السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (1-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
أفضل مَن شخّص التغيير واصطراع القوى حوله هو منصور خالد في كتابات له بعد ثورة أكتوبر عام 1964 نشرها في كتابه “حوار مع الصفوة” (1979). فالصراع عنده قائم بين بما قد نصطلح عليه بـ”القوى الكسبية” و”القوى الإرثية”. فالقوى الكسبية هي التي اشتهرت بالأفندية وهي طبقة طارئة على المجتمع السوداني أسسها الاستعمار الإنجليزي لأغراضه وتقلدت منزلتها كسباً.
مرت الخميس الماضي الذكرى السادسة لثورة الـ19 من ديسمبر عام 2018 في السودان. وربما لم يُعدّها ثورة في يومنا قوم حتى من بين مَن قاموا بها قياساً بأعراف فكرية نزعت صفة الثورة عن ثورات سبقت ثورة 2018، في أكتوبر عام 1964 وأبريل عام 1985. فبين الثورة السودانية وعلمها جفاء، إن لم نقُل خصومة. فكانت صفوة من كتابنا تواضعت على نقد خطأ شائع، في رأيهم، وصف الحراكين المذكورين بالثورة. فالثورة في مفهومهم هي التي لا تسقط النظام القديم فحسب، بل تغير ما بنا تغييراً مشهوداً أيضاً. فالثورتان المزعومتان لم تغيرا ما بنا وإن نجحتا في إزالة النظامين اللذين خرجتا لإسقاطهما.
فقال الأكاديمي والعضو المخضرم في الحزب الجمهوري النور حمد إن ثورة أكتوبر ليست “ثورة” لأنها، وإن نجحت في إسقاط نظام الفريق عبود العسكري (1958-1964)، لم تحدث تحولاً جوهرياً مما نُعدّه نقلةً إلى الأمام في الواقع السوداني. فعادت الأحزاب التقليدية التي حكمت قبل الفريق عبود عودة أسوأ مما كانت قبلاً. واستكثر المؤرخ والوزير والدبلوماسي حسن عابدين أن يسمي أكتوبر “ثورة” وقال إنها “انتفاضة” في خفض لمرتبتها لأنها “لم تكُن ثورة، وإنما انتفاضة لأن الصحيح أن تُحدث الثورة تغييراً في نظام الحكم، وفي حركة المجتمع والدولة والثقافة والاقتصاد، وتغييراً في كل شيء، وهذا لم يحدث في أكتوبر”.
وعموماً فالتخليط في علم سياسة الثورة في السودان متفشٍّ. فاشتهر الحراك الذي أسقط نظام الرئيس جعفر نميري عام 1985 بـ “انتفاضة أبريل”، في حين أنها أسقطت نظاماً قديماً مثلها في ذلك مثل “حراك أكتوبر” الذي يسمى “ثورة”. بل يكفي أن مفكراً في مقام الوزير والكاتب منصور خالد وصف أكتوبر بأنها “ثورة” و”لا ثورة” في الكتاب نفسه وعلى مسافة 23 صفحة من الصفتين في كتابه “النخبة السودانية وإدمان الفشل، الجزء الأول”. فقال في الموضع الأول من الكتاب إن أكتوبر “ثورة لا يعادل خطرها سوى مؤتمر الخريجين (1938)” الذي كان طليعة التحرر الوطني ضد الاستعمار البريطاني. فهي عنده ثورة لأن قوامها “قوى حديثة مصممة على الانعتاق من ربقة القديم إلى رحاب الجديد وهو انتقال إلى لب السياسة”. ووصفها في الموضع الآخر بأنها ثورة “من باب التبسيط”. فالثورة في قول منصور “صناعة للتاريخ ولها مقومات لم تتوافر في أكتوبر”.
