هنالك في اللاجئين السودانيين بإسرائيل من هم أفضل من كثير من السياسيين
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
في تواصل هاتفي مع شاب سوداني ذكي مقيم ويعمل في تل أبيب، تذكرت حديثا جرى بيني وبين الزميل حنظلة قبل سنين عددا حول مقال (إسرائيل ولا عزرائيل) خلاصته أن دافع الكثيرين في اللجوء هناك كان هو الدروب من الموت والابادة والتشريد على يد الجنجويد، وأن هذه كانت الفرصة المتاحة عندما ضاقت كل الفرص.
ما حدث الآن في مختلف أنحاء السودان يجب أن يفتح باب المراجعة، هنالك في اللاجئين السودانيين في إسرائيل من هم أفضل من كثير من السياسيين والناشطين والقحاتة الذين يدعمون الجنجويد، بل يقاتلون معهم بكل أسف.
لو قارنت بين الشاب الذي تحدث معي وقادة تقدم كلهم، هو الأفضل والأكثر وعيا وأخلاقا .. بل هو المنحاز للسودان حاليا، وليس حمدوك ولا تقدم.
أدعوا بصراحة لفتح باب التواصل والعودة والضمانات لهم لأنهم ببساطة .. ضحايا وليسو معتدين!
مكي المغربي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
نظرة اليهود العنصرية للعرب اشبه بنظرة بعض السودانيين لبعضهم البعض احتقار واقصاء (2)
من العادة أن يقل الذرة في اعالي النيل في فترة الصيف . يأـتي العيش بالمراكب الشراعية من الشمال او البواخر. يقوم بعض الجلابة بعض الذرة في اكوام ضخمة تحت حماية البوليس .
ينادون على الذرة ب ،، بيار ود اريو ،، وتعني عشرة زائد اثنين او اثناعشر بالعربية . يتزاحم الناس منذ الصباح. ينتظر بعض النساء الفقيرات نصف عاريات وهن يحملن ،، مقشاشة ،، وقرعة فارغة . بعد انتهاء معركة البيع . يجمعن حبات العيش بالحبة من التراب .
شاهدت خالى اسماعيل يسأل كيف يبيعون العيش ب 12 قرش وهذا يعني انهم لا يربحون في هذه العملية . كانت بيد الخال اسماعيل ورقة وقلم وهو يقسم الاردب الى كيلة ربع ، نصف ربع، ملوة وقدح . ويؤكد ان العملية ليست مربحة بالنسبة للتاحر. واخيرا يعترف الجلابي بأن الربح يأتي من عملية الكيل التي تحدث بسرعة بسبب تدافع الناس. قال الجلابي... الملوة ما بنملاها للآخر !!!
من الموكد ان هؤلاء الجلابة سمعوا {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ، أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ، لِيَوْمٍ عَظِيمٍ، يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}
وانا في الثالة عشر كان دكان والد زميلي في المدرسة عبدالنبي ملاصقا لدكان خالي اسماعيل خليل ابترمن الجهة الشرقية . وفي يوم الجمعة شاهدت احد الدينكا وهو يرتدي عراقي مكتوب عليه غفير سوق. الغفير اقترب من , شاه مربوطه على عمود برندة دكاننا ، الذي هو في الحقيقة مكتب بدون بضائع وله جهازتلفون. سأل الغفير عن صاحب الشاة لأن اى شاة او خروف يباع في السوق تؤخذ عليها رسوم 5 قروش.
رد عليه اهل زميلي عبدالنبي....امشي يا عب شوف شغلك بلاش قلة ادب معاك. وعندما اراد اخذ الشاه هجم عليه 4 من شباب امدوم الاقوياء. ولا ازال اشاهد الذعر والخوف الذي كان يطل من وجه الدينكاوي. وعندما انهالت عليه الضربات, افلت المعزة واحتضن عمود البرندة الاسود حتى لا يسقط ويسحقونه تحت اقدامهم. وبعد الضرب المبرح تراخت يد الدينكاوي واحتضن تراب بلده. وبدأوا بالقفز عليه. جريت نحوهم وشتمتهم وقلت لهم ..انتو ما رجال 4 تدقوا زول واحد. فهددوا بضربي ولم اخف أو اتراجع لانني كنت مغتاظا جدا ولأنني وعيت بالدنيا وسط الدينكا ،، اقر،، في رمبيك الذين احببتهم كأهلي. بالنسبة لي وانا صغير هو أن الدينكا هم البشر. وربما لأنني اعرف انهم يستأجرون دكان من خالي وزوج خالتي محمد عبدالله عبدالسلام اكبر تاجرفي اعالي النيل يعتبرمرجعا في لغة الدينكا والدينكا يحبونه ويحترمونه ويبادلهم نفس الشعور واكثر .ينادونه ب ،، فديت،، وتعني الكبير .
