ووفقا لبرنامج "أنت"، فإن بعض الأعمال الدرامية والمسرحية حاولت معالجة فكرة الندم من خلال تحذير الأفراد من أمور قد تفضي بهم إلى هذه المرحلة.
ومن بين الأمور التي تجعل الندم احتمالا كبيرا كثرةُ الخيارات التي قد تعترض الإنسان، ومن ثم فإن تضييق الخيارات يجعل التعرض للندم أقل، كما يقول مقدم البرنامج الدكتور خالد غطاس.
وغالبا ما يكون الندم ناتجا عن قرارات تم اتخاذها على أساس العاطفة وليس العقل، حتى إن محترفي التسويق ينصحون بالسيطرة على مشاعر الزبون قبل الدخول في أي صفقة، وفق غطاس.
غير أن الوقوع في الندم لا يعني بقاءه لدى الإنسان، كما تقول خبيرة العلاج النفسي بالدراما زينة دكاش، التي تؤكد أن الشروع في الاعتذار أو محاولة تصحيح الخطأ هو أقرب الطرق لتجاوز هذا الشعور.
الندم علامة صحيةوتنصح دكاش بعدم الوقوع في بئر الخوف أو الاستغراق في الندم حتى لا يتحول الأمر إلى اكتئاب، خصوصا وأن من لا يشعرون بالندم غالبا ما يكونون مضطربين نفسيا، حسب قولها.
ومن هذا المنطلق، فإن الشعور بالندم يعد علامة على صحة الشخص النفسية وقابليته لتصحيح المسار مدفوعا بالرغبة في التخلص من هذه الحالة.
وحتى يقلل الإنسان من احتمالات وقوعه في قبضة الندم، فإن عليه معرفة حقيقة أن الحصول على أشياء يتطلب التضحية بأشياء أخرى، من ذلك أن الحصول على المال أو الدرجة الوظيفية المرتفعة مثلا يتطلب التضحية بكثير من الوقت والمتعة من أجل العمل، حسب غطاس.
إعلانكما أن على الأنسان أن يمتلك شجاعة الاعتراف بمشاعره وبما يريده أو بما يرفضه حتى يتخلص من الضغوط النفسية، "مع ضرورة السعي لتحقيق أحلام ممكنة وتتفق مع ما نملكه من إمكانيات حتى لا ننزلق إلى طريق طلب المستحيل".
24/12/2024المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
رسالة إلى السيد عبد الملك الحوثي
أكتب إليكم اليوم لا لأحملّكم ذنبا، ولا لألقي بظلال الماضي على حاضركم، بل لأتحدث عن الزميل المعتقل في سجون صنعاء محمد المياحي، ذلك الإنسان الذي اختلفت السلطات مع حروفه ورأتها خطأ يجرح اليقين، لكن أليس هذا هو الإرث الإنساني الذي ورثناه؟ أن نخطئ ونصيب، ونحاسب بالعدل لا بالسطوة؟
نعلم أن الرأي المخالف جمرة تحرق يد من يمسكها، لكن الإمام عليا -عليه السلام- علمنا أن "الناس عدّوا ما أخطأوا، وأعانوا على ما اجترحوا". فإذا كان المياحي قد اجترح خطأ -بحسب السلطات - فهل يعاقب بالحديد أم يعان بالحكمة؟ أليس الأجدر بنا أن نذكر أنفسنا بأن أنصار الله نفسهم عانوا مرارة السجون ذات يوم لأن حروفهم أزعجت سلطة رأت في الصوت المختلف "عدوا"؟
المياحي مواطن يمني قبل أن يكون ناقدا، وابن لهذا التراب قبل أن يكون رأيا. أليس من حق الوطن أن يجمع أبناءه -حتى المختلفين- تحت سقف العدالة التي تعتذر قبل أن تعاقب؟
صنعاء يا سيدي ليست شوارع ترصف بالأسفلت، ولا أبراجا تتحدى السحاب، إنها "الجامع الكبير" الذي تتعانق تحت قبته أرواح الأئمة والشعراء، والمقاومين والمتصوفين، هي الذاكرة التي تحمي اليمن من أن يضيع في متاهات التقسيم. فكيف نحولها -ونحن ندعي الدفاع عنها- إلى سجن كبير يسجن أبناءها بحجج "الخيانة" و"الاختلاف"؟
نعلم أن الأعداء ينسجون حولها شباكا من نار، ويريدونها أن تسقط كي يقولوا: "انظروا.. حتى صنعاء لم تسلم!". لكن صنعاء التي صمدت ألف عام أمام غزوات الأعادي، لن يكسرها اليوم إلا شيء واحد: أن ننسى أنها "مظلة الجميع". فهل نسلمهم النصر المجاني بأن نفرغها من معناها، ونحولها إلى قلعة للطائفة الواحدة، أو الحزب الواحد؟
العدل الحقيقي ليس في أن نصدق كل ما يكتبه الآخر، بل في أن نعطيه فرصة. والعفو ليس اعترافا بضعف الموقف، بل إعلاء لقيمة الإنسان على تفاصيل الخلاف. هل نخشى -حقا- من حروف تكتب في زاوية ما؟
اليوم، بينما ينتظر المياحي خلف القضبان، يذكرنا بأن اليمن الذي حاربنا من أجله لا يسع الجميع إلا إذا غلبنا "الإنسان" على "التهمة"، و"المواطن" على "الخلاف". فهل نريد أن يروي التاريخ أنا انتصرنا على الخصوم وخسرنا الإنسان؟
محمد المياحي لم يكن يوما في خندق من حاربكم بالسلاح، أليس الأجدر بنا، ونحن نمسك بمفاتيح السجون، أن نتذكر الإمام عليا -عليه السلام- حين قال: "إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه"؟ فالعفو ليس تنازلا، بل اعتراف بأن القوة الحقيقية هي التي تسمو فوق الانتقام.
نعلم أن قرار الإفراج عن إنسان هو اختبار لرحابة السلطة قبل اختبار لبراءة السجين. اليوم، وأنتم تواجهون أعتى التحديات، أليس من الحكمة أن تعلنوا للعالم أن صنعاء -قلب اليمن النابض- قادرة أن تحتضن أبناءها؟
الإمام علي -عليه السلام- يقول: "العفو تثبته القدرة، والحلم يدركه العقل" فامنحونا، كيمنيين، دليلا على أن ثورتكم ولدت لتحرير الإنسان، لا لتسليط عليه سياط التحريض.
أطلقوا سراح المياحي.. اليمن يستحق أن نجرب معه لغة جديدة: لغة تبدأ بالإفراج عن السجين السياسي، وتنتهي بتحرير الوطن من ثقافة السجون.