تهريب العملة وتصدير الخردة يهددان اقتصاد اليمن بمليار ونصف دولار سنويًا
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
نظراً للقيود الصارمة التي فرضتها الحكومة اليمنية على التحويلات البنكية لوقف تدفق العملة الصعبة إلى خارج البلاد، والتي تؤثر سلباً على قيمة العملة الوطنية، ظهرت اساليب جديدة تمكن بعض الصرافين ومهربي العملة من تجاوز هذه الإجراءات وتحقيق هدفهم في إخراج العملة الصعبة من البلاد، لكن بطرق ملتوية تهدد الاقتصاد الوطني وتؤثر بشكل مباشر على اسعار الصرف.
فخلال السنوات الماضية، قام بعض هؤلاء المهربين بضخ الاموال المراد تهريبها في سوق الخردة، مما أدى إلى تشكّل سوق كبير لتهريب العملة الصعبة تحت مسمى “تصدير الخردة”، وبالتحديد الحديد والنحاس والبلاستيك والالمنيوم وحتى البطاريات.
يتواصل هؤلاء مع بعض تجار الخردة المحليين، حيث يتم تقديم مبالغ ضخمة بغرض شراء الخردة المحلية والمضاربة في أسعارها. تقوم هذه المجموعات من التجار برفع الأسعار إلى مستويات قياسية عن طريق شراء كميات كبيرة من الخردة خاصة الحديد والنحاس.
بعد شراء الخردة، يتم تصديرها إلى دول مثل الهند وباكستان، حيث يُباع النحاس والحديد وانواع الخردة الاخرى، وذلك بدلاً من استثمار واعادة تدوير هذه المواد محلياً لتلبية احتياجات المواطنين.
ويتم إرسال الاموال التي تُحقق من عمليات البيع في الهند وباكستان إلى حسابات مصرفية في دول أخرى، حيث لا تعود هذه الأموال إلى اليمن، بل تُحوّل إلى وجهات متعددة، مما يسهم في تجفيف احتياطي البلاد من العملة الصعبة.
هذه العملية ليست مجرد تجارة خردة؛ بل هي منظومة متكاملة تهدف إلى تهريب الأموال للخارج عن طريق تصدير الخردة، ما يجعل اليمن يفقد شهرياً مبالغ ضخمة من العملة الصعبة، في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد إلى كل دولار لدعم العملة الوطنية.
وقد ساهمت هذه الممارسات في زيادة معاناة المواطن وتدهور الاقتصاد اليمني، حيث وصل سعر الدولار مؤخراً إلى أكثر من 2040 ريالاً يمنيًا، مما انعكس سلباً على أسعار السلع الأساسية وزاد من معاناة المواطن العادي.
وفقًا لتقديرات اقتصادية، فإن تصدير هذه المواد يكلّف اليمن ما يقارب مليار ونصف المليار دولار سنويًا من العملة الصعبة التي تخرج ولا تعود، مما يؤدي إلى فقدان البلاد لموارد ثمينة يحتاجها الاقتصاد المحلي.
هذه الأموال التي تُخرج من البلاد بهدف تهريب العملة تؤدي بشكل مباشر إلى انخفاض قيمة الريال اليمني.
هذه الأزمة تسهم في زيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يزيد من معاناة المواطن العادي.كما يخلق المضاربة على اسعار الخردة محليا ضغطًا على المصانع المحلية التي تعتمد على هذه المواد كمدخلات أساسية للإنتاج، ويجعل أسعارها غير متاحة للتصنيع
المحلي.
مشكلة تصدير النحاس:
كما تمثل ظاهرة تصدير خردة النحاس كارثة إضافية، حيث يُعرف أن النحاس يُسرق من البنية التحتية الوطنية مثل كابلات أعمدة الإنارة وخطوط الكهرباء وحتى منازل المغتربين والمباني تحت الإنشاء. يتم سرقة هذه الكابلات، ثم حرقها وكبسها وتحويلها إلى خردة تُصدر للخارج. هذه الممارسات تسبب تدميرًا للبنية التحتية، وقد تم اكتشاف حاويات محملة بكميات كبيرة من الكابلات المسروقة من شبكات الدولة، مما يؤدي إلى انقطاعات كهربائية متكررة ويزيد من تدهور الخدمات العامة.
أضف إلى ذلك أن إعادة استيراد النحاس والكابلات مكلف للغاية، حيث يُفقد اليمن موارد أساسية كانت تستخدم في عمليات البناء والخدمات العامة، بينما يضطر إلى دفع أسعار مرتفعة لاستيراد بدائلها.