كثر الحديث عن هذا الموضوع ,وتعبير الجلابة .وفي فتر ة من الفترات كنت اعرف بانني من اولاد الجلابة عندما كنت اسكن مع خالي اسماعيل خليل ابتر في ملكال في حي الجلابة. وعشت وتفاعلت مع الجلابة في الجنوب .
بعض الناس في الكتابات الاخيرة ذكر ان كلمة الجلابة اتت من لبس الجلابية وهذا خطأ. لانه بالرغم من ان معظم الجلابة في السودان يرتدون الجلابية الا ان الكلمة مشتقة من الفعل جلب يجلب فهو جالب. والمثل السوداني يقول (جلب الخيل علي الريف). وهذا يعني القيام بعمل اخرق لان اهل الريف والمقصود هنا بالريف هو مصر لا تدفع للخيل ولايهمهم امر الخيل كما في السودان قديما حيث يدفع الناس احسن الاسعار للخيل.
قديما عندما كان الحزب الشيوعي يربي ويعلم البسطاء اجتهدوا في توصيل فكرة الاشتراكية لاحد الاعضاء من غير المتعلمين ،وبعد شهور من الاجتهاد وشرح قضية الاشتراكية والبرولتاريا وقعت الشغلانة للعضو الجديد. فصرخ مثل الفيلسوف اليوناني وجدتها .. وجدتها.. (برولتاريا معناها طلبة وبرجوازية معناها جلابة ).
العميد يوسف بدري في كتاباته (قدر جيل ) تحدث عن ثلاثة اشياء مهمة في الريف السوداني وهي الجلابي والفكي والشيخ او العمدة واذكره يحاضرنا عن عدم الهجوم علي ركائز المجتمع الريفي او القروي . فالفكي او البصير هو الذي يعطي المحاية او البخرة او العلاج البلدي ونحن كمتعلمين ليس من الصعب علينا الهجوم عليه الا ان الهجوم عليه يزعزع ثقة المجتعمع بنفسه وعندما تاتي الشفحانة او الطبيب سينتهي دوره . والشيخ والعمدة هو السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية .وهو من ارتضاه الناس وبدونه سينهار المجتمع الريفي او القروي. والجلابي هو النظام المالي او المصرفي في المجتمع , وقد يكون النافذة ومدخل للناس للعالم الخارجي.
الجلابي عادة يسلف المزارعين رأس مال المطلوب. ويستعيد رأس ماله بعد الحصاد . وهو الذي قد يدفع مهر العروس ومصاريف الزواج . وبعد الزواج او المأتم واستكمال المشاركات العينية والنقدية تعاد للجلابي فلوسه وهو المستفيد لان الشاي والسكر والزيت والقماش واغلب متطلبات الفرح او الماتم تاتي من دكانه . عندما طالب المفتش الانجليزي الجميع الخروج لمكافحة الجراد رفض احد الجلابة قائلا انا ما عندي زرع فقال له المفتش الانجليزي بعد الجراد يأكل الزرع الحايشتري منك منو ؟؟ فكان اول الخارجين. .
وهنالك الجلابي الجشع والجلابي السيء والجلابي الجيد وما مسرحية تاجر البندقية التي كتبها شكسبير الا انعكاس للجلابي الجشع .وقد صور شكسبير شايلوك اليهودي بالشخص الغريب او الأجنبي الذي يتصف بالجشع واللؤم والحقد . وهذه الصفة لا تزال وصمة يعاني منها كل اليهود في العالم . وهذه الصورة غير حقيقية عن كل اليهود . فاليهود السودانيون الذين عرفناهم كانوا من انبل واكرم الناس. لقد عشت وتعاملت مع بعض اليهود الاسرائليين الذين يعانون من الكرم الفاحش. وفي اسرائيل لا يمكن ان يقولو عن الشخص البخيل المحب للمال المنكفئ علي نفسه يهودي كما نقول نحن, لان الجميع يهود. بل يقولون عنه انه ايراني. لان الأيرانيين من خيرة التجار في العالم . وهم جلابة بحق .
في العصر الحديث تغيرت صورة اليهودي الي صورة التاجر يوسف الشامي. وهذه الفكرة اتت من كتابات الكاتب الروائي سومرت موم. الذي تخصص في الكتابة عن المستعمرات البريطانية خاصة غرب افريقيا حيث قد يتواجد في كل بلدة مفتش انجليزي وتاجر شامي . وهذا الامر كان ينطبق كذلك علي السودان . يقول الفلسطينيون أن الشوام سيطروا على التجارة في فلسطينفي ايام الحكم البريطاني. سوريا كانت تحت الفرنسيين . كانوا جشعين لا يهمهم سوى المال بكل الطرق . امتلكوا المزارع والمنازل . عندما تدفق اليهود باموالهم من اوربا نحو فلسطين ، رفض الفلسطينيون بيع الارض ، الا أن الشوام باعوا بسرعة وباسعار عالية جدا . وانتقلوا الى غرب افريقيا . هذا يفسر سيطرة الشوام على اقتصاد غرب افريقيا وحرب الالماس وموت مئات الآلاف في لايبيبريا سيراليون الخ بسبب تدخل الشوام في تلك الحروب. .
