هل تنجح السلطة الجديدة في سوريا بدمج الفصائل في جيش واحد؟
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
مع انتهاء العمليات العسكرية الواسعة التي شنتها إدارة العمليات المشتركة تحت اسم "ردع العدوان"، تتجه الأمور في سوريا إلى إيجاد حالة تنظيمية تملأ الفراغ الذي خلّفه سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وبناء عليه تم الإعلان عن حكومة "تصريف الأعمال" برئاسة محمد البشير، وهو ذاته الذي كان يشغل منصب رئيس حكومة الإنقاذ في إدلب، المنبثقة عن "هيئة تحرير الشام"، المكوّن المركزي في إدارة العمليات العسكرية.
ووفق ما أكدته مصادر في حكومة تصريف الأعمال لموقع الجزيرة نت، فإن أولى أولويات الحكومة حاليا هي ضبط الأمن، وصهر الفصائل العسكرية في هيكل واحد.
وكان القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع -وهو قائد هيئة تحرير الشام– قد عقد لقاء مع الفصائل العسكرية للثورة السورية في دمشق السبت الماضي 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ناقش فيه شكل المؤسسة العسكرية الجديدة، وصرّح بأن هذه الفصائل ستدمج في مؤسسة واحدة بإدارة وزارة الدفاع في الجيش الجديد.
اجتماع الفصائلوأكدت مصادر موقع الجزيرة نت أن اجتماع الشرع مع الفصائل العسكرية، ركّز على ضرورة التعاون من أجل تشكيل وزارة دفاع، وأكد أن ضرورات المرحلة تتطلب اتخاذ هذه الخطوة من أجل إعادة تأسيس نواة للجيش السوري.
إعلانوقبل الاجتماع بيوم واحد، أعلنت حكومة تصريف الأعمال عن تسمية مرهف أبو قصرة وزيرا للدفاع، بعد أن شغل منصب قائد الجناح العسكري في هيئة تحرير الشام لسنوات طويلة.
وحضر اجتماع دمشق قادة فصائل ومجموعات تمثل شمال سوريا وجنوبها ووسطها، ومن أبرزها: حركة أحرار الشام، والجبهة الشامية، وصقور الشام، ومجموعات عسكرية من محافظة درعا، في حين رفض أحمد العودة قائد اللواء الثامن حضور الاجتماع رغم قدومه إلى دمشق، بحجة الإجراءات المعقدة وطول المدة قبل إتاحة المجال لقادة الفصائل بالدخول إلى الاجتماع مع الشرع.
والمعلومات التي حصل عليها موقع الجزيرة نت أشارت إلى وجود نوع من الحذر لدى باقي الفصائل من احتمالية وجود توجّه لدى تحرير الشام "لابتلاع الجميع"، وفق اعتقادهم، خاصة الفصائل والمجموعات العسكرية المنحدرة من محافظة درعا التي تتعامل بحذر شديد من خطوات الشرع.
واستبقت تحرير الشام الاجتماع في دمشق باتخاذ سلسلة من القرارات التي تشير إلى رغبتها في إرضاء حلفائها التقليديين، حيث عيّنت الإدارة الجديدة التي شكلتها الهيئة عزام الغريب قائد الجبهة الشامية التي تقاربت مع الهيئة قبل أشهر من عملية "ردع العدوان"، محافظا لحلب التي تعتبر العاصمة الاقتصادية لسوريا، وتأتي في درجة متقدمة تكاد توازي أهمية العاصمة الإدارية دمشق.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد سمّت الهيئة قائد فصيل صقور الشام أحمد عيسى الشيخ محافظا لإدلب، وقبلها كلّفت قائد أحرار الشام عامر الشيخ بمنصب محافظ ريف دمشق، وعيّنت حسن صوفان -الذي ساهم بتقارب الفصائل مع تحرير الشام قبل سنوات- نائبا لمحافظ اللاذقية التي تطل على البحر المتوسط، وفيها ميناء مهم، قبل أن تعيّن محمد عثمان المحسوب على حكومة الإنقاذ محافظا لها.
إعلانوتفيد المعلومات بأن هذه التعيينات أتت في سياق تطمين الحلفاء التقليديين وإقناعهم بالتفاعل مع مقترح دمج الفصائل ضمن وزارة الدفاع، كما أن لها أيضا طابعا أمنيا، إذ لا تزال مجموعات تتبع لقوات سوريا الديمقراطية منتشرة في بعض أحياء حلب، كما تنتشر في المدينة بعض عناصر المليشيات التي كانت تدين بالولاء للنظام السابق، ويقع على عاتق المحافظ الجديد "الغريب" مهمة ضبط الأمن من خلال الفصيل العسكري الذي يقوده وينحدر عناصره في غالبهم من ريف حلب.
