في منصات التواصل الاجتماعي الحديثة مثل كلوب هاوس، يُفترض أن تُتاح مساحات للنقاش المفتوح وتبادل الأفكار بحرية، خاصة بين جماعات تتبنى الفكر الماركسي الذي يرتكز على الحوار والنقد البناء. ومع ذلك، يبدو أن بعض الممارسات التي شهدتها هذه المنصات، خصوصًا من قبل بعض الشيوعيين، تتناقض مع هذه القيم الأساسية.
تظهر أزمة الحوار في هذه المنصات عندما يتم منع فرصة الحديث وطرد المنتقدين في غرف كلوب هاوس التي تجمع شيوعيين وماركسيين.

هذا السلوك يعكس ميلًا واضحًا لتحويل النقاش الفكري إلى ممارسة حزبية ضيقة، حيث تُغلَّب الولاءات التنظيمية على المبادئ الفكرية. طرد المنتقدين وحرمانهم من فرصة الحديث، حتى عندما يكون لديهم طرح أكاديمي أو رؤية مختلفة، يُظهر غياب الثقة في مواجهة النقد أو الحوار العقلاني. وعندما يصبح الانتماء الحزبي معيارًا أساسيًا لقبول الآخرين في النقاش، تتحول الأحزاب إلى كيانات مغلقة تُشبه القبائل، حيث يكون الولاء مقدمًا على القيم والمبادئ. هذا السلوك يتناقض مع روح الأممية التي تُعد جوهرًا للفكر الماركسي، ويُظهر أن البعض اختزلوا الماركسية في مجرد تنظيم حزبي ضيق.
رفض النقد الداخلي أو الخارجي لأي مبادرة فكرية أو تنظيمية يشكل تهديدًا لاستمرارية وتطور الفكر الماركسي. يعتمد الفكر الماركسي على النقد الذاتي لفهم الواقع وتحسين الأدوات النظرية والتنظيمية، ورفض النقد يؤدي إلى الجمود الفكري والتنظيمي، مما يُفقد الحركة قدرتها على التطور ومواكبة التحديات الجديدة. يُعد التعامل العقلاني مع الأصوات المختلفة خطوة أساسية لتعزيز الحوار الفكري، وإقصاء الماركسيين المستقلين أو غير المنتمين تنظيميًا يُضعف الحركة ويُفقدها التنوع الضروري لفهم الواقع وتحقيق التغيير المنشود.
تعزيز ثقافة الحوار في هذه المنصات أمر ضروري.
ويجب أن تكون منصات مثل كلوب هاوس مساحات مفتوحة لجميع الأصوات، بغض النظر عن الانتماءات التنظيمية. ومن الضروري التمييز بين الالتزام الفكري بالماركسية والانتماء الحزبي، مع احترام التنوع الفكري داخل الحركة. التأكيد على أن الماركسية حركة أممية تُعلي من شأن التضامن القائم على المبادئ المشتركة وليس القبلية الحزبية يُعد من الأولويات. النقد يجب أن يُستقبل بروح إيجابية ويُرد عليه بعقلانية، مما يُثري النقاش ويُقوي الحركة.
إن سلوك الإقصاء الذي ظهر في غرف كلوب هاوس، من قبل بعض الشيوعيين، يعكس انحرافًا خطيرًا عن جوهر الفكر الماركسي. إذا أرادت هذه الجماعات البقاء ذات صلة بالساحة الفكرية والسياسية، فعليها التخلي عن هذا النهج الإقصائي وتبني رؤية أكثر شمولًا وتقبلًا للآخر المختلف. إن الماركسية ليست مجرد عضوية حزبية، بل هي منهج لتحليل الواقع وتغييره، ولا يمكن أن تُحقق أهدافها إلا بانفتاح فكري وتعددية حقيقية.
في العصر الرقمي، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أدوات فعالة لتبادل الأفكار والنقاشات الفكرية. ومع ذلك، فإن ما يُفترض أن يكون ساحة مفتوحة للحوار البناء قد يتحول إلى ساحة للإقصاء والانغلاق، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمجموعات ذات الطابع الفكري أو السياسي. في هذا السياق، تُطرح تساؤلات حول ممارسات الشيوعيين والماركسيين في منصات مثل كلوب هاوس، حيث يُلاحظ ميلٌ نحو الانغلاق والقبلية التنظيمية بدلاً من تعزيز الحوار الفكري.
