تعتبر التوكيلات من أهم وأخطر الأوراق التي تصدر من الشهر العقاري، نظرا لما ترتبه من التزامات على الوكيل والموكل، ومنح بعض الصلاحيات لـ«الأول»، والتي تصل أحيانا إلى التصرف في كل أموال «الآخر»، لكن هل يجوز إلغاء التوكيل الذي ينص فيه على عدم إلغائه إلا بوجود طرفيه؟.

عدم إلغاء التوكيل إلا بحضور طرفيه 

من جهته، قال محمد سلامة عبد الشهيد، المحامي، إن هناك توكيلات يُنص فيها صراحة على عدم إلغائها إلا بوجود طرفيها، وغالبا تكون هذه التوكيلات الخاصة بالتصرف للنفس والغير في عقار.

وأوضح «عبد الشهيد» في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أنه حال توكيل شخص لآخر ببيع عقار، ويبيع الوكيل هذا العقار، وتسليمه ثمنه، فيكون هناك خطوه تالية وهي إلغاء التوكيل، لكن تثور إشكالية وهي رفض الوكيل الحضور للشهر العقاري لإلغاء التوكيل، نظرا لأنه لا يلغى إلا بحضور طرفيه.

دعوي قضائية لإلغاء التوكيل 

وأشار المحامي، إلى أنه يجوز للوكيل أن يقيم دعوى قضائية تتلخص طلباتها في إلغاء التوكيل بحكم محكمة، حتى لا يتمكن الوكيل من بيع العقار مرة أخرى، ويكون المالك شريكا في جنحة بيع ملك الغير دون علمه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الشهر العقاري حكم محكمة أحكام المحاكم إلغاء التوکیل

إقرأ أيضاً:

حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا

إبراهيم برسي
٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤

إن الكتابة عن بولا أو عن كتابات بولا نفسها تحتاج إلى جُرأة وشجاعة، وقد ترددت كثيرًا في دخول مثل هذه المقامرة. و تذكرت مقولة الفيلسوف الماركسي أنطونيو غرامشي عن حتمية انتهاء القديم وصعوبة ولادة الجديد: “تتجلى الأزمة تحديدًا في أن القديم آيل إلى الزوال، بينما لا يستطيع الجديد أن يولد.”
هذه المقولة تتناغم مع تأملات نص بولا، حيث نتعامل مع صراع جاد حول الهوية، التاريخ، والوجود.

“نسب شجرة الغول” هو نص لا يُقرأ، بل يُستشعر. كمن ينظر إلى مرآة غامضة تعكس ظلال الروح السودانية، حيث تتداخل الذكريات بالجروح، وتتمزق الهوية بين زوايا الماضي والحاضر.
عبد الله بولا لا يكتب هنا عن أزمة سياسية أو اجتماعية فحسب، بل يتجاوز ذلك ليغوص في صميم الصراع الإنساني: صراع الإنسان مع ذاته، مع الآخر، ومع المعنى الذي يصنعه أو يُفرض عليه.

الغول، الذي يتكرر ذكره في النص، ليس وحشاً أسطورياً من خيال جمعي، بل هو استعارة حية، مرنة، تأخذ شكلاً جديداً في كل مرة تُستدعى فيها.
الغول هو الهيمنة التي تختبئ وراء الأقنعة، حين تُحوّل التنوع إلى شتات، وحين تجعل من الجسد الواحد عدواً لنفسه. لكنه أيضاً الموروث الذي لم يختره أحد، الإرث الذي يُفرض علينا دون أن نستطيع التمرد عليه تماماً، تماماً كالأحلام التي تستدرج اللاوعي لتُفصح عما لا يُقال.

النص يتحدث عن السودان، لكن السودان هنا ليس مجرد بلد، بل هو صورة مصغرة للإنسانية في صراعها الأبدي مع الاختلاف. التنوع الثقافي الذي كان يمكن أن يكون ثروةً، تحوّل بفعل سياسات الهوية المهيمنة إلى عبء يثقل كاهل البلاد. ليس هذا صراعاً بين الهامش والمركز فقط؛ إنه صراع بين الأصوات التي تريد أن تتنفس، وبين سلطة تصر على أن تُعيد تشكيل كل ما حولها وفق صورتها الخاصة.