شخصية يوسف الشامي او السوري كانت تمثل الجلابي الذي ينافس ابناء جلدته ولا يتورع من الرشوة والاساليب الملتوية حتي استغلال وضع المفتش الذي يحتاج لمال لارجاع زوجته في اجازة لبريطانيا فيقوم برشوته . ولا يتورع من اي عمل غير اخلاقي لكي يملأ جيبه .
فكرة الجلابي العربي اليوم تتمحور في ذهن الاوربيين . فالمهاجر العربي الذي اتي كسير الجناح وهو يبكي ويتحدث عن الظلم الذي وقع عليه في بلاده . صار غنيا ووضعه احسن من اصحاب البلد. وهو لايتورع من الرشوة وبيع البضائع المنتهية الصلاحية ويمارس الغش والتلاعب بالاسعار ولا يتورع من اي شيء لسوء الحظ. اختفت صورة العربي المناضل صاحب القضية وحلت محلها صورة الجلابي العربي الجشع . وفي الستينات والسبعينات كان كثيرا ما نشاهد طلبة الجامعات في اوروبا يرتدون الشال الفلسطيني خاصة الطالبات او يعلقونه علي الحالئط. والان بعد ان صار العربي في كل ركن في كل مدينة اوربية وصاحب متجر او محل فلافل او او محل شاورمة او ميكانيكيبمعرفة ثانوية للميكانيكة او بائع سيارات يجد المواطن الامريكي او الاوربي كثير من الغش وعدم التقيد بالقوانين. صار بعض الامريكيين والاوربيين يقولون ان اسرائيل مسكينة لانها محاطة (بأمثال عبد الله او محمود الذي اشترى منه كرت تلفون وظهر ان الشركة قد افلست وانكر محمد بيع الكرت او اشترى بعض المعلبات وكانت منتهية الصلاحية).
كثير من التجار في الجنوب وفي غرب السودان كانوا من اصول شمالية وكانوا يستغلون الناس ويضطهدونهم ويغشونهم كل ما كان ذلك ممكنا . وكان اغلبهم يعيش بعقلية انهم افضل من الاخرين وان لهم الحق في التغول علي حقوق الاخرين وكانوا يمثلون نوعا من الاستعمار الاستيطاني. فملكال في الاربعينات والخمسينات الستينات كانت تتكون من اربعة احياء رئيسية اكبرها هو حي الجلابة الذي يقطنه الجلابة وشماله حي الري المصري الذي يمتاز بمباني جميلة ومنتزهات ومدارس ونوادي ويقطنه المصريون وخدمهم وبعض الموظفين السودانيون. ثم حي المديرية وهذا هو الحي الفاخر الذي يسكنه موظفو الدولة من مديرين وقضاة ومحاسبين ومهندسين الخ , وهنالك الحي الاقل حظا هو حي الملكية وهو في الطريق للمطار ويسكنه عادة البشر من اصول جنوبية وهم طبقة العمال او اسر رجال الشرطة او السجون وحي الملكية كان يتواجد في معظم مدن السودان . الاحياء الصغيرة كحي مدرستنا اصوصا وصنقعت والدليب وحلة العرب كانوا خارج المدينة ..
الجلابة الذين عشت وسطهم في ملكال خاصة صغار الجلابة كانوا يميلون الي التقتير والبخل وكان بعضهم يمارس الحسد والمغارز و يدبرون المقالب لبعضهم البعض . واصدق مثال هو ما قالته الخالة فاطمة ابوالقاسم زوجة العم مكي الذي كان تاجرا في بنتيو (مركز النوير) جلابة ملكال ديل بشوفو الريال زي الطشت . ولان دكان خالي اسماعيل كان في الناصية وفي وسط ملكال وفي الركن المواجه لقهوة عبد الرجال والمجاور لحديقة البلدية ومنتزه اركويت والبوستة ومرسي البواخر . فلقد كان الجميع يجتمع فيه لتناول الفطور . وكنت الاحظ ان اغلب التجار بالرغم من وضعهم المالي الجيد الا انهم يتناولون طعاما هزيلا لا يزيد عن ويكة وكسرة او شرموط ويندر ان يبتاعوا طعاما من مطعم حمد . وفي يوم الجمعة كان الكثيرون يجتمعون في منزل الخال خليل اسماعيل والمشاركة في طعام الغداء . ويحضر كل شخص صينيته وكان وقتها خالي اسماعيل عازبا ويستأجر جزء من منزله للاخ العم عزالدين حسين وهو افندي من جنوب مصر ويعمل محاسب مع التاجر اليوناني ابوسطولو وهو اغني تاجر في ملكال . طعام الخالة امينة كان فاخرا بالمقارنة بطعام الجلابة الذي كان بسيطا وفقيرا خاصة السلطة التي يضاف اليها الليمون وزيت الزيتون . وكان البعض يقول لعزالدين حسين انا مستني يوم الجمعة عشان اضوق طعام مرتك . والاخ اتيم الذي كان يعمل كخادم وطباخ مع خالي اسماعيل كان يقول (الجلابة ديل عندهم قروش كتيرة عزالدين ده ما راجل شغال بي ماهية كان دايرين سلطة بالزيت او طبيخ سمح ما اشتروه ، ليه كل يوم ويكة). ولهذا تكونت فكرة عند الناس ان الجلابي هو شخص يحب المال وعلاقته مع الاخرين مبنية علي المنفعة وهذا لاينطبق علي الجميع. والجلابة هم الطبقة الوسطي ولا يستطيع المجتمع ان يزدهر وينتج بدون الطبقة الوسطي ولهذا انهار الأتحاد السوفيتي. لقد قلت ..... الطبقة الوسطى لا تحارب بل تراقب وتحاسب فقط . البعض عاش مثل شايلوك تاجر البندقية او يوسف السوري في غرب افريقيا وهؤلاء اقلية اساءت للاخرين. .
