هل يخدم الإفراج عن مليارات الدولارات من أموال إيران المُجمّدة بسبب العقوبات مصالح الأمن القومي الأمريكي؟

هذه التصرفات تُضعف الدبلوماسية الأمريكية مستقبلاً

كان وزير الخارجية أنتوني بلينكن صرح بأنه "لن تُخفَّف العقوبات على إيران مطلقاً.."، ولكن إريك ماندل، مدير شبكة المعلومات السياسية الشرق أوسطية وشركة "ماندل ستراتيجيز" يسأل في مقاله في موقع "ذا هيل" الأمريكي: "كيف يمكننا استيعاب هذا التصريح؟ إذا أفرجت الولايات المتحدة عن الأموال نفسها المُجمّدة بسبب العقوبات، ألا يُعد ذلك ضرباً من "تخفيف للعقوبات"؟.

صفقة مقايضة

وقال ماندل إن ما يراه العالم هو انصياع الولايات المتحدة لمطالب الملالي في إطار صفقة مقايضة.. فإذا أطلقت إيران سراح أربعة رهائن أمريكيين، تحرر واشنطن الأصول الإيرانية المُحتجزة في كوريا الجنوبية، وربما حتى أموال المشتريات العراقية للكهرباء الإيرانية المجمدة. 

"Biden’s release of frozen Iranian funds undermines US sanctions worldwide" (@TheHillOpinion) https://t.co/hWo4CoKUcv pic.twitter.com/0TvHIfnoK9

— The Hill (@thehill) August 18, 2023

وبحسب ما جاء في صحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد تم التحفظ على هذه الأموال لأن الإدارة الأمريكية السابقة "شددت العقوبات" على صادرات النفط الإيرانية.

وأضاف الكاتب: "يُفترض أن الإيرانيين وعدوا بعدم شن هجوم على الجنود الأمريكيين في سوريا والعراق كجزءٍ من صفقة غير رسمية، تذكرنا بالوعود الشفهية غير المعلنة التي قُطعت لإيران خلال الاتفاق النووي للرئيس السابق باراك أوباما عام 2015".

شبح

وأشار الكاتب إلى أن هذه الصفقة شبيهة بما حدث عندما زعمت إدارة أوباما أن 1.7 مليار دولار نقداً أرسلتها الإدارة إلى إيران عام 2016، للإفراج عن أربعة رهائن أمريكيين ليست في حقيقة الأمر فدية.. فقد عُدّت هذه الأموال مكافأة لنظام يهين أمريكا، ويرسل رسالة لجميع دول العالم تشي بالعجز الأمريكي وضعف عزيمتها.

وتابع ماندل: السؤال الأوسع نطاقاً في هذا السياق، هو كيف يمكن أن نتوقع من دول مثل تركيا والهند وغيرها في أوروبا، فرض عقوبات ثانوية أمريكية على روسيا وإيران والصين والتخلي عن مصالحها الخاصة، في حين أن بايدن وبلينكن يتصرفان على نحو يقوض عقوباتنا؟

وبياناً للموقف، تحظر العقوبات "الأساسية" على المواطنين والشركات الأمريكية الاستثمار في الدول أو مع الأشخاص الخاضعين للعقوبات الأمريكية، ومثال على ذلك عقوبات الحكومة الأمريكية ضد إيران وروسيا، أما العقوبات الثانوية فهي بمنزلة محاولة لإرغام مواطنين غير أمريكيين ودول أخرى، على تعطيل الأعمال التجارية وغيرها من الأنشطة، مع الدول الخاضعة للعقوبات الأمريكية. 

Are American national security interests served by the release of billions of dollars of Iranian funds frozen by U.S. sanctions under the Trump administration? According to Secretary of State Antony Blinken, “Iran will not be receiving any sanctionshttps://t.co/v7I4MwG3PC

— MSN Money (@MSN_Money) August 18, 2023

ولتؤتي العقوبات الأمريكية الأساسية ثمارها، يرى الكاتب أنه يتعين على حلفاء أمريكا فرض عقوبات ثانوية، إذ تعطي خياراً بسيطاً إما بمزاولة الأعمال مع الدول الخاضعة للعقوبات، وإما مزاولتها مع أمريكا.

اشتهرت إدارة أوباما بإخفاقها في تنفيذ العقوبات الأساسية والثانوية بشكل انتقائي ضد إيران، وأسفر ذلك عن صفقة نووية عقيمة أضاعت بها أمريكا ورقتها الرابحة إلى حد كبير، إذ انصاعت لطلب إيران بتخصيب اليورانيوم.

