بات العثور على الطوابع المالية في السنوات الأخيرة، شبيهاً بالبحث عن إبرة في كومة من القشّ. فقد عانى اللبنانيون من أزمة الطوابع، وهي أزمة أثبتت أنها فصل من فصول الفساد المتجذّر في البلاد. وبما أنها نتيجة مباشرة للأزمة الاقتصادية العميقة التي مرّ بها لبنان- وما يزال- أثّر انقطاع الطوابع بشكل كبير ومباشر على المواطنين الذين يريدون فقط الحصول على خدمات أساسية مثل إصدار الوثائق الرسمية، وكأن إقفال معظم المؤسسات والدوائر لا يكفي.

فهل تنهي الطوابع الرقمية هذه المشكلة؟     في 21 آذار الفائت، أصدرت وزارة المالية قراراً حمل الرقم 212/1 بناء على قانون الموازنة العامة للعام 2021، قضى بتشكيل لجنة مهمّتها إعداد دفتر الشروط الخاص بتلزيم الطابع الإلكتروني E-stamp، كما تعتزم الوزارة إطلاق مناقصة "الطابع الإلكتروني" إلى جانب الطابع الورقي بحلول نهاية العام 2024. وبحسب المعهد اللبناني لدراسات السوق، وبناء على التجارب السابقة في مناقصات مراكز معاينة الآليات والبريد وخدمة OTT والرسائل الإلكترونية وغيرها، فمن المرجح أن يتم حصر التلزيم في النهاية بفائز وحيد.

الطوابع الرقمية ستنهي الأزمة
رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق باتريك مارديني، أكّد لـ"لبنان 24" أن الطوابع الرقمية ستنهي الأزمة لأن كلفة طباعة الطابع اليوم هي أعلى من قيمته، وبالتالي أياً من كان سيطبعه سيخسر، وهذا هو السبب وراء انقطاعها وارتفاع سعرها في السوق.

وأضاف أن الطابع الإلكتروني من شأنه أن يلغي مشكلة الكلفة لأنها منعدمة في حالته، كما أنه يمكن إنتاج طوابع بقيمة أعلى ما سيجعل الطوابع متوفرة في السوق.
وأشار مارديني إلى أن انقطاع الطابع المالي الورقي فتح باب الغشّ بشكل كبير أما إذا تمّ شراء الطابع الإلكتروني فسيصبح هامش الغشّ والتلاعب بالقيمة السوقية أصغر، إلا أن الطريقة التي سيتم من خلال اختيار الشركات التي ستصدر الطوابع الإلكترونية هي التي ستحدد النوعية، على سبيل المثال آلات الطباعة، مشيراً إلى أن تعدّد العارضين يحفّز نوعية الطباعة النهائية.

وفي هذا الإطار، رأى مارديني أنه إذا تقدّمت شركة واحدة للمناقصة، فستتمكن من فرض شروطها على الدولة ويمكن أن تعطي نوعية سيئة للطوابع ما سيسهّل عملية الغشّ والتلاعب بها أو رفع الأسعار كما تريد، أما إذا تقدمت شركات عدّة للمناقصة، فسيكون للدولة إمكانية الإختيار من بينها اعتماداً على نوعية وموثوقية العمل منعاً للغشّ.

وعن إمكانية احتكار الطوابع الإلكترونية من عدمه، فشدد مارديني على أن هذا الأمر يقع على عاتق الدولة التي عليها أن تفتح باب المنافسة لإنتاج وتوزيع الطوابع وبالتالي أن يكون الهدف النهائي بيعها بشكل حرّ، من خلال تلزيم الطوابع إلى أكثر من شركة كي لا تقع في خطأ مشابه لما حدث مع شركة "إنكريبت" التي تمّ تلزيمها لوحات السيارات وتوقف اليوم العمل بها.

مخاطر وتحدّيات
إذاً، يعتبر الطابع الإلكتروني حلاً لأزمة الطوابع المالية في لبنان، وهو ما أكده عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا البروفسور بيار الخوري، الذي وصفه بالحل الجذري والفعّال من خلال اعتماده على التقنيات الرقمية الحديثة لضمان توافر الطوابع بشكل دائم وشفاف.

واعتبر الخوري أن التحول إلى الطابع الإلكتروني يحمل العديد من الفوائد الأساسية، أبرزها القضاء على مشكلة انقطاع الطوابع التقليدية وتوفيرها في أي وقت ومن أي مكان عبر منصات رقمية آمنة.

