أكد الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة استراتيجية يمكن توظيفها لتعزيز قيم الوسطية ونشر الفكر المعتدل، كما أنه أداة حيوية لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تهدد استقرار المجتمعات.

وجاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها اليوم في أعمال الملتقى السنوي لمراكز الفكر في الدول العربية، في دورته الثانية المنعقدة بمقر جامعة الدول العربية يومَي 23 و24 ديسمبر الجاري، تحت شعار نحو آلية عربية لمواجهة التهديدات الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي من قِبل الجماعات الإرهابية.

وفي مستهل كلمته، أشار نجم إلى أن التحول الرقمي أصبح واقعًا لا يمكن تجاهله في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال الديني، مؤكدًا أن المؤسسات الدينية تواجه مسؤولية كبيرة في تبنِّي أدوات الذكاء الاصطناعي لتحقيق رسالتها وتعزيز حضورها.

وقال: "إن التطبيقات الذكية تمنحنا فرصة غير مسبوقة لإعادة تقديم النصوص الدينية بما يتوافق مع العصر، دون التفريط في الأصالة أو تجاوز الضوابط الشرعية."

وأوضح أنَّ هذه الأدوات تُعد وسيلة فعالة لدعم الوسطية ومواجهة الأفكار المتطرفة، مشيرًا إلى أن النجاح في هذا المجال يتطلب رؤية متكاملة تجمع بين القيم الدينية والاحتياجات التقنية، لضمان توافق مخرجات الذكاء الاصطناعي مع الثوابت الشرعية.

وتناول الأمين العام أبرز التحديات التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني، مُقسمًا إياها إلى تحديات تقنية وشرعية واجتماعية. أشار إلى محدودية قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية على فهم التنوع الثقافي والديني، بالإضافة إلى نقص قواعد البيانات الشرعية الدقيقة التي يمكن الاعتماد عليها لتطوير التطبيقات الذكية. وأكد على ضرورة الاستثمار في تطوير هذه القواعد لتكون مرجعًا موثوقًا يخدم الأهداف الشرعية.

وشدد على الانتباه إلى خطورة البرمجة المتحيزة التي قد تُسهم في تفسير النصوص الدينية بما يخدم أجندات متطرفة. وأوضح أن هذا يتطلَّب وضع معايير واضحة ومدونات أخلاقية تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الديني، بما يضمن توافق مخرجاته مع القيم الوسطية. كما تناول التحديات الاجتماعية الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في نشر فتاوى غير موثوقة أو تحريضية عبر الإنترنت. وأشار إلى أن هذا قد يؤدي إلى تعزيز الانعزال الرقمي وتقليل التفاعل المباشر بين العلماء والجمهور، مما يتطلب تدخلًا من المؤسسات الدينية لضبط هذا الجانب.

واستعرض الأمينُ العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم الفرصَ التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي لتعزيز العمل الديني، مُشيرًا إلى إمكانية توظيفه في عدة مجالات رئيسية، منها تحليل النصوص المتطرفة واستخلاص أنماط التحريض، مما يُسهم في صياغة استراتيجيات فعَّالة لمكافحة الفكر المتطرف.

وقال: "يمكن لهذه الأدوات أن توفر تقارير دورية للمؤسسات الدينية وصانعي القرار حول التوجهات الفكرية المتطرفة، بما يدعم جهودهم في هذا المجال."

كما دعا إلى إنشاء منصات رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم فتاوى موثوقة، مع التركيز على قضايا الشباب والتحديات المعاصرة. وأوضح أن هذه المنصات يمكن أن تقدم إجابات دقيقة ومتعددة اللغات، مما يوسع نطاق الاستفادة منها.

وأشار الدكتور إبراهيم نجم إلى أهمية تطوير تطبيقات تعليمية تفاعلية تُقدم دروسًا في تفسير القرآن والحديث بطرق مبتكرة، مثل استخدام تقنيات الواقع الافتراضي لتوضيح السياقات التاريخية للنصوص الشرعية، مما يُثري العملية التعليمية ويُشجع على التفاعل. وأشاد بإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل النقاط المشتركة بين النصوص الدينية لتعزيز الحوار بين الأديان. وقال: "إن تصميم خوارزميات تُبرز القيم المشتركة بين الديانات يُسهم في نشر التسامح والتعايش السلمي."

