أكد  النائب نعمة افرام أنه "منذ سنتين وكُثر يعتبرونني مرشّحاً طبيعيّاً لرئاسة الجمهوريّة، وقد أعلنت رسميّاً عن نيّتي بالترشّح في هذا التوقيت بالذات لثلاثة أسباب: أوّلها أننا في الأسابيع الأخيرة أصبحنا في مكان آخر وتحديداً بعد استشهاد السيد نصرالله وسقوط نظام الأسد، وبالتالي نحن أمام شرق أوسط جديد لا بل كوكب جديد.

وثانيها أنّ  الحرب لم تنته، ونحن اليوم في فترة من الهدنة وأرى أن تاريخ جلسة 9 كانون الثاني لا يشبه التواريخ السّابقة لأنّه حُدّد خلال فترة الهدنة بالتحديد وكأنّه جزء من الاتفاقيّة المُبرمة، وبالتالي فإن عدم انتخاب رئيس سيشير إلى أن هناك خللاً ما. وثالثها انيّ  أعمل منذ ثلاث سنوات على مشروع للبنان وأنشأت لهذه الغاية مع عدد من الأصدقاء من مختلف الطوائف والخبرات "مشروع وطن الإنسان" حتى نصلح الوضع القائم في الوطن والذي يمكن تشبيهه بالجهاز المعطّل منذ سنوات".

وقال عبر برنامج ‎"يا أبيض يا أسود":  "كنت في السابق على يقين بأنّه سيكون لنا رئيس في 9 كانون الثاني، غير أنّ بعض الأمور تغيّرت خلال نهاية الأسبوع المنصرمة، وباتت لديّ خشية من الآتي وقناعة بأنّه في حال لم ننتخب رئيساً فإن هناك خطراً ما مُحدقاً، لأنّنا لا نزال في فترة الهدنة وهناك من يراقب مدى التزامنا بالاتفاقيّة الموقّعة والمؤلّفة من 6 صفحات".

تابع:" هناك من يراقب ليسائلنا لاحقاً إن تمكّن الجيش من ضبط الوضع، وإن كان مجلس الوزراء يلتزم الاتفاقيّة الموقّعة، وإن كنّا سننتخب رئيساً ليرسّخ بناء الدولة، وإلّا فهناك خوف على لبنان الكيان لأنّنا سنُعتبر دولة فاشلة كالشركة المفلسة التي ينتهي بها المطاف ببيع موجوداتها. وفي هذا المجال، الخوف على الجنوب اللبناني الذي يحتوي على ثروتين هائلتين هما المياه والغاز في البحر، وأخشى خسارتهما تحت غطاء دولي. اسرائيل شنّت الحرب الأخيرة ضد حزب الله ولكن إذا فشلنا في تطبيق الاتفاقيّة، أخشى أن تصبح الحرب على لبنان كلّه كدولة فاشلة، فتأخذ اسرائيل هذه الذريعة للسيطرة على  موجوداتها. وهذه صرخة أوجّهها لكلّ المعنيّين. لذلك، هناك خوف على الكيان في لبنان الذي سيكون في خطر كبير بحال فشلنا في انتخاب رئيس للجمهورية، ولكن هل سيترجم القول بالفعل؟".

تابع:" يجب ألا ننسى أنّ هناك لجاناً أميركيّة وفرنسيّة تعمل على الأرض للدعم وللتأكّد من تنفيذ الاتفاقيّة وأنّ "العدّاد ماشي"، وبالتأكيد أنّ الإسرائيليين يفضّلون أن نفشل في تطبيقها حتى نبدو أمام المجتمع الدولي على أنّنا دولة فاشلة. لذلك، على كل من يحبّ لبنان ومعنيّ بمستقبله من حزب الله إلى كلّ الأحزاب السياسيّة والمسؤولين أن يتمسّك بتنفيذ الاتفاقيّة بحذافيرها. وحتى لو لم نتمكّن من انتخاب رئيس من الدورة الأولى، يجب أن نبقى في المجلس النيابي إلى حين انتخاب رئيس، كما قال الرئيس برّي في تجربة تشبه انتخاب البابوات في المجلس الفاتيكاني، حتّى نصل الى الدخان الأبيض".

