مفتي الجمهورية: الرقابة ليست مجرد إجراءات إدارية بل هي التزام ديني وأخلاقي
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
ألقى الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، محاضرة متخصصة ضمن برنامج «المعايشة المهنية» لـ مفتشي وزارة الأوقاف، بالتعاون مع معهد البحوث الجنائية والتدريب التابع لمكتب النائب العام، بهدف تعزيز كفاءاتهم المهنية وتطوير معارفهم في مختلف المجالات، حول الرقابة الإدارية في الفكر الإسلامي.
تناولت المحاضرة قضايا متنوعة تجمع بين الجوانب الإدارية والقانونية والاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على أداء المفتشين ودورهم في تحقيق رسالة الوزارة.
تطرق مفتي الجمهورية إلى مفهوم الرقابة في الإسلام كأداة رئيسة لضمان النزاهة وتحقيق الشفافية في العمل الإداري، وأكد أن الرقابة ليست مجرد إجراءات إدارية، بل هي التزام ديني وأخلاقي يتطلب الإحساس العميق بالمسؤولية تجاه المجتمع.
كما أوضح أن الفكر الإسلامي وضع ضوابط دقيقة للرقابة الإدارية تشمل الأمانة، والعدل، والمحاسبة الذاتية، وهو ما يؤكد نظرة الإسلام الشاملة للإدارة باعتبارها أمانة في عنق كل مسؤول.
وأضاف مفتي الجمهورية أن الرقابة الإدارية في الإسلام تهدف إلى حماية المال العام ومنع التلاعب والفساد، مشددًا على أن للمال العام مكانة خاصة في تنمية وازدهار اقتصاديات الأمم وبناء مستقبل أبنائها، وقد أمر الإسلام بحماية المال العام والدفاع عنه، ومحاسبة كل من يتعدى عليه ومعاقبته، سواء كان هذا المال ملكًا للدولة بصفتها المعنوية، أو لمجموعة من الناس مثل مال الجمعيات والهيئات والمراكز الأهلية والنقابات وأمثالها، ويترتب على الاعتداء على المال العام جرائم خطيرة، أبرزها الفساد بمختلف أشكاله.
وأوضح المفتي أن الرقابة الإدارية تسهم في الحفاظ على المال العام بتطبيق العقوبات الرادعة التي أقرتها القوانين بهذا الشأن.
وشدد مفتي الجمهورية على أن الرقابة تسهم أيضًا في تحسين أداء المؤسسات لتحقيق التنمية والنهضة، مشيرًا إلى أن تحقيق الجودة في المؤسسات الإدارية أحد الغايات الأساسية التي يقوم عليها علم الإدارة الحديث، والدين الإسلامي لم يعتبر من العمل إلا ما كان جيدًا وصالحًا، قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: 110]، وقال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70].
وأوضح أن مطلق العمل وحده غير كافٍ لتحقيق الأهداف المرجوة من ذلك العمل، بل يجب أن يكون ذلك العمل متقنًا وجيدًا حتى يتم قبوله وينال المسلم عليه الجزاء المراد، وأضاف أن الرقابة الإدارية هي الأداة الأكثر فاعلية لضمان تحقيق الجودة في العمل المؤسسي داخل المنشآت الإدارية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور نظير محمد عياد مفتي الجمهورية المزيد الرقابة الإداریة مفتی الجمهوریة المال العام أن الرقابة
إقرأ أيضاً:
رمضان زمان.. حكايات على ضوء الفانوس| المال والبنون.. صراع القيم بين الثروة والمبادئ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قبل أن تتحول الشاشة إلى ساحة سباق محموم، كان رمضان زمان يأتي ومعه سحر خاص، حيث كانت المسلسلات جزءًا أصيلًا من طقوس الشهر الكريم، لا مجرد عروض تملأ الفراغ، كنا ننتظر دقات الساعة بعد الإفطار لنلتف حول التليفزيون، نتابع الحلقات بشغف، ونحفظ تترات المسلسلات عن ظهر قلب، كأنها نشيد مقدس يعلن بداية الحكاية.
