بعض القوى السياسية من جماعة (تقدم) وتحديدا من عناصر فيهم أكثر تحالفا مع مليشيا الدعم السريع تسعى لتشكيل حكومة، هناك مقولة تهكمية في رواية (مزرعة الحيوان) ننسج على منوالها هذه العبارة: (كل جماعة تقدم حلفاء للدعم السريع إلا أن بعضهم أكثر تحالفا من الآخرين)، المقولة الأصلية هي (كل الحيوانات متساوية إلا أن بعض الحيوانات أكثر مساواة من الآخرين)، هي مقولة من القواعد التي وضعتها (الخنازير) بعد ثورتها التي صورها الأديب الإنجليزي الساخر جورج أورويل.

من المهم أن تبدأ هذه الجماعة مراجعات كبيرة وجذرية، فمن يرغب منهم في تشكيل حكومة موازية لحكومة السودان الواقعية والمعترف بها ليس بريئا من حالة عامة من غياب الرشد الوطني والتمادي بالصراع لأقصى مدى هذا نوع من إدمان حالة المعارضة والاحتجاج دون وعي وفكر. وهؤلاء لا يمكن لجماعة تقدم نكران أنهم جزء منها بأي حال.

الخطأ مركب يبدأ من مرحلة ما قبل الحرب، لأن السبب الرئيس للحرب هو تلك الممارسة السياسية السابقة للحرب. ممارسة دفعت التناقضات نحو مداها الأقصى، وهددت أمن البلاد وضربت مؤسساتها الأمنية، لقد كان مخططا كبيرا لم ينتبه له أولئك الناشطون الغارقون في حالة عصابية مرضية حول الكيزان والإسلاميين، حالة موروثة من زمن شارع المين بجامعة الخرطوم وقد ظنوا أن السودان هو شارع المين.

ثمة تحالف وتطابق في الخطاب وتفاهم عميق منذ بداية الحرب بين الدعم السريع وجماعة تقدم، واليوم ومع بروز تناقضات داخل هذا التحالف بين من يدعو لتشكيل حكومة وبين من يرفض ذلك، فإننا أمام حالة خطيرة ونتيجة منطقية للسردية الخاطئة منذ بداية الحرب.
الحرب اليوم بتعريفها الشامل هي حرب الدولة ضد اللادولة، آيدلوجيا الدولة دفاعية استيعابية للجميع وتري فيها تنوع السودان كله، ولم تنقطع فيها حتى سبل الوصل مع من يظن بهم أنهم من حواضن للمليشيا، هذه حقيقة ملموسة. أما آيدلوجيا المليشيا هجومية عنيفة عنصرية غارقة في خطاب الكراهية، وتجد تبريراتها في خطاب قديم مستهلك يسمى خطاب (المظلومية والهامش).

من يدعم بقاء السودان موحدا هو من يدعم بقاء الدولة، وكيفما كانت تسميته للأمور: وقف الحرب، بناء السلام، النصر…الخ، أو غير ذلك المهم أنه يتخذ موقفا يدعم مؤسسة الدولة القائمة منحازا لها، من يتباعد عن هذا الموقف ويردد دعاية الدعم السريع وأسياده في الإقليم فإنه يدعم تفكيك السودان وحصاره.

نفهم جيدا كيف يمكن أن يستخدم مشروع المليشيا غير الوطني تناقضات الواقع، والأبعاد الاجتماعية والعرقية والإثنية، لكنه يسيء فهمها ويضعها في سياق مضلل هادفا لتفكيك الدولة وهناك إرث وأدبيات كثيره تساعده في ذلك، لكننا أيضا نفهم أن التناقض الرئيس ليس تناقضا حول العرق والإثنية بل حول ماهو وطني وما ليس وطني، بكل المعاني التي تثيرها هذه العبارات.

عليه ومهما عقدوا الأمور بحكومة وهمية للمليشيا مدعومة من الخارج، ومهما فعلوا سيظل السودان يقاتل من أجل سيادته وحريته ووطنيته والواقع يقول أن دارفور نفسها ليست ملكا للمليشيا، وأن الضعين نفسها هي جزء من السودان الذي يجب أن يتحرر ويستقل ويمتلك سيادته عزيزا حرا بلا وصاية.
والله أكبر والعزة للسودان.

هشام عثمان الشواني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

السودان يستدعي سفيره من كينيا احتجاجاً على استضافة اجتماعات لقوات الدعم السريع

يأتي هذا التصعيد في ظل التوترات بين السودان وكينيا، حيث سبق أن اتهمت الحكومة السودانية نيروبي بالتحيز إلى قوات الدعم السريع خلال مساعي الوساطة الإقليمية.

الخرطوم: التغيير

أعلنت وزارة الخارجية السودانية، اليوم الخميس، استدعاء سفيرها لدى كينيا، كمال جبارة، للتشاور، وذلك احتجاجًا على استضافة نيروبي اجتماعات لقوات الدعم السريع وحلفائها.

ووصفت الوزارة هذه الخطوة بأنها “عدائية” تجاه السودان، مشيرة إلى أنها تعكس انحيازًا غير مبرر لطرف في الصراع الدائر منذ أبريل 2023.

يأتي هذا التصعيد في ظل التوترات بين السودان وكينيا، حيث سبق أن اتهمت الحكومة السودانية نيروبي بالتحيز إلى قوات الدعم السريع خلال مساعي الوساطة الإقليمية.

وكانت كينيا قد لعبت دورًا في مبادرات إقليمية لحل الأزمة السودانية، من بينها جهود الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، غير أن موقفها أثار تحفظات من جانب القيادة السودانية في الخرطوم.

كما أن النزاع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023 أدى إلى أزمة إنسانية حادة، وسط تعثر محاولات الوصول إلى تسوية سياسية تنهي الحرب.

الوسومالدعم السريع حرب السودان كينيا

مقالات مشابهة

  • «الدعم السريع» توقع ميثاقاً لتشكيل حكومة «موازية» في السودان
  • السودان يشهد تصعيداً جديداً: 24 كياناً أبرزها “الدعم السريع” يوقعون وثيقة تؤدي إلى حكومة موازية
  • الإعلان عن تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع بالسودان
  • قوات الدعم السريع السودانية تتفق مع حلفائها على تشكيل حكومة عبر ميثاق جديد
  • الدعم السريع تستعد لإعلان ميثاق لتشكيل حكومة موازية بالسودان
  • السودان لن يعود كما كان لأن الحرب نفسها بثت وعيا جديدا يفرض الحلول الجذرية
  • الدعم السريع ترقص في احتفال على الجماجم والأشلاء
  • حكومة السودان تدخل تعديلات دستورية والدعم السريع يبحث تشكيل حكومة موازية
  • السودان يستدعي سفيره من كينيا احتجاجاً على استضافة اجتماعات لقوات الدعم السريع
  • محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع