عمّان تدشن أولى تحركاتها الدبلوماسية العلنية نحو دمشق وسط مخاوف من تمدد إسرائيلي والإرهاب
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
هديل غبّون
عمّان، الأردن(CNN)-- دشن وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، الإثنين، أولى تحركات بلاده الدبلوماسية المعلنة نحو دمشق بعد قرابة أسبوعين من سقوط النظام السوري السابق، الذي أطاحت به هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع، في مبادرة وصفها مراقبون "بالإيجابية الواسعة"، لتتجاوز عمّان محاولات متواصلة لم تنجح حتى مساء أمس، في تسيير وفد عربي مشترك للقاء الإدارة السورية الجديدة.
جاءت زيارة الصفدي كأول وزير خارجية عربي إلى دمشق، محمّلة بتركة "ثقيلة" من الملفات المشتركة تتصدرها مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة عبر الواجهة الشمالية للمملكة وعودة اللاجئين وأمن الحدود ومحاربة "الإرهاب".
ولم يغب عن هذا التحرك، الهواجس الأردنية حيال الأوضاع الأمنية والعسكرية على الأراضي السورية، بما فيما تمدد "إسرائيل" نحو مناطق محاذية للحدود الأردنية السورية ومنطقة حوض اليرموك وسد الوحدة، حيث يرتبط الأردن بحقوق مائية وغيرها، مع دمشق من خلال الاتفاقية العربية المشتركة لإدارة مياه حوض اليرموك، ومع الجانب الاسرائيلي من خلال اتفاقية السلام الموقعة عام 1994.
في هذه الأثناء، يرى سياسيون بأن تحرّك الصفدي "الإيجابي" العلني، يصّب في المصلحة الاستراتيجية للأردن، في بادرة سريعة لتلافي تكرار سيناريو "العراق" في عام 2003 الذي دفع بإيران لبسط نفوذها، مع عزوف الدول العربية آنذاك عن التدخل.
ومن هنا، يرى الباحث والوزير الأردني الأسبق محمد أبو رمان، في تصريحات لموقع CNN بالعربية، بأن خطوة "الصفدي" تعكس بداية انفتاح أردني واسع على الإدارة السورية الجديدة، بعد أن أسس الأردن لهذه الخطوة عبر بوابة "اجتماع العقبة"، وفقا له.
ويعتقد أبو رمان أن التحرك العلني اليوم، جاء بعد اتصالات في القنوات الخلفية منذ الأيام الأولى لسقوط النظام السوري السابق، لافتا أن رسالتي طمأنة وجهتها هيئة تحرير الشام للمملكة في وقت سابق قبل وصول المعارضة إلى دمشق، ساهمت في تسريع هذا التحرك، عدا عن عدم استهداف الهيئة للأردن بخلاف تنظيم داعش، ما ساهم أيضًا في تبديد الخلفية التاريخية غير المشجعة التي ربطت الأردن بالهيئة لانضمام أعداد من الأردنيين لها للقتال في سوريا سابقًا، إضافة إلى التحوّل الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي للهيئة، بحسب ما يرى أبو رمان.
وسارع الأردن إلى جسر العلاقات مع دول الجوار في مقدمتها تركيا التي كان وزير خارجيتها ضيفا رئيسيًا على اجتماع العقبة، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، فيما تواظب عمّان على أن تقوم لجنة الاتصال الوزارية العربية بدور مشترك في الملف السوري مع الإدارة الجديدة، كما في مبادرة خطوة مقابل خطوة في أواخر عهد النظام السابق، إلا أن "فجوات" في المواقف العربية تجاه التطورات في سوريا، حالت دون "تسيير وفد عربي مشترك إلى دمشق"، وفقًا لأبو رمان.
ويوضح أبو رمان بالقول :"حتى منتصف ليلة أمس كانت هناك اتصالات أردنية لأن يكون هذا التحرك من خلال زيارة وفد عربي مشترك لكنها لم تتم. الأردن فضّل ألا ينتظر أكثر، هذه الزيارة مقدمة لانفتاح ملحوظ وفقا لمتطلبات أردنية واضحة عبّر عنها الصفدي في لقائه بالشرع وفي إعلان العقبة، يقوم أهمها على بناء نظام سياسي سوري متعدد، يحتضن الجميع وفقا لحوار وطني داخلي لا يقصي أحدًا، وأن يكون النظام السياسي مدنيًا وليس إسلاميًا بالمعنى الأيديولوجي"، بحسب تعبيره.
وفيما لا يدخر الأردن جهدًا في بناء موقف عربي موحد حيال سوريا الجديدة، إلا أن "قلقا كبيرًا" أيضًا يساوره بشأن التقدم الإسرائيلي في الأراضي السورية، ما دفعه لاتخاذ هذه الخطوات المتسارعة، حتى على مستوى مسار المساعدات الإنسانية.
ويضيف أبو رمان: "الأردن يشعر بقلق شديد من تقدم إسرائيل في المنطقة وسوريا الذي يضر بالأمن الوطني الأردني وبمصالحه المائية. في سوريا، المناطق التي سيطرت عليها إسرائيل تتضمن مصادر مياه للأردن حصة فيها. بكل وضوح الأردن لديه خشية أن يكون لإسرائيل أجندة تصل الجولان بالسويداء، ولذلك بدا الحرص واضحًا على ضرورة دعم تشكل نظام سوري سياسي جديد بالمتطلبات المعلنة".
