قمح «هاتور» يبحث عن الذهب المنثور.. كيف تواجه السنابل الذهبية تأثير التغيرات المناخية؟
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
فالقمح بالنسبة للمواطن هو الأمن الغذائى الذى يستمده من رغيف (العيش)، لذلك تجده منتبها لكل جملة يأتى فيها ذكر للقمح، وهو نفس الأمر للمزارع الذى بات يتابع خرائط الطقس وموجات الحر والصقيع والأصناف التى تواجه التغيرات المناخية والتى يعد القمح وغيره من المحاصيل إحدى ضحاياها إذا لم ننتبه إلى كيفية المواجهة والتكيّف مع هذه التغيرات بأصناف تقاوم الظروف وتعطى إنتاجية أكبر.
وبحسب البيانات الرسمية فقد زادت المساحة المزروعة من القمح من 3.4 مليون فدان في عام 2020/2021 إلى 3.65 مليون فدان في عام 2021/2022 ومن المتوقع أن تصل المساحة المزروعة فى 2024/ 2025 إلى 3.5 مليون فدان بإنتاجية تقترب من 5.2 مليون طن بحسب الاحصاءات الرسمية خاصة مع إعلان الحكومة توريد القمح من المزارع بسعر عادل يصل إلى 2200 جنيه للأردب.
والقمح كما يشرح الدكتور عز الدين عبد الرحمن رئيس قسم بحوث القمح بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية منقسم فى زراعته التى تبلغ 3.5 مليون فدان على مسافات طولية من الاسكندرية الى أسوان بمسافة 1200 كم طولى وعلى الشواطئ من رفح للسلوم بحوالى 1500 كم طولى وهذه المسافات يختلف فيها نوع التربة والظروف الجوية.
وهنا يعكف العلماء بالمراكز البحثية على ابتكار حلول لمواجهة التغيرات المناخية ومنها الملوحة والجفاف ودرجة الحرارة والإصابة بالأمراض وأهمها الصدأ الأصفر الذى يأتى للقمح كل عام بسبب التيارات الهوائية الباردة التى تأتى من جنوب أوروبا أو تلك التى تأتى من إثيوبيا والسودان وتنزانيا ولا ننسى محدودية موارد المياه التى تأتينا من نهر النيل وهنا الكلام للدكتور عز والذي أكد أنه لابد أن يحدث توازن بين كل تلك العوامل وبين اختيار نوعية بذرة القمح التى ستتم زراعتها فى كل منطقة فالزراعة فى شمال مصر وعلى السواحل حيث ملوحة التربة تختلف عن الزراعة فى الجنوب وعن وسط الدلتا.
وتابع عز: فى المراكز البحثية نقوم بتوعية المزارع لاختيار الصنف الذى يزرعه ليحقق له إنتاجية عالية تصل فى الوقت الحالى إلى ما يقرب من 30 إلى 33 أردب فى الفدان ولذلك تنوعت الأصناف من جيزة 171 إلى مصر 1 و 2 و3 وحتى مصر 7 كما ركزنا على نوعية حبة القمح المستخدمة فى صناعة المكرونة ومنها مثلا سوهاج 7 الذى يصلح فى الأماكن الحارة لإنتاج السيميولينا.
والسؤال الآن: كيف نواجه تغير المناخ؟ يجيب دكتور عز: القمح وغيره من المحاصيل يحاول المختصون فى البحث العلمى إيجاد طرق أفضل لمواجهة التغيرات المناخية التى غيرت خريطة العالم فى ترتيب الدول المنتجة لذلك المحصول الاستراتيجى فهناك دول تقلصت فيها زراعة القمح بسبب تغير المناخ منها مالاوي وزامبيا وزيمبابوى وأفغانستان واليمن بسبب الجفاف والحروب فيما تغير ترتيب الدول في إنتاج القمح، حيث أصبحت روسيا أكبر منتج للقمح في العالم يليها كندا ثم أستراليا ثم أوكرانيا وإن كان الانتاج تراجع بسبب الحرب ثم الولايات المتحدة، فيما استفادت بعض الدول العربية من تغيرات المناخ بشكل مباشر في زراعة القمح منها السعودية التى زاد إنتاجها من القمح بنسبة 20% ثم المغرب بنسبة 15% وتونس بنسبة 10% بسبب تحسين أنظمة الري والاستثمار في الزراعة الحديثة.
