لبنانيون يزينون شجرة عيد الميلاد فوق أنقاض الكنائس المدمرة على يد الاحتلال
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في بلدة دردغيّا إحدى قرى قضاء صور بالجنوب اللبناني يقترب عيد الميلاد هذا العام بخطى حزينة، ومن فوق أنقاض كنيسة القديس جورج الكاثوليكية، التي دمرها قصف الاحتلال الإسرائيلي، يقف جورج إليا، وهو يزين شجرة عيد الميلاد و يقرع أجرا الكنيسة متحديا ذلك العدو الذي لا يمر على أرض إلا ودمر وقتل كل مظاهر الفرح والحياة.
وعرضت قناة “القاهرة الإخبارية”، تقريراً تليفزيونيا بعنوان «لبنانيون يزينون شجرة عيد الميلاد فوق أنقاض الكنائس التي دمرها الاحتلال».
وأفاد التقرير: «يقف جورج إليا الذي يعمل بالبلدية ملتقطا صورا بكاميراته لغرف الكنيسة المغطاة بالحطام والركام، تلك الكنيسة التاريخية بنيت قبل نحو 150 عام».
وواصل: «أيقونات ولوحات ملقاه فوق الأنقاض تحكي قصة مكان كان يوما يزخر بالزوار، وفي الجوار يترأس القس مورس الخوري قداسا بمشاركة عدد من الزائرين داخل غرفة كانت تستخدم كمقر للأساقفة الزائرين لكنيسة القديس جورج».
وقال جورج إليا، خلال التقرير: «الكريسماس هذا العام يأتي حزين علينا، بس ما حبيت أنه يمر حزين على البلدة وكنيسة القديس جورج الكاثوليكية خاصة، لذلك حاولنا وضع شجرة متواضعة وبسيطة من أجل الشعور وجلب فرحة العيد، ولم نستطيع تشغيل الكهرباء بسبب الدمار الذي حل بالمكان».
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الاحتلال الاحتلال الإسرائيلي الزائرين الجنوب اللبناني القاهرة الاخبارية عید المیلاد
إقرأ أيضاً:
"دولة الأغنياء على أنقاض الفقراء"
علي بن سالم كفيتان
أرسلَ لي أحد الإخوة الأعزاء نسخة إلكترونية من كتاب "النباهة والاستحمار" للمُفكِّر الإيراني الدكتور علي شريعتي، وفي الحقيقة أنها كانت محاضرة ألقاها هذا المفكر الكبير في قاعة أرشاد بالعاصمة الإيرانية طهران، وتحوَّلت لاحقًا إلى كتابٍ، وتُرجِمَ إلى عدة لغات منها العربية؛ لما حوته من أفكار عميقة عن استخلاف الإنسان في الأرض.
ولا أخفيكم أنني لم أستطع النوم تلك الليلة، حتى أتممت الكتاب، لما شدني فيه من قراءات غير معهودة لدينا كعرب ومسلمين، لواقع الغرب، من منطلق صراع البشر الأزلي، وتدافع الحضارات، وفرض أنماط حياة لتقييد العقل الإنساني وفق مُحددات تقوم على الاستهلاك وتعظيم سُلطة المال. وهذا بدوره يؤسِّس لما أشار إليه المؤلف بتأسيس دولة الأغنياء على أنقاض الفقراء، وهذا ما نراه اليوم قائمًا في عالمنا، في ظل توحُّش سُلطة المال وقضمها للساسة عبر إدخال الحكومات في دهاليز المال، والنظر إلى العالم من ثقب تساؤل: كم تملك.. كم تسوى؟!