من «ليالي الحلمية» إلى «بوابة الحلواني»، ومن «هند والدكتور نعمان» إلى «رحلة السيد أبو العلا البشري»، كانت الدراما تلمس قلوب المشاهدين، تحكي عنهم، تناقش همومهم، وتضيء واقعهم بصدق وبساطة. لم تكن مجرد مشاهد عابرة، بل كانت انعكاسًا لأحلام واحتياجات جمهور كان يبحث عن الدفء، عن الفن الذي يشبهه، عن قضايا تُروى بعمق دون صخب.
رمضان زمان لم يكن مجرد موسم درامي، بل كان موعدًا مع الإبداع الأصيل، حيث اجتمع الكبار والصغار أمام الشاشة، ليشاهدوا فنًّا يحترم عقولهم، ويسافر بهم إلى عالم من المشاعر الحقيقية. واليوم، وسط زحام الإنتاجات الحديثة، يبقى الحنين لتلك الأيام حاضرًا، حيث كانت المسلسلات ليست مجرد أعمال درامية، بل ذكريات محفورة في الوجدان.
وسط أجواء رمضان الدافئة في التسعينيات، جاء مسلسل "المال والبنون" ليحفر اسمه في ذاكرة المشاهدين، كأحد أهم الأعمال الدرامية التي ناقشت صراع المبادئ في مواجهة إغراءات المال. المسلسل لم يكن مجرد حكاية درامية عابرة، بل كان بمثابة مرآة تعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها المجتمع المصري على مدار عقود.
دارت الأحداث في فترة ما بعد ثورة يوليو 1952، حيث يرصد المسلسل حياة عائلتين متناقضتين تمامًا. الأولى، عائلة عباس الضو (عبدالله غيث)، الرجل الذي رفض المال الحرام وفضّل العيش بشرف رغم قسوة الظروف. والثانية، عائلة سلامة فراويلة (يوسف شعبان)، الذي كوّن ثروته بطرق غير مشروعة، ليجد نفسه في صراع مع ضميره ومع مجتمعه.
ينعكس هذا الصراع على أبناء العائلتين، حيث يتضح الفرق بين تربية قائمة على المبادئ وأخرى غارقة في إغراءات الثروة. وبينما يتربى يوسف عباس الضو (شريف منير) على الأخلاق والشرف، يعيش منصور فراويلة (أحمد عبد العزيز) وسط حياة مترفة لكنها بلا قيم حقيقية. تتشابك المصائر، وتتعقد العلاقات، ويظل السؤال الأهم: هل يمكن للمال أن يشتري السعادة؟
حقق "المال والبنون" نجاحًا مدويًا، وأصبح حديث الشارع المصري والعربي عند عرضه في 1993. لم يكن مجرد مسلسل درامي، بل كان عملاً يحمل رسائل اجتماعية وإنسانية عميقة. الشخصيات كانت نابضة بالحياة، والأداء التمثيلي كان على أعلى مستوى، ما جعل الجمهور يتعلق بها بشدة.
لم يقتصر النجاح على الموسم الأول فقط، بل تم تقديم جزء ثانٍ في 1995، استكمالًا للقصة، لكنه لم يحظَ بنفس تأثير الجزء الأول رغم أنه حافظ على مستوى جيد من الدراما والإثارة.
تميز "المال والبنون" بسيناريو محكم يجمع بين التشويق والإسقاطات الاجتماعية، مع موسيقى تصويرية ساحرة من ألحان ياسر عبد الرحمن، أصبحت جزءًا لا يُنسى من ذاكرة المشاهدين. كما أن شخصيات مثل عباس الضو وسلامة فراويلة تحولت إلى أيقونات درامية تمثل الصراع الأزلي بين الخير والشر.
المسلسل كان تأليف محمد جلال عبد القوي، وإخراج مجدى أبو عميرة، ومن بطولة الفنانين: عبدالله غيث، يوسف شعبان، شريف منير، أحمد عبد العزيز، هادي الجيار، فايزة كمال، ومنى عبد الغني.
"المال والبنون" لم يكن مجرد مسلسل، بل كان دراما ملحمية أثرت في وجدان المشاهدين، وظل مثالًا حيًا على الأعمال الرمضانية التي تجمع بين المتعة الفنية والرسالة الهادفة.