وكما يقول الدكتور محمد المليجى خبير الزراعة وأمراض النبات بالولايات المتحدة الأمريكية فإن تغير المناخ له توابع كثيرة على الزراعة وكل محصول له متطلبات من درجات الحرارة وبسبب ارتفاع درجات الحرارة عموماً وشدة البخر واحتياج أكثر للماء وانتشار الأمراض والآفات وضعف المحصول وبتطبيق هذا على القمح فإن ارتفاع درجة الحرارة سيكون له تأثيرات كبيرة على زراعة القمح، نظرًا لحساسية هذا المحصول للتغيرات المناخية منها تقصير موسم النمو مما يقلل من إنتاجية الحبوب وجودتها، ثم الإجهاد الحراري خاصة خلال مرحلة الإزهار وتكوين الحبوب والذى يُضعف جودة البروتين في القمح، مما يؤثر على القيمة الغذائية، كما أن ارتفاع الحرارة يزيد من معدل تبخر المياه وهذه العوامل تمثل تحديًا كبيرًا في مصر التي تعاني من محدودية الموارد المائية بحسب المليجى، كما أن الحرارة المرتفعة تشجع على انتشار الآفات والحشرات وانتشار الأمراض الفطرية مثل الصدأ.
ويحدد المليجى مناطق التأثير الكبرى في مصر ومنها دلتا النيل التى قد تكون الأكثر عرضة لتأثير ارتفاع الحرارة مع تأثير إضافي من ملوحة التربة الناتجة عن ارتفاع منسوب البحر وصعيد مصر حيث الحرارة العالية.
ما يقوله المليجى تؤكده الدراسات العلمية ومنها دراسة أجرتها وحدة بحوث الأرصاد الجوية الزراعية في مصر والتي قالت إن تغيير موعد الزراعة من أول أسبوعين في شهر نوفمبر بمقدار 25 يوماً يؤدى إلى زيادة إنتاجية محصول القمح بنسبة 4% وأن التغيرات المناخية ستؤثر سلباً على إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية المصرية ومنها القمح بنسبة انخفاض 9% إذا ارتفعت الحرارة درجتين مئويتين وتصل الى 18% إذا ارتفعت ثلاث درجات ونصف الدرجة.
والسؤال الآن: كيف يمكن التكيف مع التغيرات المناخية حتى ينجو منها محصول القمح؟
والاجابة كما يحددها الدكتور عز الدين عبد الرحمن فى ابتكار طرق جديدة للزراعة منها زراعة القمح على مصاطب من خلال حملة قومية تم تنفيذها مع وزارة الزراعة والجهات البحثية وذلك لتقليل التكلفة وترشيد استهلاك المياه ويكفى أن نقول إن تلك الطريقة وفرت فى رى الفدان الواحد من 350 إلى 400 م3 من المياه مما يعنى توفير مليار م3 من المياه يمكن استخدامها للرى فى مناطق توشكى وشرق العوينات والوادى الجديد ومشروع غرب المنيا والدلتا الجديدة ووادى المهرة وترعة السلام وكلها أراض يتم فيها العمل على قدم وساق للدخول فى هيكل الإنتاج الزراعى وسد الفجوة الغذائية بين الاستهلاك والانتاج سواء فى القمح أو غيره من المحاصيل.
ويضيف عز أن السوق المحلى مغطى حاليا بـ 60% من انتاج التقاوى لمحصول القمح ومع حملات التوعية للفلاحين واستخدام التقاوى المعتمدة ذات الانتاجية الأعلى ومع السعر العادل سيكون الانتاج أفضل، والأهم هو دور البحث العلمى فى إنتاج تقاوى تواجه التغيرات المناخية وهو ما يتفق معه دكتور المليجى ويضيف عليه بضرورة زراعة أصناف مقاومة للحرارة العالية وتغيير مواعيد الزراعة لتجنب فترات الحرارة المرتفعة.
فيما يشدد الدكتور مجدى علام خبير البيئة العالمى على أهمية رفع الوعي لدى المزارعين ومتابعتهم فى حال حدوث تغيرات مناخية غير متوقعة بالرسائل النصية وبوسائل الاعلام.