في المقابل، فإن أمام صوفان تحديات كبيرة في اللاذقية التي ينتشر في ريفها الآلاف من عناصر الأمن والجيش السابقين، كما يوجد فيها قاعدة حميميم الجوية الروسية.
الدولة والتنظيموتحدث موقع الجزيرة نت مع قياديين اثنين في الجماعات المسلحة المعارضة المنتشرة في درعا وريف دمشق، اشترطا عدم ذكر اسميهما، لاستطلاع رأيهما بخصوص الخطوات التي تتخذها الإدارة الجديدة المنبثقة عن هيئة تحرير الشام، فأكدا على عدم تقبل غالبية الفصائل والجماعات العسكرية في درعا وريف دمشق لتنفيذ ما تطلبه الإدارة الجديدة، معبّرين عن اعتقادهم بأن تحرير الشام تعمل وفق عقلية التنظيم، ولم تخرج من هذه العباءة التي لا تناسب مرحلة إدارة الدولة.
في المقابل، فسّرت مصادر مقرّبة من تحرير الشام موقف بعض فصائل الجنوب بأنه ينطلق من مراعاة مصالح بعض الأطراف الإقليمية التي يبدو أنها غير مرتاحة للتطورات التي حصلت في سوريا، وتسعى لأن تدفع بعض الجماعات العسكرية التي لديها علاقات سابقة معها لعرقلة عمليات التنظيم التي لا تتم بموجب رؤية إقليمية ودولية.
غير أن هذا الملف يتوقع أن يشهد تقدّما إيجابيا مع سعي الهيئة لطمأنة دول الإقليم والمجتمع الدولي، وهو ما يبدو أنها تحقق فيه خطوات جيدة، خصوصا مع ما يرشح من اللقاءات العديدة التي يعقدها الشرع مع الوفود الدولية، والارتياح الإجمالي -الحذر أحيانا- التي تخرج به.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هیئة تحریر الشام الجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
قائد عسكري للجزيرة نت: معركة تحرير الخرطوم نقطة تحول مفصلية بالمشهد السوداني
الخرطوم- استعاد الجيش السوداني السيطرة على العاصمة الخرطوم أواخر مارس/آذار الماضي بعد معارك عنيفة ضد قوات الدعم السريع، وتمكن خلالها من تحطيم قوتها الصلبة واغتنام أسلحة متطورة والقضاء على عدد كبير من عناصرها.
وخاض الجيش معركة تحرير القصر الجمهوري التي وُصفت بأنها من أشرس المواجهات التي استمات خلالها الطرفان للظفر بالنصر.
الجزيرة نت تحدثت إلى اللواء عبد المنعم عبد الباسط قائد ورئيس سيطرة متحركات سنار بالجيش السوداني، وهي القوات التي ساهمت في استعادة السيطرة على الخرطوم بتضييق الخناق على قوات الدعم السريع من جنوبها، إذ كشف عن مراحل استعادة العاصمة وأسباب انهيار هذه القوات رغم تمددها ونفوذها الواسع في قلب الخرطوم.
وفي ما يلي نص الحوار:
نجح الجيش في السيطرة على أغلب مناطق العاصمة الخرطوم، كيف حدث ذلك في ظل استحواذ الدعم السريع على مفاصلها ومقارها الرئيسية؟انتصار الجيش السوداني على مليشيا الدعم السريع في الخرطوم اعتمد على عدة عوامل إستراتيجية وعسكرية، يمكن إجمالها في:
التخطيط الإستراتيجي بوضع خطة محكمة تستهدف تحييد وتدمير قدرات المليشيا في العاصمة، مع التركيز على استعادة السيطرة على النقاط الإستراتيجية، مثل المطارات والجسور والمرافق الحيوية. تأمين الدعم اللوجستي بضمان توفر الإمدادات العسكرية والغذائية والطبية اللازمة للجيش، مع تأمين خطوط الإمداد والتموين. العمل على تعزيز التنسيق بين مختلف وحدات الجيش، بما في ذلك القوات البرية والجوية، لتنفيذ عمليات مشتركة تستهدف المليشيا. الدور الذي لعبته الاستخبارات العسكرية بجمع المعلومات الدقيقة عن تحركات وتكتيكات المليشيا، مما يسمح بتنفيذ ضربات دقيقة ومؤثرة. إعلانولا يجب كذلك إغفال التواصل والالتفاف والدعم الشعبي من المواطنين، متمثلا في المقاومة الشعبية، فضلا عن تنفيذ عمليات نوعية عسكرية استهدفت قيادات المليشيا والمواقع الحيوية التي تسيطر عليها مما يضعف قدرتها على المقاومة، كما تم العمل على تأمين الحدود لمنع دخول الإمدادات والتعزيزات للمليشيا، مما يضعف من قدرتها على الاستمرار في القتال.
