حكم ممارسة الأشخاص الملاكمة كرياضة بدنية
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعبن عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي جاء مضمونه كالتالي: هل يجيز الإسلام ممارسة الملاكمة كرياضة؟.
وقات دار الإفتاء إنه يجوز شرعًا ممارسة الملاكمة كرياضة؛ لما فيها من التقوية البدنية والذهنية، ولكن بشرط ألا تلهي عن ذكر الله وأداء الواجبات، وألا يترتب عليها أي ضرر أو إيذاء للغير يضر بالنفس أو العضو يمنعها من أداء وظيفتها الشرعية، وألا يكون فيها كشف للعورة، وأن لا يكون الهدف من ممارستها القمار أو الميسر.
وأضافت الإفتاء أن الرياضة مباحة شرعًا لما لها من الفوائد العظيمة التي تعود على الإنسان، فإنها تقويه جسمانيًّا وذهنيًّا؛ ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ» رواه ابن ماجه، وقد مارس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرياضة بالفعل، حيث كان يسابق السيدة عائشة رضي الله عنها فتسبقه مرة ويسبقها مرة، ويقول لها: «هَذِهِ بِتِلْكَ» رواه أحمد وغيره.
وقد اهتمت دول العالم كلها بالرياضة التي دعا إليها الإسلام منذ ظهوره؛ لما للرياضة من أهمية في تربية النشء وإعداد الشباب؛ ليكونوا قوة لوطنهم وعدة له؛ تنفيذًا لقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ [الأنفال: 60].
وأوضحت الإفتاء أن الملاكمة من أنواع الرياضة التي أباحها الإسلام لما فيها من تقوية البدن، وذلك بضوابط وشروط أهمها:
- ألا يترتب على الملاكمة أي ضرر أو إيذاء للغير يضر بالنفس أو العضو ضررًا يمنعها من أداء وظيفتها الشرعية؛ لأن الضرر منهي عنه شرعًا؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه أحمد وابن ماجه.
- ألا تلهي عن ذكر الله وأداء الفروض والصلوات في أوقاتها، ولا تعوق عن أداء حقوق وواجبات الآخرين.
- ألا يكون فيها كشف للعورة التي أمر الشرع بسترها، والعورة كما حددها فقهاء الإسلام ما بين السرة إلى الركبة للرجال وجميع جسد المرأة ما عدا الوجه والكفين للنساء.
- ألا يكون القصد من وراء ممارستها ارتكاب أي نوع من أنواع القمار أو الميسر.
وأكدت الإفتاء أنه إذا توافرت هذه الشروط والضوابط كانت لعبة الملاكمة جائزة شرعًا، وإذا لم تتوافر كانت من الأعمال المحرمة المنهي عنها شرعًا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ممارسة الملاكمة الملاكمة رياضة الملاكمة دار الافتاء المصرية الإفتاء
إقرأ أيضاً:
الشيخ ياسر مدين يكتب: في الصوم
قال سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدِنا جبريلَ عليه السلام حين سأله عن الإسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيمَ الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا». سبقت الإشارة إلى أن قَصْر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فى هذه الخمس ليس معناه أنّ الإسلام عبادات فقط، فقد سبق أن أشرنا إلى أثر الشهادة والصلاة والزكاة في حياة المسلم، وما تستلزمه منه.
وسوف نشير -إن شاء الله تعالى- إلى أثر الصيام والحج، فالحديث إذن لا يدل على انحصار الإسلام في العبادات فقط، وإنما هو ذِكرٌ للأركان الكبرى التي تُؤصّل لحياة مستقيمة في العبادات والمعاملات. وبدَيهيٌّ أن يبدأ الحديث بشهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم» لأنها إعلان الإسلام والالتزام به عقيدة وسلوكا.
