نهى عنها النبي لا تحلقها.. 11 قصة شعر منتشرة بين الشباب
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
نهى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن حلاقة القزع، أي حلق بعض شعر الرأس دون بعضه الآخر، والصواب حلق كل شعر الرأس أو تقصيره كلّه، أو تركه كله دون حلق أو تقصير، لما في القزع من توشيهٍ للهيئة والمظهر، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القَزَع".. متفق عليه.
واتفق الفقهاء على كراهة القزع، وقد اختلفوا في سبب الكراهة، فقيل لأنّه يشوّه الهيئة والمظهر، وقد وردت عدّة أقوالٍ لعددٍ من العلماء في بيان حكم القزع.
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول صاحبه "ما حكم القزع وما هو تعريفه؟
وقال الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن القزع هو حلق بعض الرأس دون البعض الآخر، منوها بأن الجمال هو قيمة والتنساق الخارجي في الشكل دليل على التناسق الداخلي، والله جميل يحب الجمال.
وأضاف أمين الفتوى، أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، ومنع بعض التصرفات منها تشويه الخلقة، ومنها الوشم وكذلك حلق بعض الرأس وترك البعض الآخر.
ونبه على أن القزع حكمه في الإسلام ليس حرامًا ولكنه مكروه، فمن تركه أثيب ومن فعله لا يعاقب ولكنه سيكون شبه مسخة ومسخرة.
وألمح إلى أن الوقت الحالي يذهب الرجل للحلاق، فيطلب منه ما يعرف بتدريج الشعر، أي تخفيف الأجناب تدريجيا إلى أعلى، فيكون الشعر كثيف من أعلى وخفيف من الأسفل.
وأوضح أن هذه الصورة لا تندرج تحت ما يسمى القزع، ولكنه نموذج لحلق الشعر، والدليل أنه يعطي شكلا جماليا ولا يكون منبوذاً، أما القزع فهو الحلق يعني استئصال الشعر من جذوره بالموس، وترك البعض الآخر بدون حلق أصلاً.
حكم تقصير الشعر للمرأة
وقالت دار الإفتاء الأردنية، لا حرج على المرأة أن تخفف شعر رأسها بالقص، خاصة إذا طلب زوجها منها ذلك تزينا له، إذ الأصل في الأشياء الإباحة، ولم يرد ما يدل على التحريم، بل جاء في حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن رحمه الله قال: «كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُؤوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ» رواه مسلم (رقم/320)، والوفرة: قيل: الشعر الذي يزيد على المنكبين قليلا، وقيل: يصل إلى شحمة الأذنين.
ونقلت دار الإفتاء، قول الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: "فيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء" "شرح مسلم" (4/5).
وورد في كتاب "مغني المحتاج" (2/229) للفقيه الشافعي الخطيب الشربيني: «ولا نعرف ما يمنع من تقصير الشعر إلى أي حد ترغب به الزوجة لزوجها، ما لم تقصد بقلبها التشبه بالرجال، والمحذور فقط هو الحلق الكامل لشعر رأس المرأة، فقد نص الفقهاء على الكراهة حينئذ، وقال آخرون بالتحريم، كما قال الخطيب الشربيني رحمه الله: "يكره لها الحلق على الأصح في المجموع، وقيل: يحرم؛ لأنه مُثلَةٌ - أي تشويه - وتشبه بالرجال، مال إليه الأذرعي في المزوجة حيث لا يؤذن لها فيه».
حالات تقصير شعر المرأة
أبانت دار الإفتاء الأردنية، حالات تقصير المرأة من شعر رأسها، حيث يكون لعدة أسباب ولكل حالٍ حكمه:-
1. إذا قصّرته بقصد التزين أمام من يجوز لها شرعاً أن تُبدي زينتها عنده، كزوجها ومحارمها ونساء المسلمين، فلا بأس في ذلك.
2. وإن كان لإبداء الزينة بمشهد من ليس له أن يطلع على زينتها، فهو حرام.
3. وإذا قصّرت شعرها كمظهر من مظاهر الجزع والحزن والحداد على موت أحد من الناس، فهو حرام؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» رواه البخاري.
4. إذا قصّرت من شعرها ليسهل عليها تسريح شعرها، فلا بأس في ذلك.
5. أما حلق شعر المرأة فحرام؛ لأنه مُثلةٌ وقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نَهَى أَنْ تَحْلِقَ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا» رواه النسائي وغيره.
