقصان دخل يحققه زوار غير المسلمين لبيت الله، فقد طمأن أمته أنه سيؤمن لهم ما يكفيهم: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ” [التوبة:28]، وفعلا تحقق ذلك، فكانت تجبى ثمرات كل شيء الى تلك الديار القاحلة عبر كل العصور، وأمدهم بماء زمزم التي لا تنقطع، كما جعل في ديارهم موارد طبيعية تغنيهم أضعاف ما يمكن أن تدره السياحة الترفيهية الفاسدة.
نستخلص مما سبق أن الدعوة لدين الله ظاهرة الحجة لمن ابتغى المعرفة، مقنعة للعقل المنفتح، فلا حاجة لإكراه أحد على الإسلام، والمحاجج المكابر مغلق العقل تعصبا، ولن ينفع الدين ولا الأمة، لأنه سيبقى نقطة ضعف فيها: “مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ” [التوبة:47].
إذن فالإسلام يكفل حرية الفكر والمعتقد للإنسان، وقد شهدت الدولة الاسلامية على مر العصور، بقاء أقليات لم تشأ دخول الإسلام، فبقيت على معتقدها، ولم تلق مضايقة ولا رقابة مفقدة للخصوصية الآدمية، كما تفعل الدول العلمانية المعاصرة بحق المسلمين.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الحرية الفكرية هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

وسط حشد كبير من المواطنين.. قيادات البحيرة يؤدون صلاة عيد الفطر بمسجد التوبة بدمنهور

أدى الدكتور حازم الديب، نائب محافظ البحيرة، واللواء محمود هويدي، مساعد وزير الداخلية ومدير أمن البحيرة، والدكتور إلهامي ترابيس، رئيس جامعة دمنهور، اليوم الإثنين، صلاة عيد الفطر المبارك بمسجد التوبة بدمنهور.

جاء ذلك بحضور الصلاة حضور اللواء حسن موافي، السكرتير العام للمحافظة، أسامة داود، السكرتير العام المساعد، و عمر لبيب، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دمنهور، إلى جانب عدد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، والقيادات التنفيذية والأمنية والدينية بالمحافظة، فضلًا عن رجال الدين الإسلامي من الأوقاف والأزهر.

تناولت خطبة عيد الفطر المبارك فضل شهر رمضان وثوابه العظيم، حيث يأتي العيد ليشرق بشمس الفرح وهلال المسرة، فيملأ القلوب بأنوار الألفة والمودة والمحبة.

وأكدت الخطبة أن العيد يُعد فرصة عظيمة لتقوية الروابط الاجتماعية عبر صلة الأرحام، وتعزيز المحبة والود بين الناس بتبادل التهاني والتزاور.

هذا ووجهت الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، خالص التهاني القلبية لأبناء المحافظة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، داعية الله أن يعيده على الجميع وعلى مصرنا الغالية بالخير واليمن والبركات.

كما دعت المحافظ الجميع إلى تعزيز قيم المحبة والتآخي والتكافل الاجتماعي، واستثمار العيد كفرصة لغرس روح التعاون والعمل المشترك من أجل مستقبل أكثر إشراقًا.

مقالات مشابهة

  • وسط حشد كبير من المواطنين.. قيادات البحيرة يؤدون صلاة عيد الفطر بمسجد التوبة بدمنهور
  • في محاضرته الرمضانية السادسة والعشرين قائد الثورة: طموح الإنسان المؤمن يجب أن يكون في مرتبة الصالحين
  • الملتقيات الفكرية للواعظات تزين مساجد الفيوم خلال شهر رمضان
  • شيخ العقل: لن نتخلّى عن هويّتنا
  • الرئيس عباس يوجه كلمة للشعب ويخص غزة فيها
  • مشاهير × المحاكم.. قانون الملكية الفكرية يسبب أزمة للفنانة غادة والى
  • زوجة معتقل أردني توجه رسالة شكر ساخرة لمسؤولي السجن.. ماذا قالت فيها؟
  • المتقون.. من هم وما صفاتهم وثمراتهم؟
  • كلمـات فـي وداع شهـر التوبـة والغفـران
  • الدائرة تضيق