لجريدة عمان:
2024-11-18@14:59:53 GMT

درجة الكراهة

تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT

تأخذ المسألة هنا بعدين مهمين؛ الأول: بعد التحريم في الكراهة، والثاني: بعد التنزيه في الكراهة، وكلا المعنيين الحاضرين من هذين البعدين هما أقرب إلى الأحكام الشرعية منها إلى الأحكام الاجتماعية، والمقصود هنا بـ «الاجتماعية» هي مجموعة العلاقات بين الناس، وما يتوغل في هذه العلاقات من مماحكات، وصدمات، واختلافات، وتضادات، وتنازعات، وتنافسات، وكلها - كما يبدو - تؤول إلى نمو وتدرج درجات الكراهة، والحقد، وقد تتطور إلى المصادمات المباشرة بين الطرفين، وهذا من شأنه أن يوجد بيئات خانقة للعلاقات، ويوجد مستويات أفقية من الزعل «الناعم» ورأسية من درجات الكره، والضيم وهذه أشدها في تقويض مجمل العلاقات القائمة بين أفراد المجتمع، مما يؤدي إلى عرقلة الكثير من مشروعات الحياة اليومية، بينهم، وهذا مما يتحاشاه أغلب الناس؛ خوف الوقوع في مستنقع الكراهة المؤلمة.

وللأمانة؛ أن أغلب الناس لا تنتهج هذا الأسلوب من الحياة، إلا في حدود ضيقة عندما تضيق بها سبل السلام مع الأطراف التي تتعامل معها، حيث يظل السلام والأمان مآوي حاضنة لمختلف العلاقات، حتى العلاقات القائمة على الربح والخسارة؛ يحاول كلا الطرفين اللذين تجمع بينهما مصلحة من هذا النوع أن لا تصل العلاقة بينهما إلى مستوى الكره، وهذا مما يعزز البناءات الاجتماعية القائمة بين الناس؛ وهذا من رحمة الله؛ سواء على مستوى الأسر، أو على مستوى المجتمع الكبير، وفي ذلك امتحان للنفوس التي تهوى دائما التعالي، والإصرار على مواقفها المتصلبة، حتى وإن كانت تدرك خطأها حيث تأخذها العزة بالإثم.

لذلك يلاحظ أن درجة الكراهة؛ غالبا؛ ما تكون في مستويات نسبية، تضيق في كثير من الأوقات، وتتسع في ظروف استثنائية، حيث تزول بزوالها، ولا يبقى لها أثرا إلا ذكرى مؤلمة؛ لا يحبذ الكثيرون استعادة مشاهدها، حتى لا يزعجون أنفسهم باستذكارها، وهم المحقون في ذلك، فالحيادة؛ جدا قصيرة؛ ولا تعطي نفس استمرار الكراهة والحقد والحسد بين الناس، ومن يستطيع أن يسل نفسه من هذا المستنقع المؤلم، هو حقا؛ جدير بالتقدير، والإشادة، والتكريم.

(درجة الكراهة) ينظر إليها على أنها تعظيم للأفعال غير السوية، فلا يتوقع أن تبادر شخصا ما بكلمة طيبة، فيرد عليك بكلمة سيئة، إطلاقا؛ إلا إذا كانت هناك خلفية لعداء، أو لموقف؛ يؤرخ للحظة كراهِيَة أو كراهة، واستضافة هذه اللحظة على طول خط سير العلاقة بين الطرفين، دون أن تكون هناك مبادرة من أحدهما لمحو آثارها، والخطورة أكثر عندما يُصَدِّرْ أحد الطرفين هذه اللحظة لآخرين من حولهما، وتتسع بذلك رقعة هذه الصورة القاتمة بين الطرفين، والأنكى في هذا الجانب أن تزرع مثل هذه النكات السوداء في قلوب ونفوس الأطفال، سواء بصورة مقصودة أو غير مقصودة، واحتمالية ترعرع واتساع رقعة الكراهة واردة في ظل الحرص على مداومتها، وعدم الإسراع في إزالتها القطعية من النفوس.

