أيمن نصري يكتب: الرياضة وحقوق الإنسان فريق واحد
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
من المتعارف عليه أنّ الرياضة تعد ترسيخًا حقيقيًا على الأرض لفكرة حقوق الإنسان، وهو ما ظهر بشكل واضح في الوثائق التأسيسية لكل من الأمم المتحدة واللجنة الأولمبية الدولية، التي تنص على نفس التطلعات والأهداف، كما أنّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق اللجنة الأولمبية يحظران التمييز على أساس اللون والعرق والنوع واللغة والدين والانتماء السياسي، وهو الأمر الذي تعكسه الرياضة من خلال تعزيز مبادئ الإنصاف والاحترام، عبر ممارسة الرياضة سواء بشكل احترافي أو كهواية متاحة للجميع دون قيد أو شرط.
لعل من أهم فوائد الرياضة هي قدرتها على تعزيز قيم المبادئ والالتزام والانتماء، وهو دور مهم تلعبه في حياتنا، ويعد أمرًا يعزز من ثقافة حقوق الإنسان في حياتنا، ولا شك أنّ الرياضة تمثل أداة للتغيير الاجتماعي وتعزز الاحترام والمنافسة الشريفة، وهي من قيم حقوق الإنسان الأساسية، فمن خلال الرياضة يسعى البشر وراء تحقيق أهداف جماعية وتحقيق الإنصاف والوحدة والإندماج بين ثقافات الشعوب المختلفة، فاحترام القواعد واحترام الآخرين نجده في عالم الرياضة، وهي اللغة التي يستطيع أن يتعلمها ويتكلمها البشر جميعا باختلاف ثقافتهم وانتماءاتهم الثقافية والاجتماعية والدينية.
لا بد من التأكيد أن الرياضة حليف قيم لدعم حقوق الإنسان في توحدنا، وتساعد العالم على التقارب، مؤكدة على أنّ أسمى أهدافها احترام الإنسانية والكرامة، وهو أحد أهم مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948.
الفكرة الأساسية في الرياضة، أنّ الحكم عليك يكون من خلال تميزك في نشاط رياضي بذلت فيه مجهودًا كبيرًا، فلا يتم الحكم عليك وفق أي معايير أخرى سواء كانت الجنسية والعرق والدين واللون.
ومن المعروف أنّ الرياضة مرتبطة بشكل كبير بالصحة والنفسية، فهي تساهم في تحسين المزاج العام، وتعمل على زيادة التركيز والتقليل من الإجهاد والاكتئاب، وتعزز الثقة بالنفس وتحسن من الذاكرة، كما أنها تقلل من مستوي هرمون التوتر في الجسم، وفي الوقت نفسه تحسن من إنتاج الأندروفين والدوبامين، وتساعد على الوقاية من القلق والاكتئاب وتحسن من الحالة المزاجية، وتعطي شعورًا بالمتعة، وهو الأمر الذي يعزز من حقوق الإنسان لأن الصحة النفسية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتحسين حالة حقوق الإنسان، فهو حق أساسي للجميع التمتع بأعلى مستوى من الصحة النفسية، وهو ما تساهم في تحقيقه الرياضة بشكل غير مباشر.
برغم المجهودات المبذولة من المؤسسات الرياضية الدولية والمنظمات الحقوقية المتخصصة في نشر ثقافة ممارسة الرياضة، إلا أننا ما زلنا نعاني من التعصب الرياضي في مختلف الرياضات، خاصة في رياضة كرة القدم، نتيجة نقص الثقافة الرياضية لدي المشجعين، والأنانية وعدم قبول الآخر، أو تقبل النقد الإيجابي، وكذلك تنشئة الأجيال الجديدة على ثقافة العنف والتعصب، خاصة على أساس اللون أو العرق، هو أمر يعد انتهاكًا واضحًا للقيم والأخلاق الإنسانية والحقوقية، وهو أمر في غاية الخطورة وجب التصدي له بمنتهي الحزم والقوة؛ لمنع انتشار مثل هذه الممارسات الخاطئة والحد منها، خاصة أنّ المسابقات الرياضية تنتشر على نطاق عالمي واسع، وهو أمر إذا لم يتم التصدي له سوف يساهم بشكل كبير في نشر مظاهر التطرف والعنف والتعصب؛ لتتحول الرياضة من أداة لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان من خلال تعزيز قيم التسامح والتعايش والاعتدال والاحترام والانفتاح، إلى أداة لنشر التعصب والكراهية، وهو ما يفقد الرياضة قيمتها الحقيقية ويحولها إلي مجرد منافسات، الهدف منها الفوز للتباهي وتحقيق مكاسب مادية، لذلك وجب تغليظ العقوبات على جميع أفراد المنظومة سواء لاعبين أو جماهير؛ لضمان الحد من هذه الظواهر السلبية التي تعيق بشكل كبير تعزيز ثقافة حقوق الإنسان.
