قال الدكتور محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية، خلال صفحة الدار الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن أداء الشخص للحج أو العمرة لا يعفيه من قضاء الصلوات الفائتة التي لم يؤدها خلال حياته.

وأضاف الدكتور محمد وسام أن الصلوات الفائتة تعتبر دَينًا على العبد المسلم، ويجب عليه أداؤها بجانب الصلوات الحاضرة مثل قضاء ظهر فائت مع صلاة الظهر الحاضرة.

مراعاة الترتيب عند قضاء الصلوات الفائتة

قالت دار الإفتاء المصرية إن الشافعية والمالكية ذهبوا إلى أن الترتيب في الصلوات بين فريضة الوقت والمقضية مستحبٌّ وليس واجبًا، كما أن المالكية قالوا إن صلاة من أدى الفريضة قبل الفائتة صحيحة وإن كان آثمًا، ومن المعلوم أن الإثم يرتفع أيضًا عند عدم الاستطاعة.

وأكدت الإفتاء على أنه لا يجوز للمصلي تعمدُ إخراج الصلاة عن وقتها، ولكن في مسألة الفريضة والصلاة الفائتة يمكن للمسلم أداء صلاة المغرب قبل صلاتي الظهر والعصر، وورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ»، قال ابن عباس: أراد أن لا يُحرِج أحدًا من أمَّته. رواه مسلم في "صحيحه".

حكم قضاء الصلوات الفائتة في أوقات الكراهة

وأكدت دار الإفتاء أنه يجوز شرعًا قضاء الصلوات الفائتة من الفرائض في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات الكراهة التي نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة فيها، وذلك من غير كراهة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.

المقصود بأوقات الكراهة

وأوضحت الإفتاء المقصود بأوقاتِ الكراهة، وهى الأوقاتُ التي يُكرَه فيها الصلاة، وهي خمسة أوقات على خلافٍ بين الفقهاء في عَدِّها، ما بَعَدَ صلاة الصبح حتى تَطْلُع الشمس، وعند طُلُوعِها حتى تَتَكامل وترتفع قَدْر رُمْحٍ، وإذا استوت الشمس حتى تَزول، وبعد صلاة العصر حتى تغْرُب الشمس، وعند الغروب حتى يتكامل غروبها. ينظر: "الاختيار" لابن مودود الموصلي (1/ 40، ط. مطبعة الحلبي)، و"شرح الخرشي على المختصر" (1/ 224، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للنووي (2/ 85، ط. دار المكتب الإسلامي)، و"المغني" لابن قدامة (2/ 80، ط. مكتبة القاهرة).

حكم قضاء الصلاة الفائتة في أوقات الكراهة

واختلف الفقهاءُ في حكمِ قضاء الصلاة الفائتة في هذه الأوقات على قولين: فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ ذلك يجوز من غير كراهةٍ.

قال العلامة الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 263-264، ط. دار الفكر): [قضاءُ الفَوَائت.. (وَجَبَ) فورًا (قضاء) صلاةٍ (فائتةٍ) على نحو ما فاتَتْهُ من سَفَرِيَّةٍ وحَضَرِيَّةٍ وسريَّةٍ وجهريةٍ.. (مُطلقًا) ولو وَقتَ طلوع شمسٍ وغروبها وخطبة جمعةٍ سفرًا وحضرًا صحةً ومرضًا] اهـ.

وقال العلامة الدسوقي مُحشِّيًا على قوله: (مطلقًا): [(قوله مطلقًا) مرتبطٌ في المعنى بقوله: قضاءً، وبقوله: فائتةٍ؛ فهو حالٌ من أحدهما ومحذوفٌ مِثْلُهُ من الآخَر، والمعنى: حالةَ كون القضاء مطلقًا؛ أي: في جميع الأوقات ولو وقتَ طلوع الشمس، ووقت غروبها، ووقت خطبة الجمعة، وزَمَنَ السفر والحضر والصحة والمرض، وحالة كون الفائتة فاتَت مُطلقًا؛ أي: عمدًا أو سهوًا تحقيقًا أو ظنًّا أو شَكًّا لا وهمًا] اهـ.

