حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية لا يوجد مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين كما يدَّعي بعض المتشددين غير العارفين بتكامل النصوص الشرعية ومراعاة سياقاتها وأنها كالجملة الواحدة.
وقد قَبِلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الهدية من غير المسلمين، وزار مرضاهم، وعاملهم، واستعان بهم في سلمه وحربه حيث لم يرَ منهم كيدًا، كل ذلك في ضوء تسامح المسلمين مع مخالفيهم في الاعتقاد، ولم يفرق المولى عز وجل بين من المسلم وغير المسلم في المجاملة وإلقاء التحية وردها؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما هي إلا نوع من التحية.
أما ما استشهد به هؤلاء من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: 72] على عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من نصارى ويهود: فإنما هي نظرة قاصرة للنص القرآني؛ حيث لم يرد ذلك صريحًا في الآية، بل هو اجتهاد في تفسيرها، وقد نقل فيه عدة آراء، فما بالهم يأخذون منها ما يوافق أهواءهم ويكفرون بغيرها.
شمولية الرسالات الإسلامية وتكاملها فيما بينها
وأوضحت الإفتاء أن الله تعالى خلق الإنسان على اختلاف ملله وأشكاله وأجناسه من أبٍ واحد وأم واحدة «إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ»، كما جاء في "مسند الإمام أحمد" في خطبة الوداع قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟» قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم يفرق المولى عز وجل في الخلق ولا في الرزق بين مسلم وغير مسلم.
ولقد جاءت الرسالات السماوية من لدن آدم إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكلُّها يكمل بعضها بعضًا؛ لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ»، قَالَ: «فَأَنَا اللَّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ» رواه البخاري.
كما أن الرسالات السماوية كلها تدعو إلى هدف واحد، وهو توحيد الله وعبادته، وترجو نتيجة واحدة هي الفوز بالجنة في الدار الآخرة، وإن اختلفوا في الأسلوب والطريقة الموصلة إلى ذلك.
تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم
ومن المقرر شرعًا أن الإسلام لم يمنعنا من مجالسة أهل الكتاب ومجادلتهم بالتي هي أحسن؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [العنكبوت: 46]، وأن نأكل من طعامهم وشرابهم، بل أكثر من ذلك أباح لنا الزواج منهم؛ فقال تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: 5].
والزواج كما هو مقرر شرعًا ما هو إلا مودة ورحمة؛ قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21]، ومن غير المعقول أن يتزوج المسلم بامرأة من أهل الكتاب، ويطلب عندها المودة والرحمة، وتهنئه في عيده ولا يرد التهنئة في عيدها، ألم يكن ذلك مخالفة صريحة لنص القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، حيث إنه لم يفرق بين من يلقي التحية مسلم أو غير مسلم، والتهنئة في الأعياد ما هي إلا نوع من التحية.
ولقد أوصانا الإسلام بالجار خيرًا سواء أكان مسلمًا أم غير مسلم؛ فلقد ورد عن مجاهد أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ذُبِحَتْ له شاة في أهله، فلما جاء قال: أَهْدَيْتُم لجارنا اليهودي؟ أَهْدَيْتُم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» رواه أبو داود والترمذي واللفظ له، ولقد أكدت السنة النبوية الإحسان بالجار وعدم التطاول عليه وإيذائه؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «من آذَى ذِمِّيًّا فَأَنَا خَصْمُهُ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الخطيب البغدادي، وفي حديث آخر: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود في "سننه".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء العيد تهنئة صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
حكم قراءة سورة يس بعد صلاة الفجر
سورة يس.. قالت دار الإفتاء المصرية إنه ورد في السنة النبوية المطهرة الحث على ذكر الله تعالى بعد صلاة الفجر؛ ومن ذلك ما رواه الإمام الترمذي في "جامعه" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ؛ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّة».
سورة يسوأوضحت الإفتاء أن من أعظم الذكر قراءة القرآن الكريم، وقد ورد الأمر الشرعي بقراءته مطلقًا، والأمر المطلق يقتضي عموم الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، فامتثاله يحصل بالقراءة فرادى أو جماعات، سرًّا أو جهرًا، ولا يجوز تقييده بهيئة دون هيئة إلا بدليل.
كما ورد الشرع بفضل سورة يس وعِظَمِ ثواب قراءتها؛ في نحو ما أخرجه الدارمي والترمذي -واللفظ له- والبيهقي في "شعب الإيمان" من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ القُرْآنِ يس، وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ»، وأخرج الطبراني وابن مردويه من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ دَاوَمَ عَلَى قِرَاءَةِ يس كُلَّ لَيْلَةٍ ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ شَهِيدًا».
وأكدت الإفتاء أنه لا يوجد مانع من قراءة سورة "يس" بعد صلاة الفجر، ولا بأس بالمواظبة على ذلك، ولكن الجهر بذلك في جماعة مشروط بموافقة القائمين على المسجد؛ تنظيمًا لزيارة هذا المقام الشريف؛ واسترشادًا بالأدب النبوي الكريم في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ» رواه الإمام مالك في "الموطأ" والإمام أحمد في "المسند".
الدكتور علي جمعة يكشف عن عجائب سورة يس
وتحدث الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن عجائب سورة يس، والتي تكون سببًا في قضاء الحوائج وفك كرب المسلم.
حكم قراءة سورة يس بنية قضاء الحاجات
ورد حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، حيث قال النبي صل الله عليه وآله وسلم: «و”يس” قَلْبُ الْقُرْآنِ، لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللهَ والدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ، وَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ» (رواه أحمد)
فضل سورة يس
قال الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في مقطع فيديو نشرته الدار عبر قناتها الرسمية على موقع الفيديوهات «يوتيوب»، عن سورة يس أنه ورد في فضلها أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ القُرْآنِ يس، وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ»، وإنّ أقوى ما جاء في فضل سورة يس ما رواه ابن كثير في تفسيره، قال صلى الله عليه وسلم: «من قرأ يس في ليلة أصبح مغفورًا له».