موقع 24:
2025-02-23@20:06:18 GMT

رقص «السماح» أم رقص «الثوَّار»؟

تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT

رقص «السماح» أم رقص «الثوَّار»؟

لا أحد يمكنه تجاهل التحولات الزلزالية الجارية في إقليم الشام، أو التقليل من آثارها وارتداداتها، أو حتى استبعاد مفاعيل نظرية «الدومينو» في الإقليم.

وفي الوقت نفسه، يتوجب التأكيد، على أنه لا أحد أيضاً، يستطيع أن يحبس الحاضر، أو يُجمِّد التاريخ أمام لحظة معينة من الزمان، مهما كانت قوة تلك اللحظة وجبروتها.


في أحداث إقليم الشام، خُلِطت الأوراق بشكل معقد، وغابت حقائق كثيرة، وحضرت أسئلة شائكة، وأخرى بلا أجوبة مقنعة. ظلمات بعضها فوق بعض، تذكرنا ببعض دروس التاريخ وعبره، وبأحداث سبقت ما سُمي بالربيع العربي، وبخاصة درس إبادة مليون عراقي بأكذوبة، وكيف تناسلت «القاعدة» الجهادية، «دواعش» برايات ومسميات عديدة، وميليشيات للقتل، وتفتيت المجتمعات، وهدم أعمدة أوطان، وخراب بلدان، وفتنة طائفية، وتنفيذ أجندات «الفوضى الخنَّاقة»، وهدر طاقات وموارد، وقهر للعباد.
وكانت المحصلة: اهتزاز يقين الشعوب العربية في نفسها، وإرهاق الوجود العربي كله، واستفحال عوامل الإحباط والعجز، وضياع الرؤية المشتركة للمخاطر والتهديدات، وضعف الضوابط والروادع التي كانت تكفل القوة الذاتية العربية.
أمام سوريا اليوم، مسار طويل وشاق، فالحدث زلزالي بكل المقاييس، ويفتح الباب أمام الكثير من القوى والدول في الإقليم وخارجه، للانخراط بشكل أو بآخر، في المشهد السوري الجديد، المليء بالفراغات والفرص والتحديات، وسيحضرون لمصالحهم.
الفرح بسقوط النظام، والذي غمر البعض، وبخاصة خصوم الأسد، وما رافقه من تبجيل وتجميل لوجه وخطاب سادة اللحظة في دمشق، طغى على أسئلةِ مستقبل سوريا، بما فيها من أسئلةٍ تتعلق بنزع سلاحها، إثر تدمير آلة القتل الإسرائيلية لأكثر من ثمانين بالمئة من قدرات سوريا الدفاعية والعسكرية والعلمية، وتوسيع احتلالها لأراضٍ جديدة.
ليس سهلاً على أغلبية الدول العربية، الاقتناع بأن هذه التحولات لا تحمل مخاطر على مصير سوريا المستقبل، أو أنها لا تهيئ لعمليات قيصرية مؤلمة لتغيير خرائط جيوسياسية، أو أن الخطاب والسياسات، لقوى إسلاموية منظمة ومسلحة، قد تخلصت من مثالبها، وطموحاتها السلطوية، ودخلت حقبة غير «أفغانية» ومحسَّنة، وتبنَّى –قناعة– بشأن بناء الدولة على أسس المواطنة المتكافئة والمتساوية، واستبدلت عقل الثورة، بعقل الدولة الوطنية المدنية العادلة والجامعة.
كما إنه ليس سهلاً أيضاً على الجوار العربي الجغرافي لسوريا، في الأردن ولبنان والعراق وأهل فلسطين المحتلة، تجاهل مخاطر عودة التناحر والاقتتال الطائفي والعرقي في سوريا. إن بوابات القلق مفتوحة، ومثلما شكل بقاء الطغاة مأساة للبلاد والعباد، فإن زوال الطغاة يجلب فوضى ومآسيَ، ويُغري طوائف وأعراقاً بأحلام الفدرلة والمحاصصة، وقصة «دستور بريمر» الطوائفي والمحاصصاتي سيئ الذكر، ليس ببعيد، وتجربة ليبيا وتحولها إلى دولة هشة مقسمة ومتحاربة، لا تخفى على أحد.
في المشهد الراهن، تبدو تركيا، كرأس حربة للتغيير الذي حدث في سوريا، وصاحبة الكلمة العليا في الملف السوري، وأولوياتها في إقامة منطقة عازلة في سوريا، وتصفية طموحات الأكراد السوريين، بإقامة دولة لهم، في حين تترسخ أولوية أمريكا وأغلبية الغرب الأوروبي، في الدفع باتجاه أن لا يشكل النظام السوري الجديد، تهديداً لإسرائيل، فضلاً عن استمرار اشتعال «الفوضى الخلاقة»، بحجة دمقرطة الشرق الأوسط، وإعادة رسم خرائطه، ورفع شعارات لزجة ذات صلة بحماية الأقليات وحقوقها، وتمكين المرأة.
وفي المشهد أيضاً، تقف إسرائيل أمام فرصة غير مسبوقة لتغيير الميزان العسكري الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وتسعى لخلق مجال نفوذ جوهري على مناطق سورية (دروز – أكراد)، والمرابطة على مسار حدود مع سوريا مختلف عن ذلك المحدد في اتفاقية فض الاشتباك 1974.
وفي المشهد أيضاً، روسيا وإيران، وهما تغادران سوريا، بعد أن تأكدتا أن أكلاف الدفاع عن نظام الأسد، لم تعد مجدية سياسياً وعسكرياً ومالياً، وبخاصة مع حصيلة وتداعيات حربَيْ غزة ولبنان، وخيبة أمل كثيرين من لعبة «الصبر الاستراتيجي» الإيرانية، فضلاً عن استفحال خطة الغرب، بإطالة مدى استنزاف روسيا في الحرب الأوكرانية.
سوريا اليوم.. أمام لحظات مصيرية، ويرقب العالم الشعب السوري، وهو في غالبيته، شعب عاش طويلاً في حضن حضارة وثقافة متسامحة، تحترم التنوع والتعدد، نموذجه فارس الخوري، المسيحي البروتستانتي وأحد الآباء المؤسسين للدولة السورية، وفهمه لجوهر الإسلام قمة في الاعتدال، واحتضن على ترابه، لرمزية «قوة العقل» التي يجسدها مرقد العالم والفيلسوف (أبي نصر الفارابي) كما احتضن أيضاً رمزية «قوة الروح»، التي يجسدها مرقد ابن إشبيلية الأندلسية (محيي الدين بن عربي). وكلا المرقدين على مقربة من أبواب دمشق التاريخية.
هل ستنسى حلب ومنبج ودمشق وإدلب، وهي تنسج دستورها ونظامها الجديد، تراثها الثقافي الإنساني؟ هل ستنسى «رقص السماح»، من ألف عام وأكثر من التاريخ، رقصة الروح والجسد الجماعية، وما فيها من هوية وآدب وحشمة ورزانة وجمال وذوق رفيع...؟
 الشعب العربي السوري.. بحاجة إلى إنهاء أزمنة الشقاء.. وتغليب لغة الحوار على لغة الانتقام.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات سقوط الأسد فی المشهد