شرط التغيير الجذري
لن يجد المرء سنداً لاشتراط هذه النخبة أن تقوم الثورة، متى قامت، بالتغيير الجذري بعد إسقاط النظام مباشرة وإلا صارت “انتفاضة” في أحسن الأحوال. فالثورة تعريفاً ثورة متى أسقطت حكومة النظام القديم. أما التغيير فلا يأتي للتو بعد سقوطه. فهو مما تختلف الآراء فيه وفي سبله بين من ائتلفوا لإسقاط النظام القديم. فمن وقف على الثورة الفرنسية (1789) وتضاريسها رأى أن جماعاتها الثورية اختلفت بعد سقوط النظام القديم حول التغيير محلياً وأوروبياً اختلافاً مضرجاً كبيراً. فلا الجمهورية ولا العلمانية، وهما العقيدتان من وراء الثورة، تحققتا في اليوم العاقب لسقوط النظام القديم كما يزعم بعض صفوتنا. ويكفي أنه جرى استرداد الملكية التي أسقطتها الثورة نفسها للعرش ثلاث مرات ولم تتوطد عقيدة الجمهورية إلا في ثمانينيات القرن الـ19. كما لم يقع فصل الدين عن الدولة إلا في دستور 1905 ولينص دستور 1958 صريحاً على العلمانية للمرة الأولى. وتستغرب هذا التباطؤ في العلمانية من ثورة ألغت الدين المسيحي في طورها الباكر واستبدلته بـ”الربوبية” وهي دين يعترف بالرب الذي سرعان ما توارى عن الكون بعد الخلق.
قلَّ أن تتوقف أقلام هذه النخبة عند ما حال دون الثورة والتغيير الذي تكون به أو لا تكون، وكأن امتناع وقوع التغيير عاهة أصل في الثورة لا نتيجة لخلافات حوله بين قوى الثورة نفسها وقوى النظام القديم رجحت فيه كفة النظام القديم. فذكر النور حمد أن ثورة أكتوبر “أُجهِضت” بعد أربعة أشهر فقط من قيامها وأجهزت عليها الانتخابات التي قامت عام 1965، فعادت بها الأحزاب القديمة للحكم كما كانت قبل انقلاب الجيش عليها عام 1958. ولم يتوقف النور أو غيره عند سياسات ذلك الإجهاض للثورة الذي امتنع به التغيير.
صح السؤال هنا، على ضوء عبارة النور عن إجهاض ثورة أكتوبر من دون إحداث التغيير الجذري الذي انتظره، ما كان ذلك التغيير المنتظر؟ وما هي القوى التي تصارعت حوله في الثورة؟
الصراع حول التغيير
أفضل مَن شخّص التغيير واصطراع القوى حوله هو منصور خالد في كتابات له بعد ثورة أكتوبر 1964 نشرها في كتابه “حوار مع الصفوة” (1979)، فالصراع عنده قائم بين بما قد نصطلح عليه بـ”القوى الكسبية” و”القوى الإرثية”. فالقوى الكسبية هي التي اشتهرت بالأفندية وهي طبقة طارئة على المجتمع السوداني أسسها الاستعمار الإنجليزي لأغراضه وتقلدت منزلتها كسباً. وهذا بخلاف الطبقة الإرثية التي قال منصور إنها تليدة وعليها ركائز المجتمع “الوصائي” (الأبوي) في العشائر والطرق الصوفية في الريف بخاصة وتعلي النسب على الكسب. وقال عنها إنها تشكل بتصوراتها وممارساتها عقبة كؤوداً في وجه التطور الذي يقوده المجتمع القومي، مما يجعلها خصماً للعقلانية والفردية التي هي سمة الطبقة الكسبية الحداثية.
وكانت الديمقراطية هي عظمة النزاع بين الطبقة الإرثية والطبقة الكسبية في ما بعد سقوط الأنظمة بالثورة، فتعاني الطبقة الكسبية حيال هذا المطلب محنة يصفها الأعاجم بـ”كاتش 22″ أي إنها المأزق الذي لا فكاك منه لأن أحواله إما تناقض واحدها مع الآخر، أو وجِدت معاً لا يستغني أحدها عن الآخر. فبينما تطلب الطبقة الكسبية الديمقراطية إلا أنها مدركة في الوقت نفسه أنها لن تحظى بتمثيل ذي معنى في البرلمان لضآلة عددها في المجتمع، قياساً بغزارة الطبقة الإرثية. وقال منصور عن فرط نفوذ هذه الطبقة الإرثية في الريف أنها جعلته “مستودعاً لاستجلاب الناخبين والهتيفة”.