وقال الإمام النوويّ في "الروضة" (1/ 192-193، ط. المكتب الإسلامي) بعد ذِكْرِه أوقات النهي: [النهيُ والكراهة في هذه الأوقات إنما هو في صلاة ليس لها سَبَبٌ، فأمَّا ما لها سببٌ فلا كراهة، والمراد بقولهم: صلاةٌ لها سبب، أي: سبب مُتَقدِّمٌ على هذه الأوقات، أو مُقَارِنٌ لها، والتي لا سببَ لها هي التي ليس لها سببٌ مُتقدمٌ ولا مُقارِنٌ، وقد يُفَسَّرُ قولهم: لا سبب لها، بأنَّ الشارع لم يَخُصَّهَا بوضعٍ وشَرْعِيَّةٍ، بل هي التي يأتي بها الإنسان ابتداءً، فمن ذَواتِ الأسبابِ الفائتةُ، فإنه يجوز في هذه الأوقات قضاء الفرائض والسنن والنوافل التي اتخذَها الإنسان وِرْدًا له، وتجوز صلاة الجنازة وسجود التلاوة وسجود الشكر وركعتا الطواف وصلاة الكسوف، ولو تَطَهَّرَ في هذه الأوقات صلى ركعتين، ولا تُكره صلاة الاستسقاء فيها على الأصح] اهـ.

ويرى الحنفية أَنَّ قضاءَ الصلوات الفوائت لا يجوز في أوقات الكراهة؛ قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 246، ط. دار الكتب العلمية): [وأما شرائطُ جواز القضاء فجميعُ ما ذكرنا أنه شرطُ جواز الأداء فهو شرطُ جواز القضاء إلا الوقتَ؛ فإنه ليس للقضاء وقتٌ معينٌ، بل جميعُ الأوقات وقتٌ له إلا ثلاثةً، وقتَ طُلوعِ الشمس ووقتَ الزَّوَال ووقتَ الغروب؛ فإنه لا يجوز القضاء في هذه الأوقات؛ لما مَرَّ أنَّ من شأْنِ القضاء أن يكون مثلَ الفائت، والصلاة في هذه الأوقات تَقعُ ناقصةً، والواجب في ذِمَّتِهِ كاملٌ، فلا يَنُوبُ الناقص عنه، وهذا عندنا] اهـ.

والذي نفتي به هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أَنَّ صلاة الفوائت في جميع أوقات الكراهة جائزٌ بلا كراهة؛ لما جاء من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]. رواه مسلم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أداء الصلوات الفائتة الصلوات الفائتة حكم الصلوات الفائتة الإفتاء دار الإفتاء قضاء الصلوات الفائتة فی هذه الأوقات أوقات الکراهة

إقرأ أيضاً:

دعاء بعد الظهر لقضاء الحاجة وتيسير الأمور.. احرص عليه الآن

دعاء قضاء الحاجة وتيسير الأمور بعد صلاة الظهر يُعتبر من الأمور التي يلجأ إليها المسلم في أوقات الضيق والاحتياج، وهو يعكس يقينه الكامل بأن الله سبحانه وتعالى هو القادر على تغيير الأحوال وتيسير الأمور مهما بلغت صعوبتها. 

والدعاء هو أحد أهم وسائل التقرب إلى الله، حيث يبث المسلم شكواه وهمومه إلى ربه، مع طلب العون والتوفيق في أموره الدنيوية والأخروية.

وقت الظهر هو أحد الأوقات التي يُستحب فيها الدعاء، وخاصة بعد أداء الصلاة المكتوبة، حيث يكون المسلم في حالة طهارة وخشوع، مما يجعله أكثر قرباً من الله، ويُقال إن الدعاء في هذه الأوقات يحمل فرصة كبيرة للإجابة، لأن الصلاة تُعد صلة مباشرة بين العبد وربه، والدعاء جزء من تلك الصلة المباركة.

