اقتصاد سوريا والعقوبات.. أعباء ثقيلة خلفها نظام الأسد
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
يواجه اقتصاد سوريا تحديات جمة نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على البلاد منذ عقود، التي تعيق جهود إعادة الإعمار والتنمية، ومع سقوط نظام البعث -الذي دام 61 عاما- في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ثمة تساؤلات عن مستقبل هذه العقوبات وتأثيرها على الشعب السوري.
وكان الهدف من قرارات العقوبات المختلفة ضد نظام البعث لأسباب مثل الحرب الأهلية في سوريا، والعنف ضد المدنيين، وانتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب، ودعم المنظمات الإرهابية، هو وقف عنف النظام في البلاد والتحول إلى عملية الإصلاح.
لكن هذه العقوبات -التي سعت لإضعاف نظام عائلة الأسد ومعاقبته لانتهاكات حقوق الإنسان- خلقت أيضا عبئا كبيرا على الشعب السوري.
ومع سقوط نظام الأسد، لم يبقَ أي معنى للإجراءات التقييدية المختلفة التي فرضتها الدول الغربية على سوريا.
وتؤثر الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول والمنظمات الدولية بصورة كبيرة في الوضع الاقتصادي والسياسي في سوريا، وتجعل إعادة تطوير البلاد وانتعاشها أمرا عسيرا.
منذ عام 2011 أصبحت العقوبات الأميركية أكثر شمولا، وكانت الخطوط الرئيسية لهذه العقوبات هي الحظر التجاري على قطاعات الطاقة والمالية (الفرنسية) عقوبات أميركية منذ 1979وبحسب المعلومات التي جمعتها الأناضول من وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، فإن العقوبات على سوريا بدأت في ديسمبر/كانون الأول 1979، عندما صُنفت سوريا "دولة داعمة للإرهاب".
إعلانوأدت هذه العقوبات إلى فرض حظر على الصادرات والمبيعات الدفاعية، وبعض الضوابط على تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري على حد سواء، إضافة إلى قيود مالية مختلفة.
وفي مايو/أيار 2004 طُبقت قيود إضافية على الواردات والصادرات مع تنفيذ القانون الأميركي "قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية".
ومع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 أصبحت العقوبات أكثر شمولا، وكانت الخطوط الرئيسية لهذه العقوبات هي الحظر التجاري على قطاعات الطاقة والمالية التي توفر الدخل لنظام بشار الأسد، وتجميد أصول كبار المسؤولين ومنع الشركات الأميركية من التعامل مع سوريا.
قانون قيصر
اتسع نطاق العقوبات مع إصدار (قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا) أو بعبارة مختصرة (قانون قيصر) الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول 2019 ودخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران 2020.
وكان موظف منشق عن النظام ملقب بـ"قيصر" سرب صورا لنحو 11 ألف جثة لأشخاص قُتلوا تحت التعذيب في الفترة بين مايو/أيار 2011 وأغسطس/آب 2013، وكشفت الصور عن أساليب التعذيب التي تعرض لها المعتقلون في معتقلات النظام.
وتهدف العقوبات الأميركية، لا سيما المفروضة على قطاعي البناء والطاقة، إلى زيادة صعوبة بقاء النظام اقتصاديا.
وكان البنك المركزي السوري أيضا هدفا للعقوبات المفروضة على الحكومة من أجل إعاقة القدرة التمويلية لنظام الأسد.
عقوبات الاتحاد الأوروبي
وسنّت دول الاتحاد الأوروبي العديد من التدابير التقييدية لإنهاء عنف نظام البعث ضد المدنيين، وإجبار النظام على الإصلاح، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، وتعزيز التحول السياسي السلمي.
وعقب تصاعد العنف والمستويات "غير المقبولة" من انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، علق الاتحاد الأوروبي جميع أشكال التعاون الثنائي مع الحكومة ومؤيديها في سوريا وفرض عقوبات في مايو/أيار 2011.
إعلانوقام الاتحاد الأوروبي، الذي فرض عقوبات اقتصادية مختلفة على سوريا، بفرض حظر على الأسلحة.
كما حُظرت واردات النفط الخام والمنتجات النفطية من سوريا، في حين فرض حظر على الاستثمار في صناعة النفط بالبلاد وشركات إنتاج الكهرباء.
أصول البنك المركزيوفرض الاتحاد الأوروبي قيودا على تصدير المعدات والتقنيات التي يمكن لنظام الأسد استخدامها للقمع، فضلا عن تقنيات المراقبة أو التنصت على الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية.
ولم يُسمح للمؤسسات المالية في سوريا بفتح فروع أو شركات تابعة في الاتحاد الأوروبي.