6. وإذا قصّرت شعرها للتشبه بالرجال فهو حرام؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى النساء عن التشبه بالرجال، ونهى الرجال عن التشبه بالنساء، قال عليه الصلاة والسلام: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَلَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
الإفتاء: التهنئة بـ رمضان كريم مشروعة والنبي هنأ أصحابه
من المقرر شرعًا جواز الفرح والسرور بقدوم مواسم الخير والأعياد والمناسبات، خاصة الدينية لِمَا فيها من الطاعات والبركات والتذكير بأيام الله الطيبات، وذلك كالاحتفال بالأعياد والأعوام وقدوم بعض الشهور والأيام التي لها خصوصية دينية؛ لارتباطها بشعائر وأحداث عظيمة في الإسلام.
وتجيب دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، حكم التهنئة بقول رمضان كريم؟".
لتوضح دار الإفتاء، إنه من المقرر شرعًا جواز الفرح والسرور بقدوم مواسم الخير والأعياد والمناسبات، خاصة الدينية لِمَا فيها من الطاعات والبركات والتذكير بأيام الله الطيبات، وذلك كالاحتفال بالأعياد والأعوام وقدوم بعض الشهور والأيام التى لها خصوصية دينية؛ لارتباطها بشعائر وأحداث عظيمة فى الإسلام.
حكم قول رمضان كريمومن بين تلك المناسبات الدينية المهمة والمعظمة في الشريعة الإسلامية والمستوجبة لإعلان الفرحة وعموم البهجة وانشراح الصدر وسكينة النفس حلول شهر رمضان المبارك؛ لِمَا فيه من تَنَزُل الرحمات والنفحات والمغفرة للذنوب والعتق من النيران، وكلُّ هذا من رحمة الله تعالى وفضله الذى يستدعى الفرح والسرور؛ امتثالا لعموم قوله تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58].
وقد بيَّن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه أن هناك بعض الأزمنة كالأيام والليالى والشهور تتنزل فيها الخيرات، وتقبل فيها الدعوات، وترفع فيها الدرجات، ولذا ينبغى للمسلم اغتنامها بفعل الطاعات والدعاء لنفسه ولغيره بالخيرات، والدليل على ذلك: حديث محمد بن مسلمة الأنصارى رضى الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِى أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّهُ أن يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا» رواه الطبرانى فى "المعجم الأوسط" و"المعجم الكبير".
حكم التهنئة بدخول شهر رمضان الكريمما حكم التهنئة بدخول شهر رمضان؟ وهل يجوز تقديم المعايدات بين الأفراد للتهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك من خلال ألفاظٍ محددة؟
يجوز شرعًا التهنئة بحلول شهر رمضان المعظم بكلِّ ما يفيد الدعاء بالخير والبركة وتعاقب الأزمنة من أيام وشهور وأعوام، وتقبل الطاعات من الألفاظ والعبارات، كما تجوز بتبادل الزيارة بين الأهل والأصدقاء والأحبة.
حكم التهنئة بدخول شهر رمضان
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه أنَّ هناك بعض الأزمنة كالأيام والليالي والشهور تتنزل فيها الخيرات، وتقبل فيها الدعوات، وترفع فيها الدرجات، ولذا ينبغي للمسلم اغتنامها بفعل الطاعات والدعاء لنفسه ولغيره بالخيرات، والدليل على ذلك: حديث محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا فَلَا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَدًا» رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" و"المعجم الكبير".
قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (2/ 505، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أي: تجلِّياتٍ مقرباتٍ يصيب بها مَن يشاء مِن عباده، والنَّفحة: الدفعة من العطية، «فتعرضوا لها» بتطهير القلب وتزكيته عن الخبث والكدورة الحاصلة من الأخلاق المذمومة. ذكره الغزالي. «لعل أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدًا»؛ فإنه تعالى كَمَلِكٍ يُدرُّ الأرزاق على عبيده شهرًا شهرًا، ثم له في خلال ذلك عطية من جوده فيفتح باب الخزائن ويعطي منها ما يعم ويستغرق جميع الأرزاق الدارَّة، فمن وافق الفتح استغنى للأبد، وتلك النفحات من باب خزائن المنن، وأَبْهَمَ وقت الفتح هنا ليتعرض في كل وقتٍ، فمن داوم الطلب يوشك أن يصادف وقت الفتح فيظفر بالغنى الأكبر ويسعد السعد الأفخر] اهـ.
ومن المظاهر المتعارف عليها بين المسلمين إعلان الفرحة والسرور بقدوم شهر رمضان المبارك، وتقديم التهاني للغير والدعاء له بالخير والبركة ودوام تعاقب الأيام والأعوام عليه وعلى أهله بالسعادة التامة.