وقد سبقت الإشارة إلى أنّ الواو العاطفة بين الصلاة والزكاة والصيام والحج تقتضي الجمع بدون ترتيب؛ أي: صار المرء بمجرد إسلامه مطالبا بهذه العبادات كلها، إلا إذا سقطت عنه لعدم القدرة. فالواو إذن لا تقتضي ترتيبا، لكن هذا لا ينفي أن يكون لترتيب هذه الأركان حِكمةٌ، وذلك ليس من حيثُ اقتضاء الواو ترتيبا معينا، ولكن من حيث إن المتكلم بها قدَّم بعضها على بعض وأخّر بعضها عن بعض.
وإذا نظرنا سنجد أنّ الزكاة والصيام لا يفرضان كل عام، بخلاف الصلاة التي تتكرر خمس مرات في اليوم والليلة، فتقديم الصلاة تقديم لما يكثر تكراره، والزكاة والصيام يسقطان عن غير القادر، فالذي لا يملك النِصاب يسقط عنه أداء الزكاة، وغير القادر على الصيام لا يصوم، هذا بخلاف الصلاة التي يؤديها المسلم ولو بالإشارة إن لم يقدر على الركوع والسجود، وهذا داعٍ ثانٍ لتقديمها عليهما.
ثم تأتي الزكاة بعد الصلاة، وهي كذلك في كتاب الله جاءت تالية للصلاة في ستة وعشرين موضعا، ومن الجهة الاجتماعية نجد أن الصلاة شأنها أن تجمع المسلمين خمس مرات فى اليوم والليلة فيقترب بعضُهم من بعض، ويعرف بعضهم بعضا، وهذا يُوقفهم على أصناف مستحقي الزكاة بينَهم، وهنا يأتي دور الزكاة لمساعدة أولئك المحتاجين، وهذا يقتضي أن تأتي الزكاة بعد الصلاة.
ثم إن الزكاة رِفْدٌ بالمال [أي عطاء وصِلة]، وهذا العطاء هو الذي يعين المحتاج على ضروريات حياته، فيقدرُ على شراء الطعام الذي يتسحر به ويُفطر عليه إذا صام، وبعض مصارفه قد يُجعل لحج بعض المحتاجين، فسبق الزكاة للصيام والحج أمر منطقى.
وإذا كانت الزكاة قد عوّدت المسلم الواجد أن يُخرج قدرا من ماله للمحتاجين، فإنّ ما يذوقه في الصيام من سَغَبٍ [أي: جوعٍ] يحمله على مزيد من الجود والإطعام، وكما طهّرته الزكاة من البخل وحب المال والاستئثار به، يأتي الصيام ليرقى به مرتبة أعلى فيجعله يستغني في يومه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن الطعام والشراب والشهوة، وهذه الأمور هي أسباب استمرار الحياة، وطغيان شهوتي البطن والفرج سبب لارتكاب الموبقات والاعتداء على الحرمات، فالصيام يجعل الإنسان يستعلى عن أن تسوقه الشهوات، فهو قادر على قمعها وتوجيهها وفق ما أمر الله تعالى به، وباستقامة هذا الشأن يستقيم أمر الإنسان في سائر حياته في العبادات والتعاملات.
والصيام إذن عبادة تؤصّل لاستقامة شأن الحياة في جميع مناحيها، حيثه إنه يرجى من وراءه تحقيق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والتقوى هى أن يقي الإنسان نفسه من الوقوع فيما حظره الشرع الشريف، فبها يستقيم شأن الحياة وفق مراد الله تعالى.
ثم بعد ذلك يأتي الحج، فهو عبادة مالية بدنية، يحتاج فيها المرءُ إلى مالٍ كافٍ للذهاب والعودة وترك ما يكفي لأهله حتى عودته، كما يحتاج إلى قوة بدنية يستطيع بها أداء مناسك الحج المختلفة، وهو بهذا لا يتهيأ لكل مسلم، ولذا قيده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستطاعة فقال: «وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا»، وهذا يقتضي تأخره عما قبله.
ثم إنه عبادة تجب مرةً في العمر، وهذا الوجه أيضا يقتضي تأخره عما قبله.