- أيمن نصري، رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حقوق الإنسان الرياضة حقوق الإنسان 2024 حقوق الإنسان من خلال
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة “قلقة” إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان بالفاشر
دبي – الشرق/ أعرب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، الجمعة، عن قلقه إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الفاشر ومحيطها بولاية شمال دارفور غربي السودان، وقال تورك في بيان: "شهدت الأيام الأخيرة تصاعداً في أعداد الضحايا المدنيين، واعتداءات على العاملين في المجال الإنساني، وارتفاعاً مقلقاً في حالات العنف الجنسي، وذلك مع تكثيف قوات الدعم السريع لهجماتها على المدينة والمخيمات المجاورة للنازحين".
وبحسب البيان، لقي ما لا يقل عن 129 مدنياً مصرعهم في مدينة الفاشر، ومنطقة أم كدادة، ومخيم أبوشوك للنازحين خلال الفترة من 20 إلى 24 أبريل الجاري.
وأشارت مفوضية حقوق الإنسان، إلى قتل ما لا يقل عن 481 مدنياً في شمال دارفور منذ 10 أبريل، لكنها قالت إن الحصيلة الفعلية "أعلى بكثير على الأرجح".
ولفتت إلى أن هذا العدد يشمل ما لا يقل عن 210 مدنيين، من بينهم 9 من العاملين في القطاع الطبي، سقطوا في مخيم زمزم للنازحين بين 11 و13 أبريل.
وقال المفوض الأممي، إن الهجمات "ذات الطابع العرقي التي تستهدف مجتمعات بعينها عادت إلى الواجهة في دارفور في تكرار لنمط الانتهاكات الواسعة التي شهدتها مناطق مثل الجنينة وأجزاء أخرى من غرب دارفور في عام 2023 عندما سيطرت قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها على تلك المناطق".
وأعرب تورك عن قلقه إزاء "شهادات عن اختطاف أشخاص من مخيم زمزم للنازحين، وتعرض نساء وفتيات وفتيان للاغتصاب الفردي والجماعي داخل المخيم أو أثناء محاولتهم الفرار من الهجمات"، مشيراً إلى أن "مصير العديد من الأشخاص المحاصرين داخل المخيم لا يزال مجهولاً"
وحذر تورك من أن أنظمة الدعم والمساعدة للضحايا في العديد من المناطق "باتت على وشك الانهيار، والعاملون في القطاع الصحي أصبحوا هم أنفسهم عرضة للتهديد، كما تم استهداف مصادر المياه عمداً"، واصفاً معاناة الشعب السوداني بأنها "تفوق التصور، ويصعب فهمها، ولا يمكن القبول بها بأي حال من الأحوال".
وشدد تورك على ضرورة "السماح للمدنيين بمغادرة الفاشر والمناطق المحيطة بها بشكل آمن، وتوفير الحماية لهم عند وصولهم إلى مناطق أكثر أمناً"، داعياً جميع الأطراف لـ"وقف الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان فوراً، ووضع حد لهذه الحرب العبثية".
وسيطرت قوات الدعم السريع، بعد عامين من صراعها مع الجيش السوداني، على مخيم زمزم الضخم في شمال دارفور قبل أسبوع، في هجوم تقول الأمم المتحدة إنه أسفر عن نزوح 400 ألف.
ونفت قوات الدعم السريع الاتهامات بارتكاب انتهاكات، وقالت إن المخيم استخدم قاعدة للقوات الموالية للجيش. ونددت المنظمات الإنسانية بما حدث ووصفته بأنه "هجوم استهدف مدنيين يواجهون بالفعل مجاعة".