كما يساهم في مكافحة الغش والتزوير بفضل احتوائه على رموز رقمية فريدة أو "QR Codes" يصعب تقليدها، ما يحمي المال العام ويعزز من الشفافية، فضلاً عن أن النظام الإلكتروني يسهل تتبع الطوابع المباعة والجهات المستفيدة، مما يقلل من عمليات الفساد ويسهم في زيادة الإيرادات الحكومية. كذلك، يساعد الطابع الإلكتروني في إنهاء السوق السوداء التي كانت تحتكر الطوابع وتبيعها بأسعار مرتفعة، ويوفر للمواطنين تجربة مريحة وسهلة عبر شراء الطوابع إلكترونيًا.

لكن على الرغم من هذه المزايا، يبقى هناك بعض المخاطر المحتملة، بحسب الخوري. فالتحديات التقنية مثل انقطاع خدمات الإنترنت أو ضعف البنية التحتية الرقمية قد تعيق استخدام الطابع الإلكتروني، إضافة إلى مخاوف تتعلق بالاختراقات الإلكترونية في حال عدم تأمين المنصات بشكل كافٍ.

كما أشار الخوري إلى أن التفاوت الرقمي بين المواطنين قد يُصعّب استخدام الطوابع الإلكترونية لدى كبار السن أو الأشخاص غير المتمكنين رقميًا، مما يستدعي برامج توعية وتدريب مناسبة.

وأخيراً، شدد الخوري على أن الحل النهائي لأزمة الطوابع يكمن في التحول الرقمي الكامل والانتقال من الطوابع الورقية إلى الإلكترونية بشكل شامل ومدروس، ويتطلب هذا الأمر تشريعات واضحة تنظم إصدار واستخدام الطابع الإلكتروني، بالإضافة إلى بناء بنية تحتية تقنية آمنة وفعّالة.

في المحصّلة، وعلى الرغم من أن التحوّل نحو الطابع الإلكتروني سيشكل نقلة نوعية تُنهي أزمة الطوابع المالية في لبنان، وتحمي المال العام من الهدر، وتساهم في بناء نظام إداري رقمي أكثر كفاءة وشفافية، إلا أن نجاحه من عدمه منوط بالإرادة السياسية والإدارة الحكيمة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف: مصر تشهد نهضة حقيقية بفضل الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية والإرادة القوية للمصريين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

وجه الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف التحية والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن مصر تشهد نهضة حقيقية في المجالات كافة بفضل الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية والإرادة القوية لشعب مصر العظيم الذي يعي جيدًا قيمة وطنه، ويعمل بكل إخلاص للحفاظ عليه، مؤكدًا أن ليلة القدر تعلمنا أن الأوطان تبنى بالصبر والعمل والاجتها، وأن الله يؤتي الملك من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء
وشهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، إحتفال وزارة الأوقاف، بليلة القدر، والذي أقيم بمدينة الفنون والثقافة (قاعة الأوبرا) بالعاصمة الإدارية الجديدة.  

وتضمن برنامج الإحتفالية كلمة للدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، قام بعدها بإهداء الرئيس نسخة من كتاب "الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين"، وتلا ذلك فقرة الابتهالات الدينية.

وقام الرئيس خلال الاحتفالية بتكريم الفائزين في المسابقة العالمية الحادية والثلاثين للقرآن الكريم، في فروع الحفظ والتجويد والتفسير ومعرفة أسباب النزول، وأيضاً لحفظة القرآن الكريم وتجويده للناطقين بغير اللغة العربية، كما تم تكريم حفظة القرآن الكريم من ذوي الهمم
 

مقالات مشابهة

  • رسميًا.. أسعار السجائر في العيد بعد زيادة الطوابع الضريبية
  • اعلان تطهير عاصمة السودان بالكامل من فلول المليشيات التي هربت بشكل مخزي
  • الممثلة الأممية تبحث مع القائم بأعمال السفارة الأمريكية مستجدات الملف الليبي
  • منصور بن محمد يشهد توقيع اتفاقية إطلاق منصة التحوّل الرقمي
  • سلامة بحث مع محافظ بيروت في الحفاظ على الطابع التراثي للمدينة
  • وزير الأوقاف: مصر تشهد نهضة حقيقية بفضل الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية والإرادة القوية للمصريين
  • بمحيط الحرم ومساجد الحل.. “الشؤون الإسلامية” تبثّ 1.5 مليون رسالة توعوية عبر الشاشات الإلكترونية خلال رمضان
  • مأزق الحل في لبنان
  • أزمة السكن في أوروبا: هل تجد دول الاتحاد الحل؟
  • أمين عام البحوث الإسلامية لـ«البوابة نيوز»: نعمل فى إطار الرسالة الشاملة للأزهر.. نركز على كل القضايا التي تمس الإنسان بشكل مباشر.. والخطاب الديني المستنير يراعي واقع المجتمع