إقرأ أيضاً:

واشنطن تضغط على بغداد.. إما السماح باستئناف تصدير نفط كردستان أو العقوبات

تضغط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بغداد للسماح باستئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق أو مواجهة عقوبات إلى جانب إيران.

واستئناف صادرات إقليم كردستان العراق شبه المستقل قد يساعد في تعويض الانخفاض المحتمل في صادرات النفط الإيرانية التي تعهدت واشنطن بخفضها إلى الصفر في إطار سياسة "أقصى الضغوط" التي تنتهجها مع طهران.

وقالت ثمانية مصادر مطلعة لرويترز إن الضغوط المتزايدة من الإدارة الأمريكية الجديدة كانت السبب الرئيسي وراء إعلان العراق يوم الاثنين استئناف تصدير النفط من الإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي.

وأفادت أربعة مصادر من الثمانية أن العراق تسرع في الإعلان عن استئناف التصدير دون تفاصيل حول كيفية معالجة الأمور الفنية العالقة.

كانت الحكومة الأمريكية قد قالت إنها تريد عزل إيران عن الاقتصاد العالمي والقضاء على إيراداتها من صادرات النفط لإبطاء خطتها لتطوير سلاح نووي.

وأعلن وزير النفط العراقي بشكل مفاجئ الاثنين استئناف الصادرات من كردستان الأسبوع المقبل في خطوة من شأنها أن تنهي نزاعا دام قرابة عامين أدى إلى انقطاع إمدادات بأكثر من 300 ألف برميل يوميا تدخل الأسواق العالمية عبر تركيا.


وتنظر طهران إلى جارها وحليفها العراق كعنصر رئيسي في الحفاظ على اقتصادها في ظل العقوبات. لكن المصادر قالت إن بغداد، شريكة الولايات المتحدة أيضا، تخشى من الوقوع في مرمى نيران سياسات ترامب الهادفة للضغط على إيران.

ويرغب ترامب في أن يقطع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع إيران. وذكرت رويترز الأسبوع الماضي أن البنك المركزي العراقي منع خمسة بنوك خاصة إضافية من الحصول على الدولار بعد طلب من وزارة الخزانة الأمريكية.