وقال:" الأمور ستتكشّف في الأسبوع الأخير الذي يسبق الجلسة وتحديداً في الأيام الثلاثة الأخيرة، فإذا اجتمعت الحكومة وطلبت التعديل الدستوري فهذا مؤشر إلى توافق على انتخاب أحد المرشحين العسكريين العماد جوزاف عون أو اللواء الياس البيسري. لذلك، الأسبوع الأوّل من السنة مفصلي، فإمّا يكون هناك تعديل دستوريّ وبالتالي انتخاب أحد العسكريّين وإمّا الدخول إلى جلسة 9 كانون الثاني بمرشّحين ومن دون تعديل دستوري. سنكون أمام السيناريو الديموقراطي الأمثل والطريق الأسرع لانتخاب رئيس. أمّا في حال كان عدد المرشّحين أكبر، فسنكون أمام جلسات مفتوحة وطويلة ولكن يجب أن لا نخرج من الجلسة قبل انتخاب رئيس. وهناك انتظار لموقف أميركا بالنسبة للاستحقاق الرئاسي إضافة إلى موقف السعودية منه وهي التي لم تقل كلمتها بعد، والرئيس برّي لا يزال متريّثاً بالنسبة للتعديل الدستوري".

بالنسبة الى حظوظه ونقاط القوّة لديه لتحمّل مسؤوليّة الرئاسة، أجاب:" المشكلة في لبنان أنّه إذا تمّ ترشيحك من قبل إحدى الكتل تكون ضدّك الكتل الأخرى، ولعلّ هذا الأمر خيّر إذ يجعلني المرشّح الرّئاسي الـPlan B للجميع، وهذا أفضل من المرشّح الرئاسي الـPlan A لفئة واحدة فقط، وأنا علاقاتي جيّدة مع معظم الأفرقاء. وبالنسبة إلى الجزء الثاني من السؤال، لقد كشفت دراسة في هارفرد على أكثر من 500 رئيس تنفيذيّ، أن القائد الحقيقيّ هو من يكون لديه القدرة على الإلهام وخلق الاندفاع في الفريق وتوجيه الطاقات نحو الهدف الواحد المشترك، "ليشتغلوا مع بعض مش ببعض!".

أضاف:"الهدف الواحد المشترك في المئوية الثانية للبنان هو ورشة إصلاحية حقيقيّة وهذا المطلوب من رئيس الجمهورية. وأنا مؤمن أنّ الانسان لا معنى لحياته إن لم تكن لديه رسالة، وقد أعطاه الله وزنات يجب أن يثمّرها ويفعّلها. وأعتبر أن الوزنات التي أملكها هي خبراتي التي راكمتها على مرّ السنوات من مدرسة عينطورة الى الجامعة الأميركية في بيروت ومن ثمّ الخبرة العمليّة في إندفكو وبناء المؤسّسات وإدارة الأزمات في لبنان وخارجه. ونقطة قوّتي تكمن بأن لدي خبرة ببناء المؤسّسات، فأنا مهندس ورسالتي أن أكشف الأعطال وأبني الماكينات التي نستطيع إصلاحها وزيادة الانتاجية، وما أسعى إليه هو إصلاح الدولة المعطّلة في لبنان وتحقيق إزدهارها. واعتبر أنّ الاقتصاد هو الأساس في تعزيز الأمن القومي، فالنموّ الاقتصادي هو من يمنح الدول قدرتها على التسلّح والحماية وتطوير البنى التحتيّة المطلوبة والحرّية في اتخاذ القرارات المناسبة في السياسة الخارجيّة. ونحن بحاجة في المرحلة المقبلة إلى من يملك الخبرة في إدارة التغيير وبناء المؤسّسات وتكون لديه مصداقيّة تمنحه الثقة إضافة إلى المناقبية والتجرّد، ليبقى في منأى من الضعف البشريّ والإغراءات. ولا أخفي هنا أنّ عائلتي تخشى عليّ كثيراً منذ أعلنت ترشحي للانتخابات الرئاسيّة، وإبني الصّغير عبّر لي عن خوفه على حياتي فسألته "هل تعلم ما هو أجمل ما قد أقدّمه إليك"؟ تابعت"أن نبني لك ولجيلك بلداً تفتخرون به".

بالنسبة إلى العقبات التي يمكن أن يواجهها الرئيس قال:" التوافق الدّاخلي في لبنان لانتخاب رئيس لطالما كان هشّاً وعند تعثّره يكون الضحية الرئيس المنتخب. وأسوأ ما قد يحصل لي هو أن أصبح رئيساً ولا أتمكّن بعد سنوات من إنجاز أيّ شيء وكأنّني "تلميذ داخلي ببعبدا"، لكن تعلّمت في الكشّاف اللبناني حين لا يكون هناك طريق نشقّ الطريق بأنفسنا. في مطلق الأحوال، إنّه وقت العمل الجاد والحثيث وبكلّ إيمان بأنّ الغد سيكون أفضل من اليوم وأنّ اليوم أفضل من الأمس".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: انتخاب رئیس الاتفاقی ة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

نحن والسودان.. كيف فشلنا وأفشلناه؟

(هل نستطيع أن نضع القوانين فوق القادة والمبادئ فوق الرجال).. هكذا قال سيمون بوليفار عندما سئل عن سبب تخلف أميركا اللاتينية.