وادعاء الإدارة أن الأموال المُجمدة المقدرة بالمليارات في كوريا الجنوبية ستستخدمها إيران لأغراض إنسانية لا يُصدقه عقل، حسب الكاتب، مشيراً إلى أن النظام الإيراني أعلى منذ عقود من أهمية تسليح جيشه والميليشيات التي تعمل بالوكالة عنه، فوق أي اعتبارات "إنسانية".

وحقيقة الأمر أن البعض في إيران ينفون علناً أن هناك أي شروط أو قيود حتى على كيفية إنفاق هذه الأموال، ويزعمون أن "طهران سيكون لها حرية التصرف في الأموال" في هذه الصفقة.

احتجاز الرهائن فكرة مربحة

وقال كريم سادجادبور من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "ستعزز هذه الصفقة لدى الحرس الثوري الإيراني، أن فكرة احتجاز الرهائن ممارسة مربحة وزهيدة التكلفة".

اتفاق نووي سري؟

وتساءل الكاتب مجدداً: هل استمالة الملالي بالمال مقدمة لاتفاق نووي سري بين إدارة بادين وإيران بعيداً عن أعين الكونغرس؟ وهل هذه هي خطة بايدن لتأجيل التعاطي مع الملف النووي إلى ما بعد انتخابات عام 2024؟

لعل إيران تخطو بالفعل خطوات للحد من كميات اليورانيوم المُخصب.. فقد ذكرت صحيفة "هآرتس" أن اتفاقاً غير مكتوب بين بايدن وإيران "التزمت بموجبه إيران بالإعراض عن تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز 60%، مقابل الإفراج عن أصول إيرانية بقيمة 20 مليار دولار قد بدأ يدخل حيز التنفيذ فعلاً"،غير أن تقييد تخصيب اليورانيوم عند مستوى 60% لا ينبغي أن يخدع أحداً، إذ يمكن تخصيب اليورانيوم نفسه إلى مستوى 90% الضروري لإنتاج أسلحة نووية في غضون بضعة أسابيع.

دولة بوليسية

وقال الكاتب إن هذه هي إيران نفسها التي تدير دولة بوليسية تقمع مواطنيها، وترسل طائرات مسيرة إلى روسيا لضرب أهداف مدنية في أوكرانيا، وتستولي على ناقلات نفط في الخليج العربي، لإثبات قدرتها على تضييق الخناق على طريق عبور الوقود الأحفوري الأكثر إستراتيجية في العالم أجمع.

تمويل الإرهاب

وأضاف ماندل: يجوز لنا أن نحتفل على المستوى الإنساني بإطلاق إيران سراح رهائن احتجزتهم بالمخالفة للقانون.. ولكن، من منظور الأمن القومي الأمريكي، يشجع هذا التصرف على المزيد من عمليات اختطاف المواطنين الأمريكيين، وفي الوقت عينه يساعد على تمويل الإرهابيين، الذين تسيطر عليهم إيران ويستغلون الأموال للتوسع في بلاد الشام.

ويخلص الكاتب إلى أن "هذه التصرفات تضعف الدبلوماسية الأمريكية مستقبلاً وتجعل من الصعب إقناع الدول الحليفة بتحمل المشاق الاقتصادية بمشاركتها في تنفيذ عقوباتنا الثانوية".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الملف النووي الإيراني

إقرأ أيضاً:

ناقلات شبحية.. حيل إيران السرية لتهريب النفط رغم العقوبات

منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية صارمة على طهران، استهدفت أساسا قطاع النفط، لتقليص مصادر تمويلها والضغط على نظامها السياسي.

وأدت هذه العقوبات إلى تراجع صادرات النفط الإيرانية كثيرا، مما دفع طهران إلى البحث عن وسائل بديلة لتجاوزها.

وفي هذا السياق، برزت تقارير حديثة تشير إلى أن بعض ناقلات النفط الإيرانية تستخدم وثائق عراقية لعبور الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من أن هذه الممارسات ليست جديدة، إلا أنها عادت إلى الواجهة أخيرًا، مع تصاعد الضغوط الدولية على إيران وتشديد الرقابة على حركة النفط في المنطقة.

موجة جديدة

فرضت الولايات المتحدة، خلال الشهر الماضي، عقوبات جديدة على إيران، حيث استهدفت لأول مرة مصفاة نفط خاصة في الصين، كونها أكبر مشتر للنفط الإيراني، وتأتي هذه الخطوة ضمن الجولة الرابعة من العقوبات الأميركية على مبيعات النفط الإيرانية.

وجاءت العقوبات بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فبراير/شباط الماضي استئناف سياسة "أقصى الضغوط" على طهران، من أجل وقف صادراتها من النفط كاملا، لمنعها من تطوير سلاح نووي وتمويل الجماعات المسلحة، وفق مسؤولين أميركيين.