مشاكل وحروب غرب افريقيا الاخيرة كان اكبر اسبابها التنافس علي السلطة وموارد البلاد اولها الالماس ولقد سكب الجلابة السوريين الزيت علي النار حتي صار ان يقال ان العرب لم يدخلوا اي بلد دون لن يفسدوا فيها . ولقد قال ابن خلدون ان العرب قد دخلوا النوبة وملاؤها عيبا وفسادا . بابكر بدري في الجزء الثاني من كتاب حياتي قال انه عندما كان في زيارة بلدة...الاباحية ) وسط قبيلة (.... الاباحية) في غرب النيل البيض انه سمع فتاة تقول لوالدها ( الجلابة غلوا الشغلات) فقال والدها (انتو تنطوهن القروش بالنهار وتشيلوها منهم بالليل ). والاب كان يقصد أن للجلابة سلعة يبيعونها وللبنت سلعة اخري . ولهذا صرف بابكر بدري النظر عن فتح خلوة في تلك البلدة .
في فترة من الفترات في السودان كانت كلمة الدكان او الكنتين مرتبطة باليماني او كما كان يقول العجائز البدواني . كان اغلبهم منكفئين علي انفسهم لا يختلطون باي انسان وينامون علي ارض الدكان ويعملون طيلة الليل والنهار . ولا يفوتون فرصة للبيع او الشراء لا يهمهم عيد او جمعة او مناسبة . وكان السودانيون عادة ينادونهم بمصلح وصالح حتي اذا لم يكن هذا اسمهم . ومصلحواسمه الحقيقي عبو الموردة كان يضع السجائر تحت المخدة وينام خارج الدكان ويستيقظ بعد منتصف الليل او في الفجر ويبيع سجارة واحدة للزبون ويواصل نومه. ولهذا تكونت عند السودانيين فكرة سيئة عن اليمنيين
واذكر ان جريدة الناس لصاحبها محمد مكي كانت تنشر مواضيع عن واليمنيين تتعرض لهم بصورة بشعة وغير عادلة. واذكر قصيدة نشرت وقتها تصور التاجر (الجلابي اليمني ) كانسان جشع وتقول( انا زعلان خلاص والزعل كمان غماني كل ما ترفع حجر بتلاقي تحته يماني ) وباقي القصيدة تتحدث عن الذين يسكنون في غرفة واحدة (جيش ) ويكتفون باكل العيش والفراش الخيش ..
ساعدني الحظ وكنت اجوب منطقة شرق النوير واللاو وغرب النوير الي اكوبو والبيبور والناصر حتي فشلا ومناطق المورلي والمابان وفي كل قرية كان هنالك تاجر شمالي (جلابي ) بداية من خور فلوس وقرية اتل وقنطوط اللتي عرفت بالتاجر علي صديق و واو اعالي النيل وايوت وفنقاك وواط وايرور وديرور وتويشان . وكان لهؤلاء الجلابة اسلوبهم الخاص . واذكر انني اول مرة اشاهد نويراويا يرتدي الجلابية والعمة كان من ايرور في دكان ود الزين في ديرور ووقتها كان النوير يتضايقون من لبس اي شيء على جسمهم خلاف السكسك . وعندا استغربت من زيه قال لي بفخر انا جلابي. .
الحقيقة ان الجلابي او الجلابية هي حالة ذهنية او تركيب نفسي لشخص او كما يقال (لايف ستايل )ليست حكرا علي جنسية واحدة او مجموعة عرقية ولكن بعض المجموعات قد تركز ويصير لهم حضور مميز في مهنة معينة . اهلنا الرباطاب مثلا نسبة لفقر منطقتهم ارتبطوا بالسكة حديد والدريسة وتجارة التمر الحبوب البهارات الزعف الخ . وكثير من الشايقية قد صاروا تجار خاصة اهل كورتى واهلنا الدناقلة والمحس قد صاروا بحارة لانهم خبروا صناعة المراكب والسواقي والابحار بها منذ الاف السنين . .