منع تصدير الخردة عالميا:
تصدير الخردة يعتبر محظورًا في معظم دول العالم لما يسببه من أضرار بالاقتصاد الوطني، ويشمل هذا الحظر معظم الدول العربية، مثل السعودية، عمان، ومصر، التي تدرك أن تصدير هذه المواد الحيوية يؤدي إلى استنزاف مواردها. حتى الدول التي تشتري الخردة، مثل الهند وباكستان، تُجرم تصدير الخردة وتعتبره جريمة قانونية للحفاظ على ثرواتها الصناعية والاقتصادية.
قرارات الدولة لمنع تصدير الخردة:
في اليمن، أصدرت الدولة سابقًا قرارات سيادية في أوائل الألفينيات لمنع تصدير الخردة من المنافذ اليمنية،
ومع تدهور سعر الصرف إلى مستويات غير مسبوقة، مما تسبب في استنزاف العملة الصعبة، أصدر رئيس الدولة رشاد العليمي قرارات بمنع تصدير الخردة بكافة أنواعها. وتبعه رئيس الوزراء بن مبارك ووزير المالية سالم بن بريك، اللذان أصدرا تعاميم وتوجيهات مشددة للمنافذ في أكتوبر 2024 لمنع تصدير الخردة. وقد أشاد خبراء الاقتصاد بهذه الخطوة لما تحققه من تخفيف للضغط الاقتصادي وتخفيف معاناة المواطنين.
وننبه الدولة وجميع جهات الاختصاص بما فيها القضاء بالتصدي بحزم لايقاف محاولات الالتفاف على قرارات منع التصدير وذلك لحماية الاقتصاد الوطني ووقف نزيف العملة الصعبة.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: العملة الصعبة هذه المواد التی ت
إقرأ أيضاً:
الفنان السوري جمال سليمان يحكي عن نفسه وعن شركاء الأيام الصعبة
وفي سرده لحكايته في حلقة 2025/3/31 من برنامج "قصتي"، أوضح سليمان أنه ولد في فترة تحولات كبيرة داخل وخارج سوريا، وهو يرى أن هذه التحولات أثرت عليه وعلى جيله الذي يصفه بأنه "أبناء عدم الاستقرار"، لأنهم كلما شعروا ببناء شيء تهدم عليهم.
وقد أثرت نكسة يونيو/حزيران 1967 في معنويات سليمان وجيله، وهو يقول إنه لمس الأثر الكبير لهذه الهزيمة على أمه وأبيه الذي كان مناضلا في حزب البعث الاشتراكي لكنه لم ير في حياته إلا الهزيمة وغياب العدل.
ومع شعوره بعدم القدرة على تحقيق أحلامه في الحياة، قرر والد سليمان أن ابنه البكر سيقوم بهذا الأمر نيابة عنه، وهو ما وضعه تحت ضغط كبير بسبب هذه "المبالغة" الأبوية.
مغادرة بيت الأهللذلك، غادر سليمان بيت أهله مبكرا وكان ينام في الحدائق حتى التحق بعمل في واحدة من المطابع التي كان ينام بداخلها أيضا وهو ما ساعده على القراءة في مختلف المجالات.
وإلى جانب هذا الحالة، كان سليمان يحب المسرح والتمثيل، الأمر الذي حال دون تفوقه في التعليم مما جعل والده يشعر بأن مشروعه هو الآخر قد فشل كما فشلت الاشتراكية والوحدة العربية.
لكن هذا المآسي والتجارب المريرة التي عاشها سليمان، كان لها دور بلا شك في صقله والوصول به إلى ما وصل إليه من نجاح في عالم الفن، كما يقول.
إعلانويعتبر سليمان أن نجاحه في مسرحية "أغنية على الممر" للكاتب المصري علي سالم، أواخر ستينيات القرن الماضي، كانت عاملا فاصلا في قراره أن يكون ممثلا بعد أن قرأ اسمه في الصحف ولمس استقبالا جميلا من الجماهير له.
وفي هذا التوقيت، تم افتتاح معهد عال للفنون المسرحية بسوريا ومن ثم أصبح طالبا بهذا المعهد بعد فترة قصيرة جدا من قراره التوجه للتمثيل.
وفي أغسطس/آب 1988، حصل سليمان على درجة الماجستير في الإخراج المسرحي من جامعة ليدز البريطانية، ليعود بعدها إلى دمشق مدرسا بمعهد الفنون المسرحية. وتقول حلا عمران -التي كانت طالبة عنده- إنه كان صارما جدا.
ولم ينكر سليمان هذه المسألة، ويقول إن التدريس للممثلين يجعلك تحتك بهم على كافة المستويات الثقافية والنفسية والأخلاقية والدينية، وهو ما يعني أنه ستتعامل مع كل ما هو نبيل وكل ما هو وضيع فيه.