ولا أعرف من سبق إلى تشخيص أزمة هذه الطبقة مع البرلمانية مثل الأكاديمي والوزير محمد هاشم عوض، وفي وقت باكر عام 1968 باستقدامه لمفهوم “البلوتكرسي” إلى طاولة البحث، والمصطلح إغريقي لحكم الأثرياء الوراثي في بلد ما، فدولة الإرث هذه هي ما ساد في النظم البرلمانية عندنا وحال دون الطبقة الكسبية وإطلاق العنان لمشروعها الحداثي. ووصف عوض الحكم في بلدنا بـ”البلوتكرسي” من خلال تحليل اقتصادي واجتماعي نيّر، فنظر إلى عنصر الإرث ومؤسساته في الجماعة الدينية والعشائرية الحزبية، محللاً منازل أهل الحكم عندنا في المجالس النيابية تحليلاً شمل المجلس الاستشاري لشمال السودان (1944) والجمعية التشريعية (1948) والبرلمان الأول والثاني (1954-1958)، فوجدنا دولة للأغنياء سادوا جَامعين تليد النفوذ القبلي والطائفي إلى طريف الجاه والمال.
ونواصل عن الطبقة الكسبية التي لا تريد الديمقراطية ولا تحمل براها.
صورة تذكارية للفصل النهائي لمدرسة الفاشر الثانوية في نحو 1962 ومنه الشهيد أحمد القرشي الذي اشعل مصرعه ثورة أكتوبر مؤشراً عليه بسهم. وبدا في الصورة ناظر المدرسة بربطة العنق الذي أذكر أن قيل أنه أحمد هاشم أبو القاسم الذي كان نائب الناظر في عطبرة الثانوية في نهاية الستينات.
السودان: ثورات تبحث عن علم سياسي (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
أفضل مَن شخّص التغيير واصطراع القوى حوله بعد ثوراتنا الثلاث هو منصور خالد في كتابات له بعد ثورة أكتوبر عام 1964 نشرها في كتابه “حوار مع الصفوة” (1979). فالصراع عنده قائم بين بما قد نصطلح عليه بـ”القوى الكسبية” و”القوى الإرثية”. فالقوى الكسبية هي التي اشتهرت بالأفندية وهي طبقة طارئة على المجتمع السوداني أسسها الاستعمار الإنجليزي لأغراضه وتقلدت منزلتها كسباً. وهذا بخلاف الطبقة الإرثية التي قال منصور إنها تليدة وعليها ركائز المجتمع “الوصائي” (الأبوي) في العشائر والطرق الصوفية في الريف بخاصة، وتعلي النسب على الكسب. وقلنا أن الطبقة الكسبية في مأزق: فالديمقراطية هي بيئتها المثالية ولكن الديمقراطية الليبرالية (صوت لكل مواطن مستحق) تحول دونها والتمثيل الفعلي في البرلمان لأن الواحد من الطبقة الإرثية له صوته وأصوات شيعته كلها كما تجري العبارة.
جاءت الطبقة الكسبية بمأزقها مع الديمقراطية إلى ساحة ثورتي 1964 وأبريل 1985، وكان التغيير الجذري الذي طلبته هو إصلاح عميق في البرلمانية يأذن لها بتمثيل مرموق فيها يمكّنها من وضع بصمتها على التشريع صوب الحداثة. فسعت في ذلك الإصلاح إلى “التحايل”، إذا شئت، على مبدأ “صوت واحد للمواطن” الذي يربح منه الإرثيون بينما يكاد يلغي وجود الكسبيين في البرلمان. وكان لب اقتراح طبقة الكسب هو افتراع كليات مهنية وقطاعية انتخابية لها فيها نفوذ مؤكد تكسر به حدة غزارة جمهور الطبقة الإرثية.
