قوة أمنية تقتحم مستشفى في البصرة وتعتقل موظفاً
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
قوة أمنية تقتحم مستشفى في البصرة وتعتقل موظفاً.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي اعتقال
إقرأ أيضاً:
المهلب بن أبي صفرة
شخصية اليوم هو القائد المغوار والبطل المقدام، المهلب بن ظالم بن سرَّاق بن صبح بن كندة بن عمرو بن عدي بن وائل بن الحارث الأزدي. نشأ المهلب فـي بيت عز وشرف فوالده ظالم بن سرَّاق الملقب بأبي صفرة أحد أشراف قومه، تعلم الفروسية منذ صباه ودرس على يد مجموعة من المعلمين علوم العربية والشعر والحساب، ويذكر ابن حجر العسقلاني فـي الجزء الرابع من كتابه الإصابة فـي معرفة الصحابة أن ظالم بن سراق الأزدي هو أحد أعيان وفد عماني جاء للمدينة المنورة ليعلن إسلامه بين يدي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأن الرسول حين رأى ظالم بن سراق الأزدي سأله عن اسمه، فقال له الرسول دع عنك ظالم وسراق أنت أبو صفرة».
الحظوة الكبيرة التي نالها أبو صفرة من شرف صحبة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم رفعت من مكانته بين قومه، عدا خصاله الحميدة وفروسيته وشجاعته جميع هذه الصفات جعلت منه قائدا لقومه ومتقدما عليهم.
وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قرر عمرو بن العاص الذي كان على رأس الوفد الذي أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم لحمل رسالته الشريفة إلى ملك عُمان جيفر وأخيه عبد ابنَيْ الجلندى، فأرسل جيفر بن الجلندى وفدا مكونا من سبعين عمانيا برئاسة أخيه عبد لحماية عمرو بن العاص ولمبايعة خليفة رسول الله، وكان ضمن هذا الوفد أبو صفرة الأزدي، ولم تأت مرافقة أبو صفرة لوفد الملك جيفر بن الجلندى إلا لمكانته ووجاهته، وامتلاكه لصفات تؤهله لهذه المهمة الجليلة مثل حسن بيانه ومنطق حواره، وحسن سياسته وتدبيره للأمور وحكمته فـي المواقف. فكان أبو صفرة هو المتحدث الرسمي للوفد العماني، فحين وصل الوفد إلى المدينة المنورة، قال أبو صفرة للخليفة أبو بكر الصديق: «هذه أمانة -يقصد عمرو بن العاص- كانت فـي أيدينا وفـي ذمتنا وديعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد برئنا منها إليك». فرد عليه أبو بكر الصديق: «جزاكم الله خيرا». وفـي اليوم التالي خطب أبو بكر الصديق خطبته الشهيرة فـي مدح أهل عُمان وفـي شكرهم على موقفهم البطولي من الدعوة المحمدية.
وفـي سنة 36هـ بعد انتهاء موقعة الجمل التقى أبو صفرة بالإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وشكا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عدم مساندة أهل البصرة، فقال له أبو صفرة: «والله يا أمير المؤمنين لو كنت حاضرا ما اختلف عليك منهم سيفان». فطلب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن يرشح أبو صفرة أحد أبنائه ليعطيه لواء الأمان حتى يعود الفارون من موقعة الجمل من أهل البصرة إليها، فرشح أبو صفرة أحد أكبر أبنائه فرفض تسلم اللواء، فعُرِضَ اللواء على المهلب، فوافق المهلب على تسلم اللواء والقيام بهذه المهمة، وسُمّي هذا اللواء بلواء المهلب وعاد الفارون إلى البصرة بأمان.
وفـي سنة 37 هـ وافت أبا صفرة المنيةُ، فانتقلت زعامة أزد البصرة إلى ولده المهلب، مع أن المهلب لم يكن أكبر أبنائه. إلا أن شخصيته القيادية أهّلته لهذه المهمة العظيمة، فلقد نشأ المهلب على حب الفروسية والتدرب على ركوب الخيل واستخدام السيف منذ طفولته، فغدا فارسا يمتلك مهارات عسكرية وقيادية تُؤهله لقيادة الجيوش ودخول المعارك والخروج منها منتصرا.