ويربط الأردن تطور تحركاته نحو دمشق، باستقرار "مؤسسات الدولة السورية"، كما يبقي موقفه حيال مسار العقوبات المفروضة على سوريا، رهنا بالإطار الأممي، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة لموقع CNN بالعربية، بما في ذلك قانون "قيصر".
ويعتبر تهريب المخدرات والسلاح عبر الواجهة الشمالية واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا، حيث أكد الوزير الصفدي خلال تصريحاته الاثنين باستمرار وجود عمليات تهريب، فيما لم تصدر بيانات "رسمية" عن القوات المسلحة الأردنية بشأن هذه العمليات خلال الأسبوعين الماضيين على الأقل عبر الواجهة الشمالية.
ولم يقف التقدّم الأردني المعلن نحو دمشق، عند الحراك السياسي والدبلوماسي، إذ شكّلت خطوة استئناف حركة الشحن التجاري إلى الأراضي السورية قبل أيام، خطوة استراتيجية نحو تنشيط الاقتصاد البيني، عبر تشكيل "خلية أزمة" في المنطقة الحرة المشتركة، وفق تصريحات سابقة لوزير الصناعة والتجارة الأردني يعرب القضاة، إذ تم السماح للشاحنات بالمرور من الأردن إلى سوريا وإلى الأردن إلى الدول الأخرى.
وفي ملف اللجوء السوري، صدرت عدة تأكيدات على لسان مسؤولين أردنيين بأن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم "هي عودة طوعية" بالضرورة، وأشارت تسريبات وسائل إعلام محلية بأن 12800 سوري غالبيتهم من المصنفين بغير اللاجئين في مفوضية شؤون اللاجئين، قد عادوا إلى بلادهم منذ سقوط النظام.
يستضيف الأردن نحو مليون و300 ألف سوري، يقطن نحو 10% منهم فقط مخيمّات اللجوء.
وفي أحدث القرارات أيضًا، أعلنت وزارة الداخلية الأردنية، تسهيل حركة السفر لفئات جديدة من الأردنيين والسوريين إلى الأراضي السورية عبر معبر جابر الحدودي شمال المملكة، لغايات ما أسمته "رفد الاقتصاد الوطني" حسب إجراءات السفر المتبعة، بمن فيهم المستثمرين ورجال الأعمال والطلبة الأردنيين والوفود الاقتصادية الأردنية، والمستثمرين السوريين وعائلاتهم والسوريين الذين تجنسوا بالجنسية الأردنية.
الأردنسوريانشر الاثنين، 23 ديسمبر / كانون الأول 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: الأراضی السوریة نحو دمشق أبو رمان
إقرأ أيضاً:
سوريا: القبض على مسؤول حاجز المليون "أبو جعفر مخابرات"
تمكن جهاز الأمن العام في ضاحية قدسيا بريف دمشق، من إلقاء القبض على المدعو محمد أسعد سلوم، الملقب بـ"أبو جعفر مخابرات"، والذي كان مسؤولاً عن حاجز المليون في منطقة الزبلطاني بمدينة دمشق.
ووفقاً لـ"تلفزيون سوريا"، أفادت مصادر أمنية أن عملية القبض جاءت بعد عملية متابعة دقيقة للتحركات المشتبه بها، حيث جرى توقيفه في أحد الأماكن التابعة للضاحية.
#دمشق
جهاز الأمن العام في ضاحية قدسيا يلقي القبض على الم.جرم محمد أسعد سلوم الملقب أبو جعفر مخابرات #مسؤول حاجز المليون في الزبلطاني .. pic.twitter.com/ITuSEjQpwu
كان تابعاً لإدارة المخابرات الجوية، ويعد أحد العناصر الكبار البارزين في منطقة الزبلطاني، وفي دمشق أيضاً، كونه كان مسؤولاً عن ذلك الحاجز الشهير بفرضه الإتاوات الكبيرة على المدنيين والتجار، والتضييق عليهم خلال حكم النظام السابق.
ويعد حاجز الزبلطاني، أحد حواجز الإتاوات الكبرى المنتشرة في محيط العاصمة، والتي كانت تبث الرعب في قلوب المواطنين، بسبب ممارساتها القمعية واختفاء الكثير منهم أثناء مرورهم عليها.
وكانت تلك الحواجز تفرض إتاوات (خوّات) على الذين يمرون عبرها، وخصوصاً أصحاب المصالح التجارية، لتجني بذلك ملايين الليرات السورية يومياً، وأطلق عليها تبعاً لذلك أسماء عديدة بدأت بـ "حاجز المئة ألف"، مروراً بـ "حاجز المليون"، ووصولاً إلى "حاجز الـ3 ملايين".
وكان حاجز الزبلطاني يقع مقابل "سوق الهال"، وهي السوق المركزية لتوزيع الخضار والفواكه في مدينة دمشق وريفها. واكتسب ذلك الحاجز موقعاً استثنائياً أتاح له له تركيز الابتزاز المالي على شرائح التجار والصناعيين؛ إذ استغل حاجة الشاحنات المحملة بالخضار للدخول والخروج من سوق الهال، وفرض عليها إتاوات كبيرة تختلف بحسب الحمولة والبضاعة.