الثلاثاء.. تخريج الدفعة الثالثة من البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي
تاريخ النشر: 23rd, December 2024 GMT
مسقط- الرؤية
يحتفل المستشفى السلطاني ممثلا في المركز الوطني للصحة الوراثية، الثلاثاء، بتخريج الدفعة الثالثة من البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي (2023- 2024)؛ وذلك تحت رعاية سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية الرئيسة التنفيذية للمجلس العُماني للاختصاصات الطبية.
وقال الدكتور مسلم بن سعيد العريمي استشاري الطب الوراثي بالمركز الوطني للصحة الوراثية المشرف العام على البرنامج، إن البرنامج التعليمي المتكامل للإرشاد الوراثي يأتي ضمن الجهود الوطنية لتطوير خدمات الإرشاد الوراثي في سلطنة عمان، بهدف تعزيز الوقاية والكشف المبكر عن الأمراض الوراثية وتقديم الاستشارات الوراثية للمجتمع، مضيفا أن البرنامج انطلق في نسخته الثالثة ليضم 11 متدربا ومتدربة من مختلف محافظات سلطنة عمان ومن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
وأشار إلى أن البرنامج هدف إلى إعداد مجموعات متخصصة في مجال الإرشاد الوراثي وتأهيلها لتكون قادرة على تقديم الدعم والإرشاد للأسر والمجتمعات في جميع المحافظات، وذلك ضمن إستراتيجية شاملة هدفت إلى التوسع في تقديم خدمات الصحة الوراثية على مستوى سلطنة عمان وتحقيق التكامل بين العلاج والوقاية.
وأوضح العريمي أن البرنامج امتد لمدة 16 شهرًا، وهو مصمم بعناية لتلبية المعايير الأكاديمية والتطبيقية في مجال الإرشاد الوراثي، وقد شمل البرنامج 9 وحدات دراسية تخصصية، قُسمت بما يتماشى مع احتياجات التدريب ومتطلبات الأداء الوظيفي حيث ركزت الوحدات على الجوانب النظرية والعملية للإرشاد الوراثي، بما في ذلك: أساسيات الوراثة: لفهم المكونات الجينية والآليات الوراثية المسببة للأمراض، والأمراض الوراثية الشائعة: للتعرف على أبرز الحالات الوراثية في المنطقة وكيفية التعامل معها، والتواصل والاستشارة: لتدريب المشاركين على مهارات تقديم الإرشاد الفعّال للأسر والأفراد، والتشخيص والعلاج: لفهم آليات التشخيص المتقدم والتدخلات العلاجية، والأبحاث الوراثية: لتعزيز الوعي بأهمية البحث العلمي في تطوير هذا المجال.
وأضاف أن البرنامج اعتمد على مفهوم "التدريب خلال الأداء الوظيفي"، الذي يهدف إلى تمكين المتدربين من ممارسة ما تعلموه عمليا خلال أوقات التدريب حيث يسهم هذا النهج في بناء خبرات ميدانية تساعد على مواجهة التحديات الواقعية في تقديم خدمات الإرشاد الوراثي. وقد تخلل البرنامج حلقات عمل، ودورات تدريبية، ومحاضرات أكاديمية، إضافة إلى جلسات تدريب ميدانية في المستشفيات والمراكز الصحية.
وعن الإرشاد الوراثي، أوضح استشاري الطب الوراثي المشرف العام على البرنامج بأنه جزء لا يتجزأ من الجهود الوطنية للوقاية من الأمراض الوراثية، إذ تسعى سلطنة عمان من خلاله إلى تحقيق أهداف رئيسة، منها: الوقاية من الأمراض الوراثية: عبر التوعية والاستشارة الوراثية للأسر، تعزيز الخدمات الصحية: بتوفير مرشدين وراثيين مؤهلين في مختلف المحافظات، دعم الأبحاث الوراثية: بإعداد مجموعات قادرة على المشاركة في تطوير هذا المجال علميًا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المتاحف وأدوارها في التنمية الثقافية
تُمثل البُنى الثقافـية كالمتاحف والمسارح والمكتبات معالم أساسية فـي خطط التنمية والاستثمار الاقتصادي، وركائز أساسية فـي صناعة السياحة وعوامل جذب للزوار، ناهيك عن أهميتها الثقافـية كونها ذاكرة وطنية وسجلا زمنيا حافلا بالمنجزات الإنسانية عبر التاريخ، يمكن من خلالها الاطلاع على مراحل التطور البشري وقدرة الإنسان الذهنية على الخلق والإبداع.