شارك المهلب فـي فتح بلاد السند سنة 44 هـ، وكان على رأس الأزد فـي هذه المعركة، وشارك فـي جيش الحكم بن عمرو العفاري فـي فتح بلاد الترك، وفـي عام 56 هـ طلب سعيد بن عثمان بن عفان من معاوية أن يوليه إقليم خراسان، فعزل معاوية عبيد الله بن زياد وولى مكانه سعيد بن عثمان، وخرج ابن عثمان من دمشق قاصدا البصرة حتى يأخذ معه المهلب بن أبي صفرة ليشاركه فـي فتح بلاد الصُّغْد فسيطر على سمرقند وفـي هذه المعركة خسر المهلب إحدى عينيه.
وفـي فترة خلافة يزيد بن معاوية (60- 64هـ) تولى ولاية إقليم خُراسان سَلْمُ بن زياد الذي مر بالبصرة ليأخذ معه كل من أراد المشاركة فـي القتال فخرج معه المهلب بن أبي صفرة ومعه عدد كبير من الأزد. وظل سلم فـي خُراسان حتى عام 64 هـ، العام الذي مات فـيه يزيد بن معاوية، وكان الصحابي عبدالله بن الزبير قد بدأ ثورته على الدولة الأموية، فحدثت اضطرابات فـي خُراسان دفعته للخروج منها وولى بدلا عنه المهلب بن أبي صفرة، الذي أدرك بدوره أن الاضطراب فـي خُراسان قد يفقده حياته وحياة كثير من جنده، فقرر العودة إلى البصرة. فاستخلف سلم بن زياد عرفجة بن الورد السعدي، الذي استلم زمام ولاية خُراسان لفترة قصيرة انتهت بمقتله على يد عبدالله بن خازم السُلمي.
عودة المهلب إلى البصرة ورفضه لإمارة خُراسان على الرغم من أنه كان يسعى للحصول على إمارتها لدليل على قدرته على قراءة الأوضاع السياسية، ومعرفته لاتجاه الأحداث وما ستؤول إليه من صراعات وعدم استقرار فـي المنطقة، وعودته إلى البصرة لحماية جيشه الأزدي من هذا الصراع لدليل على نبل المهلب وتقديم مصلحة جنده على مصلحته الشخصية. روى الذهبي مقولة لأبي إسحاق فـي حق المهلب يقول فـيها: «ما رأيت أميرا قط أفضل من المهلب بن أبي صفرة، وما رأيت أميرا قط أفضل من المهلب بن أبي صفرة، ولا أسخى ولا أشجع لقاء، ولا أبعد مما تكره، ولا أقرب مما تحب».
بعد نجاح المهلب بن أبي صفرة فـي القضاء على الأزارقة؛ كافأهُ الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان أن عيَّنه واليًا على خراسان، وذلك عام 78 هـ، والمهلب حينها فـي البصرة، فقرر أن يرسل ابنه حبيب نائبا عنه، على أن يلحقه بعد أشهر يكون قد أنهى خلالها بعض التزاماته فـي البصرة، فخرج حبيب من البصرة وفـي وداعه الحجاج بن يوسف الثقفـي، ومنحه الحجاج عشرة آلاف درهم. تمكن المهلب خلال ولايته لخراسان من السيطرة على بُخَارى وسَمَّرقند، وطَخارستان وجُرجَان، واتخذ المهلب من مدينة كَشَّ عاصمة له، ومقرا لجيشه.
وفـي عام 80 للهجرة أعلن عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي ثورته على الدولة الأموية على وجه العموم وعلى الحجاج بن يوسف الثقفـي وعلى وجه الخصوص لتسلط الحجاج وقسوته فـي التعامل مع الرعية، واستجاب لعبدالرحمن بن الأشعث فـي ثورته هذه عدد كبير من الناس، وانضم لصفوفه عدد من العلماء أشهرهم سعيد بن جبير، وعبدالرحمن بن أبي ليلى، ومالك بن دينار، وعطاء بن السائب، والحسن البصري، وعرف جيشه بجيش الطواويس، لأن عبدالرحمن بن الأشعث كان قد عُرف عنه الغرور والفخر بنفسه وبنسبه.
