الأفراح في دمشق والمناحة في القاهرة
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
مع تواصل احتفالات الشعب السوري بمختلف أطيافه، بنجاح ثورته بعد هروب الجزار بشار الأسد، ومع تقاطر الوفود الديبلوماسية من الغرب والشرق على سوريا الجديدة لتهنئة أهلها بالحرية، ولبحث مستقبل التعاون مع نظامها الجديد، وتبادل وجهات النظر حول مستقبل سوريا التي دمرها النظام الساقط، ومنها عدد من وفود الدول العربية من السعودية وقطر والأردن.
نظام السيسي وزع مؤخرا مادة فيلمية (برومو) تذاع على كل وسائل الإعلام المرئية التي يملكها جهاز المخابرات، وهي مقتطفات من خطاباته في اليومين السابقين تذاع في الفواصل، يقول فيها علنا بأن ما حدث في سوريا يهدف لإسقاط الدولة المصرية!! وأنهم يهدفون لكسر تماسك المصريين والوحدة بين المسيحيين والمسلمين!! وأن الاستراتيجية التي وضعوها (لا نعلم من الذي وضعها) تقول إن مصر إذا سقطت سادت الفوضى في العالم كله!!
ردود الفعل العصبية التي لم يستطع نظام السيسي التحكم فيها، تعني رفضهم الاعتراف بحق الشعب السوري في اختيار نظامه السياسي، وحقهم في تحقيق العدالة التي يستحقها الضحايا من المجرمين الذين ولغوا في دمائهم ومارسوا كل صنوف الإرهاب ضدهم
ويحذر المصريين بقوله: "خللي بالكم: مهمتهم في سوريا خلصت.. هم دمروا سوريا الان، وكل الجهود تبذل الآن لضرب الاقتصاد المصري.. وضرب السلام الاجتماعي في مصر"!!
ويضيف مهددا: "تاني.. وأرجو أن تكون هذه الرسالة واضحة للجميع، نحن لن نتردد في حماية شعبنا من الشر وأهله". ويختم بتحذيره للمصريين: "اوعوا.. انتبهوا.. وحافظوا على تماسككم".
الطغاة بعضهم أولياء بعض
السيسي يحسب أن كل صيحة عليه، ويكذب كما يتنفس، ويخيل له شيطانه أن ما حدث في سوريا هو مؤامرة دولية تستهدف إسقاط نظامه هو!! فهو نظام مرعوب رغم كل ما يمارسه من قمع غير مسبوق في تاريخ مصر.
وفي المقابل تنوح أبواقه في برامجهم التلفزيونية كل ليلة بالعويل والصراخ، وهم يسبون ثوار سوريا وحكامها الجدد ويصفونهم بالإرهابيين، رغم كل ما شاهدوه من أفراح السوريين، وما يراه العالم من خطوات ملموسة تستهدف استقرار سوريا، ورغبة شعبها في بناء مستقبل أفضل، وبدلا من أن تبادر أكبر دولة عربية بتقديم المساعدة لسوريا، وتظهر الاحترام لإرادة السوريين في التغيير، بعد أن خاب ظنهم وقد كانوا يمنون أنفسهم -للأسف- بحمامات الدم في المدن السورية، ليشمتوا ويبرروا سياسات القمع والقتل والإعدامات والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي يقومون بها في مصر، فخيب الله ظنهم بالاستقرار والفرح والوحدة التي ظهر بها السوريون.
ردود الفعل العصبية التي لم يستطع نظام السيسي التحكم فيها، تعني رفضهم الاعتراف بحق الشعب السوري في اختيار نظامه السياسي، وحقهم في تحقيق العدالة التي يستحقها الضحايا من المجرمين الذين ولغوا في دمائهم ومارسوا كل صنوف الإرهاب ضدهم.
السيسي وبشار وجهان لعملة واحدة.. ولم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه
السيسي لم ينس يوما أنه قائد انقلاب عسكري فاشي استولى بالقوة والتآمر على كرسي الحكم في مصر، ولا يزال مسكونا بالخوف من الأغلبية التي يعتبرهم أهل الشر، ولهذا هو مرعوب مما حدث في سوريا رغم البعد الجغرافي
لا يريد السيسي استيعاب الدرس السوري، ويستمر في وصف المعارضة المصرية بأهل الشر، وهو يسجن نحو مائة ألف منها في سجونه شديدة القسوة، ويمنع كبار السياسيين المنتخبين والوزراء السابقين من رؤية عوائلهم منذ سبعة أعوام كاملة، بينما أصدر العفو عن المجرمين وأسس لهم مليشيات مسلحة، وقتل قرابة ألف معتقل في سجونه تحت التعذيب أو بسبب انعدام الرعاية الصحية، ومنهم الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي رحمه الله الذي سقط على مرأى من الجميع في قفصه الزجاجي الذي صُمم له لتكميم فمه، رغم أنه كان دائم الشكوى من سوء الرعاية الصحية ورفضهم لعلاجه.