إعلان

يأتي العهد الجديد من العقوبات ضمن سياق طويل من الإجراءات التي بدأت منذ الثورة الإيرانية عام 1979، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات تدريجية على إيران.

وبلغت هذه العقوبات ذروتها بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018 أثناء ولاية الرئيس ترامب السابقة، واستهدفت أساسا قطاع النفط، مما حال دون قدرة طهران على تصدير نفطها إلى الأسواق العالمية، وألحق ذلك ضربة قاسية بالاقتصاد الإيراني الذي يعتمد أساسا على العائدات النفطية.

تحسب لغضب بكين

يرى محللون، أن الولايات المتحدة اتبعت إستراتيجية متدرجة لفرض العقوبات، وتجنبت فرض إجراءات على بنوك صينية كبيرة تدعم المعاملات مع إيران، لتجنب استفزاز بكين برد اقتصادي.

وبحسب الرئيس التنفيذي لمجموعة "رابيدان إنيرجي" البحثية، سكوت موديل، فمن الواضح أن الولايات المتحدة تتبع إستراتيجية تهدف إلى استخدام الصين كوسيلة للضغط على إيران، إذ يتم تطبيق الحد الأدنى من الضغوط في البداية، مع تعزيز هذه الجهود تدريجياً حتى الوصول إلى اتفاق نووي مع طهران.

ولم تقتصر العقوبات على قطاع النفط فقط، بل طالت أيضًا القطاع المصرفي، واستهدفت العقوبات 50 بنكًا، إلى جانب شركات أجنبية ومحلية تابعة لها.

وكان بنك ملي في صدارة البنوك التي خضعت للعقوبات، بسبب مزاعم تورطه في تحويل الأموال إلى الجماعات المسلحة في العراق ودعمه كيانات مرتبطة بالجيش الإيراني منذ منتصف عام 2000.

وفي إطار هذه الإجراءات المتسارعة، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 12 كيانا، وحظرت 8 سفن قالت، إنها ضالعة في شحن ملايين براميل النفط الإيراني إلى الصين، وتُعد هذه السفن جزءًا من "أسطول الظل" الإيراني الذي يزود مصافي القطاع الخاص.

كما شملت العقوبات 12 مؤسسة تابعة لبنك ملي، إضافة إلى بنوك أخرى، مثل بنك آرين، وبنك المستقبل وبنك تنمية الصادرات الإيراني، إلى جانب شركة السمسرة التابعة له، وبنك التنمية الدولي، وبنك الاستثمار الإيراني الفنزويلي.

بنك ملي إيران يتصدر البنوك التي خضعت للعقوبات الأميركية (الفرنسية)

وبناءً على هذه الإجراءات، يخضع أكثر من 700 فرد ومؤسسة إيرانية، إضافة إلى طائرات وسفن، للعقوبات بما فيها أكثر من 70 بنكًا ومؤسسة مالية إيرانية وشركاتها التابعة، وفقًا لوزارة الخزانة الأميركية.

إعلان

كما فرضت الوزارة عقوبات على بنك غافامين لدعمه المالي والمادي قوات إنفاذ القانون الإيرانية، وبنك سيباه على تقديمه دعمًا لوجستيًا لوزارة الدفاع الإيرانية.

وشملت العقوبات أيضًا بنك الصناعة والتعدين وبنك بوست، بسبب تقديمهما خدمات مالية لبنك سيباه، بما فيها تحويلات مالية كبيرة من الريال الإيراني إلى اليورو.

وتؤكد الوزارة، أن هذه الإجراءات تأتي ضمن جهود الولايات المتحدة للحد من قدرة إيران على تطوير سلاح نووي وصواريخ بالستية، فضلًا عن ردع الأنشطة التي وصفها المسؤولون الأميركيون بـ"الخبيثة" في المنطقة.

وفي هذا السياق، صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، أن "النظام الإيراني لا يزال يركز على استغلال عائداته النفطية لتمويل تطوير برنامجه النووي وإنتاج الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة، إلى جانب دعم الجماعات الإرهابية الإقليمية التابعة له".

وأضاف، أن بلاده ملتزمة باستهداف أي محاولة من جانب إيران لتأمين التمويل لهذه الأنشطة الخبيثة.

بيسنت: النظام الإيراني لا يزال يركز على استغلال عائداته النفطية لتمويل تطوير برنامجه النووي  (رويترز) التفاف أم تكيف مع العقوبات؟

تحاول إيران باستمرار تطوير أساليب جديدة للالتفاف على العقوبات الأميركية، من خلال التهريب، واستخدام ناقلات "شبحية" لا يمكن تعقبها بسهولة.