وقد تأكد أصل ذلك بالسُّنَّة العملية حيث كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يزف البشارة لأصحابه رضوان الله عليهم بقدومِ شهر رمضان المعظم؛ فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر يومٍ مِن شعبان فقال: «يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيهِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1365، ط. دار الفكر): [وهو أصل في التهنئة المتعارفة في أول الشهور بالمباركة] اهـ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما حَضَر رمضان، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قد جاءكم رمضان، شهرٌ مباركٌ، افْتَرَضَ الله عليكم صيامه، تُفْتَحُ فيه أبواب الجنة، ويُغْلَقُ فيه أبواب الجحيم، وَتُغَلُّ فيه الشياطين، فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِمَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند".
قال الإمام ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف" (ص: 148، ط. دار ابن حزم): [قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان، كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين؟ من أين يشبه هذا الزمان زمان؟] اهـ.
نصوص الفقهاء الواردة على جواز أصل التهنئة
قد تواردت نصوص الفقهاء على جواز أصل التهنئة وتقديمها بتجدد الأعوام وقدوم الأعياد وتعاقب الأيام والشهور، وذلك من خلال الدعاء.
قال الإمام ملا خسرو في "درر الحكام شرح غرر الأحكام" (1/ 142، ط. إحياء الكتب العربية): [التهنئة بـ"تقبل الله منا ومنكم" لا تُنكر؛ كما في "البحر"، وكذا المصافحة] اهـ.
وقال الإمام أبو الوليد الباجي المالكي في "المنتقى" (1/ 322، ط. السعادة): [وسئل مالك: أيكره للرجل أن يقول لأخيه إذا انصرف من العيد: تقبل الله منا ومنك، وغفر لنا ولك، ويرد عليه أخوه مثل ذلك؟ قال: لا يكره] اهـ.
وجاء في "الفواكه الدواني" للإمام النفراوي المالكي (1/ 275، ط. دار الفكر) أن الإمام مالكًا رضي الله تعالى عنه سُئل عن: [قول الرجل لأخيه يوم العيد: تقبل الله منا ومنك -يريد الصوم وفعل الخير الصادر في رمضان- غفر الله لنا ولك. فقال: ما أعرفه ولا أنكره. قال ابن حبيب: معناه لا يُعَرِّفه سُنَةً، ولا ينكره على مِن يقوله؛ لأنه قول حسن؛ لأنه دعاء، حتى قال الشيخ الشَّبِيبِيُّ: يجب الإتيان به لما يترتب على تركه من الفتن والمقاطعة، ويدل لذلك ما قالوه في القيام لمن يقدم عليه، ومثله قول الناس لبعضهم في اليوم المذكور: عيد مبارك، وأحياكم الله لأمثاله، ولا شك في جواز كل ذلك، بل ولو قيل بوجوبه لما بعد؛ لأن الناس مأمورون بإظهار المودة والمحبة لبعضهم] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 283، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قال القمولي: لم أر لأحد من أصحابنا كلامًا في التهنئة بالعيد والأعوام والأشهر كما يفعله الناس، لكن نقل الحافظ المنذري عن الحافظ المقدسي أنه أجاب عن ذلك: بأن الناس لم يزالوا مختلفين فيه، والذي أراه أنه مباح لا سُنة فيه ولا بدعة. انتهى. وأجاب عنه شيخنا حافظ عصره الشهاب ابن حجر بعد اطلاعه على ذلك: بأنها مشروعة، واحتج له بأن البيهقي عقد لذلك بابًا فقال: (بابُ ما روي في قول الناس بعضهم لبعض في يوم العيد: تقبل الله منا ومنك)، وساق ما ذكره من أخبار وآثار ضعيفة، لكن مجموعها يحتج به في مثل ذلك] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 295-296، ط. مكتبة القاهرة): [قال أحمد رحمه الله: ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبل الله منا ومنك. وقال حرب: سئل أحمد عن قول الناس في العيدين: تقبل الله ومنكم. قال: لا بأس به، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة] اهـ.
قياس التهنئة بدخول شهر رمضان على جواز التهنئة بالأعياد
إجازة التهنئة بالعيد يُحْمَلُ عليها الحكم بجواز التهنئة في غير الأعياد من المناسبات الدينية المختلفة؛ كدخول شهر رمضان وغيره من المناسبات ومواسم الطاعات.