فتبنت الطبقة الكسبية، ناظرة لمأزقها السياسي المشاهد، ثلاثة إصلاحات تؤمن بها لنفسها تمثيلاً معتبراً في البرلمان يعوضها قلة نفرها الاقتراعية.
الإصلاح الأول
طالبت هذه القوى مرتين بعد ثورتي 1964 و1985، تطويل المرحلة الانتقالية قبل إجراء الانتخابات للجمعية التأسيسية المنتظرة، فواضح أنهم كانوا يريدون شراء الوقت وهم في “عسى ولعل” أن دروس الثورة والتغيير تنسرب لوعي الجمهور، فيميل ناحيتها ويرجح كفتها في تلك الانتخابات، وكانت الأحزاب التقليدية تريد الفترة الانتقالية “قصيرة وعسل” في عبارة إنجليزية ماتعة. فطمعت الطبقة الكسبية بعد انتفاضة 1985 أن تطول الفترة الانتقالية لخمس سنوات، وكانت حجتهم للتطويل أن البلد بحاجة إليه لإزالة “آثار مايو”، أي حكم نميري الذي جاء بانقلاب في مايو (أيار) عام 1969، ووضع القواعد لسودان ليبرالي موحد. ثم اكتفوا بسنتين للمهمة الانتقالية في مفاوضات صاخبة مع الطبقة الإرثية والمجلس العسكري الانتقالي الذي فرض ولايته على البلاد بعد نجاح الثورة بعزم التدرج بها للحكم الديمقراطي. وقد أرادها المجلس أيضاً قصيرة وعابرة، ثم عادت القوى الحديثة من الغنيمة بعام واحد للفترة المقصودة لإصرار المجلس والقوى التقليدية على تقصير الفترة الانتقالية. وفي ثورة 2018 نجحت هذه القوى بجعل الفترة الانتقالية ثلاث سنوات قابلة للتمديد.
الإصلاح الثاني
وكانت حيلة الطبقة الكسبية الثانية أن يقوموا بإصلاح يؤمن لهم تقلد زمام الفترة الانتقالية وما بعدها، فبعد ثورة أكتوبر نادوا بأن تصبح جبهة الهيئات التي قادت الثورة كياناً دائماً ليؤمن مسار الثورة، ورفضت القوى الإرثية تلك الدعوة ووجهت منسوبيها للتحريض على سحب نقاباتهم من عضويتها. وعام 1985 اقترحوا حكومة ثلاثية التكوين قوامها مجلس وزراء تنتخب النقابات 60 في المئة من عضويته، ويأتي 40 في المئة منه من الأحزاب الإرثية مع حرمان الإخوان المسلمين (الجبهة الإسلامية القومية) من التمثيل فيه جزاء وفاقاً لتعاونهم مع نظام الرئيس نميري حتى قبيل خلعه بقليل، ومجلس منتخب من النقابات بمثابة مجلس تشريعي، إضافة إلى مجلس سيادة، ورفضت القوى الإرثية الخطة بالكلية.
الإصلاح الثالث
وجاءت مشاريع إصلاح النظام الانتخابي للقوى الكسبية متوافقة مع خطتها لاكتساب الغلبة في البرلمان المنتظر غلبةً لا تستحقها بأعدادها القليلة بين السكان، فبعد ثورة أكتوبر 1964 استلهموا تجربة الناصرية فطالبوا بأن تقوم الانتخابات، إلى جانب الأسس الجغرافية، في دوائر مخصصة لمهن الناخبين وقطاعاتهم، وعليه ستكون للعمال والمزارعين والمثقفين دوائر مخصصة. وأذاع الحزب الشيوعي في ديسمبر 1985 مشروعاً لإصلاح الانتخابات جعل للقوى الحديثة 110 مقاعد في برلمان منتظر من 360 مقعداً، وجعل للعمال 35 مقعداً وللمثقفين المهنيين 15 مقعداً. واقترح التحالف النقابي الوطني الذي قاد الانتفاضة في 1985 برلماناً من 225 مقعداً جعل للعمال منها 19 مقعداً. ووقف “الحزب الاتحادي الديمقراطي”، المشكّل من القوى الإرثية، بقوة ضد أي مشروع لتمثيل القوى الحديثة. ولم تقوَ لجنة الانتخابات على بتّ الخلاف الذي نشأ حول المسألة. واجتمعت مع المجلس العسكري الذي رفض فكرة تمثيل هذه القوى بترتيب غير الانتخاب بصوت لكل مواطن.