ورغم الجهود المبذولة لكشف هذه العمليات، إلا أن طهران تمكنت من بيع جزء من نفطها في السوق السوداء، وأقرّ مسؤولون إيرانيون بوجود أساليب غير تقليدية للتغلب على العقوبات الأميركية.

واعتمدت طهران على عدة إستراتيجيات للالتفاف على العقوبات، أبرزها:

تهريب النفط في ناقلات شبحية:

كشف تقرير لوكالة رويترز في فبراير/شباط الماضي، أن إيران تستخدم ناقلات نفط تُعرف بـ"الناقلات الشبحية" في عمليات التهريب لتفادي العقوبات الدولية. هذه الناقلات لا ترفع أعلامًا واضحة، وتغير هويتها دوريا، بما فيها أسماء السفن وأرقام التعريف البحرية، بهدف التهرب من أنظمة التتبع والرصد.

إعلان

وتعتمد بعض هذه السفن أيضًا على التحايل باستخدام أعلام دول أخرى، أو بنقل شحنات النفط إلى سفن أخرى في المياه الدولية، ما يزيد من صعوبة تعقب المصدر الحقيقي للنفط.

استخدام العملات المشفرة:

اتجهت إيران إلى استخدام العملات المشفرة لتجاوز القيود على التحويلات البنكية، إذ يؤكد خبراء، أن العملات المشفرة ساعدت في تحويل الأموال بين إيران ودول مثل الصين وروسيا، بعيدًا عن النظام المصرفي العالمي المراقب.

وفي فبراير/شباط الماضي، أفادت وكالة رويترز، أن الريال الإيراني تراجع إلى مستويات قياسية مقابل الدولار الأميركي، مما دفع الإيرانيين إلى اللجوء لشراء العملات الأجنبية والذهب والعملات المشفرة لحماية مدخراتهم. ويُعتقد أن هذا التوجه يمثل وسيلة للتحايل على العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد.

وأضافت الوكالة، أن إيران قامت في 9 أغسطس/آب 2022 بأول طلب استيراد رسمي باستخدام العملات المشفرة، وهو خطوة قد تساعدها على تجاوز العقوبات.

ووفقًا لتحليلات رويترز، فإن إيران تستحوذ على نحو 4.5% من عمليات تعدين البيتكوين العالمية، مما يسمح لها بجني مئات الملايين من الدولارات من العملات المشفرة، والتي يمكن استخدامها لشراء الواردات وتخفيف تأثير العقوبات.

إيران تستحوذ على نحو 4.5% من عمليات تعدين البيتكوين العالمية (غيتي) تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين وروسيا:

عملت إيران على تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الصين وروسيا، اللتين لم تلتزما بشكل كامل بالعقوبات الأميركية. ومع ذلك، لم تتمكن إيران من تعويض السوق الغربية كاملا، حيث لا يزال النفط الإيراني يواجه قيودًا في الوصول إلى أسواق رئيسية.

وفقًا لوكالة بلومبيرغ، استأنفت بعض المحطات الخاصة في موانئ الصين استقبال شحنات النفط من إيران وروسيا، مما ساعد على تجاوز العقوبات النفطية.

كما أشارت الوكالة في تقريرها الذي نشرته في فبراير/شباط الماضي إلى أن مدينة دونغ ينغ في مقاطعة شاندونغ أصبحت واحدة من الموانئ الرئيسية لاستقبال شحنات النفط من إيران وروسيا.

جناح شركة تبريز لتكرير النفط الإيراني في معرض الصين الدولي للواردات في شنغهاي (غيتي)

ومع ذلك، تراجعت صادرات النفط الإيرانية من 2.7 مليون برميل يوميًا إلى أقل من 500 ألف برميل بفعل العقوبات الأميركية، لكن إيران نجحت في تجاوز هذه القيود بأساليب مثل "الناقلات الشبحية"، وفقًا لمعهد واشنطن للدراسات.

إعلان

وتظهر تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، أن إيران حققت صادرات نفطية بقيمة 53 مليار دولار في 2023 مقارنة بـ54 مليار دولار في 2022، بينما بلغ إنتاجها في 2024 أعلى مستوياته منذ 2018.

وفي هذا السياق، أعلنت شركة "تانكر تراكرز" المتخصصة في تتبع الشحنات البحرية، أن صادرات النفط الإيراني التي شهدت تباطؤًا في النصف الأول من ديسمبر/كانون الثاني 2024، قد شهدت زيادة كبيرة بعد ذلك، مما يعكس فاعلية الأساليب التي اتبعتها إيران في تجاوز العقوبات.