الإشكالية: انحراف الممارسة الفكرية
في منصات مثل كلوب هاوس، تُتاح مساحات للنقاش المفتوح، ولكن السلوكيات السائدة داخل بعض غرف الماركسيين والشيوعيين تشير إلى تناقض واضح مع القيم الأساسية للفكر الماركسي. هناك ميل لطرد الأصوات المنتقدة وحرمانها من فرصة المشاركة، حتى عندما تأتي هذه الأصوات بطرح أكاديمي أو رؤية مختلفة. هذا السلوك لا يعكس فقط غياب الثقة في مواجهة النقد، بل يُظهر انحرافًا خطيرًا نحو القبلية، حيث يُصبح الانتماء التنظيمي معيارًا لقبول الآراء، بينما يتم إقصاء من يختلفون عن هذا الإطار.
القبلية التنظيمية وتهديد الأممية
الفكر الماركسي يُفترض أن يكون حركة أممية قائمة على التضامن والنقد الذاتي. ومع ذلك، فإن اختزال الماركسية في ممارسات حزبية ضيقة يُضعف من جوهرها. عندما تُغلَّب الولاءات التنظيمية على المبادئ الفكرية، تتحول الأحزاب إلى كيانات مغلقة، تُشبه القبائل التي ترفض الحوار وتُقصي المختلف. هذا الانغلاق يُضعف الحركة الشيوعية ويُفقدها القدرة على التفاعل مع التحديات الجديدة، مما يؤدي إلى جمود فكري وتنظيمي.
جذور الأزمة: بين التاريخ والتنظيم
الإرث التاريخي للسرية , نشأت الأحزاب الشيوعية في ظروف قمعية جعلتها تميل إلى السرية والانغلاق. وعلى الرغم من تغيُّر الظروف، إلا أن بعض هذه النزعات ما زالت تُمارس اليوم في النقاشات الفكرية.
غياب النقد الذاتي - أن النقد الذاتي ليس مجرد أداة لتحسين الأداء التنظيمي، بل هو جوهر الممارسة الماركسية. رفض النقد الداخلي والخارجي يؤدي إلى تآكل الفكر الماركسي من الداخل.
تحديات منصات التواصل _منصات التواصل مثل كلوب هاوس، بطبيعتها، تتيح إمكانية النقاش المفتوح. ومع ذلك، فإن سوء استخدامها يُنتج بيئة تُعزز الهيمنة الفكرية والإقصاء بدل الحوار.
تأثير الإقصاء على الحركة الماركسية
رفض النقد وإقصاء الماركسيين المستقلين أو غير المنتمين تنظيميًا يُضعف التنوع الفكري داخل الحركة، وهو عنصر أساسي لفهم الواقع وتحقيق التغيير المنشود. عندما يتم قمع الأصوات المختلفة، فإن ذلك يؤدي إلى جمود الحركة وفقدانها القدرة على تقديم حلول حقيقية للتحديات الراهنة.
سُبُل الإصلاح: نحو ثقافة حوار مفتوح
إعادة إحياء الأممية . ومن الضروري التركيز على البُعد الإنساني والكوني في الماركسية بدل الحزبية الضيقة. الأممية تقتضي تضامنًا مبنيًا على المبادئ المشتركة وليس على الولاءات التنظيمية.
تعزيز ثقافة الحوار لابد من نشر ثقافة نقاش تحترم التعددية وتشجع على تقبل النقد. هذا يتطلب تدريبًا عمليًا على الحوار الفكري واستقبال الآراء المختلفة.
خلق مساحات بديلة ويجب توفير قنوات جديدة للماركسيين المستقلين وغير المنتمين تنظيميًا، مما يتيح لهم فرصة المشاركة في النقاشات وإثراء الحركة.