الثورات والتغيير
إذا كان التغيير الجذري شرط بعض نخبتنا لتسمية الحراك الذي أسقط نظاماً قديماً ثورة، فواضح من عرضنا أن الثورات السودانية لم تخلُ من رؤية للتغيير، أو همة لتنزيله كسياسات للدولة بعد سقوط النظام. فلا يجوز نزع صفة الثورة من ثورات السودان إذا بدا لهؤلاء الكتّاب أنه لم يتغير شيء بعد سقوط النظام، والأحرى بهم تحري الأسباب التي أدت إلى “إجهاض” ذلك التغيير لا قبوله ضمن طبائع الأشياء. فقد كان الصراع حول مشروع التغيير الانتخابي الذي طرحته القوى الكسبية صدامياً، لا كما وصفه الأكاديمي عبدالوهاب الأفندي الذي قال إن حصيلة ثورة أكتوبر، مهما قلنا عنها، تطور طبيعي “في إطار تفاهمات وتنافس نخبة صغيرة تتشارك في الرؤى والمصالح، جرت في جو حميمي أقرب إلى الاسترخاء منه إلى الانفجار”. فيكفي أن القوى الإرثية التي كرهت مشروع القوى الكسبية الانتخابية وغيرها، روعت الخرطوم بتحشيد جماهيرها من الريف في شوارعها في الـ18 من فبراير (شباط) عام 1965 لتُسقط حكومة ثورة أكتوبر الأولى التي غلبت فيها القوى الكسبية على الإرثية. فاستقال سر الختم الخليفة، رئيس الوزراء، ولم يمضِ في الحكم سوى أربعة أشهر، حرصاً، في قوله، “على مصلحة البلاد وسلامتها وعلى تجنيب أبنائها الشقاق والخلاف الحاد”.
اشتراط وقوع التغيير بالثورة ضربة لازب وإلا انتفت عنها صفة الثورة، وجه آخر من وجوه قلة حيلة علم السياسة عندنا في دراسة الصراع في الفكر والممارسة على بينة من صدام الإرادات والمصالح والرؤى. فالثورة التي قصرت دون التغيير في رأي هذا العلم ليست من الثورة في شيء. وهذا الحكم عقوبة وليس تحليلاً ترحل بالمسألة لضبط المصطلح لا لدراسة معينة في ديناميكية إجهاض الثورة.
محمد هاشم عوض كتابه البلوتوكرسي شخص فيه باكراً أزمة الطبقة الكسبية مع الديمقراطية الليبرالية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة بعد ثورة أکتوبر التغییر الجذری النظام القدیم سقوط النظام فی البرلمان منصور خالد الثورة فی قال منصور بعد سقوط فی کتابه فی الریف هی التی ثورة فی له بعد ن ثورة
إقرأ أيضاً:
هتاف ادرني فلسطيني : ياعراقي “ياگواد” أرجع روح لبغداد!
بقلم : د. سمير عبيد ..
ثبتوا لديكم هذا المثل العراقي المهم وهو ( أگعد عوج وأحچي عدل )!