اذكر ان ود الزين الجلابي قد اعطاني علبة مليئة بالتفتة الخضرا ء . لكي اكتب له علي الجلود التي يشتريها من النوير اسم ود الزين قبل شحنها علي راس القندراني الذي كان يقوده الجنتلمان محمد يس وشقيه عوض مساعد السائق. وكنت اتواجد في فترة الاجازة المدرسية علي ظهر القندراني لان خالي اسماعيل وزوج خالتي محمد عبدالله عبد السلام كان عندهم عطاء ترحيل مواد بناء لاكوبو والبيبور والناصر وفشلا وبعد العملية عزمنا ود الزين علي غداء مكون من كسرة بي موية. وكان يقول لي مازحا: اسي انت ياود امدرمان كان بتصدق تلقي كسرة في ديرور انحنا علمنا النوير يعملوا الكسرة . ما استفدته من تلك الحادثة هو ان الجلابي يميل الي التقتير. ويبخل علي نفسه في اغلب الاحيان . كما انهم يحاولوا ان يفرضوا طريقة حياتهم في المجتمعات التي يذهبوا اليها . .
وانا في الثالثة عشر ارسلني خالي خليل اسماعيل لكي احضر ايجار احد الدكاكين بالقرب من مخبز العم الامين ادم في سوق ملكال والايجار كان لايزيد عن جنيهين او ثلاثة جنيهات فشخط في الجلابي قائلا ايجار ادوك ليهو انت؟ انت منو البدوك جنيهات فغضبت وقلت له انا في امدرمان بدوني الشيك بي مية جنيه بصرفها وبشيلها في ايدي وبركب بيها الطرماج او امشي بيها في الشارع . فلقد كان والدي يعطيني الشيك اذهب به الي الوالد مصطفي والد المحافظ السابق مهدي مصطفي الهادي وكبير المراسلات في بنك باركليز ، يوقعه ويصرفه من الصراف ويعطيني الفلوس وعندما رجعت الي الدكان. كان بعض الدمع لايزال علي عيوني بسبب الغضب وما اعتبرته اساءة. وكان استاذنا والداعية السلامي محمود برات من ام جر وهاشم محمد عثمان استاذنا وحارس مرمي المريخ فيما بعد حاضرين . فطيب محمود برات خاطري واشار الي حب الجلابة للفلوس وعدم مقدرتهم علي المخاطرة او التفريط فيها لانهم يقدسون المال .الدكتور والكاتب محمود برات رحمة الله عليه عاش وسط الجلابة شقيقه عبد الله برات كان في فنقاك غرب النوير وجزيرة الزراف اهله جلابة ، وكان يتحدث لغة النوير بطلاقة .
بالرغم من ان ملكال او ماكال كما يسميها الشلك كانت مدينة تحت سيطرة وادارة الجلابة . واهلنا الشلك او جيرانهم من النوير او الدينكا يتفرجون . لدرجة ان ظهور جنوبي وسط المنازل كان يواجه بالاستفزاز والاستفسار وقد تكون الجملة انت يا عب شغال مع منو . فاذا لم يكن الجنوبي او الجنوبية خادم او خادمة فقد يكون من شباب الواك . والواك هو بيت البقر، لاغلب الجلابة مجموعة من الابقار داخل حيشانهم لكي تزودهم بالحليب. ويقوم بعض اولا د الدينكا او الشلك برعايتها والتحصل علي اجر ضئيل لا يزيد عن خمسين او سبعين قرشا ولكنه لايصل ابدا الي الجنيه . والخادم الصغير السن للمرسال يتقاضي حوالي الثلاثين قرشا ومن هو فوق الخامسة عشر قد يتقاضي خمسين او ستين قرشا. والخادم الكامل يتقاضي جنيه . اما الخادم الذي يطبخ ويغسل ويكوي يتقاضي مائة خمسين و قرشا مع ملاحظة صندوق السجائر الكبير يساوي عشرين قرشا في ملكال وثمانية عشر قرشا في امدرمان. وان زجاجة الليموناتة في منتزه اركويت تساوي ثلاثة قروش وان كوب الشاي يساوي قرشا واحدا . وان (الجراية ) او الخبز يساوي قرشين وهذا مضمن بكمية معتبرة من السوس . وان الطلبة يأخذ خمسة قروش في اليوم اي خمسة سيجارات والطلبة في الخرطوم يتقاضي عشرين قرشا او طرادة في اليوم. واجر العامل في الاشغال او في المرافق الحكومية مثل النقل النهري او الغابات لا يزيد عن اثنين جنيه وثمانين قرشا. والحد الادني للاجور في الشمال الدرجة الاولي تسعة جنيه وخمسة وسبعين قرش زايد العلاوة. وتصل الماهية الي 12 جنيه . وهذا الوضع اعطي من لم يكن يستطع ان ياكل ليشبع في الشمال . ان يعمل عند قريب او احد معارفه بمرتب قد يصل الى عشرة جنيهات و ان يستمتع بالخدم والحشم ويتعامل مع الاخرين بعنجهية. وهذا يعيدنا الي مربع جلابة وطلبة .