أرسل ابن الأشعث برسالة للمهلب بن أبي صفرة يدعوه فـيها للمشاركة معه فـي ثورته، فرفض المهلب وبنوه لأنهم قد طالهم من قسوة الحجاج الكثير، وكذلك رفض المهلب دعوة ابن الأشعث ورد عليه برسالة قال له فـيها: «أما بعد، فإنك قد وضعت رِجِّلِكَ يا ابن محمد فـي غِرزٍ طويل الغَيَّ على أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم، الله الله فانظر لنفسكِ لا تُهْلِكْهَا، ودماء المسلمين لا تسفكها، والجماعة فلا تفرقها، والبيعة فلا تنكثها، فإن قلت أخاف الناس على نفسي فالله أحق أن تخافه من الناس، فلا تعرضها لله فـي سفك دمٍ أو استحلال محرمٍ، والسلام عليك». من خلال هذه الرسالة يتضح موقف المهلب من الثورات فـي أنها مهلكة للنفس، وفـيها خسارة جسيمة لأرواح الناس وتدمير للعمران، وأنه مع أبنائه ليس لديهم الرغبة فـي المشاركة فـي مثل هذه الأخطاء الجسيمة.
وفـي سنة 82 للهجرة مات أحد أحب أبناء المهلب إلى قلبه وهو المغيرة وكان نائبا عن أبيه فـي مدينة مرو، فحزن المهلب لفقده، وأرسل ابنه يزيد ليتكفل بمهمة جنازة أخيه. وشهد هذا العام كذلك إصابة المهلب بمرض عضال فشعر معه بقرب أجله، فأوصى أبناءه أن يجتمعوا حوله ثم أعطى المهلب أولاده حزمة من السهام، وطلب من كل واحد منهم أن يكسروها مجتمعة، فلما لم يستطع كل واحد منهم أن يكسر الحزمة، فرّق الحزمة عليهم بحيث أعطى كل واحد سهما، فطلب منهم أن يكسر كل واحد منهم سهمه، ففعل، فقال لهم المهلب إن فـي الاتحاد قوة، وأنشد يقول لهم:
كُونُوا جَميعاً يا بُنيَّ إذا اعْتَرى
خَطْبٌ ولا تَتَفْرقُوا آحَادَا
تَأبَى الرِمَاحُ إذا اجْتَمعَّن تَكَسُرا
وإذا افِتَرَقْنَ تَكَسَرتْ أَفْرَادَا
ثم أوصاهم قائلا: «فأوصيكم بتقوى الله وصلة الرحم، فإن صلة الرحم تُنْسئ فـي الأَجَلِ، وتُثْري المال، وتُكْثِرُ العَدد، وأنهاكم عن القطيعة فإن القَطيعةَ تُعْقبُ النارَ، وتُورِثُ الذِلَةَ والقِلَةَ، فتحابوا وتواصوا، وأجمعوا أمركم ولا تختلفوا، وعليكم بالطاعة والجماعة، وليكن فعالكم أفضل قولكم، واتقوا الجواب وزَلَّة اللسان، فإن الرجل تزل قدمه فـينتعش من زلته، ويزل لسانه فـيهلك، يا بني، اصطنعوا المعروف وأحبوه، واَنْهَوا عن المنكر واجتنبوه، أعرفوا لمن يغشاكم حقه، وآثروا الجود على البخل، وعليكم فـي الحرب بالأناة والمكيدة، فإنها أنفع فـي الحرب من الشجاعة، وعليكم بقراءة القرآن، وتعلم السنن، وأدب الصالحين، وإياكُمُ والخِفْةَ وكثرة الكلام فـي مجالسكم، وقد استخلفت عليكم يزيد، وجعلتُ حبيبا على الجند حتى يقدم بهم على يزيد، فلا تخالفوا يزيد».
جعل المهلب من ابنه يزيد قائدا على أخوته يستأمرون بأمره، ويطيعونه فـي كل ما فـيه مصلحة مشتركة للعائلة. انتقل المهلب البطل المغوار الحكيم ذو السياسة والكياسة إلى جوار ربه فـي ذي الحجة سنة 82 هـ، ودفِن فـي مدينة مرو الروذ. ليظل خالدا فـي الذاكرة العمانية والإنسانية، تشهد له بطولاته بشجاعته وفروسيته.
ويقول الشاعر الأموي الفرزدق مادحا المهلب وأبناءه:
لأَمْدحَنَّ بَني المُهَلبَ مَدَّحةً
غَرَّاءَ طَاهِرةً على الأشْعَارِ
مِثْلُ النجومِ أمَامُها قَمَرٌ لَها
يَجْلُو الدُّجَى ويَضُئُ ليلَ السَّارِي
كُلُّ المَكَارِمِ عن يَديهِ تَقْسَمُوا
إذا مَاتَ رِزْقُ أَرَامِلِ الأَمصَارِ
كان المُهلبُ للعِراقِ سَكِينَةٍ
وَحَيْا الرَبِيعِ ومَعْقلِ الفُرّارِ