أولا :
عندما أكتب لا أنتظر موافقة فلان او علتان ، ولا انتظر موافقة دولة او جهاز استخبارات او حزب او تيار . فأكتب بحرية تامة وهذا خطي ولن اتنازل عنه . لذا تعليقي على هتاف الجماهير الأردنية والفلسطينية بالضد من الفريق العراقي لكرة القدم وعندما خسر امام المنتخب الفلسطيني في عمان ب( ياعراقي ياگواد ارجع روح لبغداد) . وطبعا مفردة ” گواد : تعني السمسار على العرض … الخ ” . وأبدأ تعليقي وتحليلي بالسؤال:-
لماذا لم يعترض اتحاد كرة القدم العراقي على مكان اقامة المباراة وهو يدري ان الجمهور الأردني أصلا ما نسبته ٩٠٪ هو جمهور فلسطيني …فلماذا لم يحسبها الاتحاد مبكرا ؟ فهل هي لامبالاة وثول ..أم القضية فيها تعمد من رئاسة اتحاد كرة القدم العراقي الذي تحوم حوله علامات الاستفهام ؟ ولماذا لم يعترض الاتحاد العراقي على دخول الجماهير الأردنية ؟ وهنا يفترض فتح التحقيق المعمق وليس تحقيق ( بوس عمك بوس خالك . لان القضية اصبحت تمس أمن قومي وكرامة شعب واعراض العراقيين جميعا !)
ثانيا :-
هذا الهتاف الذي خرج من افواه الفلسطينيين والأردنيين لا يخلوا من رسالة سياسية واضحة بإسم العرب جميعا إلى العراقيين بشكل عام والى الحكومة والطبقة السياسية في العراق بشكل خاص . نعم لا يخلوا من رسالة كبيرة .
وبما ان كلمة ( گواد) تعني ( السمسار ) فإذن كلمة السمسار هنا تتوسع معانيها واولها ( التنازل عن الحقوق المقدسة ، والتنازل عن الخطوط الحمر للخصوم وللطامعين وللسراق والقتلة …. الخ ) !
١-وباعتقادي ان المعنى الذي ارادوا إيصاله هو ( كفاكم تنازل وسكوت وسمسرة لإيران والحرس الثوري ) . وهنا عندهم حق 1000 مرة. لأن 70% من الطبقة السياسية هي تسمسر لإيران منذ 21 سنة ولازالت بحيث جعلوا من العراق مصد لحماية إيران وسوق استهلاكي وفضاء استخباري واقتصادي لأيران . بحيث صاروا ايرانيين اكثر من الإيرانيين انفسهم .فحولوا العراق إلى حديقة خلفية لايران ولا حتى اقليم او محافظة إيرانية. والنسبة الباقية من الطبقة الطبقة السياسية في العراق اي نسبة ال 30% فهي موزعة بالسمسرة إلى تركيا وقطر والإمارات والكويت وأمريكا وصولا لإسرائيل !( والطامة الكبرى لا يوجد داخل الطبقة السياسية من يسمسر للعراق والشعب العراقي! ) لأن هناك سمسرة حميدة !
٢-وهنا نعطي مثال حول السمسرة للوطن والشعب ” وهي سمسرة حميدة وشريفة ومسؤولة ” ولكنها غير موجودة عند الطبقة السياسية العراقية وللأسف الشديد !
والمثال هو :- في زمن حكومة عبد الكريم الكباريتي في الاردن حصل حراك شعبي خطير جدا انطلق من محافظة الكرك ومدن اخرى ( وسميت بمظاهرات الخبز ) ودخلت عليها مطالبات سياسية خطيرة . وبدلا من ان يقوم جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله باستخدام مسيل الدموع والاعتقالات واستعمال الرصاص الحي ضد المتظاهرين و مثلما حصل في العراق مرارا ( وتحت ظل الديموقراطية ) وحصل في بلدان عربية اخرى … ( خرج الملك الحسين في التلفزيون الأردني واخذ يشرح ظروف الأردن الاقتصادية وقلة موارده. وكانت بجواره حقيبة كبيرة وفارغة ففتحها وقال انظروا انها فارغة .ففي جميع سفراتي وتجوالي لدول العالم معي هذه الحقيبة الفارغة لكي اعود بها ممتلئة اموالا لكي اعطيها لكم وأطعمكم .. فخففوا علينا قليلا .وبالفعل انتهت المظاهرات لان الرسالة وصلت بمعنى ( نحن نسمسر عند الدول حتى نجلب لكم اموالا وشركات وصفقات لكي تعيشوا بكرامة فنحفظ اعراضكم وكرامتكم ) !