ونظرا للتنوع الثقافـي العُماني والإرث الحضاري الممتد منذ بدايات الاستيطان البشري فـي الجزيرة العربية، فقد أولت سلطنة عمان المتاحف العناية والاهتمام، وعندما نذكر قصة الاستيطان البشري فـي عُمان نُذكّر بالآثار المكتشفة فـي الأرض العمانية، والتي تثبت وجود البشر فـي هذه البقاع، فهناك «آثار تعود إلى العصر الحجري المتأخر يقدر بحوالي عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، حسب تقديرات البعثة الفرنسية للآثار التي أجرت العديد من الحفريات فـي أكثر من 400 موقع منها كهف ناطف بنيابة حاسك، ضمن مشروع دراسة شواطئ بحر العرب»، وتوجد أحجار جرانيت تعود إلى 800 مليون عام معروضة فـي متحف عُمان عبر الزمان، بالإضافة إلى فك متحجر لنوع بدائي من الفـيلة يدعى «عُمانيثيريوم ظفارينسس» عاش فـي أرض عُمان قبل حوالي 35 مليون عام، وقد عُثر على الفك فـي محافظة ظفار، وحسب التعريف المدون على اللوحة أسفل صورة الفك، فإن هذا النوع من الفـيلة «من أوائل الثدييات ذات الخراطيم التي ظهرت على سطح الأرض، وهي قريبة الصلة بالماموث والماستودون».
هذا ما يتعلق بالآثار والمكتشفات الموغلة فـي القدم، أما بالنسبة لتسمية (عمان) فتعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد من خلال النقش المكتشف فـي منطقة مليحة فـي إمارة الشارقة، إذ أُعلن فـي يناير 2016م، عن اكتشاف أثري عبارة عن نقش جنائزي مكتوب بخط المسند (اللغة العربية الجنوبية) إضافة إلى خط آرامي. وترجمة النقش تذكر بأن «شاهد وقبر عمد بن جر بن علي بقر (كاهن) ملك عُمان والذي بناه فوقه ابنه عمد بن جر بقر (كاهن) ملك عُمان» والنقش كما يوضح هو لكاهن وليس للملك، إضافة إلى أن هذا النقش يؤرخ لشكل نظام الحكم بالإضافة إلى كونه أقدم نقش أثري يرد فـيه اسم عمان. ونأمل أن يُعرض هذا النقش مستقبلا فـي أحد المتاحف العُمانية. إن قيمة المكتشفات لا تكمن فـي عمرها الزمني بل فـي كيفـية استثمارها ثقافـيا وماديا، وتوظيف المكتشفات والمقتنيات فـي المتاحف وعرضها للجمهور.
إن الباحث عن المتاحف فـي سلطنة عمان يجدها منتشرة فـي جل المحافظات سواء كانت متاحف حكومية أو خاصة، فحسب نشرة الإحصاءات الثقافـية الصادرة عام 2022م عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات يوجد فـي سلطنة عمان 22 متحفا حكوميا وخاصا، (حسب الإحصائية لم تدرج متحف عمان عبر الزمان الذي افتتح فـي مارس 2023) وإذا أضفناه إلى القائمة نجد أن المتاحف الحكومية (11) متحفا، و(12) متحفا خاصا، يعمل فـيها حوالي (231) موظفا وموظفة، «إحصاءات 2021، من دون موظفـي متحف عمان عبر الزمان». هكذا تساهم المتاحف فـي خلق فرص عمل للباحثين، بالإضافة إلى كونها مكتسبات وطنية تدعم السياحة وتوفر بيئة جاذبة للسائح والمواطن والمقيم، ولذلك فإننا نأمل بتوسيع خريطة إقامة متاحف حكومية أخرى أو حتى متاحف خاصة ببعض المؤسسات العاملة فـي القطاع الخاص فعلى سبيل الذكر، فإن إقامة متحف للصناعات النفطية فـي محافظة الوسطى بات ضروريا خاصة وأن المحافظة لا تحتوي على قلاع أو حصون أو متاحف خاصة فـي الوقت الحاضر، مع العلم بأن المحافظة توجد بها مقومات نادرة فـي سلطنة عمان مثل محمية المها العربية فـي وادي جعلوني، وحديقة الصخور فـي الدقم.
أما بالنسبة للمتاحف القائمة، فنتمنى منها توظيف التراث الثقافـي الشفوي فـي المتاحف عبر إقامة قاعات للفنون المغناة وأشكال التعبير الشفاهي. بالإضافة إلى التوسع فـي إقامة قاعات مخصصة للفن الصخري فـي عمان، بكافة الأشكال والأنواع المكتشفة فـي السلطنة.
تبقى الطبيعة العُمانية متاحف طبيعية مفتوحة من الجبال الشاهقة إلى حفر الإذابة العميقة فـي باطن الأرض مرورا بالجزر والشواطئ والصحاري والسهول، وحكايات الإنسان الذي طوع الطبيعة لصالحه.