وعودة إلى بعدي الكراهة، يَمْثُلُ في شأن العلاقات أكثر هو البعد التحريمي، وذلك لأن النتائج المتوقعة في أي بذرة كراهة هو التفرق، والتشتت، وإذابة اللحم الاجتماعية بين أفراد المجتمع الواحد، ويقينا؛ لا أحد يسعده ذلك مهما كانت المبررات، ومعنى ذلك أن تجاوز مرحلة «الزعل/ العتاب» مؤداه إلى الوقوع في مستنقع الكراهة، ومن هنا تقتضي الحكمة أن أي خلاف يحدث بين طرفين على العقلاء أن يحتووه بحيث لا يتجاوز مرحلة العتاب «ويبقى الود ما بقي العتاب».

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لصوص داخل الضاحية.. وهذا ما فعله حزب الله

رغم الغارات الإسرائيلية الكثيفة التي شهدتها خلال الأيام الماضية، حافظ "حزب الله" داخل الضاحية الجنوبية لبيروت على انتشارٍ لعناصر تابعة له بغية حماية الممتلكات من أي سرقات خصوصاً خلال فترة الليل.   وتبيّن أن هناك عناصر من الحزب يتواجدون في مختلف أحياء الضاحية ويتوزعون ضمن نقاط معينة لا يمكن حصرها، وذلك بهدف تأمين حماية للمباني خصوصاً الداخلية منها.   الأمرُ هذا رحّب به سكان من الضاحية يقطنون خارجها حالياً بسبب القصف، معتبرين أن هذه الخطوة، رغم أنها خطيرة على الكثيرين، إلا أنها توفر حماية للممتلكات والمباني التي لم تتعرّض للاعتداءات الإسرائيليّة.   وقال مصدر معني إنه "تم إغلاق عدد من مداخل المنطقة ومخارجها باستخدام السواتر الحديد في إطار الحد من جرائم السرقة التي تصاعدت أخيرا في شكل ملحوظ"، موضحاً أن "مجموعات من اللصوص تستغل حالة الفوضى الناتجة من القصف المستمر لتنفيذ عمليات سرقة تستهدف منازل المواطنين ومحالهم التجارية. وللتعامل مع هذه الظاهرة، تم تقليل عدد نقاط الدخول والخروج، مما يسهل مراقبة الحركة وضبط الوضع الأمني".   ولفت إلى أن هذه التدابير موقتة وستستمر حتى استقرار الأوضاع، لضمان حماية ممتلكات السكان والحفاظ على سلامتهم".   وقال مصدر امني أن "اللصوص يعمدون  إلى سرقة كل ما تيسر من داخل المنازل أو المحال التجارية".   ولا تقتصر السرقات على أثاث المنازل أو الأموال الموجودة بداخلها بل تعدتها إلى سرقة الأسلاك الكهربائية وشبكات الانترنت والهاتف ومضخات المياه وألواح الطاقة الشمسية وكل ما يمكن ان يتيسر من حديد ومعادن يمكن الاستفادة منها لبيعها. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • إستهلاك الدجاج ينخفض 25%
  • محمد صلاح يروي قصة احترافه في بازل.. وهذا ما قاله عن عمر مرموش
  • المركزي لمتبقيات المبيدات وزراعة قناة السويس يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون بين الطرفين
  • لصوص داخل الضاحية.. وهذا ما فعله حزب الله
  • حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا
  • يسري نصر الله: السينما في مصر "عيّانة".. وهذا ما تعلمته من يوسف شاهين
  • ليست 54 سنة.. إنها قرون طويلة جدا
  • الإعلان عن القائمة النهائية لمرشحي مجلس إدارة اتحاد كرة القدم .. وهذا هو الفائز المتوقع
  • المرتضى: الميدان سيكون الفيصل في تحديد مصير المفاوضات
  • (١٧) دقيقة مع (البروف) علي شمو وهذا ما قاله عن الإعلام