ويضيف علام أن مصطلح الزراعة الذكية مناخياً والذى أصدرت الفاو نموذجا استرشاديا له أصبح الآن الأكثر تداولا ومناسباً بالاعتماد على التكنولوجيا والاستشعار عن بعد لتحليل المعلومات وخريطة الطقس وطرق مكافحة الآفات ومراقبة التربة والمحاصيل خلال مراحل نموه لافتاً إلى أن الزراعة الذكية مناخياً ستساعد فى تحقيق زيادة مستدامة فى انتاج المحاصيل وتحقق التكيف مع تغير المناخ، وتخفض من تأثير الاحتباس الحرارى، والأهم هو التوعية المستمرة للمزارعين وابتكار طرق جديدة ونماذج حقلية يرونها بأعينهم ليكون التأثير فى التغيير أفضل.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: رغيف العيش تأثير التغيرات المناخية السنابل الذهبية المساحة المزروعة التغیرات المناخیة تغیر المناخ من المحاصیل زراعة القمح ملیون فدان
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم: دمج مفاهيم الحفاظ على المياه والتغيرات المناخية ضمن المناهج الدراسية
وقّع محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، والمهندس هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، بروتوكول تعاون مشترك، وذلك خلال فعاليات اليوم العالمي للمياه، التي نُظمت بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي.
جاء ذلك بحضور المستشار عدنان الفنجري وزير العدل، والدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، والمستشار محمود فوزي وزير شئون المجالس النيابية والاتصال السياسي.
ويهدف البروتوكول إلى دمج مفاهيم التوعية المائية والحفاظ على الموارد الطبيعية في المناهج الدراسية، بما يعزز إدراك الأجيال القادمة لأهمية المياه كعنصر أساسي للحياة والتنمية المستدامة في مصر.
وفي كلمته، أكد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أن هذا اليوم لا يمثل فقط مناسبة للاحتفاء بالمياه، بل هو لحظة حاسمة لمواجهة أزمة عالمية متزايدة تتمثل في الاختفاء السريع للأنهار الجليدية وعواقبه الكارثية، ورغم أن هذه الأزمة قد تبدو بعيدة عن مصر، إلا أن تأثيراتها تطال الجميع.
وأعرب الوزير، عن تقديره العميق لوزارة الموارد المائية والري ولوفد الاتحاد الأوروبي في مصر على تنظيم هذا الحدث الهام، وعلى التزامهم الثابت بأمن المياه وتعزيز المرونة المناخية.
وأوضح أن موضوع هذا العام، حماية الأنهار الجليدية، يمثل تذكيرًا حيويًا بهشاشة النظم البيئية حول العالم، فعلى الرغم من أن مصر لا تمتلك أنهارًا جليدية، إلا أن ذوبانها السريع بفعل التغير المناخي يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، مما يهدد دلتا النيل ذات الكثافة السكانية العالية، حيث يعيش ما يقرب من ربع سكان مصر، وتواجه هذه المجتمعات الساحلية مخاطر متزايدة من الفيضانات وفقدان استقرار التربة، مما يؤثر على سبل العيش والأمن الغذائي.
كما أشار وزير التعليم، إلى أن التغيرات المناخية تؤثر على تدفق مياه نهر النيل، حيث تتوقع الدراسات انخفاض منسوب المياه بنسبة تصل إلى 13% بحلول عام 2050، مما يزيد من تحديات ندرة المياه في مصر.
وشدد على أن هذه الأزمة تتطلب تحركًا فوريًا من خلال تبني سياسات فعالة، وتعزيز الابتكار، والاستثمار في التعليم لضمان مستقبل مائي مستدام.
وزير التعليم: التعليم أقوى أداة لمواجهة هذه التحدياتوأكد الوزير، أن التعليم هو أقوى أداة لمواجهة هذه التحديات، حيث يساهم في تشكيل وعي الطلاب بأهمية الموارد الطبيعية، ويدفعهم نحو تبني سلوكيات مسؤولة تسهم في حمايتها.
وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والري، تعمل على إدماج تعليم المياه والمناخ بشكل شامل في المناهج الوطنية، بهدف تزويد الطلاب بالمعرفة والقدرة على الابتكار والتكيف والقيادة في هذا المجال.
وأضاف أن الوزارة بدأت بالفعل في دمج مفاهيم التوعية المناخية، والحفاظ على المياه، ومبادئ الاستدامة في مناهج العلوم والجغرافيا والتربية الوطنية، لضمان أن يدرك الجيل القادم أهمية هذه القضايا وتأثيرها العاجل.
