في كل الأحوال، فإن العملية المُفاجئة التي شنّتها القوات المشتركة في قاعدة الزُرُق العسكرية -منطقة ها مي- عملية مفصلية في مسار الدفاع عن الدولة والحفاظ على سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها من التقسيم والتفكيك وبقاء وعودة السودانيين لأرضهم، ونتائجها التي انكشفت خلال الأمس واليوم تقول بأن نتائجها قد تكون فاقت الأهداف وتوقعات القيادة العسكرية.


أعتقد أن أهم نتائج عملية مُباغتة مليشيا أبوظبي والسيطرة على قاعدة الزُرُق من الجوانب السياسية والعسكرية هي:
– تهدّم كامل بناء أسطورة المليشيا الإعلامية -التي بنتها بمساعدة سياسييها- خلال العام الماضي بأنها تُسيطر على كامل الإقليم ما عدا مدينة الفاشر التي ظلّت تُحاصرها وتُهاجمها ليل نهار وتُهجّر منها المدنيين، وكل ما تحتاجه هو احتلال الفاشر لتُعلن فصل دارفور وتشكيل حكومة انفصالية، وظلّت فاشر السلطان صامدة بجيشها ومشتركتها ومواطنيها،بل وينفتحون خارجها في كل الاتجاهات.
– تأكد يوم أمس أن الدولة طالما تستطيع أن تصل معقل المليشيا العسكري وأن تسيطر عليه بشجاعة وبسالة مُدهشة، فهي تستطيع الوصول لأي مكان في دارفور، وصار التفكير في حكومة إنفصالية داخل مناطق انتشار المليشيا مسألة انتحارية وذات كُلفة عالية للغاية، فإذا لم يصلك الطيران الحربي، سيصلك أبطال المورال ومن ورائهم أبطال متحرك الصيّاد ومعهم أبطال الغربية.
– تلقى خطاب تقسيم السودان بدواعي عنصرية مقيتة ضربة قوية لصالح نزعات وتمظهرات قومية وحدوية وطنية، والأول خطاب أعتبره وجه آخر لوجه لمليشيا، وكليهما عُملة يتم تحريكها من ذات المركز الاستخباري الذي يُحارب الدولة السودانية. فرح الناس الحدسي التلقائي وتفاعلهم مع انتصارات المشتركة والمورال، وبعضهم كان يسمع عن منطقة “الزُرُق” لأول مرة في حياته، ولكنها الوطنية السودانية الجديدة التي تتشكل في سياق حرب الدفاع عن الدولة والسيادة، وهي وطنية تتجذّر كل يوم في قيم السيادة ووحدة التراب السودان وبقاء الدولة ورفض الاستتباع، هذا الاندفاع والحماس الوطني الصادق يجب تطويره والبناء عليه وتنظيمه.
– نفسياً واجتماعياً، فقد كانت المُفاجأة والمُباغتة إعلان لمن احتلّ الأرض وطهّر أهلها منها وطردهم من بيوتهم وأرض أجدادهم، وأن صاحب الأرضه سيعود ليُطالب بحقّه مهما ظنّ ال مُحتلّ أن الدنيا دانت له، وقد رأينا الهلع والخوف في عيون والد المُجرم حميدتي وهو يتحدث بنبرة مرتجفة مدركة أن ما هو وأخيه جمعة فيه اليوم إنما قام على إبادة آخرين واقتلاعهم من جذورهم وحرمان جيل كامل من حقوقه، وهذه معركة سيخوضها آل دقلو وحدهم من دون بقية مكونات المليشيا.
– عسكرياً، وبجانب جذب أعداد كبيرة من الجنجويد لأزض قتل للطيران الحربي، فقاعدة الزُرُق مخزن ذخيرة ووقود ولوجستيات أخرى ضخم، تتشوّن منه قوات المليشيا التي تحاصر الفاشر ومناطق أخرى، وقامت المشتركة بسحب هذه اللوجستيات وتحييد ما قامت بتحييده منها. نتذكر أن الزُرُق هي القاعدة التي استجلبت منها المليشيا مدرعاتها للخرطوم، واستعرضها المُقيم بأبوظبي/حميدتي في شوارع الخرطوم أول أبريل ٢٠٢٣ ليُهدّد بها الدولة حتى يكتمل الإطاري ويُقنّن وضع المليشيا كجيش موازي للجيش الوطني يتبع لرئيس غير مُنتخب تُعيّنه ذات الشخصيات التي ثبت استتباعها وخدمتها لأجندة أبوظبي الكولونيالية في السودان.
– لا أتوقّع أن القوات المشتركة ستتمسك بالأرض بعد أن حقّقت أهدافها العملياتية وزيادة، وأعتقد أننا موعودون بتطوير لهذه العمليات الهجومية المُباغتة وانفتاحات في مواقع مختلفة من الإقليم حتى تحريره بالكامل، فالدولة استعادة عنصر المُبادئة والمُبادرة وانتقلت من الدفاع للهجوم، وهذا تطور استراتيجي كبير في دارفور، وقد شهدنا ونشهد مسار انتقال الدولة من الدفاع إلى الهجوم في ولايات الوسط والعاصمة.
– تأكّد كذلك أن إدارة الدولة للمعركة عسكرياً فيها قدر عالي جداً من الكفاءة الاستراتيجية في التخطيط وتوزيع اللوجستيات ومرحلة العمليات وفق الأهداف الكُليّة للقيادة، وذلك وفق الموارد المحدودة جداً المتوفرة للدولة، في مقابل الموارد غير المحدودة التي تُسخّرها أبوظبي سواء عسكرياً أو سياسياً أو إعلامياً أو دبلوماسياً لكسر الدولة السودانية، وبالعدم تقسيمها، وذلك أمر يبعث على الفخر الوطني.
– كشفت المعركة عن نجاح استخباري مُثير للإعجاب في عدم انكشاف الهجوم، فقد تحرّكت القوة المشتركة في صحراء مفتوحة لعشرات وربما مئات الكيلومترات حتى باغتت المليشيا في معقلها، ودون أن يكون هناك خرق استخباري أو أن تلطقتها مسيرات أم جرس الإستراتيجية، وهذا يدل على درجة المِنعة الوطنية والمخابراتية التي وصلنا إليها، وذلك في ذاته مؤشر لتجذُّر التعريف الوطني للحرب باعتبارها ضد غزو خارجي يكون التعاون معه أقوى درجات العمالة والخيانة.
كسرة:
من سخرية الأقدار أن وحدة وتماسك الذراع السياسية للمليشيا “تقدم” صارت معتمدة تماماً على تقطيع الدولة وبالقوة العسكرية لأوصال مليشيا أبوظبي في دارفور، بحيث يتم تصبح فكرة تشكيل حكومة إنفصالية في مناطق انتشار المليشيا عملية انتحار جسدي .. ولكن ربما تكون تعليمات الكفيل صارمة بحيث تتشكل “حكومة منفى”! ربما!