 أدعية بعد صلاة الظهر لقضاء الحاجة وتيسير الأمور

"اللهم إني أتوجه إليك بحمدك وفضلك وعظيم رحمتك أن تقضي حاجتي وتيسر لي أمري، اللهم افتح لي أبواب الخير من حيث لا أحتسب، واغنني بفضلك عن سؤال غيرك.

 اللهم اجعل لي من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً، وبارك لي فيما أعطيتني ووفقني لكل ما تحبه وترضاه."

ومن الدعاء المعروف أيضاً دعاء قضاء الحاجة، وهو:
"لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين."

كيفية الدعاء بعد صلاة الظهر لقضاء الحاجة:

النية الصادقة: يجب أن تكون النية خالصة لله، مع الإيمان الكامل بأن الله وحده هو القادر على قضاء الحاجات وتيسير الأمور.الوضوء والطهارة: من الأفضل أن يكون المسلم على وضوء وطهارة كاملة، فقد ورد أن الطهارة تزيد من قبول الدعاء.أداء ركعتين بنية قضاء الحاجة: يستحب أن يصلي المسلم ركعتين ويسأل الله بعدهما حاجته. ويُفضل قراءة الفاتحة وسورة قصيرة في كل ركعة، ثم الدعاء بما يشاء من الأدعية.الإلحاح في الدعاء: لا ينبغي أن يملّ المسلم من التكرار والإلحاح في دعائه، بل يكرر طلبه ويستمر في الدعاء بخشوع وخضوع.اليقين بالإجابة: من المهم أن يدعو المسلم وهو على يقين تام بأن الله سيستجيب له في الوقت المناسب وبالطريقة التي يراها الأنسب له.

أهمية الدعاء في حياة المسلم:

الدعاء ليس مجرد كلمات يقولها المسلم بل هو عبادة عظيمة تُظهر حاجته إلى الله، وتُعبر عن ضعفه وعجزه أمام قدرة الله المطلقة. 

الدعاء يفتح أبواب الأمل، ويُشعر المسلم بأن الله قريب منه، يسمعه ويعلم حاجته حتى وإن لم ينطق بها. ولعل من أهم فوائد الدعاء أنه يمنح المسلم راحة نفسية كبيرة، حيث يشعر بأنه قد ألقى حمله وثقله على الله، وترك الأمور لتدبيره وحكمته.

لذلك، فإن الدعاء بعد صلاة الظهر أو في أي وقت آخر هو وسيلة قوية لتحقيق الأمنيات وتفريج الكربات. ومع الصبر والثقة بالله، يفتح الله أبواب الفرج ويوسع للمسلم في رزقه وييسر له ما استعصى عليه.

مقالات مشابهة

  • هل الصلوات فرضت في رحلة المعراج؟.. الإفتاء توضح
  • هل الحج والعمرة وقيام ليلة القدر يغني عن الصلوات الفائتة.. أمين الفتوى يجيب
  • تحذير من النوم في أوقات معينة وزيادة خطر الإصابة بالجلطات|تفاصيل
  • دعاء بعد الظهر لقضاء الحاجة وتيسير الأمور.. احرص عليه الآن
  • هل يجوز أداء سُنة العشاء بنية النافلة وقيام الليل؟.. دار الإفتاء تُجيب
  • شروط الجمع بين صلاتين.. الإفتاء تصحح مفاهيم خاطئة
  • كم عدد الصلوات المفروضة في رحلة الإسراء والمعراج؟.. انخفضت إلى 5 فقط
  • ماذا يحدث لجسم الإنسان بعد صلاة الفجر؟ تحفظك من هذه الأمراض
  • هل المرض عذر قوي يبيح جمع الصلوات.. اعرف الضوابط الشرعية
  • هل أداء الحج أو العمرة بالوشم ينقص من الثواب أم يبطلها.. دار الإفتاء توضح