نعم لقد كان هنالك قانون المناطق المقفولة فرض لفترة خمسة عشر سنة من سنة ثلاثين الي نهاية الحرب العالمية الثانية. والقصد منه كان ايقاف تغول الشماليين علي حقوق الجنوبيين. الا انه عمليا لم يكن مطبقا في الواقع. فلقد كان الجلابة منتشرين في كل الجنوب وشاهدتهم في طفولتي عندما كان ابي مفتشا في بحر الغزال وفي الاستوائية وفي اعالي النيل ، تجدهم في كل مدينة . يترفعون عن المواطنين ويستغلونهم ويسرقونهم الا من رحم ربي . فالجلابي في الجنوب والمناطق النائية كان يعني حالة اجتماعية وهو في اغلب الاوقات ياتي الي البلاد خالي الوفاض ويعود وهو من الاثرياء . وكثيرون قد استغلوا عدم مقدرة الاخرين في ممارسة التجارة وعدم معرفتهم بمصادر البضائع والاتصال الخارجي . نفس الشيء قد حدث في شمال السودان . فلم يكن للشماليين دراية او اتصال بالعالم الخارجي لهذا سيطر الارمن و الاغاريق والشوام علي التجارة العالمية في السودان . بلغ عدد الاجانب في الخرطوم 52 % من السكان . اشارات المرور كانت مكتوبة بالانجليزية العربية واليونانية !! عثمان صالح رحمة الله عليه بالرغم من انه كان اميا اول من كسر هذا الاحتكار . فلقد كان التجار يبيعون للارمن والاغاريق والشوام بالقنطار والشركات الاوربية تتعامل فقط بالطن .
وبعملية حسابية بسيطة كسرعثمان صالح الحاجز النفسي وبدا يقدم عروض للمشتري الاوربي بالطن . وبدأ الجلابة السودانون في منافسة الشوام والارمن واليونانيين مثل مرهج وقطان وسفريان وازمريان وكركجيان وبرسميان وبيطارالخ، وان ظل الاستيراد الكبير في يد كونتميخالوس ومركنتايل وميتشل كوتس . .
كثير من الخريجين قد اتجهوا للتجارة وان كان المرتب والبيت الحكومي والمخصصات والسلطة تجعل الاغلبية يركنون الي الوظيفة الحكومية .
العميد يوسف بدري كان يقول لصديقه العم بدوي مصطفي الذي اتجه الي تجارة الجلود بالرغم من تعليمه (الجلابي). العم بدوي مصطفي هو وزير التعليم في حكومة الازهري الاخيرة واسس الجامعة الاسلامية . خالنا محمد احمد صلاح بالرغم من انه متعلم من كلية غردون ونشأته الامدرمانية صار تاجرا في لقاوة . وصار ابنه صلاح محمد احمد صلاح رجل اعمال عالمي . الا ان الاثنين لم يكونا جلابة ولم يستطيعا ان يحتفظاء بالفلوس اللتي كسبوها في حياتهم . فلقد يحاول البعض ان يصير جلابيا ولكن مسك الفلوس صعب ويحتاج لفن وبعض اللؤم . .
اخي عبد المنعم مالك بشير صار اصدقاءه ينادونه بود راوة . فبالرغم من دراسة الصيدلة صار له بوتيك وحلواني ومصنع للسجوك ومزرعة وطلمبة بنزين ووكالة سفر مع اشقائه كمال رحمة الله عليه وبشير وكان عبدالمنعم عندما يظهر بقامته الطويلة والجلابية النظيفة والعمة يبدو كجلابي . واولاد ،، راوة ،، اظهروا نشاطا وحنكة في الاعمال التجارية خاصة في الستينيات والسبعينيات. وقبلهم اظهر اهل امدوم مقدرة فائقة في التجارة في الجنوب . ولسؤ الحظ قتل كمية كبيرة منهم في حوادث الجنوب الاولى خاص في توريت . وفي بعض الاحيان قتلت اسرة كاملة مثل اسرة الفزاري . ولقد عايشت الكثير منهم في ملكال ولسوء الحظ كانت معاملتهم للجنوبيين بشعة وانا هنا لا اؤيد قتل الجلابة الشماليين . الا ان كثير من الظلم وقع علي الجنوبيين بواسطة الجلابة . .
ولقد قال لي العم شعيب عديل رئيس الوزراء عبدالله خليل . في سنة 1982 عندما كنت امارضه في يوغسلافيا بعد عملية زرع مخروقة صناعية .( والله ياشوقي العملناهو زمان في التجارة وسط النوبة لمن اتذكروا اخجل. والله أنحنا زمان بنظام،، الشيل ،، كنا نشيل المزارع اكتر من قدرتو وبعدين بعد نهاية الموسم نشيل فولو وسمسمو وعيشو مرات ما افضل ليهو حق اكل اولادو لكن نعمل شنو السوق كان كده. .
