المنصات الرقمية: القوة الخفية في تشكيل السياسات العالمية
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..
لم يعد العالم كما كان قبل عقدين. مع تصاعد نفوذ المنصات الرقمية، أصبحت الشركات التكنولوجية الكبرى أدوات فاعلة في رسم السياسات الدولية، وتوجيه الرأي العام، والتأثير على الأمن القومي للدول. تطبيقات مثل “تيك توك” و”فيسبوك” و”تويتر” تحولت من وسائل ترفيه وتواصل إلى منصات استراتيجية تُعيد صياغة موازين القوى.
قضية تطبيق “تيك توك” تكشف حجم التوتر بين الولايات المتحدة والصين. مع استخدام أكثر من مليار شخص حول العالم للتطبيق، برزت مخاوف أميركية بشأن ارتباطه بشركة “بايت دانس” الصينية وإمكانية استغلال بيانات المستخدمين لتحقيق أهداف سياسية أو أمنية.
إجراء الكونغرس الأميركي لإلزام “بايت دانس” ببيع التطبيق لشركات أميركية يُبرز إدراك واشنطن لأهمية السيطرة على البيانات، التي تُعد اليوم القوة الحقيقية في عالم التكنولوجيا. البيانات التي يجمعها التطبيق تشمل تحركات المستخدمين وسلوكياتهم الرقمية، ما يُمكن استغلاله لتشكيل الرأي العام أو تهديد الأمن القومي.
الشركات التكنولوجية الكبرى مثل “ميتا” و”جوجل” أصبحت تُشبه حكومات عالمية بسبب سيطرتها على المعلومات. تقرير من جامعة هارفارد (2022) أظهر أن هذه المنصات ليست فقط وسيلة لنشر الأخبار، بل أدوات تُحدد ما يصل إلى المستخدمين وكيفية عرضه. خوارزميات الذكاء الاصطناعي تخلق “فقاعات معلوماتية” تجعل المستخدمين محاصرين داخل قناعات محددة، مما يُعيق النقاش الحر.
في الانتخابات الأميركية عام 2020، اعتمد أكثر من 65% من الناخبين على هذه المنصات للحصول على معلوماتهم السياسية، وفقًا لمركز “بيو للأبحاث”. هذا النفوذ يُبرز خطرًا على نزاهة الأنظمة الديمقراطية، حيث يُمكن لهذه المنصات توجيه القرارات الانتخابية عبر التحكم في تدفق المعلومات.
الصراع على “تيك توك” يُبرز مفهوم “السيادة الرقمية”، حيث أصبحت السيطرة على الفضاء السيبراني لا تقل أهمية عن الأرض أو الاقتصاد التقليدي. الدول الكبرى تدرك أن البيانات هي “النفط الجديد”، كما أشار تقرير “مجلس العلاقات الخارجية” الأميركي (2023).
الصين تُدير منصات مثل “وي شات”، التي تدمج بين التواصل الاجتماعي والخدمات المالية، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من حياة الملايين. أما في الغرب، فتُدير شركات التكنولوجيا كميات هائلة من البيانات التي تؤثر على القرارات اليومية للأفراد.
رغم الفوائد الكبيرة للمنصات الرقمية، مثل تسهيل التواصل والتعليم والعمل عن بُعد، إلا أن تأثيرها على الديمقراطية يُثير جدلًا واسعًا. وفقًا لدراسة جامعة “ستانفورد” (2021)، كان لهذه المنصات دور في التأثير على الانتخابات في دول كبرى مثل البرازيل والهند والولايات المتحدة.
الحل لا يكمن في حظر هذه المنصات، بل في تنظيمها. الاتحاد الأوروبي اتخذ خطوات مهمة عبر “اللائحة العامة لحماية البيانات” (GDPR)، التي تُجبر الشركات على احترام خصوصية المستخدمين وضمان الشفافية.
الصراع على “تيك توك” ليس إلا بداية لمعركة أوسع تُحدد ملامح القرن الحادي والعشرين. السؤال الأهم: هل سيتحكم العالم بالشركات الرقمية أم ستُهيمن هي على البشرية؟ الإجابة تعتمد على وعي الحكومات والشعوب بخطورة هذا التحدي الرقمي ومدى استعدادهم لمواجهته.
د. سعد معنالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات تیک توک التی ت
إقرأ أيضاً:
بنكيران يهاجم السياسات الحكومية..دعم الأرامل وتراجع الحماية الاجتماعية أبرز مظاهر فشل الحكومة
انتقد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، مقاربة الحكومة في موضوع الدعم المباشر، مشيراً إلى غياب “النية الحسنة” في تنفيذ هذه السياسات، مما أسفر عن نتائج سلبية على الفئات المستفيدة.
وقال بنيكيران، في كلمة ألقاها خلال لقاء مفتوح مع طلبة كلية HEM بالرباط، مساء الأربعاء 19 فبراير 2025، إن الحكومة خفضت مبلغ الدعم المقدم للأرامل، حيث تم تقليص المبالغ من 1050 أو 700 درهم إلى 500 درهم فقط، ما أثار انتقادات واسعة.
كما أشار إلى إلغاء نظام “راميد”، الذي كان يضمن استفادة 18 مليون مواطن بتكلفة مالية تصل إلى 2.5 مليار درهم، واستبداله بنظام آخر لا يستفيد منه سوى 10 ملايين شخص، مع تخصيص ميزانية أكبر تصل إلى 9.5 مليار درهم.
وأدان ابن كيران تبريرات الحكومة فيما يتعلق بارتفاع الأسعار، حيث تم ربط هذه الزيادة بالجفاف، وهو ما وصفه بأنه “مبرر غير مقنع”، مشدداً على أن الحكومة يجب أن تتحمل مسؤولياتها في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من تبرير الأوضاع.
كما رفض الأمين العام لحزب العدالة والتنمية تحميل التوجهات الملكية مسؤولية ما يجري في مجال الحماية الاجتماعية، مؤكداً أن الحكومة هي المسؤول الأول عن تطبيق وتنزيل هذه الإصلاحات.
وفيما يخص برامج الحكومة الرامية إلى تقليص البطالة مثل “فرصة” و”أوراش”، اعتبر ابن كيران أن هذه المبادرات كانت محاولات فاشلة، وأن من نتائجها السلبية زيادة عدد الشباب الذين تم سجنهم بسببها.
وفي الختام، أكد ابن كيران على ضرورة صرف أموال الدولة في المكان المناسب، محملاً الحكومة المسؤولية الكاملة في تحسين وضعية الفئات المستضعفة وتنفيذ السياسات التي تحقق العدالة الاجتماعية.