متى بدأ التخطيط لاستعادة الخرطوم؟البداية كانت منذ الشهور الأولى لاندلاع الحرب عام 2023، ويُعتبر التخطيط لاستعادة السيطرة على العاصمة جزءا من إستراتيجية أوسع تستهدف تحييد وتدمير قدرات المليشيا في السودان.
وتُعد معركة تحرير الخرطوم نقطة تحول مفصلية في المشهد السوداني، ليس فقط من منظور استعادة السيطرة عليها، بل أيضا من زاوية إعادة صياغة التوازنات العسكرية. وهذا يشير إلى أن التخطيط لهذه العملية ربما بدأ قبل تنفيذها بفترة كافية، مع الأخذ في الاعتبار تعقيدات العمليات العسكرية والحاجة إلى إستراتيجية محكمة.
ما الإستراتيجية التي اتبعها الجيش ضد الدعم السريع في الخرطوم؟شمل ذلك عدة جوانب منها:
تنفيذ عمليات مباشرة ضد المليشيا في مواقع مختلفة من الخرطوم بهدف استعادة السيطرة على المناطق الإستراتيجية. استعمال الأسلحة الثقيلة والطيران والمدفعية، مما أسهم في تحقيق التقدم على الأرض. التركيز على استعادة السيطرة على النقاط الإستراتيجية مثل الجسور والمرافق الحيوية، مما يعزز من القدرة على السيطرة على العاصمة.كما تعاملت القوات المسلحة مع التمرد بشكل شامل، بما في ذلك محاولة القضاء على مصادر الدعم وتقليص القدرة على الاستمرار في القتال، والتعاون الكبير مع القوات الأخرى المساندة مثل الشرطة، وجهاز الأمن والمخابرات، والمقاومة الشعبية كتائب الإسناد الخاص، وغيرها لتعزيز الجهود العسكرية وتحقيق الاستقرار في العاصمة.
إعلان كيف مضت معارك تحرير الخرطوم؟مرت هذه المعارك بعدة مراحل:
الأولى: تمثلت في المواجهات الأولية التي جرت في بداية الصراع، حيث شهدت العاصمة معارك عنيفة في مناطق متفرقة. الثانية: كانت السيطرة على المواقع الإستراتيجية والمرافق الحيوية، مما عزز من قدرة القوات المسلحة على التحرك والسيطرة على العاصمة. الثالثة: نفذت القوات المسلحة تقدما تدريجيا في مناطق مختلفة من الخرطوم، حيث تمكنت من استعادة السيطرة على بعض الأحياء والمناطق الهامة. كيف حُسمت هذه المعارك؟جاءت هذه المرحلة، وسَعت فيها القوات المسلحة إلى حسم المعركة من خلال تنفيذ عمليات نوعية وتوجيه ضربات قاصمة لمليشيا الدعم السريع، مما أدى إلى تراجع قدرتها على المقاومة.
وأخيرا، عمل الجيش بعد النصر على تطهير المناطق المحررة من أي عناصر للمليشيا، وتأمين الاستقرار في العاصمة وإعادة الحياة الطبيعية للسكان.
في بعض مناطق العاصمة، حدث انسحاب واسع للدعم السريع قبل وصول الجيش، ما الأسباب برأيك؟أسباب هذا الانسحاب متعددة ومتنوعة وتشمل الضغوط العسكرية التي مارستها القوات المسلحة على الدعم السريع في الخرطوم، مما أدى إلى تراجع قدرتها على المقاومة والاستمرار في القتال.
كذلك عندما فقدت قوات الدعم السريع السيطرة على النقاط الإستراتيجية في العاصمة، مثل المطارات والجسور والمرافق الحيوية، أصبح من الصعب عليها الاستمرار في القتال بشكل فعال، كما أنها فقدت السيطرة على قواتها وأفرادها، وقد يكون كذلك نقص التموين للقوات المقاتلة أحد الأسباب التي أدت إلى انسحابها، خاصة إذا كانت تعتمد على إمدادات خارجية.
ويحتمل أن تكون قوات الدعم السريع اتبعت تكتيكات عسكرية معينة تتضمن الانسحاب المؤقت لإعادة التجمع والتنظيم قبل العودة إلى القتال. ويمكن أيضا أن تكون الأولويات الإستراتيجية لمليشياتها قد تغيرت، مما دفعها إلى التركيز على مناطق أخرى أو أهداف مختلفة.
إعلان