ما يحدث في منصات التواصل الاجتماعي مثل كلوب هاوس يكشف عن أزمة أعمق في بنية التفكير لدى بعض الشيوعيين والماركسيين. إذا أرادت هذه الجماعات البقاء ذات صلة بالساحة الفكرية والسياسية، فعليها التخلي عن النهج الإقصائي وتبني رؤية أكثر شمولًا وانفتاحًا. الماركسية ليست مجرد عضوية حزبية؛ إنها منهج لتحليل الواقع وتغييره، ولا يمكن تحقيق أهدافها إلا بالانفتاح الفكري والتعددية الحقيقية.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: منصات التواصل النقد الذاتی على المبادئ ی النقاش فی منصات یؤدی إلى ومع ذلک

إقرأ أيضاً:

تعرّف إلى الإعسار المالي؟ وكيف يمكن حل مسألة الديون المتراكمة؟

إعداد - سارة البلوشي
ورد سؤال من أحد قرّاء «الخليج»، يسأل ما هو الإعسار المالي؟ وكيف المحكمة تحكم ذلك للمديونية المتراكمة؟
أجاب عن هذا السؤال، المحامي منصور عبد القادر، وقال: الإعسار هو إحاطة الدين بمال المدين بأن يزيد دينه عن ماله أو يساويه، وهو كما عرفه القانون مواجهة صعوبات مالية حالية أو متوقعة تجعل المدين غير قادر على تسوية ديونه ومن ثم فإن طلب المدين نفسه لشهر إعساره يأتي ليستفيد مما يوفره له نظام الإعسار من مزايا كنظرة الميسرة في أداء الديون الحالة، ومد أجل الديون غير المستحقة الأداء والحصول على نفقه تقتطع من إيراده.
وتابع: قد نظم قانون الإعسار الصادر بالمرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2019 - القواعد والإجراءات الخاصة بتقديم طلب تسوية الالتزامات المالية والقواعد والإجراءات الخاصة بطلب افتتاح إجراءات الإعسار، حيث إن قانون الإعسار وضع ليحقق مصلحة الدائنين والمدينين في نفس الوقت وتقسيم المخاطر بينهما بطريقة تؤدي إلى إخراج المدين من دائرة الصعوبات المالية وتمكينه من سداد الديون التي تراكمت عليه.
وأوضح منصور أنه قبل تقديم طلب الإعسار يمكن أن يلجأ المدين للمحكمة المختصة بطلب لتسوية التزاماته المالية مع ضرورة إرفاق المستندات أو الوثائق التي تدعم الطلب والتي تتمثل في:
1. مذكرة تتضمن وصفاً موجزاً لوضعه المالي وأي بيانات تتعلق بمصادر دخله داخل الدولة أو خارجها، ووضعه الوظيفي أو المهني أو الحرفي بحسب الأحوال، وتوقعات السيولة النقدية للمدين ومصادر هذه السيولة خلال فترة (12) اثني عشر شهراً التالية لتقديم الطلب.
2- بيان بأسماء وعناوين الدائنين الذين عجز المدين عن سداد ديونهم أو يتوقع عجزه عن سدادها، ومقدار دين كل منهم ومواعيد استحقاقه والضمانات المقدمة لذلك الدائن، إن وجدت.
3- بيان تفصيلي بأموال المدين المنقولة وغير المنقولة داخل الدولة وخارجها والقيمة التقريبية لكلٍ منها عند تاريخ تقديم الطلب.
4 - بيان بأي دعاوى أو إجراءات قانونية أو قضائية اتخذت ضده.
5- تصريح من المدين بأنه يواجه صعوبات مالية حالية أو متوقعة وأنه غير قادر أو لا يُتوقع أن يكون قادراً على تسديد كافة ديونه سواء المستحقة وقت تقديم الطلب أو تلك التي تستحق في المستقبل.
6- الأموال اللازمة لإعالة المدين وعائلته وأي شخص معال من قبله.
7 - مقترحات المدين حول تسوية التزاماته المالية.
8 - تسمية المدين لخبير يرشحه لتولي الإجراءات وفقاً لأحكام هذا المرسوم بقانون.
9 - بيان بالإفصاح عن التحويلات المالية إلى خارج الدولة التي تمت خلال آخر اثني عشر شهراً.