وفي هذا الوقت، كان سليمان يؤمن معاشه من عمله في الإذاعة والتلفزيون لأنه لم يكن يحصل على مقابل مادي من المعهد، لكنه قرر بعد نحو 14 عاما التفرغ للتمثيل عندما شعر بأن المعهد قد تغير "ولم يعد يشبهه".
التفرغ للتمثيلوبعد مجموعة من الأفلام والمسلسلات البسيطة، شارك سليمان في مسلسل "اختفاء رجل" الذي حقق نجاحا باهرا في سوريا، حسب قوله.
وعمل سليمان في عدد من المسلسلات المهمة للمخرج السوري الراحل حاتم علي، الذي يقول إنه تجاوز من سبقوه إلى الإخراج، فقد لعب أدوارا في ربيع قرطبة، وملوك الطوائف، والتغريبة الفلسطينية وغيرها.
ويشعر سليمان بالنجاح عندما يستوقفه شاب صغير ويتحدث معه عن أي من أدواره في هذه الأعمال التي يفوق عمرها عمر هؤلاء الشباب.
ويعتقد أن من أصعب أنواع النضال هو الاهتمام بقضايا الوطن والمجتمع والفقراء، والدفاع عن كفاح الناس ضد الفقر والإهانة والظلم.
وكان سليمان مرتبطا بمقهى "الروضة" الشعبي في دمشق، والذي يقول إنه كان ملتقى الفنانين والممثلين وإنه شهد ولادة الكثير من الأفكار وتوقيع الكثير من العقود.
إعلانلكنه يقول إنه عندما يسأل أصدقاءه الموجودين في دمشق حاليا عن المقهى يخبرونه بأنه قد تغير وأن الناس لم يعودوا هم الناس الذين كانوا يجلسون عليه.
ورغم نجاحه الكبير في مصر، يؤكد سليمان أنه لم يكن يخطط للانتقال إليها مهنيا غير أنه اضطر لذلك بعد حوار أجراه عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق اللبناني.
ففي هذا الحوار، يقول سليمان إنه تحدث عن ضرورة تخلي حزب البعث السوري عن فرض الوصاية السياسية على لبنان، وبعدها لم يعد هاتفه يتلقى أي اتصال للمشاركة في أي عمل.
الانتقال لمصروفي خضم هذه الأزمة، تلقى سليمان عرضا من المخرج المصري إسماعيل عبد الحافظ يعرض عليه المشاركة في مسلسل "حدائق الشيطان"، الذي مثَّل انطلاقته الفنية في مصر.
وكان سليمان مترددا بالمشاركة في هذا المسلسل، ولم يكن يشعر بأنه سيجد نفسه في هذا النوع من الدراما، ومع ذلك فقد حقق العمل نجاحا مدويا وكان سببا في فتح الباب أمام كثير من الممثلين العرب للمشاركة في أعمال مصرية.
ويرى سليمان أن الثورة السورية ما كانت لتندلع لولا الثورة المصرية، وهذا الحشد الذي تجمع في ميدان التحرير. ويقول إنه تلقى اتصالا يخبره بأن ما جرى من النظام ضد المتظاهرين في درعا غير مقبول.
وقد أصدر سليمان -ضمن مجموعة من الفنانين- بيانا يقدم مقترحا لاحتواء ما يحدث في سوريا لكن هذا البيان قوبل برفض شديد من نظام بشار الأسد.
وتعرض سليمان للترهيب والتهديد، حتى اقتحم الأمن السوري منزله في 2012 ودمره بشكل كامل. لذلك، يقول سليمان إنه لم يجد مكانا أفضل من مصر ليأمن فيه على نفسه وأسرته خصوصا أنه كان مستقرا مهنيا فيها ويحظى بحفاوة وحب شعبي يؤكد أنه سيبقى معه بقية حياته.
ويؤكد سليمان أن على الفنانين والمثقفين ألا يتخلفوا عن ركب شعوبهم، وأن يسجلوا حضورهم في المواقف التاريخية لأنهم أصحاب تأثير، ويقول إنه لم يكن بجوار والديه في أيامهما الأخيرة ولم يتلق عزاء أي منهما، فضلا عن مصادرة كل أملاكه.
إعلانولا يخفي الفنان السوري ولعه بفصل الشتاء ويقول إن لديه شغفا بصوت الرعد. كما أن لديه شغفا بالزراعة ويظهر ذلك جليا في حديقة منزله، وهو يتخيل أنه سيقضي أواخر حياته بين الطيور والأشجار.
وبعد عودته لبلاده إثر سقوط الأسد، يقول سليمان إنه بدأ فصلا جديدا من حياته لم يكن يتوقع أن يصل إليه، لكنه جاء ليبدأ دورة جديدة في تاريخ الفن والثقافة السورية.
31/3/2025