وأكد الأمين العام للأمانة على الدَّور القيادي الذي يجب أن تضطلع به المؤسسات الدينية المعتدلة في هذا المجال. ودعا إلى إنشاء مركز دولي متخصص في الذكاء الاصطناعي الشرعي تحت مظلة الأزهر ودار الإفتاء المصرية، يضم فرقًا متكاملة من علماء الدين وخبراء التقنية لتطوير حلول مبتكرة وموثوقة.

كما شدد على ضرورة تنظيم برامج تدريبية لتأهيل القيادات الدينية والخطباء لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل النصوص ودحض الأفكار المتطرفة، إضافة إلى إطلاق مبادرات عالمية تُعزز من تبادل الخبرات والرؤى بين المؤسسات الدينية وخبراء التقنية.

واقترح الدكتور إبراهيم نجم سلسلة من الخطوات العملية، من بينها إطلاق منصة شاملة تقدم خدمات الإفتاء، دروسًا تفاعلية، وتقارير تحليلية عن الخطابات المتطرفة، وإنشاء موسوعة شرعية رقمية تعتمد على بيانات دقيقة لتغذية التطبيقات الذكية، وتطوير تطبيقات موجهة للشباب تُقدم الإرشادات الدينية بأسلوب بسيط وجذاب.

كما أكد على ضرورة تعزيز الحوار التفاعلي من خلال روبوتات محادثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم إجابات شرعية وسطية، وإنشاء وحدة متابعة إلكترونية لرصد الأنشطة الفكرية المتطرفة عبر الإنترنت.

واختتم الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم كلمته بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يُمثل فرصة تاريخية يمكن من خلالها تعزيز الوسطية ونشر الفكر المعتدل، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدينية المعتدلة، مثل الأزهر ودار الإفتاء المصرية، لديها القدرة على قيادة هذا التحول الرقمي من خلال بناء شراكات استراتيجية والاستثمار في البحث العلمي، لضمان مستقبل رقمي يدعم القيم الإنسانية ويُحقق السلام الفكري والاجتماعي.

اقرأ أيضاًالأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم يهنِّئ الرئيس السيسي بالفوز في الانتخابات الرئاسية

تعزيز التعاون بين «الإفتاء المصرية» ومجمع الفقه الإسلامي الدولي

إبراهيم نجم: التعاون بين دار الإفتاء والجمعية الفلسفية المصرية «منصة حوارية غنية بالأفكار»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الجماعات الإرهابية الدكتور إبراهيم نجم مواجهة الأفكار المتطرفة الملتقى السنوي لمراكز الفكر في الدول العربية استخدام الذکاء الاصطناعی فی المؤسسات الدینیة الأمین العام إبراهیم نجم إلى أن

إقرأ أيضاً:

حكم من ترك عمله الأساسي للتربح من السوشيال.. أمين الفتوى يحسم الجدل

أجاب الشيخ أحمد العوضي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال مفاده: ما حكم من ترك عمله الأساسي واتجه لـ التربح من مواقع التواصل الاجتماعي؟.

وأوضح الشيخ العوضي، في فتوى له، أن الإسلام يولي أهمية كبيرة للعمل والكدح من أجل الرزق، مشددًا على أن العمل هو أساس الحياة وهو مطلب شرعي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنفسي.

وأشار إلى أن العمل في الإسلام ليس مجرد وسيلة لكسب الرزق، بل هو عبادة وأداة لتحقيق العدالة الاجتماعية، مستشهدا بآية كريمة في القرآن: "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه"، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى دعا في هذه الآية إلى السعي والعمل الجاد.

وأكد أن هناك فرقًا بين العمل الجاد الذي يسعى الإنسان من خلاله إلى الكسب الحلال، وبين محاولات البحث عن الكسب السريع عبر السوشيال ميديا، الذي قد يتسبب في فترات من الكساد إذا توقفت الحركة على الإنترنت أو وقع الموقع في أزمة.

وتطرق إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يشجع الصحابة على العمل والكدح، مشيرًا إلى مواقف متعددة للنبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يعمل بنفسه في عدة مجالات مثل التجارة ورعاية الأغنام، مما يعكس أهمية التفاني في العمل.