ومع ذلك، كان لهذه الإجراءات تبعات اقتصادية قاسية، حيث انهارت قيمة الريال الإيراني إلى مليون و39 ألف ريال مقابل الدولار في مارس/آذار 2025، وارتفع التضخم إلى 236.3% في أبريل/نيسان 2024.

في هذا السياق، يرى المحلل السياسي العراقي واثق الجابري، أن "إيران جعلت من إستراتيجيات الالتفاف على العقوبات أكثر إبداعا".

الريال الإيراني انهارت قيمته إلى مليون و39 ألف ريال مقابل الدولار في مارس/آذار 2025 (رويترز) تداعيات العقوبات على العراق

على الطرف المقابل، وجدت الحكومة العراقية نفسها في موقف حساس للغاية في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على إيران. فمن جهة، تعتمد بغداد اعتمادا كبيرا على طهران في إمدادات الغاز والكهرباء والتجارة الحدودية، ومن جهة أخرى، تواجه ضغوطًا أميركية كبيرة تدعوها إلى تقليص هذا التعاون.

ومنذ عام 2017، أصبح استيراد الغاز الإيراني جزءًا أساسيًا من تأمين إمدادات الطاقة في العراق، وفي مارس/آذار 2025، وقع العراق اتفاقًا جديدًا مع إيران لاستيراد 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا لمدة 5 سنوات.

ومع وصول إدارة ترامب إلى السلطة، أصبح الوضع أكثر تعقيدًا، حيث أضافت العقوبات الأميركية تحديات جديدة للعراق في كيفية التعامل مع إيران، خاصة في مجال الطاقة، فقد تسببت هذه العقوبات في انقطاع الغاز الإيراني بشكل متكرر، مما أثر تأثيرا كبيرا على إنتاج الكهرباء في العراق، وهدد بتفاقم الأزمة في الصيف المقبل.

وفي هذا الصدد، تجد بغداد نفسها في مواجهة صعوبة حقيقية في الحفاظ على توازن علاقاتها مع طهران وسط هذه الضغوط الدولية، وأكدت التزامها بتطبيق العقوبات، ونفت أي صلة رسمية لها بمحاولات إيران تجاوزها.

إعلان

وبينما تراقب الولايات المتحدة هذه العمليات، فإنها تحذر من فرض عقوبات على أي طرف يتعاون مع إيران في هذا المجال، مما يزيد من تعقيد الموقف بالنسبة للعراق.

ويوضح الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية، زياد العرار، أن العراق يتأثر تأثرا كبيرا بالعقوبات الأميركية على إيران، لا سيما في قطاع الطاقة، ولم تتمكن بغداد من إيجاد بدائل فعالة للطاقة الإيرانية، مما قد يؤدي إلى أزمة في الصيف المقبل نتيجة نقص إمدادات الغاز.

وأضاف العرار، في حديثه للجزيرة نت، أن "العقوبات الأميركية أضعفت نفوذ إيران في لبنان وسوريا، لكن في العراق، لا يزال النفوذ الإيراني قويًا بفضل العلاقات الوثيقة التي تربط إيران بعدد من الشخصيات المؤثرة في السلطة العراقية. وبذلك، فإن العراق لا يزال في قلب الصراع الأميركي الإيراني".

في ضوء ما سبق، تظهر العقوبات الأميركية على إيران كأداة رئيسية للضغط على طهران ومع مرور الوقت، أصبح تأثيرها عابرا للحدود، وخاصة إلى العراق.

مقالات مشابهة

  • مفاجأة .. إيران تهدد بطرد مفتشي الوكالة الطاقة الذرية ونقل اليورانيوم المخصب لمواقع سرية
  • إيران تحذّر: سنُخفي اليورانيوم ونطرد المفتشين حال تعرّضنا لضربة عسكرية
  • إيران تهدد بطرد مفتشي الوكالة الدولية وإخفاء اليورانيوم المخصب
  • ناقلات شبحية.. حيل إيران السرية لتهريب النفط رغم العقوبات
  • أمريكا تفرض عقوبات جديدة على إيران
  • وزارة الخزانة الأمريكية تفرض عقوبات جديدة على إيران
  • قبيل اجتماع السبت.. أمريكا تفرض عقوبات جديدة على كيانات إيرانية
  • استجواب متهمين غسلا 50 مليون جنيه حصيلة أموال المخدرات فى شراء العقارات
  • اتهام حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة باختلاس 44 مليون دولار
  • إلتماس 8 سنوات حبسا لمتهمين بتبييض أموال بلغت مئات الملايير