العم شعيب رحمة الله عليه كان صديقا وزميلا لخالي محمد احمد صلاح في لقاوة. وخالي محمد عبد الرحمن ابتر كان سر تجار والنائب البرلماني لكادقلي كما كان جدي خليل ابتر سر تجار تلودي . كان جدودنا اسماعيل وادريس ابتر اكبر تجار رقيق في التركية والباشا ادريس ابتر صار حاكم الرجاف وواصل ابناءهم واحفادهم التجارة العادية في الجنوب بعد ان توقفت تجارة الرقيق . وبعض جلابة الشمال مارسوا التجارة العادية بعقلية تجار الرقيق في الجنوب وجبال النوبة . وسمعنا ان الجنوبيين كانوا يصفون الجلابة الشماليين بمندوكورو. و ان هذه والكلمة اطلقت للاوساخ التي تخرج من البواخر بعد تنظيف الحمامات كرد فعل للظلم الذي وقع عليهم من الجلابة والشماليين . .
صديقي وزميلي في سكن الجامعةفي براغ احمد عبد الرحمن برهان من زنزبار وكان معنا اخي راماروبي من ،، لسوتو ،،. كان يحكي عن جده الجلابي الذي اتي من جزر القمر الي زنزبار . صار جلابيا وتاجرا للرقيق . وكان يأخذ السكر والسكسك والخرز والبضائع ويذهب الي تنجانيقا وعندما يعجب الوطنيون بالسكر يقول لهم ان هنالك جبال من السكر في زنزبار . فيرسلون معه شبابهم محملين بالعاج ويحصل علي العاج والحمالين الذين يحملونه الذين يحولهم الي عبيد ويقوم ببيعهم في زنزبار. احمد كان يقول لي نحن الافارقة بعنا بعضنا البعض.
الآن الجلابي هو الشركات العالمية اللتي تشتري الحكومات وتقيم الثورات والانقلابات العسكرية وتستعين بالمخابرات مثل السي اي ايه .
وكما ارتبط الجلابة بعضهم ببعض وخلقوا (كود اوف كوندكت) فيما بينهم. تقيم الشركات العالمية صلات واتصالات وقانون تعامل فيما بينها وتنصب الرؤساء . وكما قال السوداني البسيط قديما الموضوع كله طلبة وجلابة . فاي نشاط بشري له خلفية اقتصادية . فالحروب الصليبية والحرب العالمية الاولي والثانية ما هي الا شكلة بتاعت جلابة راح ضحيتها عشرات الملاييين من البشر والجلابي يهمه في المكان الاول ربحه .
ارتباطي اللصيق بصديقي الاثيوبي ابابا كبرت كنت اسمعه كثيرا عندا احمسه لاكل الخضار خاصة الكروم بعد ان علمني اكل اللحم بدون طهى . هذا اسمه في اثيوبيا قمان . لا فائدة منه نحن في اثيوبيا نقول ان اسوأ سيارة هي الهلمان واسوا اكل هو القمان واسوأ انسان هو البنيان . والبنيان عرفناهم في السودان وكان يطلق علي كل الهنود . وهؤلاء هم جلابة الجلابة اكثر الناس بخلا في الارض واصبر الناس علي التجارة يجلسون في متاجرهم طيلة اليوم يعيشون عيشة الذل والتغتير . منزلنا الحالي في امدرمان كنا نؤجره لبعض الهنود وانتهي الامر بسكن تسعة عوائل من البنيان في ذلك المنزل كل غرفة تشغلها اسرة الاساس هو الحصائر علي الارض وبابور جاز في الركن لطبخ الرز . حتي في الهند يضج منهم الناس وهم حتي بالمقارنة مع الهنود خنوعين يبعدون عن كل شكل من اشكال العنف ..
عندما قابلت الاقتصادي والرجل الجنتل مان عبدالمنعم عثمان بعد عشرات السنين من فترة براغ قلت له مازحا تتزكر موضوع (اودفيلاني كابيتالو اذ يدنوهو بريميتو دودروهيهو برو زيسك) وتعني انتقال رأس المال من الانتاج البضاعي الي انتاج بضاعي اخر جريا وراء الربح . وطبعا هذا الجري وراء الربح يكون شرسا لا تتورع الرأسمالية فيه من ارتكاب اي مخالفات او جرائم. وهذا الموضوع كان في دراسة السنة الاولي ولان عبد المنعم عثمان كان في السنة النهائية وطالبا مبرزا في الاقتصاد فلقد كنت اذهب اليه لشرح الامر . الا انه ضحك في القاهرة وقال لي انه قد نسي اللغة الشيكية الا اننا واصلنا الحديث عن شراسة النظام الرأس مالي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي . .
الدولة الرومانية سيطر عليها كل الوقت الجلابة الرومانوين. ولكي تحافظ روما علي وضعها الاقتصادي قسمت العالم الي رومان وبربر . وقسمت الرومان الي سادة وعبيد . وصار السيد الروماني يمكن ان يتحول الي عبد بواسطة الجلابي الروماني الذي يطلبه مالا . وسيطر الجلابة او رجال الاعمال علي الحكومة الرومانية وصاروا ممثليين في مجلس الشيوخ وتخلصوا من القيصرية وواجهوا تحديات احدها كان قبائل الغال في الشمال . الذين هزموا روما مرتين وفرضوا جزية ضخمة علي روما الا انهم لم يكن يملكون المقومات لادارة دولة . فرجعوا بالغنائم والاسلاب واستعدت روما وتعلمت الدرس وغيروا تسليح جيشهم واستبدلوا الدروع القصيرة بدروع طويلة واسلحة احدثمثل الرمح الثقيل والسيف الطويل. واستطاعوا في النهاية ان يهزموا الغال بالرغم من اعداد الغال الكبيرة وبعد الانتصار لم يقبل يوليوس قيصر بتفكيك جيشه قبل عبور النهر في الحدود الرومانيية كما يطالب به القانون قبل الدخول الي روما مما هدد التجار واصحاب المزارع الكبيرة(لاتوفونديات) وجند التجار رئيس قيصر السابق والجنرال المتقاعد وحاربت روما قيصر . وهزم قيصر تجار روما. وطارد رئيسه وقائده السابق وقتله في مصر. وقبلت روما وخضعت لقيصر لسنين. الا انهم ظفروا بقيصر اخيرا وغدروا به وعلي راسهم صديقه بروتس. فالجلابي لا يغلب ويغير جلده والمال يشتري كل شيء. .
وحدث نفس الشيء مع تايبريوس نصير الفقراء . فلقد عادى صديقه اوكتافيوسالحاكم وطلب برد الاراضي التي انتزعت من الفقراء في روما وترشح تايبيريوس لمجلس الشيوخ وفاز واستعمل حق الفيتو في مجلس الشيوخ لمصلحة الفقراء والمعوذين ولكن عندما استخدم حق الفيتو لقفل الخزانة وتعطلت التجارة . قام الجلابة بتدبير المؤامرات والبوا عليه المساكين واشاعوا انه يريد ان ينصب نفسه ملكا وينقلب علي الجمهورية ثم تربص به الجلابة وقتلوه ضربا بالعصي . .
في الديمقراطية الاخيرة برز الوزير ابوحريرة الذي اراد ان يحجم الجلابة وان يحد من سلطتهم التي اطلقت لها مايو العنان حتي قال اخي زين العابدين محمد احمد عبد القادر (مايو الهنا الغنا غنا والماغنايركب هنا هنا). واذكر ان شقيقي الشنقيطي بدري الذي كان مسؤلا في الامانة العامة للاستثمار يقول لي الجلابة ديل في النهاية حايقدروا علي ابو حريرة بالرغم من انو رجل امين .
وعندما حاول بعض الجلابة بالسيطرة علي تجارة اللحوم قام ابو حريرة باعطاء رخص لاستيراد خراف رخيصة من نيوزلندا . كما رفض السماح لاي انسان بالاستيراد ما لم يصدر . واذكر انه كان عندي اتفاقا مع شركة هولندية لشراء ذرة سودانية بسعر مائة دولار للطن وفجأة سحبوا قبلولهم لان الذرة السودانية كانت تصدر عن طريق السعودية بسبعين او خمسة وسبعين دولارا . والعجز كان يغطى عن طريق استيراد السلع التي صارت معدومة مثل قطع الغيار والادوية. والربح كان مئتان في المئة او اكثر مما اضر بسعر الذرة واضر بالاقتصاد السوداني والجلابي لا يهمه سوي الربح . هذا ماكان يحدث في عاصمة البلاد، أما ما كان يحدث في الجنوب والمناطق المهمشة فحدث ولا حرج .
اضطر الصادق المهدي للتخلص من ابو حريرة فلقد اراد رجال الاتحادي فك الائتلاف والصادق لا يستطيع العيش خارج السلطة. وقال بعض التجار لقيادتهم نحنا الحزب ده بنمولوا ليكم من وين ؟ ما من التجارة. .
ووصف ابوحريرة بأنه شيوعي وعندما اراد احد الجلابة ان يتزوج حلف بأن لايربطوا له حريرة (جدلة) كرها في ،،ابوحريرة ،، ولقد قال احد التجار لاحد الموظفين في وزارة التجارة بكل بجاحة . (دي وزارتكم انتو؟؟ دي وزارة التجار ما الموظفين ، انحنا التجار). ومرة اخري انتصر الجلابة .
لهذا هرع الجلابة من كل قطاعات المجتمع السوداني ومن كل الاحزاب وانضموا للمؤتمر الوطني المؤتمر الوطني بالرغم من شعارات الجهاد والنضال والمؤتمر ماهو الا مجموعة جلابة تربطهم مصالح اقتصادية فقط ومغلفة بالدين الذي هو دائما اكثرانواع التجارة روادا . .
شوقي