وعلى ذلك تواردت نصوص الفقهاء:
وقد نقل العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته على الدر المختار" (2/ 169، ط. دار الفكر) قول المحقق ابن أمير حاج في حكم التهنئة: [الأشبه أنها جائزة مستحبة في الجملة، ثم ساق آثارًا بأسانيد صحيحة عن الصحابة في فعل ذلك، ثم قال: والمتعامل في البلاد الشامية والمصرية: عيد مبارك عليك... ونحوه، وقال: يمكن أن يلحق بذلك في المشروعية والاستحباب لما بينهما من التلازم؛ فإن من قبلت طاعته في زمان كان ذلك الزمان عليه مباركًا، على أنه قد ورد الدعاء بالبركة في أمور شتى، فيؤخذ منه استحباب الدعاء بها هنا أيضًا] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "الإقناع" (1/ 118، ط. دار الفكر): [ويحتج لعموم التهنئة بما يحدث من نعمة أو يندفع من نقمة بمشروعية سجود الشكر والتعزية، وبما في "الصحيحين" عن كعب بن مالك في قصة توبته لما تخلف عن غزوة تبوك أنه لما بشر بقبول توبته ومضى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقام إليه طلحة بن عبيد الله فهنأه] اهـ.
قال العلامة الحجاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 203، ط. دار المعرفة): [ولا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضًا بما هو مستفيض بينهم من الأدعية] اهـ.
كيفية التهنئة بدخول شهر رمضان
التهنئة بحلول شهر رمضان تجوز بوجوه كثيرة ومتنوعة، منها ما هو لفظيٌّ يفيد معنى حلول البركة، وما يكون بلفظ الدعاء بتقبل الطاعات، ومنها ما يكون عن طريق المصافحة، ومنها ما يكون من خلال الزيارة والانتقال لأجل تقديم التهنئة، ومنها ما يكون بإرسال برقيات التهنئة عبر الرسائل الإلكترونية كالرسائل المكتوبة ومقاطع الفيديو ونحوها، أو تقديم ذلك عبر الاتصال الهاتفي وغيرها من الوسائل الحديثة، والشأن في ذلك أنه من الوسائل والأسباب التي تؤدي إلى تقوية الروابط الاجتماعية والدينية والعلاقات الإنسانية، وقد تقرر في قواعد الفقه أن "للوسائل حكم المقاصد"، فما يتوصل به إلى الواجب فهو واجب، وما يتوصل به إلى مُحَرَّمٍ فهو مُحَرَّمٌ، وما يتوصل به إلى المندوب فهو مندوب.
قال الإمام شهاب الدين القرافي في "الفروق" (2/ 33، ط. عالم الكتب): [كما أَنَّ وسيلة المحرم محرمة، فوسيلة الواجب واجبة؛ كالسعي للجمعة والحج. وموارد الأحكام على قسمين: مقاصد: وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها. ووسائل: وهي الطرق المفضية إليها، وحكمها حُكْم ما أفضت إليه من تحريم وتحليل، غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها، والوسيلة إلى أفضلِ المقاصد أفضلُ الوسائل، وإلى أقبحِ المقاصد أقبحُ الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسطة] اهـ.
وقال أيضًا في المرجع السابق (3/ 3): [الوسائل تُعْطى حكم المقاصد] اهـ.
والتهنئة يتحقق بها إدخال السرور على قلب الإنسان والدعاء له، وهذه مقاصد مشروعة، فمتى كان الفعل وسيلة لأمر مشروع أخذ حكم المشروعية، وهذا هو المقصد هنا، فيكون الفعل مشروعًا أيضًا.
قال الإمام العز ابن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 46، ط. دار المعارف): [وللوسائل أحكام المقاصد، فالوسيلة إلى أفضل المقاصد هي أفضل الوسائل، والوسيلة إلى أرذل المقاصد هي أرذل الوسائل، ثم تترتب الوسائل بترتب المصالح والمفاسد] اهـ.
ويتحقق هذا المقصد بكلِّ ما يصدق عليه المعنى المراد ويحصل به؛ ومن جملة ذلك من الألفاظ: مبارك الشهر، أو مبارك عليكم وعلينا الشهر، أو أحياكم الله لمثله من العام القادم، وغير ذلك من الأقوال التي درج على استعمالها أهل بعض البلاد، وما أقروه من المعاني الدالة على الخير والبركة.
وقد استخدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم تلك الألفاظ والمعاني في وصف شهر رمضان، وبيان فضله، وأنه مباركٌ؛ كما سبق ذكره في الأحاديث.
قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1365): [أي جاءكم «رمضان» أي زمانه أو أيامه «شهرٌ مبارك» بدل أو بيان، والتقدير هو شهر مبارك، وظاهره الإخبار أي كثر خيره الحسي والمعنوي، كما هو مشاهد فيه، ويحتمل أن يكون دعاء، أي: جعله الله مباركًا علينا وعليكم] اهـ.