وكان قرار تمديد العقوبات الذي يهدف إلى الضغط على نظام البعث وإحداث التغيير في البلاد قد اتخذ في 28 مايو/أيار 2024.
وتنتهي عقوبات الاتحاد على سوريا، التي يتم تجديدها كل عام، في أول يونيو/حزيران 2025، ما لم يتم اتخاذ قرار جديد.
مناقشات العقوبات في الاتحاد الأوروبيومنذ انهيار نظام البعث في سوريا في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الجاري، دارت مناقشات في الاتحاد حول ما إذا سيتم رفع العقوبات التي تستهدف النظام.
وتتوقع دول الاتحاد الأوروبي -التي لم تحدد بعد موقفا واضحا- أن تنهي الإدارة السورية الجديدة نفوذ إيران وروسيا في البلاد.
ورغم عدم ذكر ذلك صراحة، فإنه يعد شرطا لرفع العقوبات، ويطالب الاتحاد الأوروبي أيضا بتشكيل حكومة شاملة في سوريا واحترام سلامة أراضي البلاد وحقوق الأقليات.
آثار العقوباتورغم منح بعض الإعفاءات للغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية في ظل العقوبات المفروضة على سوريا، فإن الصعوبات البيروقراطية في إيصال هذه المساعدات تحول دون تخفيف آثارها على الشعب السوري.
ومن المتوقع أن يكون لرفع العقوبات المفروضة على سوريا فوائد مختلفة للبلاد، وأن يعجل الانتعاش الاقتصادي في سوريا، ويساعد على تنميتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دیسمبر کانون الأول الاتحاد الأوروبی المفروضة على هذه العقوبات حقوق الإنسان نظام الأسد نظام البعث مایو أیار على سوریا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية السوري: نخطط لتفكيك النظام الاشتراكي في بلادنا
يمن مونيتور/ فايننشال تايمز
يخطط الحكام الجدد في سوريا لخصخصة الموانئ والمصانع المملوكة للدولة، ودعوة الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التجارة الدولية في إطار إصلاح اقتصادي يهدف إلى إنهاء عقود من العزلة كدولة منبوذة، وفقًا لما قاله وزير الخارجية السوري لصحيفة فاينانشيال تايمز.
وقال أسعد الشيباني في مقابلة شاملة في دمشق، وهي الأولى له مع الصحافة الدولية: “كانت رؤية [الأسد] تتمثل في دولة أمنية، أما رؤيتنا فتتمثل في التنمية الاقتصادية”، وأضاف: “يجب أن يكون هناك قانون، ويجب إرسال رسائل واضحة لتمهيد الطريق أمام المستثمرين الأجانب وتشجيع المستثمرين السوريين على العودة إلى سوريا”.
وتحدث الشيباني مع فاينانشيال تايمز قبيل ظهوره في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يوم الأربعاء، وهي المرة الأولى التي تشارك فيها سوريا في هذا الاجتماع السنوي لصناع القرار العالميين، واستغل زيارته لتجديد الدعوات لرفع العقوبات القاسية التي فرضت في عهد الأسد، مشيرًا إلى أن هذه العقوبات ستمنع تعافي الاقتصاد السوري وتعرقل “الجاهزية الواضحة” للدول الأخرى للاستثمار.
وبالرغم من العديد من الدول الغربية سارعت إلى التفاعل مع الإدارة السورية الجديدة، قال كثيرون إنهم ينتظرون رؤية ما إذا كان القادة الجدد سينفذون وعودهم الكبيرة قبل تخفيف العقوبات.
ويُعد الوزير الشيباني أحد الشخصيات الرئيسية في الحكومة الانتقالية الجديدة، وهو مقرب من الحاكم الفعلي للبلاد أحمد الشراع، المعروف سابقًا باسمه الحركي أبو محمد الجولاني، وقادت جماعة الشراع الإسلامية المسلحة، هيئة تحرير الشام، الهجوم الذي أطاح بالدكتاتور السابق بشار الأسد في ديسمبر.
وقال الشيباني إن التكنوقراط وبعض موظفي الدولة من عهد الأسد عملوا في الأسابيع التي تلت دخول دمشق، على كشف حجم الضرر الذي ألحقه النظام بالبلاد وخزينتها، والذي شمل ديونًا بقيمة 30 مليار دولار لحلفاء الأسد السابقين، إيران وروسيا، وغياب احتياطات النقد الأجنبي في البنك المركزي، وتضخم رواتب القطاع العام، وتدهور قطاعات مثل الزراعة والصناعة التي أهملت وتضررت بسبب سياسات الأسد الفاسدة.