أحمد شموخ

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الز ر ق

إقرأ أيضاً:

محمد بن زايد ورئيس وزراء مونتينيغرو يشهدان في أبوظبي توقيع اتفاقيتين بين البلدين

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، اليوم الجمعة، ميلويكو سباجيك رئيس وزراء مونتينيغرو "الجبل الأسود"، الذي يقوم بزيارة عمل إلى الدولة.

ورحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال اللقاء الذي جرى بقصر الشاطئ في أبوظبي، برئيس الوزراء الضيف، معرباً عن تطلعه إلى أن تشكل زيارته إلى دولة الإمارات دفعة قوية للعلاقات المتنامية بين البلدين، فيما نقل رئيس وزراء مونتينيغرو تحيات ياكوف ميلاتوفيتش رئيس مونتينيغرو إلى رئيس الدولة وتمنياته لدولة الإمارات مزيداً من التقدم والازدهار.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء إمكانيات تعزيز علاقات التعاون وتوسيع آفاقها، خاصة في القطاعات ذات الأولوية التنموية للبلدين، مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة المتجددة والأمن الغذائي والبنية التحتية وغيرها من المجالات التي تساهم في تعزيز الازدهار الاقتصادي المستدام في البلدين.
كما استعرض رئيس الدولة ورئيس وزراء مونتينيغرو عدداً من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، مؤكدين في هذا السياق أهمية تعزيز العمل من أجل السلام والاستقرار وحل النزاعات بالطرق الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي بما يدعم التنمية والازدهار للجميع.

تعزيز العلاقات التنموية

وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اهتمام دولة الإمارات بتعزيز علاقاتها التنموية مع دول منطقة البلقان ومنها مونتينيغرو، حيث لديها استثمارات مهمة في المنطقة، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والبنية التحتية وغيرها، مشدداً على دعم الإمارات كل ما يعزز السلام في المنطقة لمصلحة استقرار دولها وازدهار شعوبها كافة.
من جانبه أعرب رئيس وزراء مونتينيغرو عن شكره لرئيس الدولة لحفاوة الاستقبال التي حظي بها والوفد المرافق خلال زيارته الدولة، مؤكداً حرص بلاده على دفع علاقاتها مع دولة الإمارات إلى الأمام واستثمار كل الفرص المتاحة في هذا الشأن.
وأكد الجانبان في ختام اللقاء حرصهما المتبادل على مواصلة العمل المشترك لتعزيز العلاقات التنموية وتوفير كل مقومات ازدهارها لما فيه خير البلدين وشعبيهما.

حضر اللقاء.. الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، والشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة، وريم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، وعدد من كبار المسؤولين، كما حضره الوفد المرافق لرئيس وزراء مونتينيغرو الذي يضم عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين.
كما شهد رئيس الدولة خلال اللقاء مراسم توقيع اتفاقيتين في مجالي الاقتصاد والسياحة وقعهما من جانب دولة الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، مع ميلويكو سباجيك رئيس وزراء مونتينيغرو.

مقالات مشابهة

  • محمد بن زايد ورئيس وزراء مونتينيغرو يشهدان في أبوظبي توقيع اتفاقيتين بين البلدين
  • بتوجيهات سعودية.. سوريا ولبنان يوقعان اتفاقا بشأن الحدود المشتركة
  • الصين: علاقتنا العسكرية المستقرة مع الولايات المتحدة تخدم المصالح المشتركة للبلدين
  • ترامب: الضربات ضد الحوثيين مستمرة والنتائج فاقت التوقعات
  • عاجل | رويترز عن حزب نائب رئيس جنوب السودان: وزير الدفاع ورئيس الأمن الوطني اقتحما مقر إقامة رياك مشار
  • عبد المسيح: دورة الصمود التي رُقِّي بموجبها 26 رتيبًا في أمن الدولة إلى رتبة ملازم تواجه اليوم خطر إلغاء مرسومها
  • محاكمة نتنياهو ولجنة القضاة.. تعرّف على الأزمات التي تهدد بانهيار النظام القضائي الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي يعلن عدد الأهداف التي قصفها في غزة وسوريا ولبنان
  • مصدران لـCNN: خطط الضربات على الحوثي التي أفصح عنها وزير الدفاع الأمريكي عبر سيغنال سرية للغاية
  • تمبور يهنئ بالانتصارات الساحقة والعريضة التي حققتها القوات المسلحة والشرطة والقوات المشتركة وجهاز المخابرات العامة