هذه المقولة للرئيس الفنزويلي السابق تمثل مدخلًا مناسبًا للإجابة عن أسئلة التخلف والفشل في بلادنا السودان، إذ لم يعد السؤال في حالنا هذه هو: هل فشلنا، بل هو كيف يمكن أن نتدارك خيباتنا الوطنية لنرنو نحو المستقبل، ونلحق بركب الحضارة بعد أن نستعيد الدولة من نتائج فشلنا الذي انتهى بنا إلى الحرب الشاملة، وإلى واقع اللجوء والنزوح وتوقف عجلة الإنتاج، بل ووقوف البلد نفسها على حافة عدم اليقين ومنزلق غياب الطمأنينة العامة؟

والمدخل الأمين للنظر نحو المستقبل إنما يبدأ بالاعتراف أولًا بالمخاطر التي تحيط بالوطن، وبأننا كنخبة بجميع مؤسساتها السبب المباشر في النتائج التي انتهينا إليها، ومن ثم لا بدّ من امتلاك قناعة يقينية بأن النهوض بالوطن وتجاوز محنته الحالية، ومعالجة معضلاته الموروثة، فريضة لازمة على الجميع، إذ لا يوجد خيار آخر غير العمل الشاقّ لاستعادة الدولة، واستئناف بنائها على أسس جديدة وسليمة هذه المرّة.

لقد أضافت الحرب الحالية تحديًا آخر فوق التحديات الموروثة لبناء النهضة الوطنية المنشودة، كما أن آثارها المدمرة من انتشار للسلاح خارج يد الجهات النظامية، وتفشي خطاب الكراهية البغيض، فضلًا عن التدمير المعنوي والمادي الممنهج لمقومات البناء تضع أثقالًا عظامًا على التيار الوطني المنوط به القيام بأعباء إعادة التعمير والنهضة.

إعلان

ولا شك أن نقطة البداية تنطلق من الإجابة الصريحة عن سؤال: لماذا فشلنا في بناء دولة مستقرة طوال عهد الحكم الوطني الممتد سبعين عامًا، وما هي العلة الرئيسية التي أبقتنا في منطقة التخلف ودائرة الفشل؟

في الحقيقة هما سببان بحسب أبوالقاسم حاج حمد (تتعلق الأولى بالتركيب الجغرافي السياسي، والثانية بالتركيب الاقتصادي)، ولكن ومن أجل أخذ العبر، وتوسيع دائرة البحث واقتراح الحلول الممكنة ننقل سياق هذه الأسئلة إلى فضاء أوسع؛ لنتعرف على فلسفة النهضة والفشل في صيرورة الأمم وتجاربها، فقد وفرت التجارب المختلفة عبرًا كثيرة ونماذج وافرة، وهناك نظريات علمية كانت سببًا لقصص النجاح ومعيارًا لمعرفة أسباب الفشل.

النظم والمؤسسات هي السبب

في العام الماضي 2024 أعلنت جائزة نوبل فوز الأكاديميَين؛ دارن عاصم أوغلو، وجيمس روبنسون بجائزة نوبل للاقتصاد عن كتابهما القيم (لماذا تفشل الأمم؟ أصول السلطة والازدهار والفقر)، وبعد دراسة متعمقة يستنتج الكاتبان أن نظريات، مثل: الموقع الجغرافي، والثقافة، والدين، والجهل ليست السبب في أصول الفقر لدولة ما، وتوصلا إلى (أن الدول تتفاوت وتختلف في حجم نجاحها وتفوقها الاقتصادي، بسبب اختلاف مؤسساتها والقواعد والنظم التي تؤثر في الطريقة التي تعمل بها تلك النظم).

وبما أنّ الدولة الحديثة تقوم على النظم، فإن هناك طريقتَين لتكوين وعمل هذه النظم الحديثة، فمقابل المؤسسات السياسية الشاملة والمنفتحة التي تعمل على توفير مجال مشاركة متكافئ للمواطنين، عبر توفير أقوى ضمانات حماية الملكية الخاصة، وجعلها آمنة (بحيث لا تتغول عليها لجنة حكومية) ونظام قانوني محايد وعادل، ونظام تعليمي تتحاشى مناهجه الدعاية السياسية، وتعمل على إنتاج المعرفة العلمية التي تقوم على التكنولوجيا والتحفيز، وتشجيع المنافسة الحرة.