وهناك مئات الآلاف ممن هجرهم للخارج، بينما يكمم أفواه باقي الشعب، ويصف معارضيه بأنهم أهل الشر، كما يردد نتنياهو ما جاء في سفر أشعياء: "نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام"، وهي نفسها عين الأوصاف التي كان يطلقها نظام بشار الأسد على معارضيه، لتعزيز الانقسام والطائفية السياسية التي لا تساهم إلا في تكريس الفاشية وحكم الفرد وإرهاب الدولة، كلهم ملة واحدة.
السيسي لم ينس يوما أنه قائد انقلاب عسكري فاشي استولى بالقوة والتآمر على كرسي الحكم في مصر، ولا يزال مسكونا بالخوف من الأغلبية التي يعتبرهم أهل الشر، ولهذا هو مرعوب مما حدث في سوريا رغم البعد الجغرافي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأسد سوريا المصري السيسي سوريا مصر الأسد السيسي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما حدث فی سوریا فی مصر
إقرأ أيضاً:
موقف العراق من سوريا: مقاربة سياسية براغماتية أم اعتبارات أمنية وإستراتيجية؟ - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
مع استمرار تعقيدات المشهد السوري، يجد العراق نفسه في موقف حساس يتطلب تحقيق توازن بين مصالحه الوطنية والتطورات السياسية الإقليمية. فعلى الرغم من أن بغداد ودمشق تجمعهما علاقات تاريخية ومصالح حيوية مشتركة، إلا أن العراق يتعامل بحذر مع التحولات الأخيرة في سوريا، لا سيما بعد إعلان أحمد الشرع نفسه رئيسًا مؤقتًا. وبينما تراقب بغداد التطورات عن كثب، يظل موقفها الرسمي متريثًا، ما يعكس استراتيجية قائمة على الحذر الدبلوماسي وعدم التسرع في اتخاذ قرارات قد تؤثر على أمنه القومي واستقراره الإقليمي.
العلاقات العراقية - السورية: ارتباط عميق بملفات استراتيجية
لطالما كانت العلاقة بين العراق وسوريا قائمة على المصالح المشتركة، التي تتجاوز البعد السياسي إلى قضايا أمنية، اقتصادية، واجتماعية. فالعراق وسوريا يشتركان في حدود تمتد لنحو 600 كيلومتر، ما يجعل الأمن الحدودي مسألة ذات أولوية قصوى لبغداد، خاصة في ظل التهديدات المستمرة من قبل الجماعات الإرهابية وعمليات التهريب عبر الحدود.
وقد أكد عضو ائتلاف إدارة الدولة، عبد الخالق العزاوي لـ"بغداد اليوم"، أن العراق يرتبط مع سوريا باثني عشر ملفًا حيويًا، تتصدرها قضايا الأمن والحدود، يليها التعاون الاقتصادي، وملف المياه، إضافة إلى القضايا الدينية التي تشمل العتبات المقدسة وحرية تنقل الزوار العراقيين إلى سوريا.
وأشار العزاوي إلى أن العراق، رغم التحديات التي يواجهها داخليًا، يسعى لتوسيع قنوات التواصل مع دمشق، سواء عبر إعادة فتح السفارة العراقية هناك، أو من خلال إيجاد آليات تعاون جديدة تحمي مصالحه دون الانخراط المباشر في الشأن السوري الداخلي. وبالنظر إلى الأعداد الكبيرة من العراقيين المقيمين في سوريا، فإن بغداد ترى أن من مسؤولياتها توفير الحماية لهم وتأمين حقوقهم، مما يستدعي تعزيز التواصل الدبلوماسي مع دمشق.
موقف العراق من تنصيب أحمد الشرع رئيسًا لسوريا
منذ إعلان أحمد الشرع نفسه رئيسًا مؤقتًا لسوريا، لم تقدم بغداد تهنئة رسمية، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذا التريث. وبحسب ما صرح به عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، مختار الموسوي، فإن العراق يعتمد سياسة التروي قبل الاعتراف بأي حكومة جديدة في سوريا، وذلك لعدة أسباب.