10- أي مستندات أخرى تدعم تقديم الطلب، أو تطلبها المحكمة.
وأكد منصور، أن المحكمة تقرر في الطلب خلال مدة لا تزيد على (5) أيام عمل من تاريخ تقديم الطلب مستوفياً لشروطه ما تراه مناسباً، وذلك بأن تصدر قراراً بتكليف الخبير بإعداد خطة أو رفض الطلب حسب الأحوال لعدم استيفاء الشروط.
وأضاف: يستفيد المدين من تقديم الطلب أنه بمجرد قبول المحكمة الطلب يتوقف حق دائنيه في طلب التنفيذ على أمواله أو طلب افتتاح إجراءات إعساره وتصفية أمواله، ويستمر هذا الوقف حتى تنتهي إجراءات تسوية الالتزامات المالية للمدين.
وقال: من ناحية أخرى للمدين أن يقدم طلباً لـ(افتتاح إجراءات إعساره) وتصفية أمواله في حال توقف عن دفع أي من ديونه في مواعيد استحقاقها لمدة تزيد على (50) خمسين يوم عمل متتالية نتيجة عجزه عن الوفاء بهذه الديون، ولكن على طالب الإعسار إثبات كيفية ضياع أمواله أو كيفية التصرف فيها والأسباب التي أدت إلى الخسارة ومدى مسؤوليته عنها وفقاً لما قرره الفقه المالكي، من أن الذي يأخذ أموال الناس ثم يدعي العدم فإنه لا يلتفت إلى ادعائه بهذا العدم إلا إذا أثبت أنه تعرض لحريق في منزله أو كساد في تجارته أو أن أمواله قد سُرقت أو غُصبت أو أي حادث خارج عن إرادته.
ومما تجدر الإشارة إليه أن طلب افتتاح إجراءات الإعسار يمكن أن يقدم من الدائن أو مجموعة دائنين ويكون في بعض الأحيان وجوباً على المدين تقديم الطلب وذلك في حالة توقفه عن دفع أي من ديونه في مواعيد استحقاقها لمدة تزيد على (50) خمسين يوم عمل متتالية نتيجة عجزه عن الوفاء بهذه الديون والتي يحدد مقدراها مجلس الوزراء بقرار منه.
وأكد منصور، أنه يترتب على قرار المحكمة بافتتاح إجراءات الإعسار وتصفية أمواله حلول آجال ديونه وعدم نفاذ التصرفات التي يجريها في ماله سواء كانت بعوض أو من دون عوض إلا إذا قررت المحكمة خلاف ذلك. كما يترتب عليه منع المدين من إدارة أعماله والتصرف في أمواله وممتلكاته وغيرها من التصرفات من الضمانات الشخصية والكفالات.
وأوضح أن القانون يعاقب على بعض الأفعال والتصرفات بقصد استغلال إجراءات الإعسار إضراراً بالدائنين أو تفضيل بعضهم على بعض أو تأخير الإجراءات.

مقالات مشابهة

  • الخريّف: مدينة الجبيل الصناعية تحولت من أرض صحراوية إلى مركز عالمي
  • زوج يكتشف بالصدفة خيانة زوجته مع عشيقها في مطعم .. فيديو
  • تعرّف إلى الإعسار المالي؟ وكيف يمكن حل مسألة الديون المتراكمة؟
  • وزير الشؤون النيابية: معرض القاهرة الدولي للكتاب منارة للتواصل الفكري والحضاري
  • وزير الشئون النيابية: معرض الكتاب منارة للتواصل الفكري والحضاري بين الأمم
  • كيف تحولت الطبلية إلى أيقونة تجمع العائلة المصرية؟
  • كيف تتجسس شاشات التلفزيون عليك؟ وكيف يمكن الحد من ذلك؟
  • في "البام"، مسافة "أمان" مع "الأحرار" تحولت إلى قناعة تمهيدا لانتخابات 2026
  • عمران: قبيلة بكيل تعلن النكف لمواجهة أي تصعيد أمريكي صهيوني
  • الإسلاميون في السودان: لم تعثروا وكيف ينهضون (6 – 6)