لغة عبد الله بولا تلتف حول القارئ كنسيم خفيف يخفي وراءه عاصفة. اللغة هنا ليست حيادية؛ إنها السلاح، الساحة، والجائزة.
اللغة العربية، بتغلغلها في المؤسسات التعليمية والإدارية، أصبحت كما يبدو في النص “اللغة السيدة”، بينما صارت اللغات الأخرى أصواتاً باهتة، مقيدة بالسياقات الخاصة، محرومة من الحضور الرسمي. لكن، كما أن الحلم يُظهر المكبوت، فإن النص يكشف عن مقاومة خفية، عن تلك الهويات التي لم تمت، بل تنتظر لحظة استعادة صوتها.

التاريخ في “نسب شجرة الغول” ليس سلسلة أحداث متتالية؛ إنه كيان حي يتنفس في كل زاوية من النص. يكتب عبد الله بولا عن الماضي لا ليفسره، بل ليحاكمه، ليعيد سؤاله عما فُعل باسمه.
الهوية السودانية، كما تبدو في النص، ليست حقيقة ثابتة، بل مشروعاً قيد التفاوض، مشروعاً حاولت الهيمنة أن تحسمه لصالح سردية واحدة، لكنها لم تفلح سوى في ترك جراح أعمق.

وهناك المثقفون. أولئك الذين كان يُفترض أن يكونوا حراس الوعي، لكنهم، كما يصوّرهم النص، وقعوا في فخ إعادة إنتاج الهيمنة.
في لحظات عديدة، يبدو النص كأنه حوار داخلي، حيث يتساءل الكاتب: كيف يمكن لمن يفكر أن يكون أداة في يد من يقمع التفكير؟
المثقف هنا ليس مجرد فرد، بل رمز لصراع أوسع: بين الفكر المستقل والسلطة التي تحاول أن تروضه.

ثم يأتي التحليل النفسي للهوية. في النص، الهوية ليست شيئاً نملكه، بل شيئاً يُفرض علينا. الهوية العربسلامية، كما يصورها النص، ليست مجرد اختيار، بل سلطة تحاول أن تُقصي كل ما لا يتماشى معها. إنها أشبه بظل طويل يخفي تحته التنوع، لكنه لا يستطيع محوه تماماً.
هذا الصراع بين المركز والهامش، بين اللغة السيدة واللغات المكبوتة، بين الماضي الذي يُعاد إنتاجه والحاضر الذي يبحث عن مخرج، هو ما يمنح النص قوته الفلسفية العميقة.

لكن النص ليس اتهاماً فارغاً؛ إنه أيضاً دعوة للتأمل. عبد الله بولا لا يقدم حلولاً جاهزة، لكنه يفتح نافذة على احتمالات جديدة. يدعو إلى القبول، ليس بمعنى الخضوع، بل بمعنى المصالحة مع الذات المتعددة، مع السودان كما هو، لا كما تريده السلطة أن يكون. النص يدعو القارئ إلى التوقف عن البحث عن إجابات سهلة، وإلى مواجهة التعقيد بجرأة.

“نسب شجرة الغول” هو نص يرقص على حافة الكلمة، يحفر في عمق المعنى، ويترك القارئ مسكوناً بأسئلة لا تنتهي. إنه كمن يسير على حبل مشدود بين الحلم واليقظة، بين الواقع والممكن، بين الذاكرة والنسيان. وفي النهاية، ربما لا يكون الغول إلا نحن، حين ننسى، حين نتجاهل، وحين نستسلم للهيمنة بدلاً من أن نقاومها.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • بعد بليك ليفلي.. دعوة قضائية جديدة ضد بطل فيلم It Ends with Us
  • أسوأ القتلة..دونالد ترامب يهاجم بايدن بعد إلغائه إعدام 37 مداناً
  • بالوثيقة..الحلبوسي يرفع دعوى قضائية ضد هوشيار زيباري
  • دعوى قضائية فلسطينية ضد شركة بريتش بتروليوم لتوريد النفط إلى الاحتلال
  • الجولاني: لن نسمح بوجود أسلحة خارج سيطرة الدولة
  • في جلسة درنة: الشيباني يهاجم حكومة الدبيبة ويدعو لإلغاء ضم تاورغاء إلى مصراتة
  • الوكيل عاصم يتفقد العمل بمكتب أوقاف محافظة صنعاء
  • 5 رسائل خارجة عن النص من جمهور الأهلي للاعبيه
  • حينما تصبح الهوية قيدًا .. تأملات في نسب شجرة الغول لعبد الله بولا