الإفتاء: أداء الحج أو العمرة لا يعفي المسلم من قضاء الصلوات الفائتة
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
قال الدكتور محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية، خلال صفحة الدار الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن أداء الشخص للحج أو العمرة لا يعفيه من قضاء الصلوات الفائتة التي لم يؤدها خلال حياته.
وأضاف الدكتور محمد وسام أن الصلوات الفائتة تعتبر دَينًا على العبد المسلم، ويجب عليه أداؤها بجانب الصلوات الحاضرة مثل قضاء ظهر فائت مع صلاة الظهر الحاضرة.
قالت دار الإفتاء المصرية إن الشافعية والمالكية ذهبوا إلى أن الترتيب في الصلوات بين فريضة الوقت والمقضية مستحبٌّ وليس واجبًا، كما أن المالكية قالوا إن صلاة من أدى الفريضة قبل الفائتة صحيحة وإن كان آثمًا، ومن المعلوم أن الإثم يرتفع أيضًا عند عدم الاستطاعة.
وأكدت الإفتاء على أنه لا يجوز للمصلي تعمدُ إخراج الصلاة عن وقتها، ولكن في مسألة الفريضة والصلاة الفائتة يمكن للمسلم أداء صلاة المغرب قبل صلاتي الظهر والعصر، وورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ»، قال ابن عباس: أراد أن لا يُحرِج أحدًا من أمَّته. رواه مسلم في "صحيحه".
حكم قضاء الصلوات الفائتة في أوقات الكراهة
وأكدت دار الإفتاء أنه يجوز شرعًا قضاء الصلوات الفائتة من الفرائض في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات الكراهة التي نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة فيها، وذلك من غير كراهة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
المقصود بأوقات الكراهة
وأوضحت الإفتاء المقصود بأوقاتِ الكراهة، وهى الأوقاتُ التي يُكرَه فيها الصلاة، وهي خمسة أوقات على خلافٍ بين الفقهاء في عَدِّها، ما بَعَدَ صلاة الصبح حتى تَطْلُع الشمس، وعند طُلُوعِها حتى تَتَكامل وترتفع قَدْر رُمْحٍ، وإذا استوت الشمس حتى تَزول، وبعد صلاة العصر حتى تغْرُب الشمس، وعند الغروب حتى يتكامل غروبها. ينظر: "الاختيار" لابن مودود الموصلي (1/ 40، ط. مطبعة الحلبي)، و"شرح الخرشي على المختصر" (1/ 224، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للنووي (2/ 85، ط. دار المكتب الإسلامي)، و"المغني" لابن قدامة (2/ 80، ط. مكتبة القاهرة).
حكم قضاء الصلاة الفائتة في أوقات الكراهة
واختلف الفقهاءُ في حكمِ قضاء الصلاة الفائتة في هذه الأوقات على قولين: فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ ذلك يجوز من غير كراهةٍ.
قال العلامة الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 263-264، ط. دار الفكر): [قضاءُ الفَوَائت.. (وَجَبَ) فورًا (قضاء) صلاةٍ (فائتةٍ) على نحو ما فاتَتْهُ من سَفَرِيَّةٍ وحَضَرِيَّةٍ وسريَّةٍ وجهريةٍ.. (مُطلقًا) ولو وَقتَ طلوع شمسٍ وغروبها وخطبة جمعةٍ سفرًا وحضرًا صحةً ومرضًا] اهـ.
وقال العلامة الدسوقي مُحشِّيًا على قوله: (مطلقًا): [(قوله مطلقًا) مرتبطٌ في المعنى بقوله: قضاءً، وبقوله: فائتةٍ؛ فهو حالٌ من أحدهما ومحذوفٌ مِثْلُهُ من الآخَر، والمعنى: حالةَ كون القضاء مطلقًا؛ أي: في جميع الأوقات ولو وقتَ طلوع الشمس، ووقت غروبها، ووقت خطبة الجمعة، وزَمَنَ السفر والحضر والصحة والمرض، وحالة كون الفائتة فاتَت مُطلقًا؛ أي: عمدًا أو سهوًا تحقيقًا أو ظنًّا أو شَكًّا لا وهمًا] اهـ.
وقال الإمام النوويّ في "الروضة" (1/ 192-193، ط. المكتب الإسلامي) بعد ذِكْرِه أوقات النهي: [النهيُ والكراهة في هذه الأوقات إنما هو في صلاة ليس لها سَبَبٌ، فأمَّا ما لها سببٌ فلا كراهة، والمراد بقولهم: صلاةٌ لها سبب، أي: سبب مُتَقدِّمٌ على هذه الأوقات، أو مُقَارِنٌ لها، والتي لا سببَ لها هي التي ليس لها سببٌ مُتقدمٌ ولا مُقارِنٌ، وقد يُفَسَّرُ قولهم: لا سبب لها، بأنَّ الشارع لم يَخُصَّهَا بوضعٍ وشَرْعِيَّةٍ، بل هي التي يأتي بها الإنسان ابتداءً، فمن ذَواتِ الأسبابِ الفائتةُ، فإنه يجوز في هذه الأوقات قضاء الفرائض والسنن والنوافل التي اتخذَها الإنسان وِرْدًا له، وتجوز صلاة الجنازة وسجود التلاوة وسجود الشكر وركعتا الطواف وصلاة الكسوف، ولو تَطَهَّرَ في هذه الأوقات صلى ركعتين، ولا تُكره صلاة الاستسقاء فيها على الأصح] اهـ.
ويرى الحنفية أَنَّ قضاءَ الصلوات الفوائت لا يجوز في أوقات الكراهة؛ قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 246، ط. دار الكتب العلمية): [وأما شرائطُ جواز القضاء فجميعُ ما ذكرنا أنه شرطُ جواز الأداء فهو شرطُ جواز القضاء إلا الوقتَ؛ فإنه ليس للقضاء وقتٌ معينٌ، بل جميعُ الأوقات وقتٌ له إلا ثلاثةً، وقتَ طُلوعِ الشمس ووقتَ الزَّوَال ووقتَ الغروب؛ فإنه لا يجوز القضاء في هذه الأوقات؛ لما مَرَّ أنَّ من شأْنِ القضاء أن يكون مثلَ الفائت، والصلاة في هذه الأوقات تَقعُ ناقصةً، والواجب في ذِمَّتِهِ كاملٌ، فلا يَنُوبُ الناقص عنه، وهذا عندنا] اهـ.
والذي نفتي به هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أَنَّ صلاة الفوائت في جميع أوقات الكراهة جائزٌ بلا كراهة؛ لما جاء من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]. رواه مسلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أداء الصلوات الفائتة الصلوات الفائتة حكم الصلوات الفائتة الإفتاء دار الإفتاء قضاء الصلوات الفائتة فی هذه الأوقات أوقات الکراهة
إقرأ أيضاً:
“قضاء أبوظبي” تطلق “نبض” لإدارة أداء المنظومة القضائية
أطلقت دائرة القضاء في أبوظبي نظام “نبض” لإدارة الأداء المتكامل، الذي يهدف إلى توفير رؤية شاملة وتفصيلية حول أداء المنظومة القضائية على المستويين الإستراتيجي والتشغيلي، لدعم تحقيق العدالة الناجزة والوصول إلى أعلى معايير الجودة، بما يساهم في تعزيز مكانتها كأحد أبرز المؤسسات القضائية على المستوى الدولي.
وأكد سعادة المستشار يوسف سعيد العبري وكيل دائرة القضاء في أبوظبي، حرص الدائرة على استحداث أفضل الأساليب التكنولوجية واعتماد أفضل الممارسات على المستوى الدولي لدعم الجهود التطويرية في مختلف قطاعاتها، تماشياً مع رؤية القيادة باستمرارية التحسين والتحديث للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة بما يعزز تنافسية إمارة أبوظبي عالمياً.
وأوضح سعادة المستشار العبري أن نظام “نبض” الجديد يحقق نقلة نوعية في منظومة العمل القضائي، حيث يعمل على الارتقاء بمستوى الأداء الاستراتيجي والتشغيلي لمحاكم ونيابات إمارة أبوظبي والعمليات والخدمات العدلية على حد سواء، إذ يعد بمثابة خارطة طريق نحو تحقيق أهداف الدائرة الإستراتيجية، ويعزز جودة الأداء من خلال متابعة النتائج وإضفاء التحسينات بشكل مستمر.
إلى ذلك، يمثل النظام الجديد قفزة تكنولوجية رائدة، حيث يوفر منظومة شاملة ومتكاملة لقياس أداء الوحدات التنظيمية في دائرة القضاء، إذ صمم ليغطي كافة جوانب العمل القضائي، بدءا من الرؤية والرسالة الإستراتيجية للدائرة ووصولاً إلى تنفيذ العمليات اليومية.
يذكر أن نظام “نبض” تم تزويده ببيانات نحو 200 مؤشر أداء إستراتيجي وتشغيلي للدائرة، لمتابعة التحسين المستمر للأداء من خلال توفير بيانات دقيقة ومحدثة للوحدات التنظيمية، وتحديد فجوات الأداء، بما يساعد في اتخاذ القرارات الفعالة التي تضمن تحقيق الأهداف بكفاءة.