ولدى إيران نفوذ عسكري وسياسي واقتصادي كبير في العراق تمارسه عبر جماعات مسلحة شيعية وأحزاب سياسية مدعومة منها. لكن الضغوط الأمريكية المتزايدة تأتي في وقت تراجعت فيه قوة إيران بسبب هجمات "إسرائيل" على الجماعات المسلحة المدعومة منها أو المتحالفة معها في المنطقة.

وازداد تهريب النفط من إقليم كردستان العراق إلى إيران في شاحنات بعد إغلاق خط الأنابيب الذي كان ينقل الخام إلى ميناء جيهان التركي في 2023. وقال ستة من المصادر إن الولايات المتحدة تحث بغداد على الحد من ذلك التهريب.

وأفادت رويترز في تموز/ يوليو بأن شاحنات تتولى تهريب ما يقدر بنحو 200 ألف برميل يوميا من الخام منخفض السعر من كردستان العراق إلى إيران، وبدرجة أقل إلى تركيا. وقالت المصادر إن الصادرات ظلت عند ذلك المستوى تقريبا.

وقال مسؤول عراقي في قطاع النفط ومطلع على شحنات الخام التي تعبر إلى إيران "تضغط واشنطن على بغداد لضمان تصدير الخام الكردي إلى الأسواق العالمية عبر تركيا بدلا من بيعه بثمن منخفض إلى إيران".

وبخلاف زيادة التهريب عبر إيران بعد إغلاق خط الأنابيب، أشارت رويترز في العام الماضي إلى ازدهار شبكة أكبر يقدر بعض الخبراء أنها تجمع مليار دولار سنويا على الأقل لإيران والجماعات المتحالفة معها في العراق منذ تولى السوداني منصبه في 2022.

وأكد مسؤولان في الإدارة الأمريكية أن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة العراقية استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان. وقال أحدهما إن الخطوة ستساعد في تخفيف الضغوط التي تؤدي إلى زيادة أسعار النفط.


وردا على سؤال عن ضغوط الإدارة على العراق قال مسؤول في البيت الأبيض "ليس من المهم للأمن الإقليمي فقط أن يُسمح لشركائنا الأكراد بتصدير نفطهم، بل وأيضا للمساعدة في الحفاظ على انخفاض سعر الوقود".

وكان هناك تعاون عسكري وطيد بين السلطات في إقليم كردستان والولايات المتحدة خلال الحرب على تنظيم الدولة.

واستأنف ترامب حملة "أقصى الضغوط" على إيران بعد أيام من عودته للبيت الأبيض في يناير كانون الثاني. وإضافة إلى الجهود الرامية إلى خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، أمر ترامب وزير الخزانة الأمريكي بضمان عدم قدرة إيران على استخدام النظام المالي العراقي.

ووعد ترامب مع عودته إلى البيت الأبيض بخفض تكاليف الطاقة للأمريكيين. ومن الممكن أن يؤدي الانخفاض الحاد في صادرات النفط من إيران إلى ارتفاع أسعار الخام، مما سيؤدي إلى زيادة أسعار البنزين في جميع أنحاء العالم.

واستئناف الصادرات من كردستان سيساعد في تعويض بعض الخسارة التي قد تلحق بالإمدادات العالمية بسبب انخفاض الصادرات الإيرانية، لكنه لن يعوض سوى حصة ضئيلة من أكثر من مليوني برميل يوميا من النفط الخام والوقود الذي تشحنه إيران.

مقالات مشابهة

  • مواجهة حاسمة لمنتخب سوريا للرجال بكرة السلة أمام نظيره البحريني غداً بتصفيات كأس آسيا
  • 7 أسئلة لفهم ما جرى مع عائلة بيباس من الأسر حتى التسليم
  • مسؤول العلاقات العامة في وزارة النفط والثروة المعدنية الأستاذ أحمد السليمان في تصريح لـ سانا: تؤكد وزارة النفط والثروة المعدنية أن استئناف استجرار النفط والغاز الطبيعي من شمال شرق سوريا جاء وفق عقد كان معمولاً به سابقاً، وقد تم دراسته قانونياً وإجراء التع
  • أسئلة خشنة وإجابات مُرّة
  • الكاردينال تشيرني: تحديات كبيرة أمام الكنيسة في لبنان منها النزوح السوري
  • منتخب سوريا الأول لكرة السلة يفوز على الإمارات في النافذة الثالثة من تصفيات كأس آسيا
  • روبيو : لن يكون هناك سلام طالما بقيت حماس في غزة
  • مستشار الأمن القومي الأميركي: لا يمكن السماح بأن تحكم حماس غزة
  • النور يبحث عن النهائي الخليجي أمام العربي القطري
  • واشنطن تضغط على بغداد.. إما السماح باستئناف تصدير نفط كردستان أو العقوبات