وأكد أن التعليم لا يجب أن يقتصر على الكتب الدراسية، بل يجب أن تتحول المدارس إلى مراكز للابتكار، حيث يشارك الطلاب في أبحاث وتجارب ميدانية ومبادرات لحل المشكلات البيئية.
وزير التعليم: ندعم المبادرات العلمية التي تهدف لتطوير حلول مستدامة لإدارة الموارد المائيةوأوضح في هذا السياق، دعم الوزارة بقوة لمشاريع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، بالإضافة إلى المسابقات الابتكارية والمبادرات العلمية التي تهدف إلى تطوير حلول مستدامة لإدارة الموارد المائية، ومن خلال هذه البرامج، يتم تمكين الطلاب ليس فقط لدراسة التحديات البيئية، بل للعمل بفاعلية على إيجاد حلول حقيقية لها.
وأضاف عبد اللطيف، أن هذا اليوم يشهد لحظة فارقة بتوقيع مذكرتي تفاهم بين وزارة الموارد المائية والري، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الأوقاف، وهو ما يمثل نقطة تحول حقيقية.
وأكد أن هذا التعاون يرسخ نهجًا شاملًا يعزز المسؤولية البيئية، حيث تتقاطع مجالات التعليم والسياسات والتوعية المجتمعية والدينية لغرس قيم الاستدامة عبر الأجيال.
وأوضح أن الجمع بين هذه القطاعات الثلاثة يضمن أن يتعلم الطلاب أهمية الحفاظ على المياه ليس فقط في الفصول الدراسية، ولكن أيضًا في مجتمعاتهم ومن خلال تعاليمهم الدينية، مما يسهم في بناء وعي بيئي راسخ ومستدام.
وأشار إلى أن مصر، التي ازدهرت حضارتها القديمة بفضل إدراكها العميق لأهمية المياه، تستلهم اليوم هذا الإرث للحفاظ على مواردها المائية والتعامل مع التحديات المناخية الحديثة بحكمة وبعد نظر، وشدد على أن اليوم العالمي للمياه ليس مجرد فرصة للتأمل، بل هو دعوة إلى العمل الجاد والمسؤول.
وأكد أن كل قطرة ماء لها قيمتها، وكل قرار يتم اتخاذه اليوم سيشكل مستقبل الأجيال القادمة، داعيا الجميع إلى الالتزام بالتحرك الفعلي، والعمل على بناء مستقبل يقوده العلم، وتحركه المعرفة، وتلهمه الأجيال الجديدة لضمان عالم آمن مائيًا للأبناء والأحفاد.
وفي ختام كلمته، أعرب الوزير عن خالص امتنانه لجميع المشاركين والمنظمين لهذا الحدث الهام، مؤكدا على أهمية تضافر الجهود بين الوزارات، والقطاعات المختلفة، والمجتمع ككل لحماية البيئة، والحفاظ على الموارد المائية، وضمان مستقبل مستدام لمصر.
وزير الري: نؤكد على التزامنا جميعا نحو المياه بالحفاظ عليها وحمايتها من التلوثوفى كلمته، توجه وزير الموارد المائية والرى، بالتحية للإتحاد الأوروبي على التعاون البناء والمستمر مع وزارة الموارد المائية والري فى مجال المياه، مشيرا إلى اننا نحتفل اليوم باليوم العالمى للمياه لنؤكد على التزامنا جميعا نحو المياه بالحفاظ عليها وحمايتها من التلوث.
كما أكدت السفيرة أنجلينا إيخهورست، سفيرة الاتحاد الأوروبي في مصر، دعم الاتحاد الأوروبي الكامل للمبادرات التي تعزز الوعي المائي، وأهمية دمج الأجيال الشابة في الجهود الرامية لحماية البيئة، مشيرةً إلى أن التعليم هو الركيزة الأساسية لضمان مستقبل مائي آمن ومستدام
وتضمنت الفعالية أيضًا عرضًا حول أسبوع القاهرة للمياه 2025، حيث تمت مناقشة التحديات المائية العالمية والفرص المتاحة لمصر لتعزيز استدامة الموارد المائية من خلال التعاون الدولي.
اقرأ أيضاًوزير الري يتابع تطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي
وزير التعليم يكرم طالبة من ذوي الهمم لتفوقها دراسيا وتميزها في قراءة القرآن ببورسعيد