واعترف الشيباني بأن التحديات المقبلة هائلة وستستغرق سنوات لمعالجتها، وقال إن لجنة يتم تشكيلها حاليًا لدراسة الوضع الاقتصادي والبنية التحتية في سوريا، وستركز على جهود الخصخصة، بما في ذلك مصانع النفط والقطن والأثاث.
وأضاف أنهم سيستكشفون الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتشجيع الاستثمار في المطارات والسكك الحديدية والطرق لكن التحدي يكمن في العثور على مشترين لكيانات عانت من سنوات من التدهور في بلد محطم ومنقطع عن الاستثمارات الأجنبية.
وقال الشيباني إن الأولوية المباشرة هي التعافي، بما في ذلك تأمين الخبز والماء والكهرباء والوقود الكافي لشعب دفعه حكم الأسد والحرب والعقوبات إلى حافة الفقر، وقال: “لا نريد أن نعيش على المساعدات الإنسانية، ولا نريد من الدول أن تمنحنا الأموال كما لو أنها تلقيها في البحر”.
وأضاف أن المفتاح يكمن في تخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية على نظام الأسد وعلى هيئة تحرير الشام، وهي جماعة كانت تابعة لتنظيم القاعدة وتعتبرها العديد من الحكومات الغربية منظمة إرهابية.
وأصدرت الولايات المتحدة بعض الإعفاءات المحدودة من العقوبات، بما في ذلك للدول التي تسعى لمساعدة سوريا في هذه المرحلة الانتقالية، ويقول المسؤولون إن ذلك غير كافٍ، وقال الشيباني: “افتحوا الباب لهذه المناطق لتبدأ العمل”.
وتبدو بعض العواصم الغربية مثل برلين مستعدة لتخفيف بعض العقوبات، الا انها تنتظر رؤية نهج الحكومة الإسلامية الجديدة تجاه قضايا مثل حقوق المرأة والأقليات، ومن المقرر أن تناقش دول الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على سوريا في اجتماع لوزراء الخارجية في السابع والعشرين من يناير.
وقالت كبيرة دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي كايا كالاس هذا الشهر إن تخفيف العقوبات “يجب أن يتبع تقدماً ملموساً في انتقال سياسي يعكس التنوع في سوريا”.
وأشار الشيباني إلى أن القيادة الجديدة في سوريا تعمل على طمأنة المسؤولين في دول الخليج والدول الغربية بأن البلاد لا تمثل تهديداً، وأوضح أن بعض الدول في المنطقة، وخاصة الإمارات ومصر، تشعر بالقلق من عودة ظهور جماعات إسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، بينما تخشى دول عربية أخرى أن يحيي نجاح المتمردين الروح الثورية في دولها.
وقال الشيباني إن سوريا لا تخطط “لتصدير الثورة والتدخل في شؤون الدول الأخرى”. وأضاف أن أولوية الحكومة الجديدة ليست تهديد الآخرين، بل بناء تحالفات إقليمية تمهد الطريق لازدهار سوريا.
وأضاف أن “العلاقة الخاصة” بين سوريا وتركيا، التي كانت الداعم الأكثر نشاطاً للمتمردين في حربهم التي استمرت 13 عاماً ضد الأسد، ستسمح للبلاد بالاستفادة من التكنولوجيا التركية وثقلها الإقليمي وعلاقاتها الأوروبية.
لكن الشيباني رد على المخاوف من أن هذا سيمنح الجار الشمالي نفوذاً مفرطاً أو يمثل “توسعاً تركياً”، قائلاً: “لن تكون هناك، ولا توجد الآن، حالة خضوع”.
وأشار إلى أن أحد التحديات المهمة التي تواجه الحكومة الجديدة هو مصير قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي كانت شريكاً لواشنطن في مكافحة تنظيم داعش وتعتبرها أنقرة امتداداً للانفصاليين الأكراد الذين حاربوا الدولة التركية لفترة طويلة، وهددت بعملية عسكرية في شمال شرق سوريا إذا لم يتم حل هذه القوات.
وسعت القيادة الجديدة في سوريا منذ توليها السلطة، إلى حل قوات سوريا الديمقراطية ودمج مقاتليها في الدولة، مستندة إلى الحاجة إلى وحدة سوريا، لكن قوات سوريا الديمقراطية رفضت حتى الآن، وقال الشيباني إن المحادثات مع هذه القوات جارية، مضيفاً أن دمشق مستعدة أيضاً لتولي مسؤولية السجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية والتي تضم الآلاف من مقاتلي داعش المعتقلين.
وقال الشيباني: “لم يعد لوجود قوات سوريا الديمقراطية أي مبرر”، مشيراً إلى أن السلطات تعهدت بضمان حقوق الأكراد في الدستور الجديد وضمان تمثيلهم في الحكومة.