مقابل كل ذلك تختار بعض النخب أن تبني نظمها على نموذج (المؤسسات السياسية الاستحواذية) التي تقوم ثقافتها على تركيز السلطة السياسية في يد نخبة محدودة منغلقة، غالبًا، على أيديولوجيا ضيقة، أو مستندة إلى أسس جهوية وقبلية، وفي كلتا الحالتين تتفنن في وضع القيود والضوابط على المجتمع لتحد من حريته وحركته، بينما تعمل في الوقت نفسه على تكديس الثروة في نطاقها السياسي والمجتمعي، وتقوم بتوظيف الموارد المتاحة؛ لتدعيم سلطتها الاستحواذية عبر بناء الترسانات الأمنية، بدلًا من مؤسسات التعليم والاستنارة.

إعلان

إن المشكلة الرئيسة التي عانى منها السودان، وكانت سببًا في عدم الاستقرار السياسي، وفي استمرار الحروب، هي هشاشة الدولة؛ نتيجة ضعف ثقافة بناء النظم والمؤسسات القوية التي تعمل كممسكات للمجتمع والدولة على السواء، ويعزى السبب في ذلك إلى عدم التراضي على مشروع وطني جامع عند الاستقلال؛ نتيجة تفشي الخلافات الذاتية، وسيطرة داء التعصب الذي – كما يقول منصور خالد – (لا يفسح أية مساحة للقاء مع الآخر المختلف، بل يدفع صاحب الرأي الذي لا يقبل الجدل إلى قمع الآخر).

ويرى أحمد خير المحامي أن الأرستقراطية الدينية والثقافية كانت عاملًا مهمًا من عوامل بناء النظم الوطنية بعد الاستقلال، (وهو ما عرّض جهازنا الحكومي لشر أنواع الأمراض الاجتماعية، وعرّض التجربة الديمقراطية للدكتاتورية البرلمانية)، هذه الأدواء الباكرة هي التي وسمت السياسة السودانية بميسمها حتى تمكنت من مفاصلها وخطابها، فأنتجت عقلًا إقصائيًا تدميريًا غايته (إما أن يكون الحكم لنا جميعًا، أو لا يكون لأحد).

ولذلك لم يكن مستغربًا موقف الزعيم الأزهري من الجمعية التشريعية التي كونها الحاكم العام الإنجليزي خواتيم الحكم الثنائي الإنجليزي المصري، لما رأى أن فكرة الجمعية التشريعية جاءت من خصمه السياسي، فكان رفضه لها ليس بسبب قضايا موضوعية، واختلاف حول نقاط يمكن أن تكون محلًا للنقاش، ولكنه يوصد الباب بقوة، مقررًا (لن ندخلها ولو جاءت مبرّأة من كل عيب).

ولعمري أن أي قفزة نحو المستقبل تحتاج إلى إصلاح البيئة الفكرية العامة؛ لأنها الأساس في إنتاج العقول المتسامية فوق الخلافات الحزبية الصغيرة، والنفاذ إلى النفع العام حتى ولو خالف هوى الفرد وانتماءاته الأخرى.

التغيير من الأعلى ضمان للنجاح

لقد انهارت كل التجارب الانتقالية نحو الديمقراطية في السودان، في وقت تشهد فيه القارة الأفريقية توجهًا تحرريًا من الإرث الدكتاتوري القديم، وتؤسس لتجارب ديمقراطية في طريقها للاستقرار والنمو.

إعلان

وبنظرة سريعة لبلدان، مثل: غانا، السنغال، وحتى نيجيريا، وكينيا بكل المآخذ التي يمكن ملاحظتها على تجاربها الانتخابية، نجد أن العوامل المشتركة في التمسك بالتطور الديمقراطي تتلخص في التخلص من النظم والأفكار التقليدية القديمة، والسعي لبناء نظم جديدة قائمة على سيادة حكم القانون، واحترام أحكام القضاء، وبناء منظومة قيم تحترم الكرامة الإنسانية، وحرية التعبير والتنظيم، وقبل ذلك بناء علاقة متوازنة بين القوى المدنية والمؤسسة العسكرية.