أولًا، لا يزال المشهد السياسي في دمشق غير واضح، فالأحداث التي شهدتها سوريا منذ الثامن من كانون الأول الماضي تؤكد أن البلاد تمر بمرحلة شائكة مليئة بالتحديات الداخلية والصراعات على السلطة. كما أن هناك مخاوف عراقية من استمرار وجود جماعات متطرفة مدرجة على قوائم الإرهاب الدولي، مما قد يهدد الأمن الإقليمي بشكل عام.
ثانيًا، يثير موقف القيادة الجديدة في دمشق تجاه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) العديد من التساؤلات، إذ تسيطر هذه القوات على نحو ربع مساحة سوريا، ولم يتضح بعد كيف ستتعامل القيادة الجديدة مع هذا الملف الحساس. فالعراق، الذي يتشارك الحدود مع المناطق التي تسيطر عليها قسد، لديه مخاوف من أي اضطرابات قد تؤثر على استقراره الأمني.
أما السبب الثالث فيرتبط بضعف الاعتراف الدولي بشرعية الشرع، حيث لم يحصل حتى الآن سوى على دعم محدود من بعض الدول، في وقت تراقب فيه القوى الإقليمية والدولية الوضع بحذر. وهذا ما يجعل العراق يتردد في اتخاذ خطوة قد تؤثر على علاقاته مع المجتمع الدولي أو مع أطراف أخرى لها مصالح مباشرة في سوريا.
الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية للموقف العراقي
لا يمكن فهم موقف العراق من التطورات السورية بمعزل عن حساباته الأمنية والاستراتيجية. فبغداد تدرك أن استقرار سوريا ينعكس بشكل مباشر على أمنها الداخلي، خاصة فيما يتعلق بمسألة ضبط الحدود ومنع تسلل الجماعات الإرهابية. وخلال السنوات الماضية، تعرض العراق لهجمات متكررة من تنظيمات متطرفة استفادت من الفوضى الأمنية في سوريا، ما يجعل التنسيق الأمني بين البلدين ضرورة لا يمكن إغفالها.
وفي هذا السياق، تبرز قضية العتبات المقدسة في سوريا كمصدر قلق للعراق، حيث سبق وأن شهدت بعض المزارات الدينية في دمشق محاولات استهداف من قبل الجماعات المسلحة. وهذا الأمر دفع بغداد إلى التأكيد على أهمية حماية المقدسات الإسلامية في سوريا، محذرة من أي انتهاكات قد تؤدي إلى تصعيد طائفي في المنطقة.
خيارات العراق المستقبلية
مع استمرار الغموض في المشهد السوري، يبقى العراق أمام عدة خيارات في كيفية التعامل مع القيادة الجديدة في دمشق. فمن جهة، قد يقرر إعادة فتح سفارته في سوريا لتعزيز الحوار الدبلوماسي وتأمين مصالحه، لكنه قد يتجنب اتخاذ موقف رسمي من الشرع في انتظار وضوح التوجهات السياسية لدمشق. كما أن بغداد قد تسعى إلى تكثيف التنسيق الأمني مع سوريا لمواجهة أي تهديدات مشتركة، خاصة في ملفي الحدود والتنظيمات الإرهابية.
وفي ظل الحسابات الإقليمية المعقدة، سيحاول العراق تجنب اتخاذ مواقف قد تؤثر على علاقاته مع قوى أخرى مثل إيران وتركيا، حيث لا يزال الموقف الإقليمي من الأحداث في سوريا متباينًا. وبينما تراقب الدول الكبرى المشهد عن كثب، فإن بغداد تدرك أن أي خطوة غير محسوبة قد تكون لها تداعيات على استقرارها الداخلي، مما يفسر نهجها الحذر والمتريث في التعامل مع الأزمة السورية.
ويبدو أن العراق يتبنى مقاربة براغماتية في تعامله مع الوضع السوري، حيث يضع مصالحه الوطنية في المقام الأول، دون الانخراط المباشر في التجاذبات السياسية الداخلية لدمشق. وبينما تستمر التطورات في سوريا، ستظل بغداد في موقع المراقب الحذر، في انتظار وضوح الصورة السياسية قبل اتخاذ أي قرارات قد تؤثر على استقرارها الإقليمي.