٣- على العكس تماما من الطبقة السياسية العراقية فجميع حكوماتها ولا نستثني حكومة واحدة ( تأخذ الحقائب ممتلئة بثروات العراق وقوت العراقيين لتعطيها للدول والى منظمات خارجية واجهزة استخبارية خارجية والى منظمات محظورة . لا بل هناك تنازلات عراقية لم يصوت عليها البرلمان العراقي أصلا ولم يُستشار الشعب العراقي وهي التنازل بالنفط العراقي المجان وبالنفط بنصف سعر إلى دول والى جهات خارجية، وجمع ملايين الدولارات من خلال رواتب موظفي الدولة العراقية ويرسلونه إلى الفلسطينيين وغيرهم ، لا بل هناك بواخر النفط المجاني والمازوت العراقي تذهب لدول ومنظمات ، لا بل موافقة تلك الطبقة السياسية بالقبول ان تبيع نفط غيرها على انه نفط عراقي وتعطي تلك الدولة الاموال بالعملة الصعبة وفوقها اموالا من الخزينة العراقية ( فهل توجد سمسرة وگوادة اكثر من ذلك ؟)
ثالثا :-
لذا نقول إلى الذين ثارت ثائرتهم وخرجت عنترياتهم ضد الفلسطينيين وضد الأردن ويطالبون بايقاف المساعدات والنفط عن الفلسطينيين والأردن .وللعلم معظمهم ليسوا صادقين ولكن -لغاية في نفس بعقارب- . فعليهم ان تثور ثائرتهم وبنفس العنتريات ضد إيران وضد الحرس الثوري الذي ينهب بالنفط والخزينة العراقية . وضد المساعدات التي ترسل إلى الحوثيين والى حزب الله اللبناني والى تنظيم PKk الكردي التركي وغيرها ؟ لكي نتحزم جميعا مع اصحاب هذه الأصوات وحال عدالتها وشمول تلك الجهات مع الفلسطينيين والأردن ونحولها إلى قضية أمن قومي وكرامة وطن وشعب !( لو هذا الكلام يزعجكم ؟) اكيد بزعجكم !
رابعا :
واخيراً:- لا نستبعد ولم نسقط هذا الاحتمال ( ان هناك طابور خامس ومستأجر اندس وسط الجماهير الأردنية والفلسطينية وهو الذي قام ( بهذا الهتاف النشاز) بهدف تخريب العلاقة الطيبة بين العراق والأردن وبين الشعبين الأردني والعراقي. والذهاب لمحاولة ايقاف النفط العراقي المخفض للاردن ، ولتخريب ما يصل للفلسطينين من العراق .وهنا فتشوا عن الجهة او الجهات المستفيدة !
نقطة نظام !
وهنا نُذكّر جميع العراقيين ونُعلم من لا يعلم ان موضوع ايقاف النفط العراقي المخفض للأردن( لا الحكومة العراقية ولا الطبقة السياسية قادرة على ايقافه .. لانها أوامر أميركية ) ولكنهم يثيرون ذلك بين فترة وأخرى لدعايات انتخابية ولبث العنتريات الفارغة !.وبالمناسبه حتى مشروع ( انبوب العقبة) سوف يُنجز وبموافقة جميع احزاب وحركات وتيارات الطبقة السياسية وبمقدمتها جماعة الاسلام السياسي الشيعي وما تسمعونه من رفض هو كذب وافتراء وبيع وطنيات لاصطياد البسطاء واخذ أصواتهم !.
الخاتمة:-
( فأكعدوا عوج وأحچوا عدل ) !
كلشي مبيوع وبموافقة جميع اطراف العملية السياسية. ( ونسأل الله ان يُعجّل للعراق بالتخلص منها ومحاسبة جميع رؤوسها وأطرافها ودون استثناء ! )
سمير عبيد
٢٦ اذار ٢٠٢٥