ونتيجة لهذا التوجه، نجد أن بلدًا مثل غانا، حيث استقرت فيه ولحد بعيد، تجربة الانتخابات وتغيير الرؤساء بصورة دورية، يشهد نموًا اقتصاديًا مزدهرًا ومتصاعدًا، إذ وقفت نسبة البطالة عند 5%، بينما تتوفر البلاد على احتياطي نقدي بلغ في العام الماضي 7 مليارات دولار.

وما يجعل هذه التجربة جديرة بالتأمل أنها قامت على نموذج التحول من الأعلى، حيث تكون الدولة هي صاحبة مشروع التغيير والتحول الديمقراطي. وقد قاد الجنرال جون رولينجز البلاد نحو الحرية بعد التوافق مع المعارضة على عملية سياسية شاملة تستوعب كافة المكونات السياسية وتستبعد الأيديولوجيات الإقصائية، مع التعهد بخروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي واحترام الدستور.

في السودان، كانت واحدة من أسباب الفشل أن التجارب اعتمدت على نموذج التحول من الأسفل، الذي تحاول أن تفرضه الجماهير على مؤسسات الدولة عبر الثورات. وهذا خيار عواقبه غير مضمونة، ونتائجه بادية للعيان في تجاربنا الفاشلة التي انتهت إلى التنازع بين مؤسسات الدولة، وبين القوى التي تريد التغيير، ولكنها في الغالب لا تملك له تصورًا قابلًا للتطبيق، ولا روحًا استيعابية تضمن بها انطلاق حوار وطني يستولد الحلول الواقعية والعملية، لإكمال الانتقال والوصول به إلى أهدافه النهائية.

إعلان الديمقراطية لا الأيديولوجيا

تحتاج النخبة السياسية بجميع توجهاتها أن تتخلّص من أفكارها الشمولية ومشاريعها الأيديولوجية، فتلك ثقافة صارت من مخلّفات الزمن القديم وتجاوزها العالم. كما أنها بحاجة إلى اعتناق عقيدة التغيير نحو الأفضل.

ومن أركان تلك العقيدة احترام الكرامة الإنسانية، وإطلاق الحريات الكاملة للمجتمع، والسعي لبناء دولة القانون، ومن ثم تشرع في بناء المؤسسات القائمة على المهنية والحياد، وتتأمل جيدًا في التجارب السابقة، وآخرها تجربة الانتقال التي انتهت إلى الحرب حين سيطرت عليها العقليات الإقصائية، والفكر الشمولي، والنزعة التسلّطية الانتقامية، بدلًا من روح التصالح الوطني واحترام القانون، والاهتمام ببناء الآليات الديمقراطية التي تحمي مسيرة الانتقال وتحدّ من سلطة الأفراد لصالح المؤسسات.

تم كل ذلك وسط تدخل أجنبي كثيف بأجندات خبيثة وماكرة، وجدت لها نصيرًا في الصف الوطني. ولذلك فإن هذه النخبة تحتاج أن تتذكر أن حماية سيادتنا الوطنية واجبة ومطلوبة، وفي الوقت نفسه نحن في أمسّ الحاجة إلى الالتفات لقضايانا الداخلية (ففيها من التحديات ما يكفينا).

ومن الواجب علينا إنتاج مفهوم للعلاقات الخارجية يقوم على القيم الإنسانية والمصالح البشرية التي تنشد التصالح، وتعمل على السلام والتعايش مع الآخرين على أساس المصالح المتبادلة، والتطلع نحو مستقبل الأسرة الإنسانية وأمنها وسلامتها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • ميقاتي استقبل وزير خارجية الكويت: هناك رغبة كويتية لمساعدة لبنان
  • نحن والسودان.. كيف فشلنا وأفشلناه؟
  • رئيس الوزراء: نتطلع لزيادة التبادل التجاري مع كرواتيا وتوفير العمالة الماهرة للعمل هناك
  • وزير خارجية فرنسا : لبنان يسير في الاتجاه الصحيح بعد انتخاب الرئيس عون
  • بمناسبة انتخاب عون رئيساً.. إليكم ما فعله الاتحاد الوطني للمؤسسات اللبنانية البرازلية
  • رئيس الكيان .. التطبيع مع السعودية يمشي قدما
  • تحضيرات لمؤتمر لإعادة الاعمار في بيروت.. ووزير الخارجية السعودي يؤكد زيارته للبنان
  • رئيس إسرائيل: هناك فرصة لنجاح المرحلة المقبلة من المفاوضات
  • “رئيس الكيان”: السعودية هي قاعدة الاسلام ويجب ان نتقدم في التطبيع معها
  • رئيس أركان جيش الإحتلال يقدم استقالته: فشلنا في 7 أكتوبر