وأضاف أن العمل على السوشيال ميديا مشروط بشرطين: أن يتماشى مع الضوابط الشرعية وألا يتعارض مع القيم الأخلاقية، موضحًا أنه يجب أن يكون المحتوى الذي يُقدّم مفيدًا ولا يخالف الشرع، مع الالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة لهذا المجال، محذرًا من الكسب غير المشروع أو الاستغلال غير الأخلاقي.

هل يجوز أداء سُنة العشاء بنية النافلة وقيام الليل؟.. دار الإفتاء تُجيبهل يجوز قراءة القرآن بدون وضوء وبدون حجاب؟ اعرف آراء الفقهاء

حكم أرباح اليوتيوب

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول حكم أرباح اليوتيوب، وهل هي حلال أم حرام؟، وجاءت الإجابة من الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، موضحا أن الأصل في أرباح اليوتيوب أنها حلال، وذلك بشرط الالتزام بعدد من الضوابط الشرعية والقانونية.

الدكتور ممدوح أوضح أن أرباح اليوتيوب تأتي من نشر محتويات تجذب المشاهدات، مما يدفع المنصة إلى منح صاحب المحتوى عائدًا ماليًا بناءً على هذه المشاهدات.

وأكد أن هذه الأرباح تكون حلالًا؛ إذا كان المحتوى المقدم لا يتضمن ما يغضب الله أو يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى ضرورة تجنب الترويج لما هو محرم أو غير أخلاقي.
 

شروط جواز أرباح اليوتيوب

1. أن تكون المحتويات مشروعة: يجب أن تكون المواد المنشورة متوافقة مع الضوابط الشرعية، وألا تتضمن ما هو محرم مثل الموسيقى المبتذلة أو الأمور المخلة بالآداب العامة.


2. عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية: يجب عدم استغلال محتوى الغير دون إذن، حيث يُعتبر ذلك استيلاءً على حقوق الآخرين.


3. الالتزام بالقانون: أن تكون الأنشطة ضمن الإطار القانوني ولا تتعارض مع اللوائح المنظمة.

ماذا لو كان المحتوى دينيًا؟

في سؤال آخر ورد إلى الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، حول نشر مقاطع دينية مثل تلاوة الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية أو مقاطع لشيوخ مؤثرين، أوضح أن ذلك جائز شرعًا إذا حصل الشخص على عائد مادي مقابل هذا النشاط، ما دام لا يتضمن محرمات.

واختتم: في النهاية أرباح اليوتيوب حلال، بشرط أن يكون المحتوى متوافقًا مع الضوابط الشرعية والأخلاقية، ولا يخالف القانون أو ينتهك حقوق الملكية الفكرية.

مقالات مشابهة

  • بالتعاون «الأزهر»و«الأوقاف».. انطلاق القوافل الدينية في مساجد الشيخ زويد ورفح اليوم
  • بنت عمي الكبرى رضعت معي فهل يجوز الزواج من الصُغرى؟.. أمين الفتوى يجيب
  • حلفت ما اكلم أهلى إرضاء لزوجى .. ما الحكم؟ أمين الفتوى يرد
  • “سدايا” تمنح شهادة اعتماد لمقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي بالمملكة لتعزيز الموثوقية بمنتجات وخدمات هذه التقنيات المتقدمة للمستفيدين
  • حكم من ترك عمله الأساسي للتربح من السوشيال.. أمين الفتوى يحسم الجدل
  • دافوس 2025.. قادة العالم يدعون لتعزيز العمل بشأن الذكاء الاصطناعي والمناخ
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: نشر الشائعات فعل شيطاني.. ويعد من الكبائر (فيديو)
  • وزير الاتصالات وتقنية المعلومات يجتمع بقادة كبرى الشركات التقنية لتعزيز الشراكة في الذكاء الاصطناعي والابتكار
  • قيرغزستان تحظر النقاب وإقامة الشعائر الدينية في المؤسسات
  • أحيانًا أؤدي الصلاة وأنا كسلان فهل ينقص ذلك من ثوابها؟.. أمين الفتوى يجيب