إن انسياق الأنظمة المُعتدلة التي حافظت على ثباتها لعقود وهرولتها خلف هذا المنعطف الخطير يسوقها إلى الزوال- كما يشير شريعتي- إذ يرى أن استخلاف الإنسان في الأرض يتجرَّد من النظرة الإقصائية البسيطة التي يقوم عليها العالم اليوم، إلى تحرير التفكير والإبداع بعيدًا عن قيود السُلطة الجشعة للمال، والتي تجعل من الإنسان نحلةً شغالة في مملكة الغرب الظالمة، في الوقت الذي تنتظر فيه الملِكَة المُتوَّجة في الخلية كل عام سباق الذكور لتلقيحها، لتموت بعدها على أعتاب تلك المملكة. يقول الكاتب: "لماذا لم تتعلم الذكور من سعيها لهلاكها كل عام؟". طبعًا الجواب حاضر، وهو أنَّ هذه هي سُنن الطبيعة ونواميس الكون في الموت والحياة والميلاد والشيخوخة، التي لا يُمكن مُناقشتها أو حتى السماح بالتفكير فيها، إلّا من واقع إطار رسم للعالم القديم لا يمكنه الخروج عنه، ومن خرج جُيِّشَت ضده الجيوش والأساطيل، ومُنع عنه صنبور المال، وفُرِضَت عليه العقوبات، وعُزل عن البشرية، حتى يتوب إلى الغرب وسلطته المُتجبِّرة. لذا بِتنا نرى كل ما هو تقليدي ومُحافِظ في حضارتنا الإسلامية ضربًا من التخلف والرجعية، بينما تجاربهم هي الأكثر إلهامًا، وحضارتهم هي الأكثر بريقًا، وإنسانهم هو الأقدر على صناعة الفارق. يقول شريعتي أيضًا: "لقد مارسوا ضدنا أبشع الحملات الدعائية لتقديمنا في ثوبٍ رثٍ وبشر متوحِّشين يجب إقصاؤهم من الكون".
ذكر شريعتي أنَّ إبقاء المُتعلِّم جاهلًا وأخرسَ وأعمى، يُعدُ خطرًا كبيرًا على النظام الذي يُشرعن هذا النوع من السلوك الإقصائي الفظ؛ فالإنسان إذا أُشبِع بالعلم لا يُعد الجوع عنده أولوية، بينما الجهل يقود في أحيان كثيرة للسعي خلف اللُقمة، من الولادة وحتى الموت. لذلك فإنَّ النافذة التي يُطل من خلالها الشباب المتعلمون في عالمنا ليست هي النافذة التي كانت قبل 50 عامًا؛ إذ إنهُم لم يأتوا من الكهوف التي حبستهم فيها أنظمة مُتجبِّرة وظالمة لقرونٍ، وهم ليسوا الثوَّار الحُفاة الذين انفجروا من شدة الطغيان ودفعوا أثمانًا باهظة ليُحدِثوا تغييرًا، وقد رحلوا قبل أن يشاهدوا نتيجته. بينما يتغنَّى اليوم من كانوا على حواف الثورة كلاجئين وهاربين ومُستسلمين وخانعين قبضوا الثمن، بأنهم هُم من قادوا التغيير وصنعوا الفارق. ولا شك ان الجيل الجديد يمثل نُسخة مُحدَّثة سيصعب التعامل معها عندما تنفجر، ومهما مجَّدنا أجدادنا الحُفاة وقدرتهم على الصمود والقفز في النار، فإن الأجيال الحالية مُتحفِّزة وتفهَم كل ما يجري حولها من "استحمار الأنظمة" كما يقول شريعتي.
يرى علي شريعتي أن المجتمعات التي تُريد أن تختار مستقبلها، أمامها طريقان؛ الأول: طريق الرسمالية والقدرة والصنعة الغربية، والثاني: طريق الفكر والعقيدة. ويتساءل: ماذا عمل بنا الغرب نحن المسلمين نحن الشرقيين؟ لقد احتقر ديننا وأدبنا وفكرنا وماضينا وتاريخنا وأصالتنا، واستصغر كل شيء لنا، إلى الدرجة التي أصبحنا فيه نحن نهزأ بأنفسنا!! أما الغربيون فقد فضَّلوا أنفسهم وأعزوها ورفعوها، ثم بدأنا نقلدهم في كل الأطوار والحركات والسكنات والمناسبات، فصرنا نُمجِّد لُغتهم ونتفاخر بشهاداتنا القادمة ونفتخر بتعلُّم أبنائنا في دولهم وإجادتهم للُغاتهم في مُقابل نسيان اللغة العربية، وتراجع قِيَمهم الدينية والاجتماعية.
وفي المقابل، نرى أنَّ هناك المُتمسِّكون بطريق الفكر والعقيدة، وهُم قِلة في عالمنا، وهؤلاء يُصنِّفهم الغرب والسَّاسة التابعون لهم بالخطر الداهم؛ حيث نراهم اليوم ينبعثون من تحت الأنقاض في غزة بكامل عتادهم غير آبهين بالفَقْد في سبيل العقيدة، وهم من يُلهم ملايين الشباب المسلم في العالم اليوم، ويؤسِّس لعالم إسلامي قادم للواجهة برِداءٍ مُختلف، فهل ستعي الأنظمة ذلك أما ستمارس أسلوب الاستحمار؟!
رابط مختصر